استمع إلى المقال

تصفح المواقع على الإنترنت بدون أن نشاهد الإعلانات، بات من شبه المستحيل، رغم الكثير من البرامج والإضافات التي تحاول منع الإعلانات، في مقابل ذلك تتحايل المواقع على هذه البرامج لإيصال إعلاناتها للمستهلكين بشتى الطرق، كل هذه الصراعات والمشادات توضح دور وفوائد هذه الإعلانات بالنسبة للشركات التي تقوم بإدارة هذه الإعلانات.

فبحسب موقع الإحصائيات “statista“، في عام 2022، شكّلت عائدات إعلانات “يوتيوب” فقط حوالي 11.35 بالمئة من إجمالي إيرادات شركة “جوجل” في ذلك العام، وبلغت عائدات الإعلانات السنوية لمنصة الفيديو 29.24 مليار دولار أميركي.

لكن بالرغم من قوة هذا القطاع، فقد شهدت أسهم شركات التكنولوجيا في المجالات جميعها عاما صعبا في العام الماضي، يأمل المستثمرون أن يكون عام 2023 أفضل.

المصدر: statista

فما هي التوقعات حول قطاع إعلانات شركات التكنولوجيا مثل “جوجل” و “ميتا” لعام 2023 الحالي، وما هي المعطيات والأسباب التي بنت على أساسها هذا التوقعات.

قد يهمك: جائحة تسريح عمال شركات التكنولوجيا حول العالم.. تعثرات أم طوق نجاة؟

“جوجل” إلى أين؟

وفقا لتقرير صدر عن موقع “Bloomberg” قبل بضعة أيام، أن شركة “جوجل” قالت في بيان لها إن مبيعاتها بلغت، باستثناء مدفوعات الشركاء، 63.1 مليار دولار في الربع الرابع من العام المنصرم، وتراجعت الأسهم بأكثر من 3 بالمئة في التداولات الممتدة.

كترجمة لهذا التدهور فقد سرّحت شركة “ألفابت” 12 ألف موظف في كانون الأول/يناير الماضي أي ما يعادل 6 بالمئة من قوتها العاملة العالمية، حيث يُعتبر ذلك من أكبر عمليات التسريح في تاريخ الشركة.

هذه النتائج الضعيفة تأتي في الوقت الذي تتعرض فيه الأعمال الإعلانية الأساسية للشركة لمجموعة من التهديدات، كان أكبرها دعوة وزارة العدل الأمريكية إلى تفكيك أعمال تكنولوجيا الإعلانات التابعة لشركة “جوجل” بسبب الاحتكار غير القانوني للسوق.

إضافة إلى تعرض عرش بحث “جوجل” للخطر بسبب الوافدين الجدد، وبالأخص الذين يعتمدون على الذكاء الصنعي، فقد شهدنا قبل مدّة قلق وخوف “جوجل” من برنامج الدردشة الشهير “ChatGPT” من شركة “OpenAI”.

كما يواجه “يوتيوب” أيضا منافسة متزايدة من منصة “تيك توك” فيما يخص مقاطع الفيديو القصيرة، وفي هذا السياق قال الرئيس التنفيذي سوندار بيتشاي إن مقاطع الفيديو القصيرة على منصة “يوتيوب” لديها الآن 50 مليار مشاهدة يومية، وهناك قلق واضح من قبل الشركة من أن تخسر هذه المنافسة.

“ميتا” ومحاولات عدم الغرق

في بداية الشهر الحالي، أصدرت شركة “ميتا” تقرير أرباح الشركة، الذي أعطى لمحة حول أداء الشركة بشكل عام وبالإضافة إلى الإعلانات عبر الإنترنت.

“ميتا” أشارت بأنها تتوقع إيرادات في الربع الأول تتراوح بين 26 مليار دولار و28.5 مليار دولار، وتوقع المحللون مبيعات بقيمة 27.1 مليار دولار، وتجدر الإشارة إلى أن المبيعات في الربع الأول من عام 2021 بلغت 27.9 مليار دولار.

شركة “ميتا” فقدت ما يقرب من ثلثي قيمتها في عام 2022 حيث انخفضت الإيرادات على أساس سنوي في الأرباع المتتالية، مما دفع الشركة في تشرين الثاني/نوفمبر إلى خفض 13 بالمئة من قوتها العاملة، أي ما يقارب 11 ألفا من موظفيها.

بعد عام 2022، بدأ المستثمرون في العودة إلى قطاع الإعلانات عبر الإنترنت قبل حدوث انتعاش في الأداء المالي المتوقع في وقت ما في عام 2023، على أمل ظهور بعض بوادر الانتعاش هذا الشهر، ولكن هذا لا يمنع وجود مخاوف من حدوث حالات من الركود.

محللو السوق بشكل عام يتوقعون المزيد من الاضطرابات في المستقبل للإعلان عبر الإنترنت، ومع توقعات متواضعة في ارتفاع إنفاقها في عام 2023 بنسبة 3.3 بالمئة فقط، وهذا ما يمثل للشركة أضعف توقعات نمو الإعلانات خلال خمس سنوات.

من أكبر الأسباب التي دفعت الشركة إلى الخسارة والضعف في التوقعات في نمو الإعلانات، هي اعتمادها على بيانات الهاتف لاستهداف الإعلانات، والاضطرابات التي سببتها شركة “أبل” عام 2021، بعد فرض ميزة الشفافية في تتبع التطبيقات (ATT)، والتي قللت من إمكانات الاستهداف عن طريق الحد من وصول المعلنين إلى معرّف مستخدم الهاتف الذكي، قالت “ميتا” حينها إن ميزة “أبل” ستقلل الإيرادات بمقدار 10 مليارات دولار لعام 2022 بأكمله.

من المتوقع أن تبلغ شركة “ميتا”، عن الربع الثالث على التوالي من الانخفاضات، ويُعد أكبر انخفاض لها حتى الآن، بأكثر من 6 المئة، ومن المتوقع أن تنخفض الإيرادات بنسبة 2.8 بالمئة أخرى في الربع الأول، قبل عوائد النمو دون 1 بالمئة في المرحلة الثانية.

منذ نيسان/أبريل 2021، عندما دخل تحديث “أبل” لحماية الشفافية حيز التنفيذ، تعمل “ميتا” على تحسين تكنولوجيا الإعلان الخاصة بها وتستخدم البيانات من مصادر أخرى.

مع ذلك، وحتى مع التحسينات الإضافية التي أدخلتها “ميتا” على نظامها الإعلاني، كان تأثير تغيير خصوصية من “أبل” شديدًا لدرجة أن “فيسبوك” و “إنستجرام” لم يقتربا من تعويض خسارتهم حتى.

بالإضافة إلى محاولات “فيسبوك” البطيئة في اللحاق بالركب، ومنافسة منصة “تيك توك” في دعم مقاطع الفيديو القصيرة على منصتها.

منافسي الأرباح

حسب موقع “Insider intelligence” المتخصص في أبحاث السوق، فقد حقق نشاط إعلانات “أمازون” نجاحات كبيرة، حيث أظهر تجار التجزئة استعدادهم لدفع مبالغ كبيرة للترويج لعلاماتهم التجارية على موقع الشركة وعبر خدماتها المتنوعة، كما استحوذت “أمازون” على 13 بالمئة من سوق الإعلانات الرقمية العام الماضي، وفي الربع الثالث نمت أعمالها الإعلانية بنسبة 25 بالمئة، على الرغم من أن الإيرادات الإجمالية لم تتجاوز التقديرات.

يتوقع المحللون أن تظهر الوحدة الإعلانية في “أمازون” نموا بنسبة 17 بالمئة في الربع الرابع لعام 2022، متقدما على أقرانها بكثير.

طبعا دعونا أيضا لا ننسى القادم الجديد لعالم الإعلانات منصة “نتفليكس”، والتي أضافت الإعلانات كمصدر للإيرادات، وأطلقت الشركة لأول مرة اشتراكا جديدا مزوّدا بالإعلانات في تشرين الثاني/نوفمبر بتكلفة 6.99 دولارا أميركيا في الشهر.

بحسب المحللين من المتوقع أن ترتفع ميزانية “نتفليكس” من 0 بالمئة من الميزانيات في عام 2022 إلى ما يقرب من 4 بالمئة من الإنفاق على إعلانات الفيديو الرقمي بحلول عام 2024.

قد يهمك: هل تتعافى أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى هذا العام من هبوطها التاريخي العام الماضي؟

توقعات تلامس الحقيقة

إن ميزانيات الإعلانات المنخفضة في عام 2022 أثرت بشكل عام على الأسهم كلها في مجال تقنية الإعلان، بما في ذلك الشركات التي تمتلك جماهير كبيرة، مثل “ألفابت” أو “ميتا” أو غيرهم، لا يهم ما إذا كان لدى شركة إعلانات جمهور كبير يصل إلى 2 مليار أو أكثر، أو توجهات البعض للاستثمار والمراهنة على الذكاء الصنعي.

إن خفض ميزانيات الإنفاق الإعلاني على أساس سنوي، تسبب في ردود فعل عكسية على عمليات البيع بنسبة 50 بالمئة إلى 80 بالمئة في صناعة الإعلان، لذا على ما يبدو أن عام 2023 سيبدو أقرب إلى عام 2022 من حيث نمو الأرباح.

موقع “Insider Intelligence” كان واضحا في توقعاته التي نشرت في تشرين الثاني/نوفمبر، حيث قال إن إجمالي الإنفاق على الإعلانات الرقمية في جميع أنحاء العالم لن ينمو بقوة خلال العامين المقبلين كما توقعنا في توقعاتنا للربع الأول، ووصل الإنفاق على الإعلانات الرقمية لعام 2022 في جميع أنحاء العالم إلى 567.49 مليار دولار، بزيادة 8.6 بالمئة عن عام 2021.

في توقعاتنا السابقة، توقعنا نموا بنسبة 15.6 بالمئة إلى 602.25 مليار دولار، وتوقعنا للربع الأول أن يصل الإنفاق على الإعلانات الرقمية في جميع أنحاء العالم إلى 756.47 مليار دولار بحلول عام 2024، لكننا نتوقع الآن أن يصل إلى 695.96 مليار دولار فقط.

هذا يوضح مدى تراجع قطاع الإعلانات وثقة المستثمرين والمعلنين في قوة أداء الإعلانات الرقمية خلال الشهور القادمة، فكل التكهنات والتوقعات تتراوح ما بين التراجع أو الأرباح الخجولة بالنسبة للسنوات الماضية، ومع ارتفاع أسعار الفائدة، والتضخم، وتباطؤ النمو العالمي، من المتوقع أن يتباطأ سوق الإعلانات بشكل عام في عام 2023، مع وجود عدد قليل من الفائزين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.