استمع إلى المقال

في الآونة الأخيرة، شهد العالم حركة مالية ونقدية كبيرة، وذلك لعدة أسباب منها زيادة قطاعات الاستثمار والتجارة حول العالم، ومع زيادة عمليات الشراء عبر الإنترنت وانتشار التحول الرقمي في أغلب قطاعات العمل، كان لا بد من وجود بديل عملي عن البنوك التقليدية التي تتطلب الكثير من الوقت بسبب وجوب التعامل والتفاعل البشري، وهذا ما استوجب إنشاء بنوك إلكترونية غير تقليدية، لحل هذه المعضلة.

ما هي البنوك الإلكترونية، وما أنواعها وما هي ميزاتها، ما مدى توافرها في منطقة الشرق الأوسط، وما هي المخاطر المحدقة في التعامل مع هذا النوع من البنوك، كل هذه الأسئلة سنحاول الإجابة عنها من خلال التقرير التالي.

ما هي البنوك الإلكترونية؟

البنوك الإلكترونية، هي شكل من أشكال الخدمات المصرفية التي يتم من خلالها تحويل الأموال من خلال تبادل رسائل أو إخطارات إلكترونية عوضا عن تبادل النقد أو الصكوك أو أنواع المستندات الورقية الأخرى، قد تحدث تحويلات الأموال بين المؤسسة ومؤسسة مالية أخرى أو بين متاجر إلكترونية ومؤسسات أو حتى أفراد.

البنك الإلكتروني قد يكون امتدادا لبنك تقليدي يوفر التعامل الإلكتروني لعملائه، أو بنك إلكتروني افتراضي بالكامل، من الممكن التعامل به من تبادل العملات أو الشراء الإلكتروني عبر الإنترنت أو الحصول على مستحقات العمل عن طريقه، ولكن عند رغبة العملاء بسحب الأموال، وليس التعامل بها، لا بد أن يتم ربط الحساب الإلكتروني بحساب بنكي تقليدي.

إذا البنوك الإلكترونية هي خدمة إلكترونية تقدم خدمات دفع آمنة وسريعة وسهلة وفعّالة، ومن الممكن الوصول إلى الحساب المصرفي وتنفيذ الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، على مدار 24 ساعة في اليوم.

قد يهمك: إعلانات الشركات التقنية لعام 2023.. ازدهار أم انتكاسة؟

ميزات الخدمات الإلكترونية

هذه الخدمة، توفّر الكثير من الوقت، وذلك من خلال إجراء المعاملات المصرفية في أي مكان، وفي أي وقت، من المنزل أو المكتب، عبر الهاتف أو الكمبيوتر كل ما نحتاجه هو الوصول إلى الإنترنت.

الخدمات المصرفية الإلكترونية، تقدم ما توفّره البنوك التقليدية وأكثر بكثير من الميزات، على سبيل المثال وليس الحصر، بإمكاننا الحصول على كشف حساب دقيق لأي حساب مصرفي في أي وقت وأي تاريخ، كما بالإمكان تحويل المبالغ على صعيد محلي أو دولي بأي عملة كانت.

كما يمكن أيضا تسديد جميع أنواع فواتير الخدمات العامة من كهرباء أو مياه أو فواتير هاتف وما إلى هناك، وتوفّر أيضا القيام بالمدفوعات الجمركية، والكثير من الإجراءات الأخرى.

البنوك الإلكترونية والشرق الأوسط

الخدمات الإلكترونية، هي حديثة الولادة نوعا ما في منطقة الشرق الأوسط، ولكن على مدى السنوات القليلة الماضية ومع التحول الرقمي لبعض الدول العربية سواء إلى حدّ بعيد أو متواضع، برزت أهمية خدمات المصارف الإلكترونية للتعاملات اليومية بين المؤسسات من القطاع العام أو القطاعات الحكومية بالإضافة للاستخدامات الفردية.

في ظل هذه التحولات والتطورات في منطقة الشرق الأوسط، قامت بعض البنوك الإلكترونية العالمية الشهيرة في إضافة اللغة العربية إلى قوائم اللغات لخدماتها مع توفير شبكة دعم فني متحدث باللغة العربية، في المقابل شهدت المنطقة انطلاق مشاريع بنوك إلكترونية محلية، لتغطية احتياجات الدول العربية لهذه الخدمات.

“باي بال”

قد يكون من أشهر البنوك الإلكترونية تعاملا في العالم، وفي الشرق الأوسط تحديدا، هو بنك “باي بال”، فهو يكتسب ثقة كبيرة من العملاء لتوفير المال، وهو من البنوك التي تقوم بإرسال واستقبال الأموال على الإنترنت بكل سهولة، ومن أهم ميزاته تمتّعه بمستوى عال من الأمان والراحة للعملاء في جميع أنحاء العالم.

خدمة “باي بال” تتيح للعملاء الدفع الإلكتروني مقابل المنتجات التي يرغبون في شرائها سواء إلكترونية أو مادية من خلال أي حساب إلكتروني، بالإضافة إلى ربطه ببطاقات الائتمان، ويمكن سحب أو الدفع مباشرة من بطاقة الائتمان أو الصراف الآلي.

“باي بال” يوفر دعما فنيا باللغة العربية لعملائه، كما يدعم التحويلات وعمليات الشراء في أغلب الدول العربية.

“بايونير”

بنك “بايونير” الإلكتروني، هو بنك سعودي عالمي يتيح خدماته لكافة العملاء العرب في كل دول وبلدان العالم العربي، يقدم لعملائه امتلاك حساب حقيقي مجاني داخل البنك كأي مواطن أميركي، كما يوفر بطاقة ماستركارد مجانية يمكنه ربطها بحساب “الباي بال” أو أي خدمة دفع إلكتروني أخرى للتعامل مع المشتريات الإلكترونية.

“ميم”

البنك الإلكتروني “ميم” يُعد من الخدمات المصرفية الإلكترونية المعروفة في منطقة الخليج العربي، يقدم مجموعة متنوعة من الخدمات المصرفية الإلكترونية لعملائه، ويركز على قطاع التجزئة، وهو من أوائل الخدمات المصرفية الرقمية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية التي يتم إطلاقها في المنطقة.

مخاطر البنوك الإلكترونية

رغم كل التسهيلات التي تقدمها البنوك الإلكترونية حول العالم لعملائها، تبقى هناك بعض المخاوف لديهم؛ بسبب المخاطر المرتبطة بهذه البنوك ومدى أمانها بسبب طبيعتها الافتراضية.

حول تلك المخاطر المتعلقة بالبنوك الإلكترونية، وضّح يونس الكريم، الرئيس التنفيذي لمنصة “اقتصادي”، في حديث خاص لموقع “إكسڤار”، أن هناك نوعا من الخدمات الإلكترونية افتراضية بالكامل، فيما أن هناك أنواع أخرى هي عبارة عن شركات متعاقدة مع بنوك تقليدية، وتحصل على عمولة مقابل تقديم الخدمات، فهي مرتبطة بكمية الخدمات المقدمة للعملاء مثل شركات التأمين أو شركات البيع بالتجزئة.

عوامل الجذب كثيرة في البنوك الإلكترونية، فبإمكان أي عميل الحصول على قرض من خلال بعض النقرات على موقع الخدمة، بخلاف الروتين الأمني الذي تتبعه البنوك التقليدية، وأشار الكريم بأنه بالرغم من كل الوعود التي تقدمها البنوك الإلكترونية حول الحلول الأمنية لخدماتها، فقد أثبتت التجربة أن نسبة الأمان والهامش الكبير في البنوك التقليدية لحل المشاكل المرتبطة بالعملاء أكبر بكثير وعملي وأكثر ديمومة من خدمات المصارف الإلكترونية، بسبب طبيعة العمالة، فالعمالة في البنوك التقليدية أكثر احترافية، وتعمل ضمن تخصصات كثيرة، فيما استعاضة البنوك الإلكترونية عن حملة الشهادات في تعاملاتها مع العملاء بشهادات تدريبية.

إضافة إلى ابتعاد البنوك التقليدية عن التكنولوجيا وما تخلقها من مشاكل واختراقات، فهي تكتفي بالمجمل ببعض برامج المحاسبة مع ارتباط بسيط بشبكات الإنترنت أو حتى شبكات محلية.

البنوك التقليدية، لها تاريخ طويل بالتعاملات المالية، وتعرضت للكثير من المشاكل، وأوجدت حلولا لها، وهذه الحلول أصبحت جزءا لا يتجزأ من روتين العمل اليومي، في حين أن الخدمات الإلكترونية تواجه على نحو متواصل تطور عمليات الاختراق والقرصنة، وهي بحرب شبه مستمرة ضد هذه العمليات، بحسب ما صرّح به الكريم.

حالات إفلاس البنوك منتشرة منذ القِدم، ولكن عمليات إفلاس البنوك التقليدية، تتطلب الكثير من الواقع، ناهيك عن وجود احتياطي ضخم لهذه البنوك تساعد على تلافي أغلب المشاكل المتعلقة بالإفلاس، بالإضافة إلى وجود خبرات كبيرة تحمي البنوك التقليدية من المطبات المالية، ولكن البنوك الإلكترونية لا تملك أصولا مالية تساعد على حماية نفسها، فعملية الإفلاس هي فعليا مرتبطة بشركة، وليس ببنك تقليدي، وفقا لرأي الكريم.

قد يهمك: جائحة تسريح عمال شركات التكنولوجيا حول العالم.. تعثرات أم طوق نجاة؟

مستقبل البنوك الإلكترونية

رغم كل المخاوف والمخاطر المتعلقة بالبنوك الإلكترونية التي تم ذكرها آنفا، ما زالت تلك البنوك تشهد في الوقت الحالي نموا هائلا وزيادة في الاعتماد عليها من قِبل المستهلكين والمؤسسات، ويمكن القول بأنها تتحدى البنوك التقليدية التي تعتمد على الفروع والمكاتب.

يعزى هذا النمو إلى العديد من العوامل، بخلاف ما ذكرناه من التطور التكنولوجي والتسارع في التّحولات الرقمية، فهناك أيضا التغييرات في توجهات المستهلكين الذين يبحثون عن سهولة الوصول والراحة في العمليات المصرفية.

من المتوقع أن تستمر الخدمات الإلكترونية في النمو والتطور في المستقبل، حيث يتوقع الخبراء أن يشهد هذا القطاع نموا بمعدلات أسرع بكثير عما هي عليه الآن، وذلك بفضل التطور التقني والابتكار الذي يتم في هذا المجال.

من المهم أن نلاحظ أن خدمات المصارف الإلكترونية ما زالت تواجه بعض التحديات والمشاكل، مثل قضايا الأمان والخصوصية، والكثير من الجزئيات التي تحتاج المزيد من النضج، ولكن مع تطوير الخدمات المصرفية الإلكترونية وتحسينها، والامتثال للتنظيمات والمعايير المهنية، يمكن للبنوك الإلكترونية أن تستمر في النمو وتوفير خدمات أفضل وأكثر أمانا للعملاء في المستقبل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.