العلامات التجارية تبتعد عن “تويتر”.. الاتجاه نحو “ميتا”؟

العلامات التجارية تبتعد عن “تويتر”.. الاتجاه نحو “ميتا”؟
استمع إلى المقال

منذ استحواذ إيلون ماسك على “تويتر”، تعرضت المنصة لخسارة كبيرة فيما يتعلق بالمُعلنين، وهو ما دفع زوكربيرج لتطوير تطبيق جديد منافس للشبكة الاجتماعية المصغرة، لكن هل تستطيع “ميتا” اقتناص العلامات التجارية لصالحها.

التطبيق الجديد من “ميتا” ينافس “تويتر” ويحاول الاستفادة من إدارة ماسك الفوضوية للمنصة، حيث تأتي خطة زوكربيرج في الوقت الذي يشعر فيه بعض المستخدمين بخيبة أمل من “تويتر”، التي خضعت لمجموعة من التغييرات الهيكلية وشهدت هروب المعلنين.

في العام الماضي، غادر المعلنون بعد إلغاء ماسك للحظر المفروض سابقا من قبل الشبكة الاجتماعية على عدد من الحسابات، حيث أصرّ ماسك على أن التغييرات أجريت لدعم حرية التعبير، لكن النشطاء حذروا من أن الشركة أعادت عشرات الحسابات التي سبق حظرها لنشرها خطاب الكراهية.

رد “ميتا” على “تويتر”

في تجمع لموظفي “ميتا” في وقت سابق من هذا الشهر، كشف كريس كوكس، كبير مسؤولي المنتجات في الشركة، عما أسماه الرد على “تويتر”، حيث عرض ما يسمى داخليا باسم “Project 92″، أو في بعض النسخ “Barcelona”، وهو نموذج أولي لتطبيق تأمل الشركة أن يقضي أخيرا على منافسه.

كوكس قال للموظفين، “أخذنا بالحسبان التعليقات التي حصلنا عليها من صناع المحتوى والشخصيات العامة المهتمين بالحصول على منصة تُدار بشكل سليم، ويعتقدون أنهم يستطيعون الوثوق بها والاعتماد عليها”.

من المتوقع أن يُطلق على التطبيق اسم “Threads”، وتشير لقطات الشاشة إلى أنه يحتوي على ميزة التمرير المستمر للنص مثل “تويتر” مع أزرار مشابهة لوظائف الإعجاب وإعادة التغريد.

شركة زوكربيرج تسعى لجذب المشاهير والمؤثرين والنجوم البارزين لاختبار التطبيق.

على أمل أن يساعد المستخدمين الأوائل البارزين في إغراء الجماهير بالانضمام، تجري “ميتا” محادثات مع مشاهير “تويتر”، بما في ذلك مقدمة البرامج التلفزيونية، أوبرا وينفري، والزعيم الديني التبتي، الدالاي لاما، لفتح حسابات عبر التطبيق الجديد.

الشركة تهدف إلى إطلاق التطبيق في أقرب وقت ممكن، وقد يحصل ذلك بنهاية هذا الشهر أو بداية الشهر المقبل. 

FILE PHOTO: A 3D printed Facebook’s new rebrand logo Meta is seen in front of displayed Twitter logo in this illustration taken on November 2, 2021. REUTERS/Dado Ruvic/Illustration

في الوقت الحالي، يحتوي “Threads” على 500 محرف كحد أقصى في منشوراته، ويبدو تصميمه مشابها بشكل ملحوظ لتصميم “تويتر”، مع الحفاظ على الروح الأصلية لـ “تويتر”، حتى مع تخلي المنصة المنافسة عن التغريدات القصيرة لصالح المقالات الطويلة.

المعلومات تشير إلى تمتّع المستخدمين بإمكانية نقل معلومات الحساب من “إنستغرام”، بما في ذلك القدرة على الاحتفاظ بالمعرّف وتنبيه المتابعين للانضمام، مما يسهل الانتقال على الأشخاص الذين كوّنوا قاعدة متابعين كبيرة عبر المنصات الأخرى.

زوكربيرج يريد اقتناص الفرصة

بينما تتراجع منصة “تويتر” بعد استحواذ إيلون ماسك عليها في العام الماضي، الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا” يريد الاستفادة من الفرصة المتاحة.

منذ أن استحوذ ماسك عليها مقابل 44 مليار دولار في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، كانت المنصة تخسر أموال الإعلانات، إلى جانب خسارتها لعدد من الموظفين الهامين.

إلغاء ماسك لعمليات الحظر المفروضة على الحسابات المحظورة بسبب الكلام الذي يحض على الكراهية تسبب بإزعاج المعلنين والمستخدمين على حد سواء.

العديد من المستخدمين شعروا بالإهانة بعد سحب ماسك لعلامة التحقق الزرقاء من الحسابات وطالب بدفع المال مقابل إعادتها.

إلى جانب ذلك، تخشى الشركات الآن من أن تظهر إعلاناتها جنبا إلى جنب مع المعلومات المضللة أو خطاب الكراهية.

وفقا للتوقعات الداخلية، انخفض الإنفاق الإعلاني عبر “تويتر” بنسبة 59 بالمئة سنويا، حيث أخفقت الشركة بانتظام في تحقيق توقعات مبيعاتها الأسبوعية في الولايات المتحدة، وأحيانا بنسبة تصل إلى 30 بالمئة.

من غير المرجح أن يتحسن هذا الأداء في أي وقت قريب، بعكس تصريحات ماسك، الذي أوضح مؤخرا أن نشاط إعلانات “تويتر” في حالة صعود، وأن جميع المعلنين تقريبا عادوا، وأن شركة التواصل الاجتماعي قد تصبح مربحة قريبا.

في الوقت نفسه، يكافح ماسك لتحويل مستخدمي المنصة إلى مشتركين يدفعون من خلال برنامج “Twitter Blue” الذي يكلف 8 دولارات شهريا عبر نسخة الويب، أو 11 دولار شهريا داخل التطبيق عبر “أندرويد” أو “iOS”.

هذه الأمور مجتمعة ساهمت في خسارة منصة “تويتر” للأموال وجعلها عرضة للهجمات من المنافسين.

زوكربيرج، الذي يتابع عن كثب ما يحدث ويتحيّن الفرصة للتغلب على منافس “فيسبوك” منذ فترة طويلة، يأتي في مقدمة هؤلاء المنافسين، حيث أن العمل على تطبيق “ميتا” الجديد بدأ في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، أي بعد أسابيع فقط من استيلاء ماسك على “تويتر”.

محللو التكنولوجيا يشيرون إلى أن خطوة زوكربيرج ذكية، حيث يحاول الاستفادة من اضطرابات “تويتر”.

من الواضح أن مؤسس “فيسبوك” معجب بالمنصة المنافسة منذ فترة طويلة، حيث حاول في عام 2008 شراء التطبيق الناشئ مقابل 500 مليون دولار عندما كان عمره عامين فقط.

منافسة “تويتر” ليست سهلة

حتى الآن، فشل المنافسون الأصغر في إحداث الكثير من الضرر. تطبيقات مثل “بلو سكاي”، المدعوم من رئيس “تويتر” السابق، جاك دورسي، و”ماستودون” تمتعت بزيادة طفيفة في أعداد المستخدمين منذ استحواذ ماسك، لكنها فشلت في تحويل هذه الزيادة إلى زخم حقيقي.

مع ذلك، تطبيق “Threads” من “ميتا” يمثل تهديدا حقيقيا لمكانة منصة “تويتر” باعتبارها المساحة العامة المفتوحة المناسبة لمختلف التجمعات السياسية والتقنية والفنية والاجتماعية.

من المرجح أن يكون المعلنون أكثر استعدادا لدفع أموال الإعلانات من خلال زوكربيرج أكثر من المنافسين الأصغر.

بالرغم من المخاوف التاريخية المتعلقة بالسلامة عبر “فيسبوك”، خاصة للمستخدمين الأصغر سنا، المعلنون قد يكونون أكثر انفتاحا على عرض جديد من “ميتا”.

في حين أن مخاوف سلامة العلامة التجارية ومدى ملاءمتها هي بشكل عام مصدر قلق عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي، لا يوجد شيء يبعد معظم المعلنين عن “ميتا” بالطريقة نفسها التي يؤدي بها وجود إيلون ماسك ضمن “تويتر” إلى حدوث ذلك.

بالرغم من أن “تويتر” تحظى بشعبية بين السياسيين والصحفيين والمشاهير والنقّاد، إلا أن منصتي زوكربيرج، “فيسبوك” و”إنستغرام”، تتمتعان دائما بوصول أكبر بكثير.

في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أوضح ماسك أن استخدام “تويتر” بلغ أعلى مستوياته مع نحو 250 مليون مستخدم منذ توليه زمام الأمور.

مع ذلك، فإن هذا الرقم يتضاءل مقارنة بأكثر من 2 مليار شخص يستخدمون منصة “إنستغرام” وحدها، حيث يحتاج زوكربيرج إلى إقناع جزء صغير فقط من قاعدة مستخدميه لإنشاء حساب يشكل تهديدا على “تويتر”.

حتى مع الشعور السلبي بشأن “فيسبوك”، حافظت “إنستغرام” على تأثير إيجابي حول “ميتا”، وساعدت علامتها التجارية في إقناع المعلنين بالبقاء، بالرغم من العناوين السلبية حول شقيقها الأكبر.

نتيجة لذلك، تطبيق “ميتا” المنافس قد يساعد بجذب المشاهير والعلامات التجارية القلقة التي سئمت من تصرفات ماسك الغريبة.

التوتر مع المعلنين

بعد استحواذ إيلون ماسك على “تويتر” في العام الماضي وتخفيضاته الهائلة في فرق الإشراف على محتوى الموقع، سحبت العلامات التجارية، بما في ذلك “جنرال موتورز” و”أودي” و”جنرال ميلز”، الإعلانات من المنصة، مشيرة إلى مخاوف بشأن سلامة العلامة التجارية تحت حكم المالك الملياردير الجديد.

خطاب الكراهية تصاعد عبر المنصة، وأوضح ماسك أن تخلي العلامات التجارية عن حملاتها الإعلانية بأعداد كبيرة أدت إلى انخفاض هائل في الإيرادات للموقع.

لكن المعلنين تنفسوا الصعداء عندما عُينت ليندا ياكارينو، التي حققت أكثر من 100 مليار دولار من مبيعات الإعلانات لشركة “إن بي سي يونيفرسال” خلال فترة عملها التي استمرت 11 عاما في الشركة، بصفتها الرئيسة التنفيذية التالية لـ “تويتر”، حيث أن وجودها يهدئ العلاقة المثيرة للجدل بين العلامات التجارية الكبرى ومنصة التواصل الاجتماعي.

في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وصفت أكبر وكالة إعلانية في العالم، “GroupM”، الإعلانات عبر “تويتر” بأنها عالية المخاطر للعلامات التجارية، مستشهدة بمخاوف بشأن حسابات “Twitter Blue” التي تنتحل صفة مستخدمين بارزين وتخفيضات ماسك الهائلة في عدد الموظفين، لكن الوكالة أزالت هذا الوصف في الشهر الماضي بعد إعلان انضمام ياكارينو إلى الشركة.

مع ذلك، المنصة لم تصبح بعد مكانا آمنًا للعلامات التجارية بعد عرضت إعلانات من علامات تجارية مألوفة مثل “ديزني” و”مايكروسوفت” و”أدوبي” جنبا إلى جنب مع دعاية النازيين الجدد.

قبل ملكية ماسك، حاولت المنصة تقييد هذا النوع من المحتوى، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة من النجاح، لكن الشبكة الاجتماعية تقدم الآن علامة التحقق الزرقاء لقادة النازيين الجدد المعروفين، مثل ريتشارد سبنسر، باسم حرية التعبير.

“تويتر” غيرت تعريفها لخطاب الكراهية عدة مرات، وتباينت طريقة تطبيقها لتلك القواعد، كما أضرت التسريحات بفرق الثقة والسلامة ضمن “تويتر”، بالإضافة إلى فريقها الإعلاني، الأمر الذي ترك سلامة العلامة التجارية عبر الشبكة الاجتماعية في حالة ضعيفة.

زوكربيرج قد يفوز

تاريخ شركة زوكربيرج ينقسم إلى 3 مراحل، التأسيس (2004-2011)، الاستحواذ (2012-2015)، والاستنساخ (2016 إلى الوقت الحاضر). 

سنوات الاستحواذ شهدت شراء الشركات، مثل تطبيق مشاركة الصور “إنستغرام” مقابل 1 مليار دولار في عام 2012، وشركة “VR Oculus” مقابل 2 مليار دولار في عام 2014، وتطبيق التراسل “واتساب” مقابل 19.3 مليار دولار في عام 2014.

في حين بدأت سنوات الاستنساخ بعد أن حاولت “فيسبوك” وفشلت في شراء “سناب شات” في عام 2013 مقابل 3 مليارات دولار. 

بدلا من ذلك، نسخت الشركة العديد من عناصر تصميم “سناب شات” وميزة القصص ودمجتها في “إنستغرام” خلال عام 2016، مع إضافتها لاحقا إلى “واتساب” و”فيسبوك”.

بصرف النظر عن “فيسبوك”، ليس لدى “ميتا” سجل حافل في إطلاق تطبيقات جديدة للجمهور الأصغر سنا، حيث فشلت معظم تطبيقاتها بسرعة كبيرة.

في السنوات الأخيرة، أوقفت الشركة تطبيق المراسلة “Direct”، وتطبيق “Groups” المنبثق عن “فيسبوك”، وتطبيق المجتمعات المحلية “Neighbourhoods”.

لكن الحقيقة الواضحة أن الشركة نمت من خلال عمليات الاستحواذ، بما في ذلك على “واتساب” و”إنستغرام”، حيث أنها بارعة في استنساخ الميزات الناجحة بالمقارنة مع إطلاق ميزات جديدة بنفسها.

المثال الأوضح على ذلك هو ميزة “القصص”، التي استنسختها من “سناب شات”، مما أدى إلى تراجع شعبية التطبيق المنافس.

بالإضافة إلى ذلك، أعادت الشركة تصميم منصة “إنستغرام” لتبدو أشبه بمنافستها السريعة النمو “تيك توك”، بالرغم من تراجعها عن بعض التغييرات بعد رد فعل عنيف من المستخدمين.

كوسيلة للتحوط ضد احتمال إخفاق “Threads”، كان زوكربيرج يستكشف ميزات لمساعدة “واتساب” في جذب الهاربين من “تويتر”، حيث أطلقت ميزة “القنوات”، وهي وسيلة لبث رسائل لمجموعات كبيرة من المتابعين، بما في ذلك النصوص والصور والصوت والفيديو.

مع وجود 2 مليار مستخدم، قد تثبت ميزة “القنوات” أنها وسيلة أكثر فاعلية للوصول إلى الأشخاص مباشرة، بدلاً من الأمل في اكتشاف تغريدة.

استنساخ “ميتا” لـ “تويتر” مبني على “ActivityPub”، وهو بروتوكول شبكات اجتماعية لامركزية يمكن من خلاله جعل الشبكات الاجتماعية قابلة للتشغيل البيني، حيث يربط كل شيء برسم بياني اجتماعي ونظام مشاركة محتوى واحد.

إذا اتبعت “ميتا” هذه الفكرة على نطاق واسع، قد يمثل ذلك تحولا ضخما لأكبر شركة تواصل اجتماعي في العالم. 

في الختام، سواء كان ذلك عبر “واتساب” أو “Threads”، فمن غير المرجح أن تكون معركة زوكربيرج مع ماسك مباشرة، حيث يواجه المتنافسون معركة مكلفة للحصول على حصة في السوق مع استمرار الضغط على نمو الإعلانات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات