استمع إلى المقال

في 27 من شهر شباط/فبراير الماضي، انطلق الملتقى العالمي للهواتف المحمولة (MWC)، الذي يُعدّ واحدا من أهم المؤتمرات التقنية العالمية، و يُعقد بشكل سنوي في مدينة برشلونة الإسبانية.

هذا الملتقى يُصنّف كأكبر التجمعات تأثيرا في عالم الاتصالات، حيث تشارك فيه جميع الشركات التقنية حول العالم لتكشف عن أحدث ما توصلت إليه من ابتكارات وإنجازات ومنتجات جديدة، ومن المقرر أن ينتهي الملتقى في 2 آذار/مارس.

رغم الكثير من التوقعات الإيجابية حول انعقاد الملتقى، مازالت الأجواء غير حماسية كما عهدناها في السنوات السابقة، والذي توقف بسبب انتشار فيروس “كوفيد-19″، ففي عام 2019 بلغ عدد الزوار أكثر من 109 آلاف زائر، ولكن في العام الماضي، حضره حوالي 60 ألف شخص فقط، كما تم تأجيل الملتقى في 2021 إلى نهاية حزيران/يونيو، ولم يكن هناك سوى 30 ألف زائر، بينما تم إلغاء نسخته لعام 2020 بالكامل، أمّا في هذا العام تهدف إدارة الملتقى إلى أن يكون المحفل قريبا من السعة الكاملة لطاقته مجددا.

حتى الآن، هناك الكثير من الوعود الرامية لإنجاح الملتقى العالمي للهواتف المحمولة بنسخته الحالية، فهل حقا سنشهد تجمّعا متألقا كما في السنوات الماضية، ونشاهد حضورا كثيفا لشركات التقنية، هل ستقدم حقا ما هو جديد في عالم التقنية، وهل سنرى منافسة شرسة بين الشركات على أهم ما توصلت إليه في عالم الهواتف الذكية وغيرها من التقنيات المختلفة، كل ذلك سنقوم بذكره من خلال التقرير التالي.

قد يهمك: انخفاض عالمي في شحنات الهواتف الذكية.. ما الأسباب؟

تطلعات إيجابية

خلال افتتاحية الملتقى العالمي للهواتف المحمولة 2023، تعهّد الكثير من رؤساء تنفيذيين ومدراء وإداريين لشركات تقنية من حول العالم بأن يكون هذا الملتقى “تسونامي من الابتكار”، على حد وصفهم، بالرغم من تفاقم عمليات التسريح الجماعية في كبرى شركات التكنولوجيا في العالم، والانخفاضات المتكررة في شحنات الهواتف وأجهزة الكمبيوتر لهذا العام.

خوسيه ماريا ألفاريز باليت، الرئيس التنفيذي لمجموعة “تيليفونيكا” ورئيس الاتحاد العالمي لمشغّلي الاتصالات (الجهة القائمة على المعرض)، أقرّ بأن العام الماضي لم يكن سهلا، ولكنه بالمقابل أشاد ببزوغ فجر حقبة جديدة أثارتها التقنيات الرائعة، والتي ستكون مؤثرة بما يكفي لتغيير مسار التاريخ، وصرح بأن هذا هو الوقت المناسب للتعاون بين شركات الاتصالات والتكنولوجيا الكبيرة واللاعبين في الصناعة.

واقع مقلق

رغم الكلمات والخطابات المتفائلة والرنانة للمسؤولين عن الملتقى العالمي للهواتف المحمولة 2023، في مستقبل أكثر تطورا وازدهارا لعالم الهواتف الذكية والأجهزة الأخرى، لكن الواقع يبقى مختلفا عن ذلك بأشواط.

في نهاية العام الماضي، تحدثنا حول انخفاض شحنات الهواتف الذكية في العالم، في تقرير على موقعنا ” إكسڤار” بعنوان “انخفاض عالمي في شحنات الهواتف الذكية.. ما الأسباب؟“، وعن وجود توقعات بانخفاض شحنات الهواتف الذكية العالمية بنسبة 9 بالمئة إلى 10 بالمئة على أساس سنوي في عام 2022 بأكمله.

هذه الانخفاضات مرتبطة بالمشكلات الجيوسياسية، وتراجع الاقتصاد، ونقص الطاقة وارتفاع الأسعار، وتقلب أسعار الصرف، واستمرار الإضرابات في الصين بسبب “كوفيد-19″، وهذا ما زاد في إضعاف طلب المستهلكين خلال الربع الأخير من عام 2022، وستستمر كل هذه الاضطرابات إلى النصف الأول من العام المقبل أيضا.

كما سلطنا الضوء أيضا، في تقرير سابق تحت عنوان “انخفاض شحنات أجهزة الكمبيوتر عالميا.. ما الأسباب؟” على انخفاض شحنات أجهزة الكمبيوتر على الصعيد العالمي وعن أسباب هذا الانخفاض التي ما تزال قائمة حتى اللحظة، ومنها عدم الاستقرار الجيوسياسي والاقتصادي العالمي.

إضافة إلى عمليات التسريح الضخمة للموظفين التي شاهدناها في شركات التكنولوجيا العالمية، مثل “مايكروسوفت” و “جوجل” و”أمازون” و “ميتا” وغيرها من الشركات الأخرى، كمحاولة منها للحد من خسارتها وتراجع إيراداتها وأرباحها وأسعار أسهمها.

كل ما تم ذكره آنفا، والكثير من الإحصائيات والأرقام، تتعارض مع كمية التفاؤل التي لمسناها في تصريحات المسؤولين عن الملتقى، لكن يبقى كل ذلك مجرد توقعات وتكهنات، حتى لو كانت من خبراء وأخصائيين في السوق، ولا يسعنا سوى أن نراقب المساعي الحثيثة للشركات في تطوير تقنياتها وتوفير كل ما هو جديد في عالم التقنية، والتي شهدنا بعضها في أروقة هذا الملتقى، فدعونا نشارككم أهم ما تم عرضه من تقنيات ومميزات وتطورات في الملتقى العالمي للهواتف المحمولة 2023، وحينها ستحكمون أنتم، هل نحن حقا على مشارف نهاية عصر التكنولوجيا الكبيرة، أم العكس تماما.

أهم ما جاء في الملتقى العالمي للهواتف المحمولة 2023

مزايا جديدة من “جوجل”

“جوجل” أطلقت ميزة جديدة لمتصفح “كروم”، تتيح لمستخدمي نظام “أندرويد” إمكانية تكبير النصوص والصور ومقاطع الفيديو الموجودة على الشاشة بنسبة تصل إلى 300 بالمئة، دون التأثير على صفحة الويب، ففي السابق كانت “جوجل” تسمح للمستخدمين بضبط خيارات تحجيم النص حتى 200 بالمئة فقط.

الميزة لم تصبح متاحة بعد لدى جميع مستخدمي متصفح “كروم”، لكن يمكن الوصول إليها بتنزيل الإصدار التجريبي للمتصفّح، ولتفعيل الميزة يجب النقر على رمز النقاط الثلاث في الزاوية العليا ثم الضغط على “الإعدادات” ومن ثم “تسهيل الاستخدام” وبعدها ضبط نسبة التكبير حسب الرغبة.

“جوجل” ستوفّر  تفضيل تكبير المستخدم لجميع المواقع على المتصفح كيلا يضّطر المستخدم إلى تعديلها باستمرار، فضلا عن أن المتصفح يتجاوز المواقع التي تحظّر ميّزات التكبير والتصغير.

“جوجل” طرحت أيضا تحديثين آخرين، أحدها ميزة التعليقات التوضيحية اليدوية الجديدة لتطبيق “Drive” لنظام “الأندرويد”، حيث تتيح هذه الميزة استخدام الإصبع أو القلم للكتابة على ملفات PDF أو تمييز النص المهم، يمكنك أيضا إخفاء أو التراجع عن أو حذف أو حفظ نسخة من ملف PDF مع التعليقات التوضيحية، مما يسهّل عملية تدوين الملاحظات.

“جوجل” قدمت أيضا ميزة إلغاء الضوضاء من “ميتا” إلى المزيد من الأجهزة العاملة بنظام “أندرويد” على الرغم من أنها لم تحدد أي منها، بالإضافة إلى دعم “Fast Pair” لسماعات الرأس بنظام التشغيل “كروم” الذي سيربط سماعات الرأس تلقائيا إذا تم إعدادها بالفعل باستخدام جهاز “أندرويد”، هناك إضافة أخرى قادمة في الوقت القريب وهي دعم بعض مجموعات الرموز التعبيرية الجديدة على لوحة المفاتيح الخاصة بالشركة “Gboard”.

ميزة تكبير وتصغير الصفحات في متصفح "كروم"، تم طرحها في الملتقى العالمي للهواتف
ميزة تكبير وتصغير الصفحات في متصفح “كروم”

نظارات “شاومي” بتقنية الواقع المعزز

شركة “شاومي” أطلقت نظارات الواقع المعزز جديدة يمكن إقرانها بالهواتف للتخلي عن الحاجة إلى وجود أي كابلات لاستخدامها، لكن النظارات الذكية لا تحتوي على آلية تخزين خاصة بها لذا يجب توصيلها بجهاز ما ليعمل كمضيف.

النظارات تأتي بشاشتين من طراز “Micro OLED” تتميز بقدرتها على توجيه الضوء وإظهار المحتوى على عيني المستخدم، وذلك بالإضافة إلى أن “شاومي” ضمنت ثلاث وحدات كاميرا ضمن النظارات للمساعدة في تخطيط العالم المحيط بالمستخدم.

النظارات مصنوعة من سبائك المغنيسيوم والليثيوم، بالإضافة إلى ألياف الكربون ليبقى وزنها خفيفا، ما يقارب 126 جراما، وتعمل النظارات الذكية بمعالج “Snapdragon XR2+ Gen 1″، بزمن استجابة منخفض قدره 50 ميللي ثانية، وتزعم “شاومي” إن أداء نظاراتها نفس أداء نظارات الواقع المعزز التقليدية المعتمدة على الكابلات.

هاتف “نوكيا G22”

شركة “HMD Global” تطلق هاتف “نوكيا G22” الاقتصادي بمواصفات متواضعة وسعر منخفض قدره 205 دولارات، ويتميز الجهاز بأنه يمكن إصلاحه من قبل المستخدم، إذ تعاونت “نوكيا” مع خدمة “iFixit” لتقديم المعدات اللازمة للمستخدم ليتمكن من استبدال شاشة الهاتف وبطاريته.

الهاتف يحتوي على شاشة من نوع “IPS LCD” بقياس 6.5 بوصة بمعدل تحديث 90 هرتز، وكاميرا خلفية ثلاثية، كاميرتين بدقة 2 ميجابكسل وكاميرا رئيسية واسعة بدقة 50 ميجابكسل، بالإضافة إلى كاميرا أمامية واسعة بدقة 8 ميجابكسل. بطارية الهاتف سعتها 5050 ميلي أمبير، وتدعم قوة شحن سلكي قدرها 20 واط، وتكلف البطاريات البديلة 27 دولارا، ومعدات التصليح 32 دولارا.

هاتف "نوكيا G22" الذي طرح في الملتقى العالمي للهواتف
هاتف “نوكيا G22” القابل للصيانة بسهولة

شعار “نوكيا” الجديد

شركة “HMD Global” أعلنت ضمن المؤتمر عن خطط لتغيير علامتها التجارية “نوكيا” لأول مرة منذ ما يقرب من 60 عاما، وتأتي هذه الخطوة في إطار تركيز الشركة على استعادة مكانتها في مجال التكنولوجيا.

شعار نوكيا الجديد في الملتقى العالمي للهواتف
شعار “نوكيا” الجديد

تقنية شحن “ريدمي” فائقة السرعة

علامة “ريدمي” أعلنت عن تقنية شحن سريع جديدة بقوة تصل إلى 300 واط، وذلك بعد أربعة أشهر فقط من إعلان أنها أول علامة تجارية تتجاوز عتبة 200 واط في قوة الشحن. وكشفت أن التقنية الحديثة يمكنها شحن الهاتف بالكامل خلال 5 دقائق فقط، وعرضت لاحقا مقطع فيديو يوضح تفاصيل أكثر حول التقنية.

“ريدمي” استخدمت لاختبار تقنيتها هاتف “Redmi Note 12 Discovery” معدل ببطارية سعتها 4100 مللي أمبير في بيئة خاضعة للرقابة، واستغرق الهاتف دقيقتين و11 ثانية للوصول إلى 50 بالمئة من الشحن وأقل من خمس دقائق ليمتلئ بالكامل.

قد يهمك: انخفاض شحنات أجهزة الكمبيوتر عالميا.. ما الأسباب؟

هاتف “Honor Magic VS” القابل للطي

شركة “Honor” أعلنت عن الإصدار العالمي لهاتفها الذكي “Honor Magic VS” القابل للطي، ليتوفر بسعر يبدأ من 1695 دولارا، وأكدت إطلاقه في الأسواق العالمية منتصف العام الحالي.

الهاتف يأتي بشاشة من نوع “OLED” قياس 7.9 بوصة بدقة “HDR10+”، بالإضافة إلى معدل تحديث 90 هرتز ودعم لمليار لون، وشاشة بعد الطي من نوع “OLED” قياس 6.45 بوصة بدقة “HDR10+” ومعدل تحديث 120 هرتز.

الجهاز يعمل بمعالج “Snapdragon 8+ Gen 1″ بنظام تشغيل أندرويد 13 ومعالج رسوميات ” Adreno 730″، ويأتي الهاتف ببطارية سعتها 5000 مللي أمبير بقوة شحن سلكي 66 واط.

هاتف “Honor Magic VS” يحتوي على كاميرا ثلاثية خلفية، كاميرا رئيسية واسعة بدقة 54 ميجابكسل وكاميرا ثانية تليفوتوغرافي بدقة 8 ميجابيكسل وكاميرا ثالثة واسعة جدا دقتها 50 ميجابيكسل، وذلك إضافة إلى كاميرا أمامية واسعة بدقة 16 ميجابيكسل.

