استمع إلى المقال

العالم في عقوده الماضية شهد قفزات كبيرة ونوعية لدخول التكنولوجيا في أغلب مجالات الحياة اليومية للبشرية، على سبيل المثال أصبح من شبه المستحيل أن نرى شخصا لا يقتني هاتفا ذكيا، أو أن نرى معملا أو شركة لا تستخدم التكنولوجيا في تطوير منتجاتها.

التكنولوجيا تُعد في الوقت الحالي، جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وتلعب دورا كبيرا في تسهيل الكثير من العمليات المعقّدة التي كانت تستنزف الكثير من الجهد والمال فيما مضى.

ما يميز التكنولوجيا هي أنها تساعد جميع فئات المجتمع دون تمييز، فمثلا، توفّر الكثير من التقنيات التي تساعد الأطفال في عمليات التعليم وغيرها من المجالات الأخرى، بالإضافة إلى تطوير الكثير من التقنيات المخصصة لحماية وتقديم رعاية صحية مثالية لكبار السّن.

لكن ما دور التكنولوجيا في مساعدة فئات ذوي الاحتياجات الخاصة في مجتمعاتنا، وهل شكّلت فارقا كبيرا في حياتهم اليومية، وما أنواع التكنولوجيا التي تستهدف هذه الفئة، وما هي العقبات التي تواجه مساعيها في مساعدتهم، من خلال التقرير التالي، سنتطرق لذكر كل الأجوبة المتعلقة بجزئية مساعدة التكنولوجيا لذوي الاحتياجات الخاصة.

قد يهمك: “تكنولوجيا الخير”.. أهمية التقنية في مساندة “ذوي الإعاقة البصرية”

أهمية التكنولوجيا لذوي الاحتياجات الخاصة

في شهر كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، تقرير لمؤسّسة “إكسڤار” تطرّق بالحديث عن أهمية التكنولوجيا في مساعدة ذوي الإعاقة البصرية، التقرير حمل عنوان “تكنولوجيا الخير”.. حيث أشار إلى أهمية التقنية في مساندة “ذوي الإعاقة البصرية”، كما ذكر التقرير أيضا أهم التقنيات التي تساعد هذه الفئة تحديدا.

ذوي الاحتياجات الخاصة، ينقسمون إلى عدة فئات، فمنهم من يعاني إعاقة بصرية أو إعاقة في السير أو الحركة أو إعاقة في الإدراك وغيرها من الحالات التي تندرج تحت مسمى “الاحتياجات الخاصة”، لذلك قد تختلف احتياجاتهم الفردية إلى التكنولوجيا، باختلاف نوع الإعاقة لديهم.

أنواع التكنولوجيا المساعدة

المساعدات تختلف أنواعها بحسب نوع الإعاقة، فمن الممكن أن تكون التكنولوجيا المساعدة على شكل أجهزة أو معدات قابلة للارتداء أو برامج، وكل هذا يمكن أن يساعد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة على العيش بشكل أكثر استقلالية، سواء في عملهم أو حياتهم اليومية.

أمثلة التكنولوجيا المساعدة تشمل قارئات الشاشة وتطبيقات لغة برايل ومكبرات الشاشة، ويمكن أن تشمل أيضا معدات مثل الوسائل المساعدة على الحركة والسير والكراسي المتحركة، ومن أكثر الأجهزة شيوعا هي تلك المستخدمة من قِبل ذوي الاحتياجات الخاصة في عالم الإنترنت.

لوحات المفاتيح التكيفية

هي لوحة مفاتيح مصممة للأشخاص الذين يواجهون صعوبة في الوصول، وهناك العديد من أنواع لوحات المفاتيح التكيفية للمساعدة في احتياجات الوصول المختلفة.

  • ضعف الحركة

لوحة مفاتيح “Maltron” تُعد مثالا جيدا، فهي تقدم مساحة كبيرة تجعل استخدامه أسهل للأشخاص الذين يعانون من ضعف في التحكم بحركتهم، كالمصابين بالشلل الدماغي، وتحتوي بعض لوحات المفاتيح على أزرار غير بارزة على عكس لوحات المفاتيح التقليدية، وهذا ما يتيح لأي شخص وضع يده على لوحة المفاتيح أن يعثر على المفتاح الصحيح، دون الضغط على المفاتيح بشكل غير مقصود.

لوحة مفاتيح “Maltron”
  • ضعف البصر

لوحات المفاتيح المخصصة لمستخدمي ضعاف البصر تساعد على التمييز بين المفاتيح، وتأتي لوحات المفاتيح التكيفية أحيانا مع برنامج لإكمال الكلمات على نحو تلقائي. يساعد ذلك في تسريع عملية الكتابة وتقليل عدد ضغطات المفاتيح.

بدائل أجهزة الإدخال التقليدية

في الحالة التقليدية نستخدم الماوس ولوحة المفاتيح لتشغيل الكمبيوتر، ولكن تكمن المشكلة في كيفية مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة في عمليات الإدخال، وخصوصا هناك من يعاني من إعاقات كبيرة، فمنهم غير قادر على تحريك أصابعه أو غير قادر على الحركة بشكل كلي.

لذلك قدّمت التكنولوجيا الكثير من الخيارات التي تسمح للأشخاص باستخدام الكمبيوتر بالطريقة التي تناسبهم بشكل أفضل، فيمكن أن يكون ذلك باستخدام أقدامهم أو فمهم أو أعينهم أو أنفاسهم أو إصبع واحد، والبعض يستخدم إشارات الأعصاب أو العضلات والتّتبع البصري وحتى نشاط الدماغ، من بعض الأمثلة حول بدائل أجهزة الإدخال.

  • مؤشرات الرأس

جهاز مثبّت بالرأس يسمح لمرتديه بالتفاعل مع واجهة الكمبيوتر.

  • أجهزة بمفتاح واحد

مفتاح ينفذ إجراء عند الضغط عليه، ويرسل إشارة إلى الكمبيوتر، يمكنك تخصيص المفتاح لأداء أي إجراء مطلوب، وقد يستخدم بعض الأشخاص مفاتيح متعددة لأداء وظائف مختلفة.

  • مفاتيح القدم

مفاتيح القدم تعمل بطريقة مماثلة للدواسات في السيارات، ويمكن تخصيصها أيضا لإجراء عدّة عمليات بحسب الطلب.

  • مفاتيح الشهيق والزفير

جهاز يسمح للمستخدم بتشغيل الكمبيوتر عن طريق عمليات شهيق وزفير أنفاس صغيرة من الهواء، هذا الجهاز متصل بواجهة كمبيوتر، يمكن من خلاله التركيز على جزء من الشاشة الذي يريد المستخدم التفاعل معه، وحينها يمكن تحديد المنطقة عن طريق الشهيق أو الزفير، بحسب ما تم تخصص الجهاز عليه.

  • تتبع العين

هناك أجهزة مرتبطة ببرنامج تتبع حركة العين، يتيح للمستخدم التنقل عبر صفحات الويب والكتابة على شاشة مخصصة عن طريق حركة العين.

برمجيات المساعدة

بحسب موقع شركة “InclusiveCityMaker” المتخصصة في مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، فإن 84 بالمئة من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة يستخدمون الهواتف الذكية، لهذا السبب تُعد التكنولوجيا المساعدة الموجودة في الهواتف مهمة جدا عبر التطبيقات المساعدة على التنقل باستقلالية.

هناك تطبيقات تستخدم أكواد “QR” لتوجيه المكفوفين وضِعاف البصر، باتباع مسارات التوجيه اللمسية ومسح رموز “QR” باستخدام كاميرا الهاتف الذكي للحصول على إرشادات التنقل، ويتم تجهيز الكثير من المدن حول العالم لتتوافق مع هذه التطبيقات.

كما وهناك تطبيقات تساعد مستخدمي الكراسي المتحركة، عبر نظام الملاحة لتجنب العقبات على طول طريقهم، وتقديم تعليمات خطوة بخطوة من خلال قارئ الشاشة.

تطبيقات تصفح الإنترنت كثيرة، وهي مخصصة لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة في دخول عالم الإنترنت بشكل أسهل، إمّا عن طريق قارئ الشاشة الذي يقوم بقراءة شاشة الهاتف بمجرد ضغطة واحدة، ولدى ضغطها مرتين يتم تنفيذ الأمر المطلوب، وهذا بحسب ما تم تخصيصه من قبل المستخدم، ناهيك عن الأجهزة التي تستخدم لغة برايل للمساعدة.

قد يهمك: كيف يتعامل ذوي الاحتياجات الخاصة مع مواقع التواصل الاجتماعي وما الأدوات التي تسهّل عليهم ذلك؟

معوقات استخدام تكنولوجيا لذوي الاحتياجات الخاصة

هناك بعض المعوقات التي تحول دون استخدام التكنولوجيا بشكلها الأمثل لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، قد تكون من أبرز هذه المعوقات، هي بطء تطوير البرامج المساعدة، ما يجعل هذه التطبيقات غير مواكبة لأحدث التقنيات العالمية، وتحرم مستخدميها من أحدث التطورات والتحديثات.

ارتفاع تكاليف الأجهزة والأدوات التكنولوجية التي تتكيف مع نوع الإعاقة، فهذا النوع من الأجهزة تعتبر أجهزة مخصصة، وقد يكون كثير من المستخدمين غير قادرين على تحمّل النفقات المترتبة على شرائها واستخدامها.

تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة

في نهاية المطاف، يمكن القول إن التكنولوجيا قد لعبت دورا كبيرا في مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة على مختلف المستويات والأصعدة، فهي وفّرت لهم فرصا أكبر للتعلم والتواصل والتنقل والعمل اليومي، كما ساعدتهم في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والتعليم والتوظيف والترفيه بشكل أفضل.

بفضل التكنولوجيا، يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية والبصرية والسمعية الاستفادة من الأدوات والتطبيقات التي تساعدهم على التواصل مع الآخرين والمشاركة في الحياة اليومية بشكل أفضل، بالإضافة إلى المساعدة في تقليل العزلة الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم من الانخراط في المجتمع بشكل أكبر.

في المقابل، يجب إدراك أن التكنولوجيا ليست الحل الوحيد لجميع التحديات التي يواجهها ذوي الاحتياجات الخاصة، فهم بحاجة إلى دعم من المجتمع والحكومة والمؤسسات لتحقيق العدالة والتكافؤ والإمكانيات المتساوية للجميع.

استخدام التكنولوجيا بشكل فعّال يعتمد على الوصول إلى التكنولوجيا المناسبة وتحديد الحاجات الفردية وتوفير التدريب والدعم اللازمين للاستفادة الكاملة منها، لذا يجب علينا جميعا العمل معا لتعزيز استخدامها بشكل مستدام وشامل لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.