استمع إلى المقال

أصبحت “إنفيديا” سادس أكبر شركة في العالم من حيث القيمة، وتعمل رقائقها وبرامجها على تعزيز ثورة الذكاء الاصطناعي، لكن كيف شقّت الشركة طريقها للهيمنة على الذكاء الاصطناعي من خلال الألعاب.

الألعاب مدخل إلى الذكاء الاصطناعي

في هذه السنة المالية، قد تتجاوز إيرادات “إنفيديا” إيرادات صناعة ألعاب الفيديو الأميركية بأكملها مجتمعة.

بالرغم من أن هذا الأمر قد يبدو هامشيا بالنسبة لشركة تقوم حواسيبها العملاقة العاملة بالذكاء الاصطناعي بتدريب تطبيقات، مثل ChatGPT، لكنها بدأت من خلال توفير أجهزة ألعاب الفيديو، وتصنيع رقائق الرسومات لأجهزة الحواسيب ومنصات الألعاب.

قبل عقد من الزمن، تغير اتجاه الشركة، لكن الألعاب ظلت مصدر إيراداتها الأكبر حتى العام الماضي.

تحول “إنفيديا” يعد واحدا من أكثر محاور الأعمال حدة على الإطلاق، حيث يتوافق مع الخطوة التاريخية لتحول شركة “نينتندو” من أوراق اللعب إلى منصات الألعاب، وتحول شركة “تويوتا” من أنوال النسيج إلى السيارات.

لكن المحور يعتبر أقل غرابة مما يبدو، إذ هناك الكثير من القواسم المشتركة بين ألعاب الفيديو والذكاء الاصطناعي، كما تتمتع الألعاب بتاريخ طويل من كونها في طليعة تكنولوجيا الحواسيب.

عندما شارك، جنسن هوانغ، المؤسس المشارك والرئيس والمدير التنفيذي لشركة “إنفيديا”، في تأسيس الشركة في عام 1993، أي قبل عام من إطلاق شركة “سوني” أول جهاز “PlayStation”، كانت الألعاب هي الشكل الأكثر إثارة للحوسبة الرسومية.

الألعاب كانت هي السوق الطبيعي لوحدات معالجة الرسومات من “إنفيديا”، بصرف النظر عن حقيقة أن هوانغ نفسه كان لاعبا.

في عالم الأعمال، هناك نوعان من المحاور، أحدهما طبيعي والآخر أقرب إلى تطور القدر، ويقع تحول “إنفيديا” من وحدات معالجة الرسومات الخاصة بالألعاب إلى الحواسيب العملاقة ذات الذكاء الاصطناعي في مكان ما في المنتصف.

كان من الواضح بعد وقت قصير من إطلاق الشركة لأول وحدة معالجة رسوميات لها في عام 1999 أن استخدامها للحوسبة المتوازية، التي تعمل على تسريع المهام من خلال إجراء الكثير من العمليات الحسابية الصغيرة في وقت واحد، قد يكون له تطبيقات أوسع.

كما أن التعلم الآلي كان في حالة ركود، وبذلت “إنفيديا” المزيد من الجهد في الحوسبة المحمولة والمحاكاة المرئية واسعة النطاق.

“إنفيديا” والذكاء الاصطناعي

في عام 2012، أدرك هوانغ إمكانات الذكاء الاصطناعي عندما قامت مجموعة تضم، إيليا سوتسكيفر، وهو الآن كبير العلماء في “OpenAI”، باستخدام تقنية “إنفيديا” لتدريب شبكة عصبونية تسمى “AlexNet” للتعرف على الصور.

بعد أربع سنوات، سلم هوانغ أول حاسوب عملاق يعمل بالذكاء الاصطناعي إلى “OpenAI”، الذي يتضمن 35 ألف جزء، ويبلغ سعره 250 ألف دولار أو أكثر، ويشكل أساس نموها الأخير.

القوة المطلقة تشكل أساس التشابه بين الألعاب والذكاء الاصطناعي، إذ أن حقيقة أن وحدات معالجة الرسومات تتعامل مع المعلومات بسرعة كبيرة جعلت من الممكن أن تصبح الرسومات أكثر تعقيدا بشكل مطرد.

هناك حاجة إلى الكثير من القوة الحاسوبية لتمكين اللاعبين من التفاعل مع الآخرين في عوالم افتراضية غنية بالرسومات، مع عرض الصور بعمق.

تصميم الشبكات العصبونية يعد أمر قيم، لكن العامل الحاسم في مدى قدرتها على معالجة المعلومات وتوليد الصور هو السرعة الحسابية.

في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، استيقظت الشبكات العصبية من ركود الذكاء الاصطناعي بمجرد تدريبها على وحدات معالجة الرسوميات المصممة للألعاب.

وحدات معالجة الرسومات والذكاء الاصطناعي تشتركان في خاصية مهمة، إذ كلما زادت قوة الحوسبة، كانت النتائج أفضل.

نظرا لأن أحدث تقنيات “إنفيديا” أصبحت الآن أقوى بآلاف المرات من وحدات معالجة الرسوميات الأصلية، فقد جعلت الذكاء الاصطناعي ينطلق بشكل مثير للقلق.

هناك فرق واحد مفيد بين الألعاب والذكاء الاصطناعي، من وجهة نظر “إنفيديا”، إذ أن أكثر اللاعبين هوسا لديهم حد للسعر الذي قد يدفعونه مقابل بطاقة رسومية جديدة، لكن الشركات التي تحتاج إلى حواسيب عملاقة للتغلب على “OpenAI” قد تدفع مئات الآلاف من الدولارات.

ختاما، لم تكن الألعاب أبدا نشاطا تكنولوجيا تافها، وكان صعود “إنفيديا” بمثابة شهادة، حيث بنت “IBM” حاسوبها العملاق “Deep Blue” للتغلب على غاري كاسباروف في لعبة الشطرنج عام 1997، كما صنعت “إنفيديا” وحدات معالجة الرسومات للألعاب، التي مثلت الاستخدامات الأكثر تطلبا في عصرها، وفسحت المجال للآخرين للاستخدامات الأخرى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات