استمع إلى المقال

منذ عام تقريبا، وتحديدا في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، تمت صفقة الاستحواذ على إحدى أهم منصات التواصل الاجتماعي، والتي كانت تعرف في وقتها تحت اسم “تويتر”، وبعدها بدأ إيلون ماسك المالك الجديد للمنصة في تغيير الكثير من الجوانب داخلها، لتعرف الآن تحت اسم “X” مع اختفاء كل ما يربط الشركة بالعلامة التجارية السابقة. 

صفقة الاستحواذ لم تكن سهلة على الإطلاق، ومرت بالكثير من الأزمات والمنعطفات المختلفة، بداية من محاولة ماسك لإيجاد أسباب تبطل الصفقة، وحتى معارضة الكثير من الخبراء والمحللين حول العالم إلى جانب قضايا في المحكمة، ولكن في النهاية تمت الصفقة كما أراد ماسك، وكلفه شراء المنصة 44 مليار دولار. 

ذلك كان منذ عام تقريبا، ولكن هل كانت الصفقة مفيدة بالنسبة للطرفين، أم كانت مخاطرة غير محسوبة من أحد أغنى رجال العالم، وكيف هو حال المنصة تحت القيادة الجديدة.

أقل من نصف القيمة 

التقييم المبدئي لمنصة “تويتر” آنذاك كان 44 مليار دولار، وهو الثمن الذي دفعه إيلون ماسك للاستحواذ على المنصة، وبعد الكثير من التغييرات التي تمت على المنصة، كان يجب أن ترتفع قيمتها التقديرية أو حتى تحافظ على القيمة ذاتها، ولكن ما حدث مع “X” حاليا أمر مختلف تماما. 

وفق آخر تقدير لقيمة شركة “X القابضة”، وهو الاسم الجديد الذي أطلقه إيلون ماسك على الشركة المالكة لمنصة “تويتر” سابقا، فإن قيمة الشركة الكلية تصل إلى 14.75 مليار دولار، وهو أقل من نصف ما دفعه إيلون ماسك للاستحواذ على المنصة، أي أن الأخير خسر ما يقارب من 55 بالمئة من إجمالي القيمة السوقية للمنصة. 

هذا التقييم جاء من شركة “Fidelity” التي كانت تمتلك أسهما في المنصة بحوالي 20 مليون دولار، والآن أصبحت قيمة أسهمها 6.6 مليون دولار، وهو تقييم يتفق مع تصريح قدمه إيلون ماسك سابقا، بأن قيمة الشركة الحالية تصل إلى 20 مليار دولار، وبناء على ذلك يقدم مكافآت على شكل حصص من أسهم الشركة. 

الخسائر المبدئية في قيمة الشركة لا تعني بالضرورة أن إيلون ماسك أخفق في إدارة المنصة أو أن المنصة قاربت على الانتهاء، ولكنها مؤشر إلى أن أوضاع المنصة ليست جيدة، وتحتاج إلى إعادة تفكير في الخدمات التي تقدمها من أجل جذب المزيد من الأموال والاستثمارات. 

هجرة جماعية للمعلنين 

الانخفاض المفاجئ في قيمة الشركة يشير إلى أن نموذج الأعمال الذي تتبعه ليس مناسبا ولا يدر الأرباح الكافية على المستثمرين مهما كان عددهم، وهذا ما يتفق مع الأحداث الأخيرة في ساحة الإعلانات الرقمية المتعلقة بمنصة “X”.

المنصة شهدت هجرة جماعية للمعلنين ومغادرة الكثير من الشركات الضخمة التي كانت تنفق الكثير من الأموال داخلها، وعلى رأسهم “كوكاكولا” و”جييب” و “يونيليفر” إلى جانب عدة شركات عاملة في قطاع السيارات مثل “مرسيدس” و”جي إم سي”. 

في المجمل، خسرت المنصة 625 شركة إعلانية من أكبر 1000 شركة تعلن داخلها، وهذا بالطبع تسبب في انخفاض الإنفاق على الإعلانات من 62.5 مليون دولار في تشرين الأول/أكتوبر 2022 إلى 15 مليون دولار في الفترة ذاتها. 

هذا الانخفاض لم يمر مرور الكرام، ولاحظه الكثير من الخبراء حول العالم بما فيهم إدارة إيلون ماسك للشركة، ولذلك قرر الأخير التخلي عن منصب المدير التنفيذي للمنصة، وتعيين ليندا ياكارينو لشغل هذا المنصب.

اختيار ياكارينو لشغل هذا المنصب لم يكن أمرا عشوائيا على الإطلاق، بل كان اختيار تم بعناية من أجل استقدام شخصية ذات خبرة واسعة في عالم الإعلانات والشراكات الإعلانية مع الشركات العملاقة، إذ كانت مسؤولة سابقا عن الإعلانات العالمية في شركة الإنتاج التلفزيوني “NBC Universal”. 

حتى الآن، لم تظهر نتائج اختيار ياكارينو لشغل المنصب، ولم نر أي تحسن في الدخل الإعلاني للمنصة، ولكن الوضع الحالي يشير إلى أنه لا يوجد تغيير حقيقي في سياسة الإعلانات ومازالت هناك معارضة من الشركات والمستخدمين على حد سواء من أجل العودة إلى “X”. 

محاولة لزيادة الإنفاق داخل المنصة 

بعد مضي عدة شهور على اتمام الاستحواذ، كان من الواضح أن “تويتر” لن ترتقي لآمال إيلون ماسك التجارية، لذلك قرر تحويل الكثير من خدمات المنصة إلى خدمات مدفوعة تحتاج إلى الاشتراك الشهري بها من أجل الاستفادة. 

في البداية، جاءت علامة التوثيق الزرقاء، وتحولت إلى خدمة مدفوعة مرفقة مع اشتراك “X” المدفوع، وهو أمر أثار حنق الكثير من المستخدمين حول العالم ومن ضمنهم عدة من مشاهير وقادة العالم، وبعد ذلك استمرت المزايا المدفوعة بالقدوم مثل تعديل التغريدات والتغريدات الطويلة وغيرها. 

التحول إلى المزايا المدفوعة ليس حكرا على الخدمات الشخصية فقط، إذ بدأ إيلون ماسك بقصر الوصول إلى قواعد البيانات التابعة للمنصة على الشركات التي تدفع اشتراك شهري، بالطبع، جزء من هذه الخطوة كان للحد من استخدام بيانات المنصة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، ولكنه أيضا كان لجذب الأموال من الشركات التي تصمم على استخدام بياناتها. 

أيضا، أصبح الوصول إلى الواجهة البرمجية للمنصة مدفوعا، لذلك على الشركات التي ترغب في تطوير تطبيقات بديلة لتطبيق “X” الرسمي أن تدفع اشتراك شهري للوصول إلى الواجهة البرمجية، وبالتالي تحولت خدمة مثل “Tweetdeck” إلى خدمة مدفوعة. 

أخيرا، أعلن ماسك عن نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بشركته “X” تحت اسم “Grok”، وبالطبع يحصل المشتركون في خدمات “Premium” على مزايا إضافية فيه وإمكانية الوصول المبكر إليه. 

هل تنجح هذه المحاولات؟ 

من الواضح أن إيلون ماسك يحاول بشتى الطرق جعل الصفقة تنجح وتحويل “X” إلى منصة مربحة، وهذه المشكلة مستمرة منذ أن كانت تعرف باسم “تويتر” وقبل استحواذ ماسك عليها. 

جهود ماسك الأخيرة قد تنجح في جذب المستخدمين والحفاظ عليهم، ولكن دون محاولة إعادة الشراكات الإعلانية التي كانت تمتلكها المنصة، فإن جميع هذه الجهود لن تكون ذات طائل، وسوف لن تنجح في التحول إلى الحالة الربحية. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات