صناديق “Loot boxes” في الألعاب.. عندما يصبح القمار مشروعاً

صناديق “Loot boxes” في الألعاب.. عندما يصبح القمار مشروعاً
استمع إلى المقال

الجدل الذي تثيره صناديق “Loot Boxes” منذ ظهورها للمرة الأولى لا ينتهي وذلك بسبب طبيعة عملها المختلفة والتي تشبه كثيرا ألعاب القمار، ورغم وجود تشريعات في عدة دول حول العالم، إلا أن بعض الشركات مازالت مصممة على استخدام هذا الأسلوب في ألعابها، وهو استخدام يؤذي تجربة اللعبة كثيرا وقد يقتلها. 

صناديق “Loot Boxes” هي آلية في عالم الألعاب تتيح لك الحصول على قطع وموارد في مقابل أموال حقيقية تدفع داخل عالم اللعبة، وعلى عكس عمليات الشراء المعتادة في عالم الألعاب، فإن محتويات هذه الصناديق ليست معروفة ولا يمكنك معرفتها إلا بعد شرائها، وبالتالي لا يمكنك تحديد القيمة الحقيقية لصندوق الحظ قبل أن تفتحه وهو الأمر الذي يزعج الكثير من المستخدمين والجهات القانونية، ولكن هل تستحق صناديق الحظ كل هذا الجدل.

قد يهمك أيضا: هل تستمر سيطرة “نينتندو” على عالم الألعاب المحمولة؟

الظهور الأول 

المشكلة التي تنبع من استخدام آلية صناديق الحظ في الألعاب هي مدى تأثير هذه الصناديق في سير اللعبة وعالمها، والطريقة التي يتم بها الترويج لهذه الصناديق لأنها في أوقات كثيرة تؤثر على المستخدمين خاصة صغار السن وتدفعهم لإنفاق أموال طائلة داخل عالم اللعبة بدون فائدة حقيقية. 

استخدام هذه الآلية يُعد شائع للغاية في عالم الألعاب الجماعية والألعاب التنافسية المختلفة، ورغم الانتشار الذي حققته آلية صناديق الحظ في هذه الألعاب، إلا أنها ليست الظهور الأول لها، إذ يمكن تتبع أصل هذه الآلية إلى الألعاب الصينية، وتحديدا لعبة “ZT Online” التي كانت مجانية وصدرت في عام 2006. 

لعبة “ZT Online” التي صدرت في 2007

لعبة “ZT Online” تنتمي إلى عالم ألعاب “MMO” الجماعية، وهي الألعاب الجماعية الضخمة التي تضم مئات الآلاف من اللاعبين معا في وقت يتنافسون في عالم واحد واسع، وكانت هذه اللعبة تضم مجموعة من صناديق الكنوز التي يمكن فتحها لإيجاد أغراض ثمينة داخل عالم اللعبة، وظلت هذه الآلية تتطور حتى وصلت إلى شكلها الذي نعرفه اليوم، عام 2010 وتحديدا في لعبة “Team Fortress” من تطوير استوديو “Valve”. 

صناديق لعبة “Team Fortress 2” لم تكن مبتكرة للغاية وكانت تضم بعض الأشياء التي يمكن إيجادها بسهولة في عالم اللعبة، ولكن هناك احتمالية 1 بالمئة أن تحصل على قطع نادرة تميزك عن غيرك في عالم اللعبة، ولأن هذه الآلية لم تكن معهودة في وقتها وكان ثمن الصندوق زهيدا، فإن الشركة المطورة للعبة حققت ملايين الدولارات من مبيعات الصناديق فقط دون ذكر مبيعات اللعبة، ومنذ ذلك الوقت بدأت صناديق الحظ بالانتشار في جميع الألعاب. 

الأزمة الحقيقية 

غالبية الألعاب الجماعية التي تصدر هذه الأيام تأتي مع آلية صناديق الحظ كجزء أساسي ضمنها، لذلك أصبح من المعتاد رؤيتها في ألعاب مثل “Call Of Duty” أو “Fifa” أو “Overwatch”، وكلها ألعاب تمكنت من تحقيق أرباح ضخمة من هذه الآليات فقط. 

منتديات “Reddit” وصفحات “Twitter” مليئة بالآباء الذين يشتكون من إنفاق أطفالهم على صناديق الحظ الافتراضية هذه، وقد أنفق أحد المراهقين أكثر من 6 آلاف يورو على بطاقات لعبة “Fifa”، وآخر يبلغ من العمر 6 سنوات أنفق 16 ألف دولار داخل لعبة “Sonic Forces” في هاتف “آيفون”، وهناك الكثير والكثير من الحالات التي يمكن أن نذكرها لأطفال أنفقوا أموال آبائهم على هذه الصناديق. 

في دراسة أجراها “تحالف صحة القمار” البريطاني ونشرتها صحيفة “DailyMail” عام 2020، وجِد أن 15 بالمئة من الأطفال يسرقون بطاقات آبائهم من أجل شراء صناديق الحظ وإنفاق الأموال في اللعبة، كما أن 9 بالمئة منهم استعار أموالا لا يستطيع سدادها بسبب هذه الصناديق. 

سلوك الأطفال في شراء هذه الصناديق أثار حفيظة الكثير من الباحثين، ومن ضمنهم باحثينَ في مركز “UBC” لأبحاث المقامرة، إذ نشروا بحثا جديدا يربط بشكل مباشر بين صناديق “Loot Boxes” في الألعاب وبين ألعاب المقامرة، كما وجد البحث أن اللاعبينَ الذين ينفقون أموالهم على صناديق الحظ هذه أكثر عرضة للمشاركة في ألعاب القمار وإدمانها. 

رغم حجم الأزمة الكبير في عالم ألعاب الحواسيب ومنصات الألعاب، إلا أنها تظل أقل تفشيا من عالم ألعاب الهواتف المحمولة التي أصبح من السهل على أي مطور الدخول إليه ونشر لعبته التي تضم سياسات مالية مفترسة، ويظهر تفشي هذه الظاهرة تحديدا في الألعاب الصينية التي تتبع أسلوب “Gacha”، وهي تجبرك على شراء صناديق الحظ قبل أن تتمكن من إكمال اللعبة أو الإنتهاء منها بشكل أسرع. 

مثل هذه الألعاب لا تضع قيودا للسّن مثل بقية ألعاب الحاسوب وتتيح اللعبة للتحميل المجاني من المتجر حتى تجذب أكبر قدر ممكن من المستخدمين، وهو ما يتيح لعدد أكبر من الأطفال الوصول إليها دون رقابة من أولياء أمورهم. 

قتل المتعة 

بعض الألعاب تطبق سياسة صناديق الحظ بشكل يجعل الاستمرار في اللعبة بدونها مستحيلا، وبالتالي تقضي على متعة تجربة اللعبة والاستمتاع بها، رغم أن المستخدم قد أنفق أمواله للحصول على اللعبة كاملة والاستمتاع بها كما يرغب. 

قد يهمك أيضا: ألعاب العالم المفتوح.. ما مدى الحاجة إليها؟

لعبة “Star wars Battlefront 2” كانت مثالا حيّا على ذلك، إذ قدمت اللعبة أسلوب لعب جديد وممتع للغاية، ولكن بسبب سياسات صناديق الحظ السيئة، خسرت اللعبة جمهورها بشكل سريع للغاية ولم تتمكن من الاستمرار رغم الإقبال الشديد عليها في بداية صدورها. 

الألعاب الجماعية هي الأكثر إصابة بهذه الآفة، ولكن هذا لا يعني أنها ليست موجودة في ألعاب القصة الفردية مثل لعبة “Middle-earth: Shadow of War” التي ضمت سياسات مالية سيئة للغاية جلبت غضب اللاعبين لدرجة أن الشركة أزالت الصناديق بعد إطلاقها. 

قوانين متعددة

الغضب الذي أثارته سياسة صناديق “Loot Boxes” لم يقتصر على اللاعبين فقط، بل امتد إلى المحاكم الدولية والحكومات المختلفة، إذ سعت عدة حكومات لحظر الألعاب التي تستخدم هذه السياسة وتشجع عليها بشكل كبير. 

كوريا الجنوبية أصدرت قانونا جديدا يجبر الشركات على الكشف عن نسبة وجود القطع النادرة في صناديق الحظ الخاصة بها، وذلك حتى يعرف اللاعب محتويات الصندوق قبل أن ينفق عليه أي أموال، وأما النمسا فقد حكمت بأن صناديق الحظ هي نوع من أنواع القمار، وعلى الشركات تعويض اللاعبين المتضررين منها. 

هولندا وبلجيكا اتخذوا خطوات أكثر جدية تجاه هذه السياسة، وقد قررت الشركات أن تحظر الألعاب التي تعتمد على سياسة صناديق الحظ تماما ومن ضمنها لعبة “Diablo Immortal” التي صدرت للهواتف المحمولة وهي حتى الآن غير متاحة في هذه الدول. 

قد يهمك أيضا: المخاوف تتسع من سيطرة بكين على عالم الألعاب

التدخل الحكومي لحظر صناديق “Loot Boxes” ليس جديدا، ولكنه مازال قاصرا، إذ لن تستطيع الحكومات التدخل في جميع الألعاب أو حتى محاولة حظر جميع الألعاب التي تستخدم هذه السياسة، لذلك لا يمكن الاعتماد عليه لحل هذه الأزمة.

الحل الحقيقي للقضاء تماما على سياسات صناديق الحظ والقمار في الألعاب هو الابتعاد عنها تماما ومقاطعة هذه الصناديق تحديدا، وعندما تشعر الشركات بضعف الإقبال على مثل هذه الصناديق، فإنها ستبدأ بالابتعاد عنها ولن تضعها في ألعابها، وهذا ما حدث مع لعبة “Star wars Battlefront 2” و “Shadow of war” سابقا. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.