ألعاب “Split-Screen”.. نهاية عصر الألعاب الجماعية المحلية؟

ألعاب “Split-Screen”.. نهاية عصر الألعاب الجماعية المحلية؟
استمع إلى المقال

رغم الازدهار في عالم الألعاب وتطور طرق جديدة لتجربة الألعاب الجماعية، إلا أن تقنية “Split-Screen” تحديدا أو “انقسام الشاشة” اندثرت ولم تعد تُستخدم بكثرة مثل الماضي، بعد أن كانت جانبا رئيسيا في أي لعبة تصدر، أصبحت الآن ميزة إضافية يُحتفى بالشركة عندما تقرر استخدامها.

الابتعاد عن استخدام تقنية “Split-Screen” قد يبدو تطورا نحو استخدام تقنيات أكثر ملائمة للكثير من المستخدمين، ولكنه أقرب إلى التخلي عن نوع من الألعاب الجماعية التي اعتدنا عليها كثيرا، وهي الألعاب الجماعية المحلية التي يمكنك الاستمتاع بها دون الحاجة للاتصال بالإنترنت أو اشتراك في خدمة إضافية.

الألعاب الجماعية عبر الإنترنت أصبحت الصيحة الرائدة في عالم الألعاب، وهي تقنية تجبرك على استخدام اتصال الإنترنت والدخول إلى شبكة خاصة مثل “Playstation Plus” أو “Xbox Live” حتى تتمكن من اللعب مع أي شخص آخر حتى وإن كان في الغرفة المجاورة لك.

قد يهمك أيضا: التكلفة الحقيقية لألعاب سوني المجانيّة عبر بلاي ستيشن

ألعاب جماعية محلية دون إنترنت

الحديث عن ألعاب جماعية يمكن الاستمتاع بها دون الحاجة للاتصال بالإنترنت يبدو ضربا من الخيال لبعض الذين لم يعاصروها، ولكن في السابق كانت تجربة اللعبة عبر الإنترنت تتطلب كوكبة من التقنيات الإضافية حتى تتمكن من الاستمتاع بها عبر الإنترنت، مثل استضافة خادم “Hamachi” خاص حتى تتمكن من الوصول إلى الإنترنت باستخدام اللعبة.

الحاجة إلى تطبيقات استضافة الخوادم الخاصة مثل “hamachi” اختفت تماما منذ تطور الألعاب الجماعية بشكلها المعتاد، إذ أصبحت الشركات تستضيف الألعاب على خوادمها الخاصة، وذلك تزامنا مع توسع شركات التخزين السحابي مثل “AWS” التي تستضيف لعبة “Fortnite” الشهيرة والعاب شركة “Riot Games” أيضا.

خدمات استضافة الخوادم محليا للألعاب الجماعية لازالت تُستخدم في بعض المناسبات الخاصة ولكن تحتاج إلى الكثير من التقنيات والمعدات حتى تتمكن من استضافة اللعبة بشكل فعَّال، لذلك اقتصر استخدامها على بطولات الرياضات الإلكترونية حتى يتمكن منظّمو البطولة من التحكم في كافة التفاصيل المتعلقة بها.

انتشار الألعاب الجماعية المحلية في الحقبة الماضية، خلق فرصا جديدة للاستثمار المحلية تمثلت في بناء مركز “ألعاب محلي” يضم مجموعة من الحواسيب التي تتصل مع بعضها البعض عبر شبكة محلية، وتتيح إجراء بطولات داخلية في هذا المركز، وقد اندثر هذا النوع من الأعمال إلى جانب اندثار شبكات الألعاب المحلية واختفاء ألعاب “انقسام الشاشة” أيضا.

فكرة ألعاب “Split-Screen” كانت تعتمد على استخدام منصة واحدة أو حاسوب واحد لأكثر من لاعب مع أكثر من جهاز تحكم، وعندما تبدأ اللعبة الجماعية، فإن الشاشة تنقسم بحسب عدد المستخدمين لتصبح قادرة على عرض مشهدين مختلفين من اللعبة ولكل مشهد منهما رسوميات مختلفة وذكاء صنعي مختلف يستجيب لأوامر اللاعبين.

ما زالت بعض الألعاب تطبّق هذا الأسلوب ولكن بشكل مختلف قليلا، إذ تتيح لك الوصول إلى لعبة أحد أصدقائك والتجول في عالمها والتفاعل مع اللاعبين الآخرين، وهو ما ظهر بكثرة في ألعاب “BloodBorne” التي كانت تتيح لك مساعدة أصدقائك في المهام الصعبة، كما أن بعض الألعاب مثل “Monster Hunter World” تتيح لك التقدم في القصة، وصيد الوحوش إلى جوار أصدقائك في تجربة جماعية مميزة.

قد يهمك أيضا: لماذا اتجهت يوبي سوفت إلى ألعاب الجوالات؟

أرباح أفضل بعد موت ألعاب “Split-Screen”

 المستفيد الأول من قتل ألعاب “Split-Screen” هي الشركات بالطبع، سواء كانت شركات لتطوير المنصات المنزلية مثل “بلاي ستيشن” أو “إكس بوكس” وحتى شركات تطوير الألعاب مهما كان حجمها كبيرة أو صغيرة، وذلك لأن اختفاء ألعاب “Split-Screen” يعني مبيعات أكثر للمنصات والألعاب.

ألعاب “Split-Screen” لا تجبر المستخدم على شراء أكثر من منصة أو لعبة حتى يتمكن من الاستمتاع بها، لذلك كانت تكفي منصة واحدة ولعبة واحدة لخوض التجربة كاملة، وهو عكس ما يحدث مع الألعاب الجماعية حاليا، إذ يجب على كل مستخدم أن يمتلك منصة خاصة به ونسخة خاصة به من اللعبة حتى يتمكن من الاستمتاع بالتجربة الجماعية، وبالتالي مبيعات أكثر لشركات التطوير.

الشركات تحقق أرباحا إضافية من بيع الخدمات الجانبية التي تسهل تجربة اللعب الجماعي عبر المنصات أو الحواسيب المنزلية، وبدلا من أن يستطيع المستخدم اللعب مع أصدقائه بشكل مجاني، فإنه يحتاج الآن لدفع ثمن اشتراك في الخدمة السحابية للمنصات مثل “Playstation Plus” أو “Xbox Live” إلى جانب ثمن المنصة الإضافية وثمن اللعبة الإضافية حتى يتمكن من تجربة اللعبة مع أصدقائه.

عقبات تقنية

لا يقع اللوم وراء اختفاء الألعاب الجماعية المحلية وألعاب “Split-Screen” على الشركات ومساعيها لتحقيق الأرباح فقط، بل يمتد الأمر إلى الطرق التي تطور بها الألعاب إلى جانب العقبات التقنية التي نتجت عن تطور عالم الألعاب بشكل كبير.

الألعاب المعاصرة لم تعد مثل ألعاب الماضي البسيطة في تصميمها وحجمها، إذ كانت الألعاب في الماضية خطية ذات عدد محدود من الأماكن التي يمكنك السير إليها إلى جانب ضعف الذكاء الصنعي للتحديات التي تظهر أمامك وبساطة المستوى الرسومي سواء كان “8Bit” أو غيره، لذلك كانت الشركات تستطيع تشغيل أكثر من نسخة من اللعبة معا في وقت واحد على منصة واحدة، وكان كل جزء من الشاشة يعرض تفاصيل مختلفة من اللعبة تخص اللاعب الذي يتحكم في هذا الجزء.

تطور المستوى الرسومي بمفرده جعل مثل هذا الأمر صعبا للغاية، إذ أصبحت رسومات الألعاب أكثر تعقيدا وتضم الكثير من التفاصيل المختلفة المتحركة، والتي تتطلب قوة حوسبة أكبر لإنتاجها مثل تأثيرات الظلال وتأثير الأسلحة والطلقات النارية والمياه والجاذبية وغيرها من الجوانب التي تحدث تلقائيا دون أي تدخل منك.

الذكاء الصنعي المعقّد يزيد من صعوبة الأمر، إذ أصبح الذكاء الصنعي أكثر قدرة على التكيف مع هجماتك المختلفة وأسلوب لعبك من أجل تقديم صعوبة أكثر في اللعبة وتحدي أكبر، وعندما تضيف إلى ذلك حجم خرائط الألعاب الضخمة والتي قد تضم مدنا وبلادا بأكملها، فإنك تجد أن تشغيل أكثر من نسخة واحدة من اللعبة معا على منصة واحدة أمرا أكثر صعوبة من الماضي.

رغم كل هذه العقبات، إلا أن عملية تطوير ألعاب “Split-Screen”  ليس أمرا مستحيلا بالكامل، ويقول أحد مطوّري لعبة “Plants vs Zombies: Garden Warfare 2” أنهم احتاجوا للتواصل مع شركة “Dice” المطوّرة لمحرك “Frostbite” الذي اعتمدوا عليه في تطوير لعبتهم، وذلك من أجل تحسين المحرك وإضافة بعض الخواص له حتى يتمكن من دعم اللعب عبر انقسام الشاشة، ولكن هذا يتطلب المزيد من المجهود والعمل ويضع قيودا تقنية على عملية تطوير اللعبة.

بالتأكيد يمكن تطوير ألعاب تدعم انقسام الشاشة، ولكن يجب على الشركة تحديد ذلك مبكرا أثناء رحلة التطوير، إذ يتطلب الأمر مجهودا ووقتا إضافي حتى تتمكن من القيام بذلك”

ألعاب صامدة رغم الصعاب

ألعاب “Split-Screen” لم تمُت تماما رغم جميع الصعاب التي تواجه عملية تطويرها، ولكنها أصبحت تعاني من ندرة العناوين التي تقدم هذه التجربة الكلاسيكية.

غالبية الألعاب التي تدعم هذا النوع من اللعب الجماعي المحلي الآن تنحصر بين ألعاب القتال أو الألعاب الرياضية المعتادة مثل “فيفا” وغيرها، وذلك إلى جانب بعض العناوين المستقلة التي تقدم مستوى رسومي وعالم أصغر نسبيا من الألعاب الضخمة.

لعبة ” A Way Out”، التي تدور حول شخصين يحاولان الهرب من السجن تعيد تقديم هذه الفكرة بشكل مبهر مع مستوى رسومي جيد يقترب من الألعاب ذات الميزانية الضخمة “AAA”، لذلك حازت اللعبة على جائزة “الأكاديمية البريطانية للألعاب الجماعية” عام 2019.

النجاح الذي حققته لعبة “A Way out” دفع الاستوديو، مطور اللعبة إلى تقديم لعبة جديدة تعتمد على مفهوم اللعب الجماعي المحلي هذا العام تحت اسم “it Takes Two”، ولكنها تقدم تجربة مختلفة كثيرا عن لعبتهم السابقة من كافة الجوانب.

قد يهمك أيضا: منحة مجانيّة لتعلّم تطوير الألعاب

لعبة “Rocket League” أيضا تدعم اللعب الجماعي المحلي عبر قسم الشاشة، ولكنها في النهاية لعبة رياضية تطلب منك أن تدخل أهدافا في المرمى عبر قيادة السيارات بجنون، وهي من الألعاب التي حققت نجاحات كبيرة في الآونة الأخيرة.

اختفاء الألعاب الجماعية المحلية ليس شيئا سيئا بالضرورة، ولكنه نوع من الألعاب أثّر كثيرا في طفولة الكثير من اللاعبين إلى جانب أنه يقدم تجربة فريدة ومختلفة ولذلك يستحق الدعم أكثر من ذلك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.