استمع إلى المقال

ما فعله روبوت “ChatGPT”، من طفرة في الذكاء الصنعي، دفع بالعديد من الشركات للتفكير بإطلاق برامج على غراره، بل ومحاولة منافسته والتفوق عليه، ليصل الدور إلى الشركات التكنولوجية الصينية، فهل يمكنها ذلك، وهل من عوائق.

أول شركة صينية أعلنت أنها ستطلق أداة ذكاء صنعي على غرار “ChatGPT”، هي شركة “بايدو” الصينية وذلك في نهاية كانون الثاني/يناير المنصرم، وذلك ضمن مرحلة تجريبية، بحسب الشركة.

وكالة “فرانس برس” نقلت عن ناطقة باسم “بايدو”، أن الشركة “يُفترض أن تُنهي الاختبارات الداخلية” لبرنامجها في آذار/مارس المقبل، قائلة إن الأداة المُسماة “ارني بوت” ستُتاح بعد ذلك “على نطاق واسع” في موعد لم يجر تحديده بعد.

ذلك الإعلان جاء بعد أن أعلنت شركة “جوجل” إطلاق أداتها الخاصة “Bard”، لمنافسة “ChatGPT”، ليؤدي إعلان “بايدو” حينها عن برفع سعر سهم الشركة الصينية بأكثر من 15 بالمئة.

كمعلومة عامة، لابد من القول، إن شركة “بايدو” سبق أن دخلت عالم الذكاء الصنعي في مجال السيارات المستقلة، وفي الحوسبة السحابية كذلك.

قد يهمك: حوار حصري لـ”إكسڤار” مع صاحب أشهر صورة مولّدة بالذكاء الصنعي في العالم

“علي بابا” تنضم للسباق

في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم، أطلقت شركة “أوبن إيه آي” الناشئة الأميركية “ChatGPT”، وهو روبوت محادثة يجيب على الأسئلة التي تُطرح عليه بصورة دقيقة نوعا ما. ويستطيع كتابة روايات أو قصائد في ثوان لا أكثر.

روبوت “ChatGPT” أحدث ضجة في الإنترنت منذ إطلاقه، وتمكن من حشد مليون مستخدم في ظرف أيام، وأثار جدلا حول دور الذكاء الصنعي في المدارس والمكاتب والمنازل، وفي الحياة بشكل عام.

بقدر ما تبهر روبوتات المحادثة مستخدميها، بقدر ما تثير القلق؛ لأنها رغم تجنيبها البشر مهاما شاقة، إلا أنها تشكل تهديدا لوظائف عدة قد تدفع هذه التقنيات الجديدة نحو إعادة النظر بجدوى الاستعانة بموظفين للقيام بها.

هل “بايدو” هي الشركة الصينية الوحيدة التي تروم التوجه لمنافسة “ChatGPT”. بالطبع لا، فشركة “علي بابا” ذائعة الصيت هي الأخرى تسلك ذات الطريق، بعد أن أعلنت منذ أيام، أنها تشتغل على تصميم أداة محادثة خاصة بها قائمة على الذكاء الصنعي.

أداة المحادثة التي صممتها المجموعة هي حاليا قيد الاختبار من قبل موظفيها، لكن “علي بابا” لم تحدد بعد تاريخ إطلاقها أو المنصة التي ستكون متاحة عليها، على حد قول وكالة الصحافة الفرنسية “أ ف ب”.

قد يهمك: الذكاء الصنعي يكتب لـ “إكسڤار” عن رؤيته لمستقبل علاقته مع البشر 

ما هي العوائق؟ 

صحيفة “توينتي فيرست سنتشري هيرالد” الاقتصادية، قالت إن “علي بابا” تطور أداة قادرة على إجراء حوارات تشبه “ChatGPT”، وأنها متاحة حاليا لموظفي المجموعة لاختبارها، لتعلن الشركة بعد ذلك عملها على تطوير الأداة.

“علي بابا” رفضت التعليق عند سؤالها عن تقرير الصحيفة الذي ذكر أيضا، أن الشركة ربما تدمج التقنية مع تطبيق التواصل الخاص بالمجموعة “دينج توك”، في وقت قالت الشركة إنها ظلت تركز لأعوام على النماذج اللغوية الكبيرة والذكاء الصنعي التوليدي. 

مسعى الشركتان الصينيتان وقبلهما “جوجل” يدلل على أن الذكاء الصنعي الذي يوصف بأنه التقنية المستقبلية التي ستحدث ثورة لناحية استقلالية الآلات وتفاعلها مع البشر، يثير اهتماما متزايدا لدى الفاعلين في قطاع التكنولوجيا.

الشركات التكنولوجية الصينية تخطط بشكل جدي لاقتحام مجال الذكاء الصنعي، لكنها قد تواجه عوائق للمنافسة بقوة بهذا المجال؛ لأن الأمر يتعلق بالرقابة غلى المحتوى في الصين، فالكل يعرف صرامة “الحزب الشيوعي” الحاكم بمراقبة المجال الرقمي. 

حسب تقرير لشبكة “سي أن بي سي“، فإن التطبيقات الصينية لن تكون متاحة للجميع مثل “ChatGPT”؛ لأن هذه الخطوة قد تقلق بكين بسبب الرقابة الشديدة على محتوى الإنترنت. ولذا تحدثت الشركات عن أن التكنولوجيا ستكون محصورة ومحددة.

قد يهمك: هل يعيد الذكاء الصنعي أمجاد “مايكروسوفت” ويمنحها التفوق على “جوجل” مجددا؟ 

ما هو التوازن؟

الخبير في مجال السياسات التكنولوجية أولبرايت ستونبريدج قال لشبكة “سي أن بي سي”، إنه جراء التنظيمات المحلية الصينية التي تركز على منصات التكنولوجيا والذكاء الصنعي، خصوصا إبان العام الماضي من قبل بعض الهيئات الحكومية الصينية، فإن منصات التكنولوجيا الكبيرة في البلاد تفضل عدم لفت الانتباه عبر طرح أداة الذكاء الصنعي فتصبح تحت الرقابة أكثر.

صحيح أن “ChatGPT” لم يحظر رسميا في الصين، ولكن شركة “أوبن إيه آي” لا تسمح للمستخدمين في الدولة باستخدام المنصة، غير أن هذا لا يمنع من أن السلطات الصينية تمتلك سيطرة شديدة على محتوى الإنترنت، وهي تحجب المواقع أو تفرض رقابة على المحتوى الذي لا يتوافق مع سياستها. 

تقرير شبكة “سي أن بي سي” قال، إن استجابة “ChatGPT” عن أسئلة حول مواضيع حساسة في الصين تشكل مصدرا للقلق لسلطات بكين، وأن التطبيق يطرح بعض التحديات لبكين.

مع ذلك، يظل تطوير الذكاء الصنعي أولوية رئيسية بالنسبة للصين حيث تواصل منافستها التكنولوجية مع الولايات المتحدة، لكن في الوقت نفسه، حاول المنظمون الحفاظ على الرقابة على طريقة استخدام التكنولوجيا، وهذا هو التوازن الحالي الذي تحاول بكين تحقيقه، وفق تقرير الشبكة الأميركية.

بالمحصلة، الشركات التكنولوجية الصينية متوجهة نحو برامج الدردشة على غرار “ChatGPT”، هذا أمر أكيد ولا شك فيه مطلقا، لكن تفوقها على الأخير لا يمكن التكهن به لحين طرح تلك البرامج للعامة، وهذا يتطلب موافقة بكين، التي قد تقبل بذلك لكن بشروطها التي تؤطر بها المحتوى الرقمي في البلاد. 

قد يهمك: ما وراء معارضة صفقة “مايكروسوفت” و”أكتيفيجن”؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.