استمع إلى المقال

مؤسس منصة “بينانس”، تشانغ بينغ تشاو، استقال من منصبه كرئيس تنفيذي للمنصة التي أسسها، مع اعترافه بالذنب، لكن ما علاقة غسيل الأموال فيما حصل.

مؤسس “بينانس” يقر بالذنب 

في لحظة فاصلة تهدف إلى إعادة النظام إلى صناعة العملات المشفرة التي غالبًا ما تكون خارجة عن القانون، اعترف الملياردير تشانغ بينغ تشاو ومنصة العملات المشفرة الرائدة “بينانس” بالذنب في التهم الفيدرالية.

كجزء من تسوية منسقة عبر الحكومة الفيدرالية، وافقت المنصة على دفع أكثر من 4 مليارات دولار كغرامات وعقوبات أخرى.

في حين وافق تشاو، أحد أقوى الشخصيات في مجال العملات المشفرة، على التنحي عن منصبه كرئيس تنفيذي للمنصة التي أسسها، مع دفع غرامات بقيمة 200 مليون دولار.

منصة “بينانس”، أكبر بورصة عملات مشفرة في العالم، اعترفت بتورطها في مكافحة غسيل الأموال ونقل الأموال غير المرخصة وانتهاكات العقوبات.

المسؤولون الأميركيون وصفوا هذا بأنه أكبر قرار للشركات يتضمن اتهامات جنائية لأحد المسؤولين التنفيذيين.

بعد تحقيق دام سنوات، زعمت السلطات أن منصة “بينانس” سمحت للجهات الفاعلة السيئة بالتعامل بحرية عبر المنصة، مما أتاح كل شيء بدءا من الاعتداء الجنسي على الأطفال والمخدرات وحتى تمويل الإرهاب لداعش والقاعدة وكتائب القسام التابعة لحماس.

تشاو، الذي جمع ثروة تقدر بأكثر من 23 مليار دولار، اعترف بالفشل في الحفاظ على برنامج فعال لمكافحة غسيل الأموال.

السلطات الأميركية تأمل أن يؤدي إقرار “بينانس” ومؤسسها بالذنب، بالإضافة إلى الإدانة الأخيرة للمؤسس المشارك لمنصة “FTX”، سام بانكمان فرايد، إلى إرسال رسالة واضحة إلى الجهات الفاعلة السيئة في صناعة العملات المشفرة.

في بيان، قال المدعي العام، ميريك جارلاند، “أصبحت منصة بينانس أكبر منصة للعملات المشفرة في العالم، ويرجع ذلك جزئيا إلى الجرائم التي ارتكبتها، وهي الآن تدفع واحدة من أكبر غرامات الشركات في تاريخ الولايات المتحدة”.

تشاو يواجه عقوبة السجن لمدة أقصاها 10 سنوات، بالرغم من أن عقوبته النهائية من المرجح أن تكون أقل بكثير.

من المحتمل أن تجعل المبادئ التوجيهية الفيدرالية الحد الأقصى للعقوبة المحتملة ضد تشاو نحو 18 شهرا. في النهاية، يتم تحديد العقوبة من قبل القاضي.

بموجب اتفاق الإقرار بالذنب، وافق تشاو على توصية المدعين بدفع غرامة قدرها 50 مليون دولار.

بالإضافة إلى الغرامة الجنائية، يدفع تشاو 150 مليون دولار كعقوبات مدنية، وفقا للجنة تداول العقود الآجلة للسلع.

أمر الموافقة المقترح يتطلب أيضا من “بينانس” إلغاء 1.35 مليار دولار من المكاسب غير المشروعة ودفع غرامة مالية مدنية بقيمة 1.35 مليار دولار إلى لجنة تداول السلع الآجلة.

وزارة الخزانة وصفت تسوية “بينانس” بأنها أكبر عملية تنفيذ في التاريخ، في حين قالت قالت وزيرة الخزانة، جانيت يلين، في بيان، “لقد غضت بينانس الطرف عن التزاماتها القانونية في سعيها لتحقيق الأرباح، وسمح إخفاقها المتعمد بتدفق الأموال إلى الإرهابيين ومجرمي الإنترنت والمعتدين على الأطفال من خلال منصتها”.

إقرار “بينانس” بالذنب يعد جزءا من تسوية منسقة تم التوصل إليها مع مجموعة واسعة من الوكالات الحكومية، بما في ذلك وزارة العدل وشبكة إنفاذ الجرائم المالية التابعة لوزارة الخزانة ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية ولجنة تداول العقود الآجلة للسلع.

بحسب المسؤولين الأميركيين، سمحت “بينانس” بأكثر من 100 ألف معاملة تنطوي على نشاط غير مشروع بالإضافة إلى أكثر من 1.5 مليون صفقة عملات افتراضية تنتهك العقوبات الأميركية، بما في ذلك العقوبات المفروضة على إيران وسوريا وكوبا.

بمجرد إعلان السلطات عن التسوية، أكد تشاو في منشور عبر “X”، المعروفة سابقا باسم “تويتر”، أنه استقال من منصبه كرئيس تنفيذي.

في المنشور، قال تشاو، “من المسلم به أنه لم يكن من السهل عاطفيا ترك الأمر، لكنني أعلم أن هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله. لقد ارتكبت أخطاء، ويجب أن أتحمل المسؤوليات. هذا هو الأفضل لمجتمعنا وللمنصة ولي شخصيا”.

ريتشارد تنغ، الذي شغل سابقا منصب الرئيس العالمي للأسواق الإقليمية في “بينانس”، يخلف تشاو في منصب الرئيس التنفيذي.

في بيان، قالت المنصة، “بالرغم من أن بينانس ليست مثالية، إلا أنها سعت جاهدة لحماية المستخدمين منذ أيامها الأولى كشركة ناشئة صغيرة وبذلت جهودا هائلة للاستثمار في الأمان والامتثال. لقد نمت المنصة بوتيرة سريعة للغاية على مستوى العالم واتخذت قرارات مضللة على طول الطريق، وتتحمل الآن المسؤولية عن هذا الفصل الماضي”.

التهم الموجهة إلى “بينانس”

المدعون الفيدراليون كشفوا عن سجلات المحكمة التي تزعم أن منصة “بينانس”، بقيادة تشاو، قامت بمعالجة المعاملات من قبل العملاء الذين قاموا بتشغيل خدمات الخلط غير المشروعة والعائدات المغسولة من معاملات سوق الشبكة المظلمة والاختراقات وبرامج الفدية والاحتيال.

المنصة كانت لديها إجراءات متساهلة في مكافحة غسيل الأموال، ومهد سوء السلوك هذا الطريق أمام “بينانس” لتصبح أكبر منصة للعملات المشفرة.

بسبب هذا المخطط، أعطت المنصة الأولوية للنمو وحصة السوق والأرباح على الامتثال للقانون الأميركي، لذلك أصبحت أكبر منصة للعملات المشفرة في العالم.

إلى جانب ذلك، فشلت المنصة عن عمد في التسجيل كشركة للخدمات المالية، وانتهكت عمدا قانون السرية المصرفية من خلال الفشل في تنفيذ والحفاظ على برنامج فعال لمكافحة غسيل الأموال وتسببت عمدا في انتهاك العقوبات الاقتصادية الأميركية.

الاتهامات المرفوعة في المحكمة الجزئية الأميركية للمنطقة الغربية من واشنطن اتهمت “بينانس” ببذل جهد متعمد ومحسوب للاستفادة من السوق الأميركية دون تنفيذ الضوابط التي تتطلبها القوانين الأميركية.

هذا السلوك بدأ في وقت مبكر من شهر آب/أغسطس 2017، واستمر حتى تشرين الأول/أكتوبر 2022 على الأقل، وشمل بعض مسؤولي “بينانس” والمديرين والموظفين والوكلاء.

من خلال عدم الامتثال للقانون الأميركي، سهلت “بينانس” على المجرمين نقل أموالهم المسروقة والعائدات غير المشروعة في منصاتها.

الجريمة عبر العملات المشفرة

أنصار العملات الرقمية يشيرون إلى أن الغالبية العظمى من الأعمال التجارية التي تتم عبر العملات المشفرة هي مشروعة، وظهرت في السنوات الخمس الماضية مجموعة من الشركات التي تعمل مع جهات تطبيق القانون لتتبع المعاملات الرقمية.

لكن كبار المسؤولين الأميركيين أوضحوا أنهم يواصلون مراقبة الأنشطة غير المشروعة المحيطة بالعملات المشفرة عن كثب، حيث تظهر الإجراءات الجديدة أنه إذا كنت تخدم عملاء أميركيين، فيجب عليك الالتزام بالقانون الأميركي.

المؤسسات المالية الأميركية تحرس سلامة وأمن النظام الأميركي المالي، ولأن “بينانس” تخدم عددا كبيرا من العملاء الأميركيين، فقد كانت مؤسسة مالية أميركية مطالبة بالامتثال لقوانين مكافحة غسيل الأموال.

المشاكل القانونية التي تواجهها “بينانس” تأتي في أعقاب انهيار منصة عملات مشفرة أخرى، “FTX”، وإدانة مؤسسها، سام بانكمان فرايد، بتهم الاحتيال.

هذه هي الأمثلة الأكثر تطرفا على التدقيق الأكبر الذي فرضته سلطات تطبيق القانون والمنظمون في الأشهر الأخيرة على صناعة العملات المشفرة غير المنظمة إلى حد كبير.

لكن عصابات برامج الفدية من روسيا وغاسلي الأموال من كوريا الشمالية، على سبيل المثال، ما زالوا يعتبرون العملات المشفرة جوهر نموذج أعمالهم، وغالبا ما يستخدمون الأدوات المتاحة للعامة، أو خدمات الخلط، لإخفاء مكاسبهم غير المشروعة.

في شهر آب/أغسطس، كشفت وزارة العدل الأميركية عن اتهامات فيدرالية ضد مؤسسي إحدى هذه الخدمات، وهي “Tornado Cash”، حيث اتهمتهم بنقل مليار دولار من العملات المشفرة للمجرمين.

بشكل عام، يتخذ المسؤولون نهجا حازما يشمل الحكومة بأكملها للقضاء على الجرائم المالية عبر العملات المشفرة، ويعتقد البعض أنه يجب القيام بالمزيد، حيث أن التسوية الجديدة ليست حالة شاذة، وقد تستمر وتتزايد الفوضى والأنشطة الإجرامية للعملات المشفرة حتى تجبر الحكومة الأميركية هذه الصناعة ككل على التصرف مثل جميع الأشخاص والشركات الأخرى الملتزمة بالقانون في الصناعة المالية.

ختاما، من خلال حالة “بينانس” والحالات السابقة، توضح الحكومة الأميركية أنها تستخدم كل أداة لديها ضد أولئك الذين يسعون إلى استخدام التقنيات بطريقة تسيء استخدام تلك المنصات أو من يسهل استخدام تلك المنصات للأنشطة غير المشروعة، وكمثال على ذلك، أنشأت وزارة العدل فريقا وطنيا لتطبيق قوانين العملات المشفرة، كما تتعاون الكيانات الحكومية في التحقيق في الجرائم التي تنطوي على العملات المشفرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات