قمع المنشورات المؤيدة لفلسطين.. ميتا تحاول لوي عنق الحقائق؟

قمع المنشورات المؤيدة لفلسطين.. ميتا تحاول لوي عنق الحقائق؟
استمع إلى المقال

منذ بدء الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر، امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بصور الفظائع المرتكبة والدمار الذي أحدثته القنابل الإسرائيلية داخل غزة. ردا على ذلك، لجأت “ميتا” وعمالقة وسائل التواصل الاجتماعي إلى التكتيك القديم المتمثل في حظر الظل وقمع الخطاب المؤيد لفلسطين وإغلاق حسابات الصحفيين.

“ميتا” تحاول إخفاء الحقيقة

الآلاف من المؤيدين للفلسطينيين يشيرون إلى أن المنشورات قد تم حجبها أو إزالتها من “فيسبوك” و”إنستغرام”، حتى لو كانت الرسائل لا تنتهك قواعد المنصات، حيث أوضح المستخدمون أن رسائل الدعم للمدنيين الفلسطينيين، الذين شرد العديد منهم أو أصيبوا أو قتلوا بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية، تم إخفاؤها من المنصات.

بعض الأشخاص أفادوا أيضا، أن “فيسبوك” قمعت الحسابات التي دعت إلى احتجاجات سلمية في مدن في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بما في ذلك الاعتصامات المخطط لها في منطقة خليج سان فرانسيسكو، ولا يستطيع المستخدمون رؤية حسابات وسائل الإعلام الفلسطينية لأن “ميتا” تحظر تلك الحسابات، مما يجعل الناس يشاهدون نسخة منقحة للأحداث التي تحدث في غزة.

معهد “هامبتون”، وهو مركز بحثي، قال إن “إنستغرام” و”فيسبوك” تحظران بشكل نشط المنشورات حول التاريخ الفعلي لإسرائيل/فلسطين، وفي بعض الأحيان يتم إخفاء الأمر على أنه صعوبة تقنية.

أحد الوسوم، #Zionistigram، الذي تم إرفاقه بالمنشورات التي تنتقد قمع “إنستغرام” للمحتوى المؤيد للفلسطينيين، قد تم إلغاؤه مؤقتا، ولم يظهر أي نتائج ضمن عمليات البحث عن هذا المصطلح.

العديد من المؤيدين الفلسطينيين توافدوا على منصات أخرى لنشر رسائلهم، بينما انتقدوا الإشراف على محتوى “ميتا”، حيث شهدت منصة “لينكدإن”، التي تستخدم بشكل أساسي للتواصل المهني، تدفقا للمشاركات التي تنتقد رد فعل إسرائيل على حماس ودعم الضحايا المدنيين في غزة.

في حين نشر آخرون في أقسام التعليقات منشورات عبر حسابات “إنستغرام” و”فيسبوك” التي تحظى بمتابعة واسعة النطاق، مطالبين بالدعم، حيث أن التعليقات الواردة تحت أحدث منشور للمطربة بيونسيه، التي يضم حسابها عبر “إنستغرام” أكثر من 318 مليون متابع، امتلأت بمؤيدين فلسطينيين يحاولون حشد الدعم لقضيتهم. العديد من هذه الرسائل تم نسخها ولصقها لتوزيعها على نطاق أوسع عبر “إنستغرام” و”فيسبوك”.

على سبيل المثال، علقت منصة “إنستغرام” حساب ليلى وارة، مراسلة الموقع الإخباري “موندويس” في الضفة الغربية، ومنحتها 180 يوما للاستئناف، مع إمكانية الإيقاف الدائم. بعد أن أعلنت “موندويس” عن قرار التعليق، تمت إعادة حسابها بسرعة. مع ذلك، في وقت لاحق، ذكر الموقع الإخباري أنه تم تعليق حساب وارة مرة أخرى، ليتم استعادته لاحقا.

الموقع الإخباري غرد بأن التعليق الأول جاء بعد أن شارك العديد من الجنود الإسرائيليين حساب ليلى عبر صفحات “فيسبوك”، وطلبوا من الآخرين تقديم تقارير احتيالية عن انتهاكات المبادئ التوجيهية.

في حين حذفت “تيك توك” الحساب الخاص بالموقع الإخباري “موندويس” وسط تغطيته المستمرة للأحداث في فلسطين، ولا يعتقد موظفو الموقع الإخباري أنهم انتهكوا أي إرشادات لمنصة “تيك توك” في تغطيتهم، وقال الموقع الإخباري، “لا يمكن النظر إلى هذا إلا على أنه رقابة على التغطية الإخبارية التي تنتقد الروايات السائدة حول الأحداث التي تتكشف في فلسطين”.

خلال هذا الوقت، أفاد الفلسطيني عدنان برق، عبر “إنستغرام”، أن المنصة منعته من البث المباشر، وأزالت المحتوى الخاص به، بل ومنعت ظهور حسابه للمستخدمين الذين لا يتابعونه. عبر موقع “إنستغرام” أيضا، يتم حجب الوسوم، بما في ذلك #alaqsaflood و#hamas. في حين تحجب “فيسبوك” الوسوم باللغة العربية التي تحمل اسم العملية أيضا. 

تبريرات “ميتا”

بدورها، أوضحت “ميتا” أن بعض المنشورات تم إخفاؤها عن الأنظار بسبب خطأ عرضي في أنظمة الشركة، وحذرت من أن بعض المنشورات قد يتم حظرها أو تعليقها مؤقتا لأنها تتخذ إجراءات للتعامل مع عدد كبير من التقارير المتعلقة بالمحتوى الرسومي.

الشركة أشارت، إلى أنه كانت هناك صعوبات تقنية في بعض الحالات أدت إلى منع المنشورات التي كان ينبغي أن تكون مرئية على نطاق واسع.

آندي ستون، المتحدث باسم “ميتا”، قال، حددنا خطأ يؤثر في جميع القصص التي تعيد مشاركة فيديوهات “Reels” ومنشورات الخلاصة، مما يعني أنها لم تظهر بشكل صحيح في منطقة قصص الأشخاص، مما أدى إلى انخفاض كبير في الوصول. هذا الخطأ أثر في الحسابات بالتساوي في جميع أنحاء العالم ولم يكن له أي علاقة بموضوع المحتوى، وقد قمنا بإصلاحه في أسرع وقت ممكن”.

عبر تدوينة، أشارت “ميتا” إلى أنها تطبق سياسات المحتوى الخاصة بها بالتساوي، وقالت الشركة، “نريد أن نؤكد مجددا أن سياساتنا مصممة لمنح الجميع صوتا مع الحفاظ على أمان الأشخاص عبر تطبيقاتنا. نحن نطبق هذه السياسات بغض النظر عمن ينشر أو معتقداته الشخصية، وليس في نيتنا أبدا قمع مجتمع أو وجهة نظر معينة”.

في الوقت نفسه، اعترفت “ميتا” أيضا بأن سياساتها قد لا يتم تطبيقها بشكل مثالي في كل مرة، خاصة في أوقات الأزمات العالمية، وقالت، “بالنظر إلى الكميات الكبيرة من المحتوى الذي يتم الإبلاغ عنه إلينا، فإننا نعلم أن المحتوى الذي لا ينتهك سياساتنا قد تتم إزالته عن طريق الخطأ”.

بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، أوضحت “ميتا” أنها تتخذ خطوات لإزالة الدعم الجوهري لفصائل المقاومة الفلسطينية التي تقاتل ضد الجيش الإسرائيلي على حدود غزة.

الشركة قالت، “منذ الهجمات الإرهابية التي شنتها حماس على إسرائيل يوم السبت ورد إسرائيل في غزة، تعمل فرق الخبراء من جميع أنحاء شركتنا على مدار الساعة لمراقبة منصاتنا”، مع الحرص على وصف حملة القصف الإسرائيلي الشاملة للمباني السكنية في غزة بأنها مجرد رد.

ازدواجية المعايير

قرار “ميتا” يأتي في أعقاب حملة ضغط أطلقتها المفوضية الأوروبية لإزالة المحتوى غير القانوني والضار للامتثال لقانون الخدمات الرقمية. لكن امتثال “ميتا” يتناقض مع امتثال “X”، المعروفة سابقا باسم “تويتر”، حيث طلبت الشركة من بروكسل مزيدا من المعلومات حول الانتهاكات عبر موقعها، وأدى ذلك إلى بدء التحقيق في “X”.

مسؤولو الاتحاد الأوروبي أرسلوا خطابا إلى مالك “X”، إيلون موسك، يحذرون فيه من أنه إذا وجد التحقيق أن الشركة فشلت في الوفاء بالتزاماتها القانونية فيما يتعلق بالمحتوى المتعلق بالحرب، فقد تواجه عقوبات شديدة، بما في ذلك غرامات بالمليارات.

يمنى باتل، مديرة الأخبار الفلسطينية في “موندويس”، أوضحت أن الرقابة على الأصوات الفلسطينية، وأولئك الذين يدعمون فلسطين، ووسائل الإعلام الإخبارية البديلة التي تنقل جرائم الاحتلال الإسرائيلي، من قبل شبكات التواصل الاجتماعي وعمالقة مثل “ميتا”، موثقة جيدا.

باتيل قالت، “كثيرا ما نرى هذه الانتهاكات تصبح أكثر تكرارا خلال أوقات كهذه، حيث يتزايد العنف والاهتمام الدولي بفلسطين. رأينا ذلك مع الرقابة على الحسابات الفلسطينية عبر إنستغرام خلال احتجاجات الشيخ جراح في عام 2021، والغارات القاتلة التي شنها الجيش الإسرائيلي على جنين في الضفة الغربية في عام 2023، والآن مرة أخرى مع إعلان إسرائيل الحرب على غزة”.

في شهر أيلول/سبتمبر، كشف تحقيق أجرته قناة الجزيرة العربية عن تأثير الحكومة الإسرائيلية في سياسات الرقابة التي تتبعها شركة “ميتا” فيما يتعلق باحتلال فلسطين والجرائم ضد الشعب الفلسطيني.

استهداف هذه المنصات للحسابات التي تتناول فلسطين يأتي في الوقت الذي يصعب فيه الحصول على معلومات من الناس في غزة وسط الحصار الإسرائيلي الشامل على سكانها البالغ عددهم مليوني نسمة، وفي الوقت الذي تمنع فيه إسرائيل وسائل الإعلام الأجنبية من دخول القطاع الساحلي.

فترات العنف الإسرائيلي المنتظم أدت إلى قمع الشركات لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الفلسطينيين. في عام 2021، على سبيل المثال، فرضت “إنستغرام” رقابة مؤقتة على المنشورات التي ذكرت المسجد الأقصى في القدس، وهو أحد أكثر المواقع احتراما في الإسلام. 

مراقبو سياسة وسائل التواصل الاجتماعي انتقدوا سياسات الرقابة التي تتبعها شركة “ميتا” على أساس أنها تؤثر بشكل غير مبرر في المستخدمين الفلسطينيين بينما تمنح مساحة للسكان المدنيين في مناطق الصراع الأخرى.

في العام الماضي، في أعقاب سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، اشتكى المستخدمون الفلسطينيون الذين صوروا الدمار عبر “إنستغرام” من أنه تمت إزالة منشوراتهم لانتهاكها معايير مجتمع “ميتا”، في حين حصل المستخدمون الأوكرانيون على تصريح خاص لنشر صور مماثلة على أساس أنها جديرة بالنشر.

في شهر أيلول/سبتمبر 2022، وجدت مراجعة خارجية أجريت بتكليف من شركة “ميتا” أن قواعد الشركة كان لها تأثير سلبي في حقوق المستخدمين الفلسطينيين في حرية التعبير، وحرية التجمع، والمشاركة السياسية، وعدم التمييز، وبالتالي على قدرة الفلسطينيين لتبادل المعلومات والأفكار حول تجاربهم عند حدوثها. 

بالمثل، فإن سياسة “ميتا” الخاصة بالمنظمات والأفراد الخطرين، التي تحتفظ بقائمة سوداء سرية للمنظمات والأشخاص المحظورين، تتكون بشكل غير متناسب من كيانات مسلمة وشرق أوسطية وجنوب آسيوية، وهو عامل ساهم في الإفراط في تطبيق القانون ضد الفلسطينيين.

بشكل عام، يواجه العديد من مستخدمي “إنستغرام” و”فيسبوك” قيود على حساباتهم، حيث تخفي المنصات المملوكة لشركة “ميتا” مصطلحات البحث المتعلقة بحماس وطوفان الأقصى، كما يتم أيضا حظر الحسابات والمنشورات جغرافيا، مما يجبر الكثيرين في جميع أنحاء الغرب على الاعتماد على السرد الذي تنشره وسائل الإعلام الرئيسية.

ختاما، الدعوات المفتوحة للإبادة الجماعية والعنف الجماعي ضد الفلسطينيين والعرب موجودة بكثرة من خلال حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيلية الرسمية، وترددها الحسابات الصهيونية والروبوتات المؤيدة لإسرائيل عبر المنصات دون أي عواقب، في الوقت نفسه، تم تعليق حسابات الصحفيين ووسائل الإعلام الفلسطينية عبر تلك المنصات  لمجرد نقل الأخبار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات