هل تستمر سيطرة “نينتندو” على عالم الألعاب المحمولة؟

هل تستمر سيطرة “نينتندو” على عالم الألعاب المحمولة؟
استمع إلى المقال

لطالما شكل قطاع الألعاب المحمولة سورا عاليا صعب على الكثير من الشركات اختراقه رغم محاولاتها العدة، لذلك أصبح من الطبيعي أن تجد شركات المنصات المنزلية مسيطرة على الساحة مثلما حدث مع أجهزة “إكس بوكس” و”بلاي ستيشن” في أجيالها المختلفة، ولكن تجد أنهم غير قادرين على تطوير منصة واحدة ناجحة موجهة لمحبي الألعاب المحمولة.

ابتعاد هذه الشركات عن قطاع الألعاب المحمولة ترك فرصة ذهبية لشركة “نينتندو” اليابانية كيّ تتربع على هذا العرش وتجلس عليه دون منافس، ورغم محاولة الكثير من الشركات الدخول إلى هذا القطاع بعد النجاح المبهر الذي حققته أجهزة “نينتندو سويتش”، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل الذريع. 

قد يهمك أيضا: ألعاب العالم المفتوح.. ما مدى الحاجة إليها؟

إرث عميق 

“نينتندو” ليست ابنة البارحة، فهي تمتلك سجلا حافلا بالإنجازات التاريخية في مختلف قطاعات الألعاب، إذ كانت في إحدى الفترات المنافس الأوحد أمام إمبراطورية “سيجا” وجهازها الثوري “Genesis”، وبفضل رؤية الشركة المستقبلية، فقد تمكنت من النجاة عند صعود المنافسة مع أجهزة “بلاي ستيشن”، بعكس جهاز “سيجا” الذي اندثر مع شركته مخلفا وراءه حطام شركة كاملة. 

أول منصة ألعاب أطلقتها “نينتندو” كانت منصة “NES” عام 1982، التي كانت أحدى أقوى المنصات المنزلية في وقتها، واتبعتها بمجموعة من المنصات الأيقونية الأخرى مثل “Gamecube” و”Wii” و”Wii U”، ولكن رغم أن هذه المنصات قدمت أفكارا مبتكرة للغاية، إلا أن البصمة التي تركتها خلفها أقل  كثيرا من تلك التي تركتها منصات “نينتندو” المحمولة.

جهاز “Gameboy” الأصلي

أول منصة ألعاب محمولة أطلقتها “نينتندو” كانت تدعى “Gameboy” عام 1989 وحققت نجاحا مذهلا جعل “نينتندو” تكتفي بها لمدة 10 أعوام كاملة، قبل أن تقر إطلاق تحديث لها، وخلال تلك الفترة، تمكنت المنصة من بيع أكثر من 100 مليون وحدة عالميا. 

التقنية التي قدمتها أجهزة “Gameboy” رغم أنها بدائية، إلا أنها كانت ثورية للغاية، إذ أن العالم وقتها لم يكن معتادا على فكرة الألعاب المحمولة، وربما كانت فكرة الألعاب في مجملها ذاك الوقت غريبة عليهم، لذلك جذبت الكثير من الشباب والأطفال الذين يسافرون لأوقات طويلة، كما كانت “نينتندو” تهتم بالجهاز بشكل كبير، إذ أطلقته له مجموعة كبيرة من الملحقات والطرفيات التي تضيف له مزايا أخرى مثل كاميرا وطابعة وملحقات متنوعة تضيف الكثير من المزايا. 

رحلة النجاح التي حظى بها جهاز “Gameboy” لم تكن لتستمر للأبد، إذ تحطمت بفضل ظهور تقنية الشاشات الملونة وظهور الألعاب الملونة بينما كان الأخير يعتمد على شاشة داخلية تدعم الأبيض والأسود فقط، وهذا ما دفع “نينتندو” لإطلاق جيلين مختلفين وهما “Gameboy Color” و”Gameboy Advance” في 1998 و2001 تباعا، ورغم أن هذه المنصات قامت بتقديم تقنيات أفضل من الجيل الأول، إلا أن العالم لم يتلقاها بالحفاوة ذاتها، ولم تتمكن “نينتندو” من تحقيق مبيعات تنافس “Gameboy” مرة أخرى. 

قد يهمك أيضا: ألعاب العالم المفتوح.. ما مدى الحاجة إليها؟

نظرة سريعة إلى الحاضر، وتحديدا عام 2017 لنجد “نينتندو” تعود إلى صدارة عالم منصات الألعاب المحمولة مجددا، ولكن هذه المرة مع منصة هجينة مبتكرة أدهشت العالم في المرة الأولى التي ظهرت فيها، إذ جاءت مع وحدة رئيسية يمكن حملها والتنقل بها أو وضعها في منصة منزلية متصلة بالتلفاز لتزيد من قوتها بشكل كبير. 

“نينتندو سويتش” كان الجهاز الذي أعاد للشركة اليابانية أمجادها الماضية وساعدها على تحقيق مبيعات مذهلة تجاوزت 120 مليون منصة لتصبح ثالث أكبر منصة مبيعا في التاريخ متفوقة على “بلايستيشن 4” وغيرها من المنصات المنزلية. 

محاولات فاشلة

“نينتندو” تتحكم في قطاع الألعاب المحمولة، ولكن هذا لا يعني أن الشركات الأخرى لم تحاول الدخول إلى هذا المجال، وتحديدا “سوني”، التي كان الدخول إلى قطاع الألعاب المحمولة حلما كبيرا لها لفترة طويلة، وهو حلم تجلى في تقديم جهاز “PSP” الذي حقق مبيعات جيدة وصلت إلى 80 مليون وحدة، ولكن هذه الرحلة الناجحة لم تستمر طويلا، إذ أسرعت “سوني” في تقديم الجيل الثاني من الجهاز تحت اسم “Vita” حتى يفشل وينهي هذه الرحلة قبل أن تستمر أكثر من ذلك. 

منذ اختفاء “PS VIta” وحتى العام الماضي لم تحصل “نينتندو” على منافس حقيقي في عالم الألعاب المحمولة، ولكن مع صدور جهاز “Steam Deck” في شباط/فبراير 2022، فإن هذه الحالة أصبحت مهددة بجهاز يقترب في قوته من أجهزة اللابتوب ويتغلب على “نينتندو سويتش” في عدد الألعاب التي يدعمها. 

لماذا نجحت “نينتندو”؟ 

“نينتندو” لا تمتلك المعادلة السرية لإنجاح منصات الألعاب المحمولة، وما تقوم به يمكن لأي شركة أن تقوم به، وذلك بدليل أن منصة “سوني” المحمولة التي قدمتها في 2004 تمكنت من المنافسة بشكل كبير وتحقيق مبيعات قوية وجيدة. 

سر نجاح “نينتندو” هو أنها لا تنظر إلى منصة الألعاب المحمولة مثل بقية الأجهزة، بل تعامل هذه المنصة بالخصوصية التي تستحقها، إذ أنها منصة يجب أن تكون محمولة لفترات طويلة، وبالتالي يجب أن تكون مريحة في الاستخدام وذات عمر بطارية مناسب، كما أن قوة الحوسبة في المنصة يجب أن تكون متلائمة مع الألعاب التي ستصدر عليها، وهذه هي الصخرة التي تتحطم عليها جهود جميع الشركات التي تحاول تقديم منصات ألعاب محمولة. 

التقنيات الموجودة وسرعة تطور عالم الألعاب ومواصفات تشغيلها يحدان من إمكانية تشغيل الألعاب على المنصات المحمولة الضعيفة، إذ لا يمكن لمنصة محمولة صغيرة أن تكون قادرة على تشغيل لعبة بقوة “بلاي ستيشن 5” كمثال. 

قد يهمك أيضا: هل ينجح مسلسل “The Last of Us” في كسر لعنة اقتباسات الألعاب؟

“نينتندو” وجدت حلا لهذه المعضلة، وهو المكون السحري ذاته الذي استخدمته منذ صدور جهاز “Gameboy” القرن الماضي، وهو أن تقوم هي بتطوير ألعابها الخاصة وتوجيه ألعابها إلى هذه المنصة تحديدا وجعلها قادرة على العمل عليها بشكل جيد، دون أي ضعف في الرسوميات أو حتى وضع المنصة تحت ضغط إضافي، وإذا كانت هناك شركات أخرى ترغب في تقديم ألعابها عبر منصات “نينتندو”، فإن عليها الامتثال لقواعد المنصة وليس العكس. 

مكتبة الألعاب الضخمة التي تطورها “نينتندو” حصرا لأجهزتها كبيرة ومليئة بالعناوين المميزة التي تقنع أي محب لعالم الألعاب لشرائها، وعلى رأس هذه القائمة سلسلة “The Legend of Zelda” أو ألعاب “Mario” وألعاب “بوكيمون” التي لا يمكنك الاستمتاع بها إلا عبر أجهزة “نينتندو سويتش”. 

مجموعة من شخصيات ألعاب “نينتندو” الحصرية

“سوني” تمكنت من تقديم مجموعة من الألعاب الحصرية على منصتها “PSP”، ولكن طمع الشركة واطلاق الجيل التالي وجعل الألعاب حصرية لها فقط، مع المشاكل التقنية الكثيرة فيها، جعل هذه الرحلة تنتهي بشكل أسرع من المتوقع. 

هل من منافس؟ 

“نينتندو” ليست ابنة البارحة في عالم الألعاب المحمولة، ولسبب ما فإن جميع شركات المنصات المنزلية تتركها في هذا القطاع عن تراضي، ولا تحاول حتى الاستثمار فيه والبحث عن ابتكارات جديدة فيه، لذلك لا يمكن القول إن قطاع الألعاب المحمولة قد يستقبل منافسا جديدا قادرا على زعزعة حكم “نينتندو”. 

قبضة “نينتندو” محكمة للغاية على قطاع الألعاب المحمولة، ولكن هناك نواة لثورة تهدد هذا العرش، وهي ثورة من منافس خارج شركات الألعاب المعتادة، وتتمثل في ألعاب الهواتف المحمولة، وتحديدا الحواسيب اللوحية مثل “آيباد” وجهاز “سامسونج جالاكسي تاب”، إذ أن هذه الأجهزة تتمتع بالقوة العتادية اللازمة لتشغيل الألعاب بجودة مرتفعة، وهي أجهزة محمولة فريدة من نوعها وقوية لا تركز على الألعاب، ولكن مع تطوير الألعاب المناسبة لهذه الأجهزة وتسويقها بشكل جيد، فإننا قد نرى عهدا جديدا في عالم الألعاب المحمولة تتربع على عرشه أجهزة “آيباد” و”سامسونج”. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.