استمع إلى المقال

من الناحية الواقعية، فإن شركتي التكنولوجيا “جوجل” و”إنفيديا” كانتا في طليعة مجالات تطوير التقنيات الحديثة والذكاء الصنعي لفترة طويلة، وقد تنافستا في العديد من المجالات والمشاريع على مدى السنوات الماضية، لكن السؤال هو هل بمقدور “جوجل” منافسة “إنفيديا” والنجاح بمجال شرائح الذكاء الصنعي.

بصفتها إحدى الشركات الرائدة في مجال تطوير تقنيات الذكاء الصنعي، فإن “جوجل” تسعى جاهدة لتحقيق تطلعاتها وأهدافها في هذا المجال، ولكن هناك بعض التساؤلات حول مدى نجاحها في مجال شرائح الذكاء الصنعي.

هذا المجال يعد تنافسيا ومتطلبا للكثير من الابتكار والإبداع، ولكن “جوجل” تمتلك الخبرات اللازمة والموارد الضخمة التي تساعدها في تحقيق النجاح في هذا المجال، ومن الواضح أنها على الطريق الصحيح لتحقيق ذلك.

يوم أمس الثلاثاء أصدرت الشركة ورقة بحثية تتضمن معلومات جديدة حول الحواسيب العملاقة التي تستخدمها لتدريب نماذج الذكاء الصنعي عبر عملية تغذية البيانات من خلال النماذج لجعلها مفيدة في مهام مثل الرد على الاستفسارات بنصوص تشبه الإنسان أو توليد الصور.

الورقة البحثية بعنوان “TPU v4، حاسب عملاق قابل لإعادة التهيئة بصريا لتعلّم الآلة مع دعم العتاد للتضمين” تتحدث عن الجيل الرابع من شريحتها المخصصة المسماة وحدة معالجة تينسور “TPU” الموجودة ضمن الحواسيب العملاقة المستخدمة لتدريب الذكاء الصنعي.

الجيل الرابع من وحدة معالجة تينسور يعد أيضا خامس معمارية مملوكة للشركة وثالث حاسوب عملاق لها لنماذج تعلّم الآلة هذه، ومن الواضح أن هذه الوحدة تمثل جزء أساسي من نجاح “جوجل” في هذا المجال.

بحسب “جوجل”، فإن حواسيبها العملاقة أسرع وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة من الحواسيب العملاقة لشركة “إنفيديا”، عدوتها اللدود في هذا المجال.

قد يهمك: الذكاء الصنعي.. هل حان وقت الشعور بالخوف؟

وحدة معالجة تينسور 

“TPU” هي عبارة عن دائرة متكاملة لتسريع الذكاء الصنعي عبر تعلم الآلة باستخدام “TensorFlow”.

الاستخدام الداخلي لهذه الوحدة بدأ داخل الشركة في عام 2015، وفي عام 2018 جعلتها “جوجل” متاحة للاستخدام بواسطة أطراف خارجية، سواء كجزء من بنيتها التحتية السحابية أو من خلال تقديم إصدار أصغر من الشريحة للبيع.

خلال المؤتمر السنوي للمطورين “Google I/O” في عام 2016، أعلنت “جوجل” رسميا عن وحدة معالجة تينسور، عندما قالت إنها استخدمت الوحدة داخل مراكزها للبيانات لأكثر من عام.

هذه الشريحة استخدمت في نظام “AlphaGo”، وكذلك في نظام “AlphaZero”، الذي أنتج برامج لعب من قواعد اللعبة وحدها واستمر في التفوق على البرامج الرائدة في تلك الألعاب.

إلى جانب ذلك، استخدمت “جوجل” الشريحة أيضا لمعالجة نصوص منصة “جوجل ستريت فيو” وتمكنت من العثور على كل النص في قاعدة بيانات التجول الافتراضي في أقل من خمسة أيام. 

في منصة “صور جوجل”، يمكن للشريحة الفردية معالجة أكثر من 100 مليون صورة يوميًا.

الجهات الخارجية تحصل على إمكانية الوصول إلى شرائح وحدة معالجة تينسور من خلال خدمة “TPU” السحابية كجزء من منصة “جوجل” السحابية.

وفي عام 2021، استخدمت “جوجل” الذكاء الصنعي لتصميم وحدات “TPU”، وقالت إن عملية التصميم قد اكتملت في ست ساعات باستخدام الذكاء الصنعي مقارنة بالأشهر التي يقضيها البشر في تصميم الرقاقات.

في البداية كان من المفترض أن تعمل الشريحة على تشغيل هاتف بيكسل الذكي، لكن الشركة قطعت شوط طويل في تطويرها، بحيث يجري استخدامها الآن لدعم أبحاثها للذكاء الصنعي.

قد يهمك: هل سرقَت “جوجل” بيانات روبوت “ChatGPT”؟

“جوجل” قادرة على المنافسة

بينما تأتي قوة المعالجة لمعظم الشركات التي تتعمق في مجال الذكاء الصنعي من رقاقات “إنفيديا”، فإن “جوجل” تستخدم وحدة معالجة تينسور.

الإعلان الجديد يمثل دليل على قدرة “جوجل” على المنافسة والتفوق في هذا المجال، حيث سلّطت الورقة البحثية الضوء بشكل مفصل على كيفية دمج أكثر من 4000 شريحة معا في حاسوب عملاق.

للوصول إلى تلك النقطة، فإن “جوجل” طورت محولات ضوئية خاصة للمساعدة في توصيل الأجهزة الفردية.

القدرة على تحسين إمكانية توصيل الأجهزة الفردية تحولت إلى نقطة أساسية في المنافسة بين شركات الحواسيب العملاقة العاملة بالذكاء الصنعي، لأن نماذج اللغات الكبيرة العاملة قد توسع حجمها جدًا، ولا يمكن تخزينها ضمن شريحة واحدة.

بدلاً من ذلك، يجب تقسيم نماذج الذكاء الصنعي عبر آلاف الرقاقات، التي يجب أن تعمل معًا لأسابيع أو أكثر لتدريب النماذج المعنية.

ظهور النماذج اللغوية الكبيرة في الذكاء الصنعي أثار منافسة شديدة بين شركات الحواسيب العملاقة.

على سبيل المثال، احتاجت “جوجل” 50 يوما لتدريب أكبر نموذج لغوي كشفت عنه الشركة علنًا حتى الآن المسمى نموذج لغة المسارات “PaLM” – وهو نموذج اللغة الأساسي وراء روبوت الدردشة “Bard” – من خلال تقسيمه عبر حاسوبين عملاقين مكونين من 4000 شريحة.

هذه الحواسيب العملاقة سهّلت على الشركة إعادة تهيئة التوصيل بين الرقاقات بسرعة، مما ساعد في تجنب المشاكل وسمح بإمكانية التعديل لتحقيق مكاسب في الأداء عبر تغيير طرق الاتصال بين الحواسيب العملاقة لتسريع أداء نموذج تعلم الآلة.

بينما أصدرت “جوجل” الآن التفاصيل حول حاسوبها العملاق، ولكنه كان متصل بالإنترنت داخل الشركة منذ عام 2020 في مركز بيانات في مقاطعة مايز بولاية أوكلاهوما. 

لإثبات قوة الحاسب العملاق، فإن “Midjourney” (مختبر أبحاث مستقل) استخدمه لتدريب نموذجه، الذي ينتج صورا جديدة بعد تلقيه بضع كلمات من النص.

قد يهمك: هل تتوجه الشركات الصينية لمنافسة “ChatGPT”؟

حواسيب “جوجل” ذات كفاءة أعلى مقارنة بحواسيب “إنفيديا”

“جوجل” لديها العديد من الحواسيب العملاقة المستخدمة لتدريب مجموعة واسعة من خوارزميات الذكاء الصنعي ونماذج اللغات الكبيرة.

نماذج اللغات الكبيرة تجمع بلايين البيانات لتتمكن من فهم المدخلات في نص عادي أو صور أو حتى صوت، وتقديم ردود شبيهة بالإنسان.

الجيل الجديد من الحواسيب العملاقة يستخدم منذ عام 2020، وهو أقوى بمقدار 3.1 مرة من سابقاته. ليس ذلك فحسب، بل إن الحاسب العملاق “TPU v4” الكلي أسرع بـ 10 مرات من الحاسب العملاق “TPU v3”.

المقاييس الرئيسية الأخرى التي تمت مشاركتها في الورقة البحثية تشير إلى استهلاك أقل للطاقة بمقدار 3 أضعاف وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون أقل بمقدار 20 مرة مقارنة بالحاسوب العملاق المنافس لتدريب الذكاء الصنعي. ومع ذلك، لم تحدد “جوجل” المنافس التي أشارت إليه في مقاييسها للطاقة.

بالمقارنة مع الحواسيب العملاقة ذات الحجم المتماثل، فإن حواسيب “جوجل” المزوّدة بالشريحة أسرع بما يصل إلى 1.7 مرة وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة بمقدار 1.9 مرة من حاسب عملاق يعتمد على شريحة “A100” من شركة “إنفيديا” الموجودة في السوق في نفس وقت الجيل الرابع من وحدة معالجة تينسور.

لكن “جوجل” لم تقارن الجيل الرابع من وحدة معالجة تينسور مع شريحة “H100” الرائدة الحالية من “إنفيديا”، وذلك لأن شريحة “H100” وصلت إلى السوق بعد وصول شريحة “جوجل”، كما أنها مصنعة بتقنية أحدث.

بحسب التلميحات، فإن “جوجل” تطور وحدة معالجة تينسور جديدة من شأنها أن تنافس “H100″، ولكن دون تقديم أي تفاصيل.

من المعروف أن “إنفيديا” تتصدر سوق الشرائح الذكية وتحظى بشعبية كبيرة في مجال تطوير التقنيات الحديثة. 

لكن عبر إعلان “جوجل” عن هذا الحاسوب العملاق الأسرع العامل بالذكاء الصنعي، فإنها تعزز موقعها في هذا المجال وتشير إلى أنها قادرة على منافسة “إنفيديا” وتحقيق إنجازات كبيرة في المستقبل بسبب خبرتها الواسعة في مجال الذكاء الصنعي وتطوير التقنيات الحديثة، إلى جانب امتلاكها لموارد ضخمة ومنصة تقنية قوية، مما يساعدها في تحقيق الإنجازات والابتكارات في هذا المجال.

في النهاية، فإن منافسة “جوجل” لـ “إنفيديا” تبقى مستمرة ومتطلبة للابتكار والتطوير المستمر، ويدعمها امتلاك “جوجل” للموارد والخبرات اللازمة للمنافسة بقوة وتحقيق النجاح، ويمكن التوقع بأنها ستبقى واحدة من اللاعبين الرئيسيين في هذا المجال في المستقبل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.