استمع إلى المقال

تعيد الكثير من الشركات والمنظمات حول العالم ترتيب أولوياتها، بناء على تحدّيات المناخ، حيث تعمل الحكومات والجهات الخاصة على تعزيز استثماراتها في المبادرات التي تحدث آثارًا اجتماعية وبيئية إيجابية، حفاظاً على الاستدامة. ووفقًا لشركة التحليل العالمية Gartner، يضع الرؤساء التنفيذيون للشركات الاستدامة البيئية ضمن أعلى 10 أولويات عمل استراتيجية.

تماشياً مع محاولات إحراز تقدم ملموس في معالجة تغيُّر المناخ، وهو ما يتطلب إجراءات عديدة على جميع الصعد، بنت خدمات أمازون ويب (AWS)، وهي مجموعة خدمات للحوسبة البعيدة، تتضمن بنية تحتية مصممة للعمل بكفاءة على نطاق واسع، وتتمتّع بالكفاءة على مستوى كل من الخادم والمنشأة في البنية التحتية السحابية، بحيث تمكن AWS وعملائها من تقليل الطاقة المستخدمة لممارسة الأعمال بشكل كبير.

كشفت Accenture، وهي شركة عالمية للاستشارات الإدارية، أن نقل ضغط العمل إلى AWS يمكن أن يقلل من انبعاثات الكربون بنسبة 88 %، عند النظر في كثافة الكربون في مشتريات الكهرباء والطاقة المتجددة المستهلكة مقارنة بمستويات ما قبل النقل للعمل السحابي. كما أن الانتقال إلى السحابة العامة يمكن أن يحقق انخفاضًا كبيرًا في الكربون بنسبة 5.9 في المائة من إجمالي انبعاثات تكنولوجيا المعلومات، وهو ما يقرب من 60 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون على الصعيد العالمي سنويًا.

يوضّح بول ميسنر، نائب رئيس سياسة الابتكار العالمية والاتصالات في أمازون، على موقع الخدمة الرسمي، أن أداة البصمة الكربونية تستخدَم للعملاء الجدد، لتُظهر لهم تاريخ انبعاثات الكربون نتيجة استخداماتهم، وتقدير الانبعاثات التي تم تجنبها باستخدام AWS، ومراجعة الانبعاثات المتوقعة بناءً على الاستخدام الحالي.

قديهمك: هل يكون الذكاء الصنعي هو طوق النجاة للبيئة؟

يقول ميسنر إن التوقعات تُظهر كيف ستتغير بصمة العملاء مع استمرار أمازون في طريقها لتشغيل عملياتها باستخدام طاقة متجددة بنسبة 100 % بحلول عام 2025، أي قبل خمس سنوات من الهدف النهائي لعام 2030، ودفعها نحو صافي انبعاثات الكربون بحلول عام 2040.

تمتلك أمازون أكثر من 310 مشاريع للطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم، بسعة طاقة نظيفة تزيد عن 15.7 غيغاوات، وبمجرد تشغيلها بالكامل، ستمنع انبعاث أكثر من 17.3 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا. 

في الإمارات العربية المتحدة، أطلقت أمازون مؤخرًا مشروعًا للطاقة الشمسية لتوفير ما يقرب من 2.3 ميغاوات من الطاقة المتجددة لمنشآت أمازون، أي ما يعادل طاقة 200 منزل في دولة الامارات. وتلتزم AWS ببناء أعمال مستدامة لعملائها وعملائها في كل العالم. ففي عام 2019، شاركت الشركة في تأسيس تعهد المناخ، وهو التزام بأن يكون صافي الكربون صفريًا في جميع أعمالها بحلول عام 2040، وفقًا لميسنر.

قطاع التكنولوجيا الأكثر تلويثًا للبيئة

وفقًا لتقرير نشرته شركة “Tandem” الاستشارية، بعنوان “التأثير البيئي لصناعة التكنولوجيا”، فإن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يشكل الآن أكثر من 2% من انبعاثات الاحتباس الحراري العالمية. ويشير التقدير إلى أنها ستشكل 15% من الانبعاثات العالمية بحلول عام 2040، وهو ما يعادل نصف انبعاثات قطاع النقل في العالم بالكامل. أنتج قطاع التكنولوجيا وحده ما يقدر بـ 57.4 مليون طن من النفايات الإلكترونية في عام 2021.

على الرغم من كل ما يقدمه قطاع التكنولوجيا وشركاته الضخمة حول العالم، من تقنيات وأدوات تسهل وتيرة الحياة اليومية على البشرية، إضافة لإسهامه  في تطوير قطاعات الصحة والصناعة والتعليم وغيرها، لكننا لا نستطيع أن نتغاضى عن حقيقة أنه القطاع الأكثر تلويثًا على هذا الكوكب. في المقابل هناك بعض شركات التكنولوجيا المستدامة تعمل على تحسين بصمتها الكربونية والمائية، وتبذل جهودًا ملموسة في الحد من تأثيرات المناخ وحماية البيئة ومنها:

آبل تخفض بصمتها الكربونية

بحسب تقرير نشرته شركة آبل في عام 2021، فقد انخفضت البصمة الكربونية للشركة منذ عام 2015 بنسبة 40%، فيما تسعى آبل لتحقيق هدف الحياد الكربوني لعام 2030. كما خفضت آبل من استهلاكها للطاقة بمقدار 13.9 مليون كيلوواط / ساعة، كما أنها تجنب مورديها استخدام الطاقة بقيمة تزيد عن 900 ألف طن متري سنويًا من انبعاثات الكربون في سلسلة التوريد.

في عام 2020، قدّمت المصادر المتجددة التي أنشأتها آبل 90% من الكهرباء المتجددة التي تستخدمها منشآتها، كما أن حوالي 1.5 غيغاوات هي قيد الاستخدام حاليًا. بالإضافة إلى أن آبل تعمل على توسيع نطاق استخدام البلاستيك المعاد تدويره عبر منتجاتها. جهاز HomePod mini على سبيل المثال مصنوع من البلاستيك المعاد تدويره بنسبة 90%.

آبل وذريعة الحفاظ على البيئة

بعض إجراءات آبل للحفاظ على البيئة كانت تواجَه بانتقادات، خاصة تلك الإجراءات التي ربحت نتيجتها الشركة أموالاً طائلة، كعدم تضمين الشاحن والسماعة السلكية “EarPods” داخل صندوق هواتف أيفون 12، حينها قالت الشركة أن الإجراء جاء لشحن المزيد من الهواتف في وقت واحد، لكنها وفق صحيفة ديلي ميل، وفرت بهذا الإجراء ما مجموعه 6.5 مليار دولار تقريبًا.

أرقام مقلقة

صدر في شهر يونيو/ حزيران من هذا العام، تقرير من قبل الاتحاد الدولي للاتصالات والتحالف العالمي المعياري بعنوان “جعل الشركات الرقمية صديقة للبيئة: رصد الانبعاثات، الالتزامات المناخية”، يوثق انبعاثات واستخدام طاقة تسببت بها 150 من شركات التكنولوجيا الرائدة في العالم.

وفق التقرير، استهلكت 150 شركة رقمية 1.6 % من إنتاج الكهرباء العالمي في عام 2020، وبلغت انبعاثات الغازات الدفيئة التشغيلية للشركات 239 مليون طن في عام 2020، أي ما يعادل 0.76 % من الإجمالي العالمي. وتُقدر البصمة الكربونية الإجمالية للشركات الرقمية بأنها أعلى من ذلك بكثير، ولكن لا يمكن تحديدها بدقة حيث لا تقوم الشركات جميعها بحساب انبعاثاتها الأولية والنهائية. 

جاء في التقرير أيضًا، أن 20 شركة فقط تمثل ثلاثة أرباع الانبعاثات التشغيلية من هذه الشركات، بينما تمثل 9 شركات مقرها شرق آسيا نصف انبعاثات الشركات الـ 150 التي تمت مراجعتها في التقرير. مقارنةً بالآخرين، ويظهر من التقرير أن استخدام الشركات التي تتخذ من شرق آسيا مقراً للطاقة المتجددة قليل نسبيًا. فلقد تأخرت هذه الشركات في تبني استراتيجيات صديقة للمناخ، ولن تصل إلى حد كبير من الحياد الكربوني إلا بعد عام 2050، أو بعد حوالي عقدين من الزمن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.