استمع إلى المقال

مع تطور التكنولوجيا بمعدلات هائلة، أصبح الذكاء الصنعي من المصطلحات الحديثة التي تشغل بال العديد من الناس في العالم. وليس من الغريب أن نرى أثر هذا التقدم في العديد من المجالات والقطاعات، فهو يشمل كل شيء من التسويق والطب إلى التصنيع والسياسة.

لكن بينما يستمر هذا الاتجاه، تبقى الأسئلة المهمة المتعلقة بمستقبل الذكاء الصنعي حاضرة في الأذهان، فهل يجب أن يتخصص الذكاء الصنعي في مجالات معينة أم يجب أن يكون شاملا، ويشمل المجالات جميعها.

في حين أن بعض الخبراء يرون أن التخصص في الذكاء الصنعي هو السبيل الأمثل للتطور والتقدم، يرى آخرون أن الاهتمام بالتنوع في هذا المجال هو الأسلوب الأفضل للحفاظ على النمو المستدام والابتكار؛ ولكن يبقى السؤال، هل يمكن أن تكون الإجابة على هذا السؤال هي كليهما.

في الوقت الراهن، بدأنا نشهد ظهور ذكاء صنعي توليدي أكثر تخصصا وبعيدا عن الشمولية، حيث يمكن تخصيصه وفقا لاحتياجات القطاع الذي يستخدمه، ومن بين هذه التوجهات الجديدة، نجد تقنيات توليد الشفرات التي يمكن أن تحدث ثورة في عالم البرمجة.

لذا، سنركز في تقريرنا هذا على أحدث التوجهات نحو تخصيص الذكاء الصنعي، وسنتناول بشكل خاص التقنيات المتعلقة بتوليد الشفرات، مثل أدوات شركات “Hugging Face”، وسنتطرق إلى مدى فعالية هذه التقنيات وإمكانية استخدامها في تحسين عملية التطوير وتقليل التكاليف.

قد يهمك: الذكاء الصنعي.. شريك الأمن السيبراني في معركة التهديدات

الذكاء الصنعي

توليد الشفرات باستخدام الذكاء الصنعي

شركة “Hugging Face” الأميركية المتخصصة في الذكاء الصنعي والتي توفر أدوات لبناء التطبيقات باستخدام التعلم الآلي، أطلقت بالتعاون مع قسم البحث والتطوير في شركة “ServiceNow“، هي شركة برمجيات أميركية، نظام “StarCoder” وهو نظام مجاني لتوليد الشفرات باستخدام الذكاء الصنعي ينافس “Copilot” من شركة “GitHub”.

هناك أنظمة أخرى لتوليد الشفرات تستخدم الذكاء الصنعي مثل “AlphaCode” من شركة “ديب مايند“، “CodeWhisperer” من “أمازون”، و”Codex” من شركة “OpenAI”، والتي تظهر إمكانات مدهشة للذكاء الصنعي في مجال برمجة الحاسوب. 

إذا تم حل المشاكل الأخلاقية والتقنية والقانونية المرتبطة بالذكاء الصنعي مستقبلا، وفي حال لم تزدد الأخطاء والمخاطر الأمنية بسبب استخدام أدوات الترميز الذكية، فإنها قد تقلل كثيرا من تكاليف التطوير، وتسمح للمبرمجين بالقيام بمهام أكثر إبداعا.

هدف “StarCoder”

حسب دراسة من “جامعة كامبريدج” في المملكة المتحدة، فإن المطورين يقضون على الأقل نصف وقتهم في إصلاح الأخطاء عوضا عن البرمجة بشكل فعال، ما يتسبب في خسارة تقدر بحوالي 312 مليار دولار سنويا لصناعة البرمجيات؛ ولكن رغم ذلك، فإن عددا قليلا جدا من أنظمة توليد الشفرات باستخدام الذكاء الصنعي متاحة للعامة مجانا.

“StarCoder”، الذي يتمتع بترخيص يسمح باستخدامه بدون حقوق ملكية من قبل أي شخص، بما في ذلك الشركات، تم تدريبه على أكثر من 80 لغة برمجة، إضافة إلى نص من مخزون “GitHub”، وهو يعمل أيضا، مع محرر الشفرات “Visual Studio Code” من شركة “مايكروسوفت”، وأيضا “ChatGPT” من “OpenAI”، يستطيع تنفيذ التعليمات البسيطة، مثل إنشاء واجهة مستخدم للتطبيق، والإجابة على الأسئلة المتعلقة بالشفرة.

قد يهمك: الذكاء الصنعي وطرق البحث التقليدية.. قصة حب أم حرب باردة؟

مجانا للجميع

لياندرو فون ويرا، مهندس التعلم الآلي في “Hugging Face” والمسؤول المشارك عن نظام “StarCoder”، يزعم أن النظام الجديد يحقق نتائج مماثلة أو أفضل من نموذج الذكاء الصنعي الذي استخدمه “OpenAI” لتشغيل النسخ الأولية من “Copilot”.

كما أضاف فون ويرا، إن إصدارات مثل “Stable Diffusion” وهو نموذج للتعلم المتعمق من نص إلى صورة الذي تم إطلاقه العام الماضي، أوضح قدرة وإبداع المجتمع مع التطبيقات مفتوحة المصدر، فبعد أسابيع فقط من الإصدار، أنشأ المجتمع عشرات الإصدارات المختلفة من النموذج والتطبيقات المخصصة، وإطلق نموذج قوي لتوليد الشفرات للجميع يسمح بضبطه وتكييفه مع حالات استخدامهم الخاصة، وسيمكّن تطبيقات لا حصر لها في المستقبل.

تخصص الذكاء الصنعي هو مجال متنام ومتطور يمكنه المساهمة في حل العديد من التحديات والفرص بمجالات مختلفة، مثل الطب والتعليم والفن والأمن والبيئة، ولكن لتحقيق إمكانات الذكاء الصنعي بشكل كامل، يجب أن يكون متاحا للجميع بشكل مجاني ومفتوح المصدر، حتى يتمكن المطورون والباحثون والمستخدمون من تبادل المعرفة والأفكار والابتكارات، وءلك سيزيد من التطوير والتقدم في مجال الذكاء الصنعي.

لحسن الحظ، تتميز تقنيات الذكاء الصنعي المفتوحة المصدر بالمرونة والتوافر الشامل، مما يتيح للمبرمجين والمطورين حول العالم الاستفادة منها وتطويرها بحرية، وهذا يعني أن المجتمع العالمي يمكنه العمل معًا لتحسين هذه التقنيات، وزيادة تطبيقاتها في مختلف المجالات، ما يؤدي بالنهاية إلى تحسين حياة الناس وتحقيق التقدم المستدام.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات