استمع إلى المقال

في السنوات الماضية انتقل مفهوم الذكاء الصنعي من صفحات الخيال العلمي إلى الواقع، بل أصبح من الضروريات في الكثير من المجالات والقطاعات، منها القطاعات الصناعية بكل تفرعاتها، وقطاع السفر والسياحة وقطاع التعليم، وأخيرا وليس آخرا قطاع الرعاية الصحية.

الذكاء الصنعي ساهم في تطوير القطاع الصحي على نحو ظاهر في كل فروعه واختصاصاته، وذلك من خلال الاستفادة من ملايين التقارير الطبية وسجلات المرضى والتجارب السريرية والمجلات الطبية، وتحليل كل هذه البيانات لإعطاء صيغة نهائية مفيدة للأطباء، ناهيك عن تطوير الكثير من الأدوات المساعدة في العمليات الطبية.

من بين الاختصاصات كلها، برز دور الذكاء الصنعي في تطوير العمليات التجميلية والترميمية بشكل جلي في السنوات القليلة الماضية، من خلال المساعدة في العديد من الجوانب المختلفة من الجراحة التجميلية والترميمية، والتشخيص والتخطيط العلاجي إلى الجراحة نفسها.

قد يهمك: الذكاء الصنعي في خدمة السياحة والسفر

البيانات الضخمة لها فوائد كبيرة في الطب بما في ذلك العمليات التجميلية، يمكن أن توفر خوارزميات الذكاء الصنعي مزيدا من المعلومات للجرّاحين حول كافة جوانب المريض أكثر من أي وقت مضى باستخدام البيانات.

مما لا شك فيه أن المدخلات البشرية من البيانات مهمة، ولكن بمساعدة الذكاء الصنعي والبيانات الضخمة، يمكن أن تكون العملية والنتائج أفضل وأسرع وأرخص. هناك العديد من الفوائد المحتملة لاستخدام الذكاء الصنعي في العمليات التجميلية، منها زيادة الدقة والقدرة على أتمتة المهام الروتينية.

بالرغم من ذلك يجب معالجة بعض المخاوف، مثل جودة البيانات المستخدمة لتدريب أنظمة الذكاء الصنعي، والتحيزات المحتملة في صنع القرار القائم على الذكاء الصنعي، وتأثير الذكاء الصنعي على العلاقة بين الطبيب والمريض.

التعلم الآلي

استخدام التعلم الآلي للذكاء الصنعي يتم أكثر فأكثر في مجال عمليات التجميل لمساعدة الأطباء في إجراء العمليات الجراحية، تتمثل إحدى طرق استخدام التعلم الآلي للذكاء الصنعي في مساعدة الطبيب على عمل نموذج ثلاثي الأبعاد للمريض قبل الجراحة، وهذا يعطي الطبيب فكرة أفضل عن كيفية شكل الجراحة على المريض، ويساعد على التأكد من أن الطبيب لا يرتكب أي أخطاء أثناء الجراحة.

يمكن أيضا استخدام التعلم الآلي للذكاء الصنعي لمساعدة الطبيب على فهم أجزاء الجسم التي يجب تشغيلها وكيفية العمل عليها بشكل أفضل. يُعد التعلم الآلي بالذكاء الصنعي أداة مهمة جدا لجرّاحي التجميل، وسيستمر استخدامه أكثر فأكثر في المستقبل.

العناية بالحروق

من المتوقع أن يصل حجم سوق صناعة التجميل العالمية إلى 571.1 مليار دولار في عام 2023. ويمثل هذا زيادة بنسبة 8 بالمئة على أساس سنوي.

إصابات الحروق، هي إصابات مؤلمة، وهي لا تؤثر فقط على صحة المريض الجسدية، ولكن النفسية أيضا. يُعد التقييم الدقيق لمساحة سطح الحرق والعمق أمرا بالغ الأهمية لنجاح علاج المريض.

فريق أطباء من مستشفى تونغرن في جامعة ووهان الصينية، قام بجمع وتحميل الآلاف من الصورة لحروق تدريب التعليم الآلي للذكاء الصنعي، ثم صنّف فريق البحث هذه الصور باستخدام أداة شرح طوروها مع الأطباء في مستشفى تونغرن، بعد اختبار الذكاء بـ 150 صورة لحالات مختلفة من الحروق، حقق الفريق دقة بلغت 84.51 بالمئة.

قد يهمك: التكنولوجيا في خدمة الرعاية الصحية

الباحثون خلصوا إلى أن الذكاء الصنعي هذا يُظهر تقسيما ممتازا لجروح الحروق، بالإضافة إلى أنه يحتاج فقط إلى صورة مناسبة لجرح الحرق عند تحليل وضع الحروق.

تقليل الوقت الجراحي

واحدة من أهم الفوائد للذكاء الصنعي في الجراحة التجميلية، هي القدرة على تقليل وقت الجراحة، وذلك لأنه يمكن استخدام الذكاء الصنعي لتبسيط عملية التخطيط للجراحة من خلال إنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد تلقائيا لتشريح المريض.

يمكن بعد ذلك استخدام هذا النموذج للتخطيط للجراحة مسبقا، مما يساعد على توفير الوقت في غرفة العمليات. بالإضافة إلى أنه يمكن أيضا استخدام الذكاء الصنعي لتقديم ملاحظات فورية للجرّاح أثناء الجراحة نفسها. وتساعد هذه التعليقات في ضمان إجراء الجراحة بشكل صحيح وفعّال.

دقة محسنة

هناك فائدة أخرى للذكاء الصنعي في الجراحة التجميلية، وهي تحسين الدقة. لأنه من خلال إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد أكثر دقة لتشريح المريض، يمكن بعد ذلك استخدام هذه النماذج للتخطيط للعمليات الجراحية بدقة أكبر، واستخدام الذكاء الصنعي لتقديم ملاحظات في الوقت الفعلي أثناء العمليات الجراحية، والتي تساعد الجرّاحين على تجنّب ارتكاب الأخطاء.

رضا المرضى

الذكاء الصنعي يتمتع بالقدرة على زيادة رضا المرضى من خلال مساعدة الجرّاحين على تخصيص العمليات الجراحية بشكل أفضل لتلبية احتياجات وآمال كل مريض على انفراد، والتأكد من عدم تكرار نفس التصميم الجراحي التجميلي، ويمكن للجرّاحين الحصول على فهم أفضل للميزات والنسب الفريدة لكل مريض، مما قد يؤدي إلى نتائج أفضل ومُرضية أكثر.

حجم سوق صناعة التجميل العالمية

وفقا لأحدث الإحصاءات من شركة “Statista” الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين، بأنه من المتوقع أن يصل حجم سوق صناعة التجميل العالمية إلى 571.1 مليار دولار في عام 2023. ويمثل هذا زيادة بنسبة 8 بالمئة على أساس سنوي، وهو أسرع معدل نمو سنوي منذ 13 عاما على الأقل.

حجم سوق صناعة التجميل نما بمقدار 113.1 مليار دولار منذ عام 2015، عندما كانت تبلغ قيمتها 458 مليار دولار، ولكن هذا لا يعني أن النمو كان ثابتا، فقد انخفض إجمالي إيرادات الصناعة بنسبة 7 بالمئة من عام 2014 إلى عام 2015، وعاد إلى المنطقة الخضراء في السنوات الأربع التي تلت ذلك، قبل أن ينخفض مرة أخرى بنسبة 7.1 بالمئة في عام 2020، إلى 471.9 مليار دولار، ونتيجة لوباء “كوفيد-19” انتعشت الصناعة وزادت بنسبة 6.7 بالمئة في العام التالي.

من المقرر أن يستمر حجم سوق صناعة التجميل العالمية في النمو لغاية عام 2027 على الأقل، ويتوقع الخبراء أن تزيد الإيرادات بنسبة 3.5 بالمئة في عام 2024، لتصل إلى 590.9 مليار دولار، قبل أن ترتفع بنسبة 3.4 بالمئة لتصل إلى 611.2 مليار دولار في عام 2025.

من المتوقع أن ترتفع معدلات نمو الإيرادات في العامين التاليين إلى 3.8 بالمئة و4.5 بالمئة في 2026 و2027 على التوالي. بحلول عام 2027، من المتوقع أيضا أن يصل حجم سوق صناعة التجميل العالمية إلى 663 مليار دولار.

من عام 2015 إلى عام 2027، من المتوقع أن ينمو سوق صناعة التجميل العالمي بمقدار 205 مليار دولار، أو 44.8 بالمئة، وبمعدل نمو سنوي متوسط قدره 2.4 بالمئة.

حجم سوق صناعة منتجات التجميل

المصدر: statistics

بحسب إحصائية نُشرت على موقع شركة “Oberlo” المتخصصة في التحزين والتجارة الإلكترونية، فقد لعبت منتجات العناية الشخصية دورا أساسيا في زيادة نمو إيرادات سوق صناعة التجميل العالمية، ففي عام 2024، من المتوقع أن تصل المبيعات من هذه الفئة إلى 253.3 مليار دولار، أي حوالي 44.4 بالمئة من الإجمالي.

العناية بالبشرة تعتبر ثاني أفضل فئة أداء في صناعة التجميل من حيث الإيرادات. ومن المتوقع أن تكون مسؤولة عن مبيعات بقيمة 155.7 مليار دولار، أو 27.3 بالمئة من إجمالي الصناعة.

مستحضرات التجميل تعتبر أيضا مؤثرا أساسيا في عملية النمو هذه، فقد بلغ حجم سوقها العالمي 103.8 مليار دولار، فمن المتوقع أن يبلغ إجمالي الإيرادات من المنتجات في فئة العطور 58.27 مليار دولار.

الذكاء الصنعي يتمتع بإمكانية إحداث ثورة في مجال الجراحة التجميلية، والجراحة الترميمية، ويمكن استخدامه ضمن مجموعة متنوعة من المهام، بما في ذلك رسم خرائط التشريح واختيار أفضل موقع لشق أماكن العمليات، ويمكن أن توفر البيانات الضخمة والخوارزميات، طبقات من المعلومات الإضافية المساعدة للأطباء.

من المهم أن ندرك أن الذكاء الصنعي في الجراحة التجميلية لا يزال في المراحل الأولى لاستخدامه في هذا المجال وهناك بعض المخاطر المرتبطة باستخدامه. فلا بد من أخذ تدابير السلامة بعين الاعتبار لضمان تقديم أعلى جودة ممكنة من الرعاية الصحية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.