سيارات الأجرة الطائرة

سيارات الأجرة الطائرة، طوّرتها شركة الاتصالات الهاتفية الكورية العملاقة “SK Telecom”، بالاشتراك مع شركة “Joby Aviation” في كاليفورنيا، ستساعد سيارة الأجرة الطائرة “UAM”، وفقا لمصمّميها، على تقليص أوقات السفر في المدن التي تعاني من الازدحام، بسبب الاختناقات المرورية. تحتوي السيارة على ستة محركات كهربائية، مما يسمح لها بالإقلاع والهبوط العمودي، يمكن أن تحمل ما يصل إلى أربعة أشخاص، بالإضافة إلى الطيار، وبسرعة قصوى تبلغ 320 كم / ساعة.

استنساخ أبدي

الوصول إلى الحياة الأبدية عبر نسخة رقمية خاصة بنا، هذا هو الوعد الذي قطعته الشركة اليابانية “Alt “، من خلال مشروع “PAI” الذكاء الصنعي الشخصي، وهو استنساخ افتراضي يتيح تسجيل حياتنا ونقلها إلى عائلاتنا وأحفادنا، يتم الحصول على ثلاثة أنواع من المعلومات لهذا الغرض، صورة الشخص عبر الصور ومقاطع الفيديو، صوته عبر التسجيلات الصوتية، وأذواقه وميوله الشخصية، وهو ما يسمح للنسخة بالتفكير مثل نسختها الحقيقية، وفقا لمصمّميها.

هيكل خارجي متصل

تم اختبار الهيكل الخارجي “Able” البشري لعدة سنوات من قبل شركة ” Able Human Motion ” الإسبانية، والتي تعتزم إطلاقه في حزيران/يونيو في السوق الأوروبية، للأشخاص الذين يعانون من إصابة في الحبل الشوكي ومساعدتهم بالوقوف والتخلص من كرسيّهم المتحرك والمشي من جديد.

الجهاز مصنوع من ألياف الكربون التي يبلغ وزنها 10 كيلوغرامات، ويستخدم مستشعرات لتحديد الحركات التي يرغب المريض في القيام بها، ووفقا لمصمّميها، يمكن تكييف معلمات المشي، مثل حجم الخطوة، وذلك بفضل تطبيق على الهاتف الذكي، ويمكن أيضا استخدام الجهاز في النهاية من قِبل الأشخاص الذين يعانون من مرض “باركنسون” أيضا.

روبوت مضاد للوحدة

إن مهمة الإنسان الآلي “NHOA”، تتمثل في التخفيف من حدة عزلة كبار السن الذين يعيشون في المنازل أو دور العجزة، ووفقا للمركز التكنولوجي الإسباني “Eurecat”، يمكن التحكم في هذا الروبوت الذي يبلغ طوله 160 سم عبر شاشة تعمل باللمس، أو عن طريق الصوت، وهو قادرة على التفاعل بشكل ذكي وبناء علاقة عاطفية مع مستخدمها.

مستقبل الهواتف

الهواتف الذكية أصبحت جزءا أساسيا من حياتنا اليومية، ويعتمد عليها الكثيرون في العمل والتعليم والترفيه، وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية التي يشهدها العالم حاليا، إلا أننا نتوقع أن يستمر الطلب على الهواتف الذكية في الزيادة.

في السنوات الأخيرة، شهدنا تقدما هائلا في تكنولوجيا الهواتف الذكية، بما في ذلك تحسينات في الكاميرا والشاشة والأداء وسرعة الاتصال بالإنترنت والذاكرة وغيرها، ونتوقع أن تستمر هذه التحسينات في المستقبل، حيث سيعمل المطورون على تحسين الأداء والموثوقية والأمان.

كما أننا نتوقع أن يزداد استخدام الهواتف الذكية في المجالات الطبية والصحية، وأن يتم دمجها بالذكاء الصنعي والتعلم الآلي والواقع المعزز والواقع الافتراضي وغيرها، وقد يتم تطوير تقنيات جديدة تمكن الهواتف الذكية من القيام بالمزيد من الوظائف والمهام بشكل أسرع وأكثر فعالية.

بشكل عام، يبدو أن الهواتف الذكية ستظل جزءا أساسيا من حياتنا في المستقبل المنظور، وستستمر التحسينات التكنولوجية في جعلها أكثر فعالية وأكثر قدرة على تلبية احتياجاتنا، وعلى الرغم من تدهور الاقتصاد العالمي، فإن الهواتف الذكية ستبقى متاحة للجميع.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.