استمع إلى المقال

خلال السنوات الماضية، جاهد تطبيق “تيك توك” لإقناع المشرعين الأميركيين بأنه يستطيع العمل بشكل مستقل عن شركته الأم “بايت دانس”، لكن بعد الانتقالات الأخيرة، هل أصبحت هذه الادعاءات موضع شك كبير، وما هو الدور الذي تلعبه “بايت دانس” ضمن الوحدة الأميركية.

دور “بايت دانس” في “تيك توك”

منذ بداية العام، انتقلت مجموعة من المديرين التنفيذيين الرفيعين المستوى من “بايت دانس” إلى “تيك توك”، لتولي بعض الوظائف العليا في عمليات تطبيق مشاركة الفيديو الشهير، حيث انتقل البعض إلى الولايات المتحدة من المقر الرئيسي لشركة “بايت دانس” في بكين.

المسؤولون التنفيذيون في “بايت دانس” تولى مناصبا في الإشراف على مجموعات كبيرة من أعمال الإعلان والموارد البشرية وتحقيق الدخل وتسويق الأعمال والمنتجات المتعلقة بمبادرات الإعلان والتجارة الإلكترونية في “تيك توك”، وقد أحضر البعض فرقا من بكين.

هذه التحركات أثارت قلق بعض موظفي “تيك توك” المقيمين في الولايات المتحدة، الذين اشتكوا داخليا إلى مديري “تيك توك” رفيعي المستوى،

موظفو “تيك توك” قلقون من أن التعيينات تظهر أن “بايت دانس” تلعب دورا أكبر في عمليات “تيك توك” مما كشفت عنه “تيك توك” علنا.

“تيك توك” أوضحت أنها لم تقلل من أهمية علاقتها مع “بايت دانس”، وأشارت إلى أنه من المألوف أن يعمل الموظفون في منظمة عالمية كبيرة على منتجات مختلفة أو في مواقع متعددة على مدار حياتهم المهنية.

كما أن المشاكل الثقافية تحبط الموظفين، حيث جرى إخبار الموظفين في فريق المنتج في سان خوسيه مؤخرا أنهم يحتاجون إلى العمل 12 ساعة يوميا للحصول على تصنيف مُرضٍ، لأنه يتم مقارنتهم بالموظفين في الصين الذين يعملون لساعات أطول.

في حين يعاني الموظفون من الاجتماعات التي أصبحت فيها اللغة الصينية هي اللغة الافتراضية في بعض الفرق في الولايات المتحدة، بالرغم من أن الشركة أخبرت الموظفين داخليا أن الاجتماعات في الشركة تعقد باللغة الإنجليزية.

المخاوف الأميركية

تطبيق الفيديو واجه تدقيقا من السلطات الأميركية بسبب مخاوف من أن الحكومة الصينية قد تضغط عليه للحصول على بيانات حول مستخدميه أو استخدام التطبيق لنشر الدعاية، وهي مخاوف نفاها “تيك توك” مرارا وتكرارا.

في عام 2020، حاولت إدارة ترامب حظر تنزيلات “تيك توك” في الولايات المتحدة، فيما دعت إدارة بايدن مالكي “تيك توك” الصينيين إلى بيع حصصهم فيه، لكن “تيك توك” قاومت مطالب الإدارتين، بينما عملت على إظهار أنها مستقلة عن مالكها الصيني.

كما عمل الممول والمانح السياسي الجمهوري المؤثر جيف ياس، الذي يمتلك من خلال Susquehanna International Group حصة كبيرة في “بايت دانس”، على درء الحظر الأمريكي.

تطبيق الفيديو أنشأ مقرا إقليميا خارج الصين، وأقام شراكة مع “أوراكل” تسمى “Project Texas” لتخزين بيانات المستخدم في الولايات المتحدة ومراقبة خوارزمية التطبيق.

عندما عرض تطبيق الفيديو “Project Texas” للمشرعين، أوضح أنه يتيح له العمل بشكل مستقل عن “بايت دانس”. كما حاولت الإعلانات التليفزيونية فصل تطبيق الفيديو عن جذوره الصينية من خلال إظهار شخصيات أميركية.

في عام 2021، قدم تطبيق الفيديو بعض تعليمات التعيينات الجديدة التي توضح كيفية إبعاده عن “بايت دانس” في وسائل الإعلام، وجاء في إحدى الوثائق، “التقليل من أهمية الشركة الأم بايت دانس”، وقالت وثيقة أخرى، “التقليل من أهمية الارتباط بالصين”، بدوره، أوضح تطبيق الفيديو لاحقا أن التعليمات لم تكن أبدا سياسة الشركة.

تغييرات جديدة في “تيك توك”

“بايت دانس” اعتادت على اتباع نهج عدم التدخل في بعض مجالات عمليات كسب الأموال من خلال تطبيق الفيديو، وبدأ الموظفون الأميركيون في عام 2021 بتلقي المزيد من المسؤوليات وتقديم المزيد من المدخلات بشأن القرارات الإستراتيجية للتطبيق.

في الاجتماعات الشاملة في عام 2021، عندما سأل الموظفون المديرين التنفيذيين عن كيفية فصل الوحدة الأميركية عن الصين، أجاب المديرون بأنهم يخططون لرفع مستوى عملية صنع القرار للموظفين المقيمين في الولايات المتحدة.

كان المسؤولون التنفيذيون في “بايت دانس” يتدخلون من وقت لآخر، لكن بالنسبة لعمليات كسب الأموال، تضمنت التعليقات الواردة من “بايت دانس” عادة الموافقة على الميزانيات وتقديم اقتراحات المنتجات.

هذا الأمر بدأ يتغير في وقت سابق من هذا العام، عندما بدأ المديرون التنفيذيون الجدد في الوصول من “بايت دانس”، وبدأت “بايت دانس” في التفكير بشكل أكبر في الإستراتيجية.

“تيك توك” أوضحت أن قرارات الشركة يتخذها قادة كل وحدة أعمال، دون أن يفقد الموظفون استقلاليتهم، لكن بعض الموظفين اشتكوا إلى المديرين بعد مشاهدة شهادة الرئيس التنفيذي، شو زي تشيو، أمام “الكونغرس” في شهر آذار/مارس حول علاقات التطبيق بالصين.

الموظفون شعروا أن تصريحات تشيو أمام “الكونغرس” تحرف علاقة “تيك توك” مع “بايت دانس”، لكن الشركة أوضحت للموظفين أن شهادة تشيو لم تقلل من أهمية علاقة “تيك توك” مع “بايت دانس”.

ضمن الشهادة، أشار تشيو إلى أن “تيك توك” تعتمد على الموظفين في الصين للحصول على الخبرة في بعض المشاريع الهندسية، دون الإشارة إلى أن “بايت دانس” تؤثر في الإستراتيجية.

بعض الموظفين شعروا أن تشيو كان يراوغ عندما سأله أحد أعضاء “الكونغرس” عما إذا كانت “تيك توك” هي شركة صينية، حيث رد تشيو على عضو “الكونغرس” قائلا، “أجري مثل هذه المناقشة كثيرا مع الآخرين حول ماهية الشركة التي أصبحت الآن عالمية”.

“تيك توك” أوضحت أن موظفيها مسؤولون عن إستراتيجيتها، ولا تؤثر الشركة الأم في ذلك، مع وجود تنسيق للمشاريع والاستثمارات المهمة مع “بايت دانس”.

مناصب مؤثرة

المسؤولون التنفيذيون من “بايت دانس” الذين يعملون الآن في “تيك توك” يتولون مناصبا مؤثرة تتعلق بكيفية عمل التطبيق وكسب المال.

تشينغ لان، المدير التنفيذي الذي عمل على النسخة الصينية من “تيك توك”، المسماة “Douyin”، لما يقرب من خمس سنوات، حصل في شهر أيار/مايو على إدارة القسم الذي يقدم خدماته للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تعلن من خلال التطبيق. هذا القسم في طريقه لتحقيق ما يقرب من 20 بالمئة من إيرادات إعلانات “تيك توك” هذا العام.

في الوقت نفسه، يتولى ويليام صن إدارة الموارد البشرية في معظم أقسام جني الأموال من أعمال تطبيق الفيديو. بينما أصبحت إليز تشنغ المسؤولة عن استراتيجية تحقيق الدخل في تطبيق الفيديو.

بالإضافة إلى ذلك، غادر بعض أبرز الموظفين الأميركيين، بما في ذلك الرئيسة التنفيذية للعمليات فانيسا باباس، التي غادرت في الأشهر الأخيرة، وتولى آدم بريسر، رئيس الموظفين، العديد من مهام باباس كرئيس جديد للعمليات.

إلى جانب ذلك، دمج تطبيق الفيديو بعض فرقه تحت قيادة “بايت دانس” الجديدة، في عمليات إعادة تنظيم تركت الموظفين في حيرة من أمرهم، خاصة وأن تطبيق الفيديو لا يشارك مخططه التنظيمي مع الموظفين، حيث تختبر الشركة الموظفين عند انضمامهم بأنه ليس لديها مخطط تنظيمي.

ختاما، يبدو أن هذه الانتقالات قد حلت التحدي المتمثل في كون تطبيق “تيك توك” مملوك لشركة “بايت دانس” الواقع مقرها في الصين، وذلك عن طريق نقل “بايت دانس” إلى الولايات المتحدة، حيث افتتحت “بايت دانس” مؤخرا مكتبا كبيرا في سان خوسيه بولاية كاليفورنيا لتعزيز سيطرتها المباشرة على عمليات الوحدة الأميركية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات