استمع إلى المقال

في الصين، يُعتبر “وي تشات” مرادفا للإنترنت بالنسبة لمستخدميه البالغ عددهم 827 مليون شخصا، حيث أنه التطبيق الفائق للتراسل والمدفوعات والتجارة الإلكترونية وغير ذلك الكثير داخل تطبيق واحد، مما يجعله لا غنى عنه للعديد من المستخدمين الذين يستخدمونه لطلب سيارات الأجرة وحجز الرحلات والتسوق ومشاهدة الأفلام والدردشة مع الأصدقاء.

بينما وعد قادة التكنولوجيا في الولايات المتحدة بتكرار انتشار “وي تشات” في كل مكان ونموذج الأعمال، فإن الجهود المبذولة لتحقيق هذه الغاية قد فشلت حتى الآن.

من بين الكثيرين، فإن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة “سبيس إكس” و”تيسلا”، وعد بجلب التطبيق الفائق، أو تطبيق كل شيء كما يصفه، وهذا هو الهدف النهائي الأكثر طموحا لصفقة “تويتر”، لكن رؤيته بالنسبة للشكل الذي قد يبدو عليه التطبيق الفائق فيما يخص “تويتر” يكتنفها الغموض. 

في حال اكتشف ماسك كيفية بناء النسخة الغربية من “وي تشات”، فهل يريد أي شخص خارج الصين – أو يحتاج – تطبيقا فائقا.

فيما يلي جدول زمني موجز لأحلام ماسك بشأن التطبيق الفائق

إيلون ماسك والتطبيق الفائق.. هل تتحقق الفكرة؟
  • حزيران/يونيو 2022، قال ماسك خلال جلسة أسئلة وأجوبة مع موظفي “تويتر”، “أنت تعيش بشكل أساسي عبر (وي تشات) في الصين”، معربا عن اهتمامه ببناء شيء مثله للمستخدمين الأميركيين.
  • تشرين الأول/أكتوبر 2022، غرد ماسك قائلا، “يعد شراء تويتر بمثابة تسريع لإنشاء X، أو تطبيق كل شيء، حيث أن صفقة الاستحواذ تسرع من ظهور X بمقدار 3 إلى 5 سنوات”.
  • نيسان/أبريل 2023، شركة “تويتر” أخبرت عملاء المؤسسات أنها أصبحت الآن شركة “X”، مما أثار تكهنات بأنها تعمل على تطوير التطبيق الفائق.

التطبيق الفائق

التطبيق الفائق هو تطبيق للهاتف المحمول أو الويب يقدم خدمات متعددة، بما في ذلك الدفع ومعالجة المعاملات المالية، بحيث يمثل منصة تجارة واتصالات عبر الإنترنت شاملة ومكتفية ذاتيا تحتضن العديد من جوانب الحياة الشخصية والتجارية.

الأمثلة البارزة للتطبيقات الفائقة تشمل “وي تشات” و”علي باي” في الصين و”غوجيك” في جنوب شرق آسيا. بالنسبة للمستخدمين، فإنه يوفر مجموعة من الميزات الأساسية مع إتاحة الوصول للتطبيقات المصغرة المطورة بشكل مستقل.

أسباب نجاح “وي تشات” في الصين

هناك العديد من الأسباب التي ساعدت في نجاح “وي تشات” ضمن الصين، وهذه الأسباب ليست موجودة في الولايات المتحدة والأسواق الأخرى، مما يلغي الحاجة إلى التطبيق الفائق في تلك الأماكن.

في الصين والدول الآسيوية الأخرى، تجاوز العديد من مستخدمي الإنترنت جيل أجهزة الحواسيب المكتبية وانتقلوا مباشرة إلى الهواتف المحمولة.

إيلون ماسك والتطبيق الفائق.. هل تتحقق الفكرة؟

خلال بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لم تكن الهواتف الذكية متطورة، ولم تسمح الأجهزة المنخفضة الأداء بوجود شاشة رئيسية تتضمن العديد من التطبيقات المختلفة. 

نتيجة لذلك، كانت هناك حاجة إلى تطبيق واحد يسمح بالوصول إلى مختلف أجزاء الإنترنت عبر الهاتف المحمول.

كما أن السكان الذين لا يتعاملون مع البنوك في آسيا لم يتعاملوا ببطاقات الائتمان، وهي الطريقة الأكثر شيوعا للدفع شخصيا وعبر الإنترنت في الغرب، لذلك اتجهوا نحو محافظ الهاتف المحمول.

في الشرق يوجد مجتمعات أكثر جماعية، مما يجعلها مستهلكين أكثر تجانسا، لكن الفردية تحظى بتقدير في الغرب، مما يجعل من الصعب على تطبيق واحد أن يجذب الجميع.

إلى جانب ذلك، دعمت الحكومة الصينية بشدة “وي تشات” واعتمدت عليه في الأيام الأولى للتطبيق مع حظرها للتطبيقات العالمية الأساسية، مثل “واتساب” و”تويتر” و”فيسبوك” و”جوجل”. 

إيلون ماسك والتطبيق الفائق.. هل تتحقق الفكرة؟

في حين أدى التدقيق الصارم مع شركات التكنولوجيا الكبرى إلى جعل المستهلكين الغربيين متشككين، وأصبحت اللوائح أكثر صرامة بالنسبة للتطبيقات التي تجمع مجموعة كبيرة من البيانات.

وعود ماسك ببناء تطبيق فائق

التطبيقات الفائقة تحظى بشعبية كبيرة في آسيا، كما أنها موجودة في إفريقيا وأميركا اللاتينية، لكنها لم تنتشر في الولايات المتحدة، ومن الواضح أن إيلون ماسك يريد تغيير ذلك. 

الملياردير يريد أن تقود شركة “تويتر” الطريق، لكن ما يمكن أن تفعله منصة “تويتر”، بمواردها المتضائلة ومالكها المستقطب، لا يزال موضع تساؤل كبير.

بالرغم من أنه لم يفصح أبدا عن خطط محددة علنية للتطبيق الفائق، فإن التغييرات الأخيرة في “تويتر” تقدم بعض الأدلة، حيث سار بضع خطوات أولية تجاه خططه.

قبل الحصول على “تويتر” في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2022، تحدث ماسك عن نواياه بتحويل المنصة إلى تطبيق فائق يسمى “X”.

في بداية العام الحالي، تقدمت شركة التواصل الاجتماعي بطلب للحصول على ترخيص لتسهيل المدفوعات داخل التطبيق. 

خلال شهر نيسان/أبريل الفائت، دمج ماسك شركة “تويتر” مع شركة وهمية تسمى “X”، كما أعلنت “تويتر” في الشهر نفسه عن شراكة مع “eToro”، وهي منصة تداول اجتماعي.

العقبات الواجب تجاوزها

بغض النظر عن تلك التحركات، فإن الكثير من المحللين يشككون في إمكانية تحقيق خطته، حيث ان هناك العديد من العقبات الواجب على ماسك تجاوزها لإطلاق التطبيق الفائق، بما في ذلك التحديات المتعلقة بالتنظيم، وسلوك المستهلك الأميركي، وسمعته الشخصية.

من أجل نجاح التطبيق الفائق، يجب أن يكون لديه شبكة اجتماعية قوية، وهو بحاجة إلى تحفيز المستخدمين على التسجيل، على غرار الطريقة التي ينزل بها المستخدم “فينمو” لأن أصدقاءه يستخدمونه. 

في هذا الصدد، فإن “تويتر” لديها قاعدة مستخدمين كبيرة في الولايات المتحدة، لكن غير المستخدمين لن يبدأوا باستخدامها من أجل العروض الإضافية فقط. كما تعتبر “تويتر” مكانا غريبا لإنشاء مثل هذا التطبيق، وليس من المنطقي البناء عليها. 

إلى جانب ذلك، فإن شخصية ماسك المستقطبة تعقّد الأمور، وقد يكون من الصعب إيجاد الأشخاص الراغبين بعقد شراكة معه بالنظر إلى شخصيته العامة المثيرة للانقسام، حيث أن أحد أسباب نجاح “وي تشات” هو أنه كان مفتوحا للمطورين الخارجيين لبناء التطبيقات المصغرة.

كما أن اللوائح قد تفرض أيضا عقبات أمام طريقة ماسك للانتقال للابتكار السريع، حيث يلجأ الملياردير إلى خلق أزمات من أجل إنجاز الأمور، وهو ما يُعتبر واضحا من خلال أسلوبه في بناء الصواريخ وتفجيرها لمعرفة الخطأ وتلافيه.

في حين أن هذه المنهجية السريعة الفشل قد تنجح في أماكن معينة، لكنها لن تنجح أبدا عندما يتعلق الأمر بأموال ومدّخرات مستخدمي التطبيق الفائق.

التطبيق الفائق صعب في الولايات المتحدة

المشكلة الأكبر التي لا تتعلق بخطط إيلون ماسك بالنسبة لمنصة “تويتر” تتمثل في حاجة الولايات المتحدة إلى التطبيق الفائق، حيث اقترح ماسك أنه قد يستنسخ “وي تشات”، لكن التطبيق الأميركي الفائق قد لا يشبه التطبيقات الفائقة التي تهيمن في الصين.

أحد الأسباب يرجع إلى الشركات الراسخة وتاريخ التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة، كما أن هناك عائق كبير للغاية عند محاولة الوصول إلى هذا المستوى من التغلغل بالنسبة لمستخدمي هذه الأسواق المتطورة.

التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة شهدت تطورا أسرع مقارنة بآسيا، وتحديدا الصين. 

في الولايات المتحدة، بدأت التجارة الإلكترونية تكتسب زخما في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي، مما أتاح للشركات عبر الإنترنت الوقت لبناء وتوسيع أنظمتها الإلكترونية للدفع.

بالمقارنة، انتشرت التجارة الإلكترونية في الصين خلال أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وأدى هذا إلى ظهور التطبيق الفائق لأنه لم يكن هناك منافسة، حيث ساعدت التطبيقات الفائقة الشركات التي لا تزال تنمو عبر الإنترنت على التوسع.

لكن الأمور مختلفة في الولايات المتحدة، حيث توجد أسواق قائمة. نتيجة لذلك قد يكون من الصعب جدا هيمنة تطبيق فردي.

في النهاية، أثبت الملياردير نجاحه سابقا في أماكن مثل “تيسلا” و”سبيس إكس”، وبصفته أحد مؤسسي “باي بال”، فإنه خبير بمجال المدفوعات، وهو جزء أساسي من أي تطبيق فائق. 

نتيجة لذلك، إذا كان بإمكان أي شخص في الوقت الحالي إنشاء تطبيق فائق في الولايات المتحدة، فإنه قد يكون إيلون ماسك، وهذا هو السبب في عدم شكوك الجميع في هذا المجال. لكن تنفيذ مثل هذا الأمر قد يكون أطول وأصعب مما يتخيله معظم الناس لأنه يشمل دخول عالم الدفع والتمويل المتضمن الكثير من المشكلات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات