لماذا فقدت أبل حقها في بيع ساعتها الذكية؟.. ما وراء حظر البيع

لماذا فقدت أبل حقها في بيع ساعتها الذكية؟.. ما وراء حظر البيع
استمع إلى المقال

بشكل مفاجئ، خسرت “أبل” في الأيام الماضية الحق في بيع ساعتها الذكية الأخيرة “Apple watch Series 9″ و”Apple watch Ultra 2” داخل الولايات المتحدة، إذ أصدرت لجنة التجارة الدولية في أميركا قرارا بحظر بيع الساعات داخل متاجر الشركة. 

رغم أن هذا الحكم يبدو مفاجئا بعض الشيء، إلا أنه ختام صراع قضائي طويل دام بين شركة “Masimo” المطورة لمجموعة من التقنيات الصحية والمستشعرات الصحية و”أبل” من الطرف الآخر، في إدعاء بأن الأخيرة سرقت تقنيات “Masimo” في تطوير المستشعرات الصحية التي جعلت ساعات “أبل” تتفوق على جميع المنافسين، ولكن ما حقيقة هذا الصراع؟ وهل سرقت “أبل” فعلًا هذه التقنية؟ 

 عملاق في الرعاية الصحية 

قبل الحديث عن سبب الصراع القضائي بين الشركتين ولماذا تطور إلى هذا الحد، فإنه من المهم الحديث عن أطراف الصراع والتعريف بها، وكون “أبل” غنية عن التعريف، فإن الدور يقع على “Masimo” التي قد تكون مجهولة لمتابعي عالم التقنية. 

لكن “Masimo” هي إحدى الشركات الشهيرة والمعروفة للغاية في عالم المستشعرات الصحية وأجهزة المستشفيات بشكل عام، إذ تمتلك الشركة مجموعة واسعة من مستشعرات مراقبة حالة المرضى بدءا من مستوى الأوكسجين في الدم وحتى ضغط الدم وبقية العوامل الحيوية الهامة التي يعتمد عليها الأطباء في تشخيص المرضى، ويقدر بأن معدات الشركة تستخدم مع أكثر من 200 مليون مريض سنويا، إذ تعتمد عليها الكثير من المؤسسات الصحيّة الشهيرة حول العالم بفضل دقة نتائج المستشعرات وجودتها. 

مقر شركة “Masimo”

الشركة تأسست في عام 1989 على يد جو كياني الذي تمكن من ابتكار تقنية تمكن مستشعرات ضغط الدم الخاصة به قراءة ضغط دم المرضى أثناء الحركة أو عندما يكون النبض ضعيفا، وهي التقنية التي تستند عليها جميع الساعات الذكية في يومنا هذا، وبفضل هذا الابتكار، فإن قيمة شركته تقدر بأكثر من 6 مليار دولار مع أرباح سنوية تتخطى 2 مليار دولار. 

مستشعر قياس نسبة الأوكسجين في الدم الذي تستخدمه ساعات “أبل” هو السبب وراء هذا الصراع القضائي الذي تخسره التفاحة الآن، إذ ترى “Masimo” أن تقنية صناعة هذا المستشعر وبناءه قد سرقت منها بفضل أحد المهندسين الذي ترك الشركة وانضم إلى “أبل” في عام 2013، والسبب الذي جعل القضية تتأخر حتى الآن، هو أن “أبل” أطلقت هذه الميزة مؤخرا في ساعاتها الذكية. 

شخص واحد تسبب في الحظر 

في عام 2013، استقبل تيم كوك المدير التنفيذي لشركة “أبل” رسالة من أحد المهندسين البارعين، عرض فيها تقديم تقنيات صحية متعددة تجعل ساعات “أبل” الذكية الأفضل في القطاع الصحي الموجه للمستهلكين مباشرة، وهو ما حدث بالفعل بعد عدة سنوات، إذ تتبوأ ساعات “أبل” مكانة فريدة من نوعها في عالم الأجهزة الصحية القابلة للارتداء. 

رسالة لاميجو الموجهة لتيم كوك

مارسيلو لاميجو، وهو مهندس تقني تخرج من “جامعة ستانفورد” وحصل على الدكتوراه في التقنيات العصبية الصناعية منها هو الشخص الذي تسبب في هذه القضية، إذ كان لاميجو أحد المهندسين العاملين في معامل “Cercacor”، وهي شركة شقيقة لـ “Masimo” وتمتلك التقنيات وبراءات الاختراع ذاتها.

صورة أرشيفية – مارسيلو لاميجو

لاميجو لم يكن يمتلك الخبرة اللازمة لتطوير مستشعرات قياس ضغط الدم وأوكسجين الدم بمفرده، وبحسب ادعاء “Masimo”، فإن كل خبراته ومهاراته كانت متعلقة بالأنوية العصبية الصناعية فقط، وقد اكتسب الخبرة اللازمة لبناء المستشعرات بعد أن عمل لمدة 10 سنوات في “Masimo” وشركتها الشقيقة، وذلك قبل أن ينتقل إلى “أبل”. 

“أبل” ضمت لاميجو لفريق العمل الخاص بها في نهاية عام 2013 تقريبا، وقبل أن يتم عامه الأول في الشركة التي يحلم الجميع بالعمل فيها ترك العمل في تموز/يوليو 2014، عقب خلاف إداري مع مجلس إدارة “أبل”، وبحسب ما قاله ستيف هوتيلينج أحد المديرين في الشركة، فإن لاميجو لم يستطع التكيف مع بيئة العمل في “أبل”، إذ كان يطلب من الشركة ملايين الدولارات لميزانية لقسمه إلى جانب السلطة الكاملة لتعيين الفريق الهندسي الخاص به دون العودة إلى الشركة وإدارتها، وهو ما لم يرض عنه مجلس إدارة “أبل”. 

سرقة مماثلة 

النجاح الكبير الذي حققته ساعات “أبل” الذكية أغرت شركة “Masimo” لأن توجه منتجاتها لقطاع صحة المستهلكين مثل ساعات “أبل”، لذلك كانت ترغب الشركة في إطلاق مجموعة من الساعات الذكية الخاصة بها والتي تعتمد على تقنيات المستشعرات الخاصة بها. 

أوجه الشبه بين ساعة “أبل” وساعة “Masimo”

في البداية، بدأت الشركة مع ساعة ذكية مربعة “W1” تمتلك مجموعة من المستشعرات الصحية وتعتمد على شاحن دائري مغناطيسي، وهو ما رأت “أبل” أنه تقليد مباشر لساعاتها الذكية، وقامت برفع قضية مضادة في عام 2022 لم يحكم فيها بعد، ولكن في الوقت الحالي، تسعى الشركة لإطلاق جيل جديد من الساعات الذكية التي تعتمد على تصميم أكثر حداثة مختلف عن ساعات “أبل”. 

حكم بعد 4 سنوات 

في النهاية، قررت لجنة “ITC” أن ساعة “أبل” الذكية بجميع إصداراتها تسرق مستشعرات “Masimo”، لذلك أصدرت قرارا بحظر بيعها في متاجر “أبل” داخل أميركا، ورغم أن الشركة حاولت نقض هذا القرار وتواصلت مع البيت الأبيض من أجل إيقافه مثلما حدث في عام 2013، إلا أن البيت الأبيض رفض التدخل في صراع بين شركتين أميركتين. 

“أبل” بالطبع بدأت في البحث عن حلول للخروج من هذا المأزق، ومن ضمنها كان إرسال نسخ عديدة من الساعة الذكية إلى المتاجر الخارجية مثل “BestBuy” الذي لا ينطبق عليها الحكم ويمكن أن تستمر في بيع الساعات حتى ينتهي مخزونها، وكذلك أيضا الاعتماد على المتاجر خارج حدود الولايات المتحدة، ولكن إذا لم تتمكن من إيجاد حل نهائي وقاطع لهذه القضية، فإنها معرضة لخسارة الملايين. 

ساعات “أبل” الذكية تولد ما يصل إلى 17 مليار دولار من أرباح الشركة السنوية، وهي حاليا تعد الأقوى والأكثر طلبا في عالم الساعات الذكية، لذلك يمثل هذا القرار في مثل هذا الوقت ضربة حرجة للشركة، خاصة وأنها كانت تفكر في التوسع داخل قطاع الساعات الذكية وتقديم تصميم جديد مع مجموعة من المزايا الجديدة التي تفيد الساعة، ولكن يبدو أن جميع هذه الخطط تؤجل حاليا حتى نرى حلا نهائيا للأزمة. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات