استمع إلى المقال

من المعروف أن “ميتا” أجرت استثمارات وتطويرات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي يلعب دورا مهما في العديد من منتجاتها ومبادراتها، لكن هل تستطيع الشركة مواكبة المنافسين الجدد، وهل لديها خطة جاهزة لاستعادة مكانتها البارزة في هذا المجال.

في وقت مبكر، لجأت شركة “ميتا” إلى الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، حيث طورت نماذج وأنظمة وخوارزميات تدعم ميزات، مثل ترجمة اللغة، وتحليل المشاعر، والتوصية بالمحتوى، وروبوتات الدردشة، والتعرف على الوجه، واكتشاف الأشياء، وتصنيف الصور، عبر منصاتها.

هذا الأمر سمح للشركة بتحليل كميات هائلة من المحتوى الذي ينشئه المستخدم، وفهم تفضيلاته، وتقديم تجارب مخصصة، تعزز نشاطها التجاري.

“ميتا” ترسم ملامح المستقبل

مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، يريد أن يعرف الموظفون أن عملاقة التواصل الاجتماعي مشاركة في سباق الذكاء الاصطناعي، حيث كانت الشركة الأم لمنصة “فيسبوك” في طليعة أبحاث الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكنها كانت بطيئة إلى حد ما في وضع هذه التقنيات في منتجاتها.

في وقت سابق من هذا الشهر وخلال اجتماع مع الموظفين، أعلن زوكربيرج عن خطة تشهد استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي للنصوص والصور والفيديوهات في منتجاتها الرئيسية، مثل “فيسبوك” و”إنستغرام”، وحدد خطته لإعادة الشركة إلى المسار الصحيح بعد شهور من الصراع المالي.

الاجتماع الشامل، الذي عُقد في مقر الشركة في مينلو بارك وتم بثّه إلى مكاتبها العالمية، شهد حضور كبير مسؤولي التكنولوجيا أندرو بوسورث، وكبير مسؤولي المنتجات كريس كوكس، والمؤسس والرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج .

خلال الاجتماع، تحدث زوكربيرج في البداية عن عمليات التسريح الأخيرة للموظفين، لكنه ركّز في الغالب على مشاريع الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وللمرة الأولى وضع رؤية لكيفية دمج عمل “ميتا”  في الذكاء الاصطناعي مع خططها للواقع الافتراضي الذي تسميه “الميتافيرس”.

بعد الفترة الأكثر اضطرابا في تاريخ الشركة البالغ 19 عاما، قال الرئيس التنفيذي، “اتخذنا هذه القرارات الصعبة بشأن تسريح الموظفين بهدف بناء شركة تكنولوجيا أفضل تشحن منتجات أفضل بشكل أسرع”، وهو أمر يعتقد زوكربيرج أن “ميتا” ابتعدت عنه حيث تضخمت إلى أكثر من 80 ألف موظف في ذروة الوباء.

مسعى لاستخدام الذكاء الاصطناعي بمنصات "ميتا".. ما الخطة؟

خلال العرض التقديمي، قام كوكس بتفصيل خطط الشركة لإجراء تحسينات على “Reels”، منتج الفيديو القصير ضمن “إنستغرام”، من أجل مواجهة “تيك توك” بشكل أفضل، أحد أكثر منافسي “ميتا”.

كما تحدث المسؤولون التنفيذيون أيضا عن “Project 92″، وهو تطبيق اجتماعي قيد التطوير يعمل على غرار “تويتر”، حيث قال التنفيذيون، “التطبيق يعمل مع تطبيقات أخرى مثل ماستودون وبلوسكاي”.

خطط الذكاء الاصطناعي

إلى جانب ذلك، أعلن زوكربيرج عن مجموعة من تقنيات الذكاء الاصطناعي التي لا تزال في مراحل مختلفة من التطوير، بعضها للاستخدام الداخلي والبعض الآخر مُصمم مباشرة للمستهلكين.

زوكربيرج أوضح خطط الشركة لتطوير مساعدي الذكاء الاصطناعي الذين يساعدون الأشخاص عبر جميع تطبيقات الشركة، بما في ذلك “واتساب” و”ماسنجر” و”إنستغرام”، في إنشاء المحتوى للتعبير عن النفس والأفكار بشكل أفضل بكثير، أو إنشاء نسخة ذكاء اصطناعي من المدرب الذي يقدم النصائح ويشجع على مواصلة التمارين.

على سبيل المثال، تسمح واحدة من هذه التقنيات لمُستخدمي “إنستغرام” بتعديل الصور ومشاركتها في ميزة القصص، بينما تجلب تقنية أخرى روبوتات دردشة الذكاء الاصطناعي بشخصيات وقدرات مختلفة للمساعدة أو الترفيه، في حين تسمح تقنية ثالثة بإنشاء ملصقات رموز تعبيرية لخدمات المراسلة.

في البداية، يجري التركيز على استخدام تلك التقنيات ضمن “واتساب” و”ماسنجر”. كما تمنح الشركة الموظفين إمكانية الوصول إلى العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي الداخلية للمساعدة في تطوير النماذج الأولية.

إلى جانب ذلك، تستضيف الشركة في شهر تموز/يوليو القادم هاكاثونا داخليا من أجل عرض مشاريع الذكاء الاصطناعي التوليدي المطورة من قبل موظفي الشركة.

كما أعاد زوكربيرج خلال الاجتماع التأكيد على التزامه بنشر الأبحاث ومشاركة تقنيات الذكاء الاصطناعي مع مجتمع المصادر المفتوحة.

بالإضافة إلى الأدوات التي تواجه المستهلك، أعلن المسؤولون التنفيذيون في الاجتماع أيضا عن مساعد إنتاجي للموظفين يسمى “Metamate” يمكنه الرد على الاستفسارات وأداء المهام بناء على المعلومات المستقاة من أنظمة الشركة الداخلية.

مسعى لاستخدام الذكاء الاصطناعي بمنصات "ميتا".. ما الخطة؟

بالرغم من التركيز الجديد على الذكاء الاصطناعي، ذكر زوكربيرج أن الشركة لن تتخلى عن خططها للـ “الميتافيرس”، مرددا التصريحات السابقة التي أدلى بها بأن التكنولوجيا يمكن استخدامها لتوسيع العالم الافتراضي، حيث لدى الشركة خطط لدمج نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي في “الميتافيرس”.

زوكربيرج تحدث على وجه الخصوص عن كيفية مساعدة الذكاء الاصطناعي إنشاء المرئيات الثلاثية الأبعاد للـ “الميتافيرس”، حيث يروّج لهذا الأمر باعتباره توسعا لجهوده بشأن الـ “الميتافيرس” بدلا من استبدال تركيز “ميتا” هناك.

إعادة التنظيم

في شهر شباط/فبراير الماضي، أعادت “ميتا” تنظيم جهودها في مجال الذكاء الاصطناعي بهدف إدخال المزيد من التكنولوجيا في المنتجات، حيث تسارع الشركات الكبيرة والصغيرة إلى توفير الذكاء الاصطناعي التوليدي لعملائها.

نتيجة لذلك، وحّدت الشركة عملها في مجال الذكاء الاصطناعي عبر الشركة في فريق منتج جديد مكلف بمهمة دمج أحدث التقنيات بسرعة أكبر في منتجاتها.

هذا الفريق يقدم تقاريره إلى كريس كوكس، وهو بقيادة نائب رئيس الشركة للذكاء الاصطناعي أحمد الدحل، الذي قضى 16 عاما في “أبل” قبل الانضمام إلى “ميتا” في شهر نيسان/أبريل 2020 الماضي.

في تدوينة، قال زوكربيرج، “إننا ننشئ مجموعة منتجات جديدة عالية المستوى تركز على الذكاء الاصطناعي التوليدي لتعزيز عملنا في هذا المجال. على المدى القصير، نركز على بناء أدوات إبداعية ومعبرة، بينما نركز على المدى الطويل على تطوير شخصيات الذكاء الاصطناعي التي تساعد الناس بعدة طرق”.

التغييرات التنظيمية الجديدة تهدف إلى ضمان ظهور نماذج اللغة والصورة التي ابتكرها باحثو “ميتا” بشكل أسرع عبر منتجات، مثل “فيسبوك” و”إنستغرام”، وكذلك في عمل الشركة على “الميتافيرس”.

كما تستمر “ميتا” في جعل الباحثين يعملون على المدى الطويل عبر أشكال مختلفة من الذكاء الاصطناعي خارج فريق المنتج هذا، بما في ذلك أولئك الذين يجرون أبحاثا أكاديمية، حيث تستمر الشركة في نشرها ومشاركتها خارجيا.

“ميتا” تجاري المنافسين

بينما تروّج “ميتا” لاستثماراتها في الذكاء الاصطناعي منذ فترة طويلة، لم تكن الشركة في قلب الأحداث المتعلقة بأحدث تطبيقات المستهلك، التي جاءت من “OpenAI” المدعومة من “مايكروسوفت”، و”جوجل”، و”مايكروسوفت” نفسها.

في الوقت الذي كانت فيه “ميتا” حذرة بشأن إضافة أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي لمنتجاتها، سارع المنافسون إلى تبني تلك الأدوات.

على سبيل المثال، أضافت “مايكروسوفت” المساعد الشخصي المعتمد على الذكاء الاصطناعي المسمى “Copilot” لجميع منتجاتها الرئيسية، بما في ذلك حزمتها الإنتاجية “أوفيس” ونظامها التشغيلي “ويندوز” ومحركها للبحث “بينغ”.

في حين أطلقت منصة “سناب شات”، المنافس المباشر لشركة “ميتا”، روبوت دردشة الذكاء الاصطناعي لتطبيق “سناب”، بينما أطلقت العديد من الشركات، من “أدوبي” إلى “سيلزفورس” مجموعة من الميزات التي تدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في أعمالها الأساسية.

مسعى لاستخدام الذكاء الاصطناعي بمنصات "ميتا".. ما الخطة؟

خلال الاجتماع، قال زوكربيرج، “شهدنا في العام الماضي بعض الاختراقات الكبيرة والنوعية في الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهذا يمنحنا الفرصة الآن للاستفادة من هذه التكنولوجيا، ودفعها إلى الأمام، ودمجها في كل منتج من منتجاتنا، حيث نلعب دورا مهما وفريدا في توفير هذه القدرات لمليارات الأشخاص بطرق جديدة لن يفعلها الآخرون”.

“ميتا” لم تطرح بعد أي من منتجات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تواجه المستهلك، بالرغم من أنها أعلنت في الشهر الماضي أنها تعمل مع مجموعة صغيرة من المعلنين لاختبار الأدوات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء خلفيات صور وأشكال مختلفة من النسخ المكتوبة للحملات الإعلانية.

بشكل عام، تستثمر الشركة بشكل كبير في البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي لتحسين قدراتها وأداء أنظمتها، وتتعاون مع المؤسسات الأكاديمية، وتدعم المشاريع المفتوحة المصدر لدفع الابتكار في هذا المجال.

علاوة على ذلك، فإن استحواذها مؤخرا على العديد من الشركات التي تركز على الذكاء الاصطناعي يسلط الضوء على التزامها بتطوير تلك التقنيات، حيث ساعدت عمليات الاستحواذ هذه “ميتا” في اكتساب الخبرة والوصول إلى أبحاث وتطبيقات الذكاء الاصطناعي المتطورة.

في النهاية، تدرك “ميتا” أهمية الذكاء الاصطناعي في تعزيز تجارب المستخدم، وتمكين الأنظمة الذكية، ودفع الابتكار عبر منصاتها، لذا، تواصل الشركة الاستثمار في أبحاث الذكاء الاصطناعي، والتطوير، والاستحواذ لتعزيز قدراتها في هذا المجال والبقاء في طليعة التطورات التكنولوجية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات