ألعاب العالم المفتوح.. ما مدى الحاجة إليها؟

ألعاب العالم المفتوح.. ما مدى الحاجة إليها؟
استمع إلى المقال

خريطة واسعة مليئة بالمهام المتعددة التي يمكنك القيام بها في أي وقت تريده وأي ترتيب ترغب فيه، هذا ما وعدت به ألعاب العالم المفتوح التي انتشرت في الآونة الأخيرة وأصبحت هي الوضع الافتراضي في عالم الألعاب. 

الوعد بالحرية المطلقة داخل عالم اللعبة لكي تقوم بكل ما ترغب بالقيام به في الوقت الذي تراه مناسبا أغرى الكثير من محبي الألعاب ودفعهم لتجربة هذا النوع من الألعاب بكثرة، وعندما وجد المطوّرون أن هذا النوع يجذب اللاعبين للبقاء داخل اللعبة لفترة أطول، قرروا أن يتوجهوا إليه بكثرة، لتتحول ألعاب بعض الشركات جميعا إلى ألعاب عالم مفتوح. 

مئات الألعاب تبنت فلسفة العالم المفتوح، ولكن هل نحتاج حقا إلى كل هذه الألعاب؟ وهل يجب أن تقدم كل لعبة حديثة نموذجا للعالم المفتوح. 

البداية 

ألعاب العالم المفتوح ليست منتجا حديثا ظهر في الآونة الأخيرة، إذ تعود بدايات هذا النوع من الألعاب إلى عام 1979 مع لعبة “Adventure” التي طورتها شركة “أتاري”، ورغم أن اللعبة لم تمتلك واجهة رسومية بالمعنى الذي نعرفه اليوم، إذ كانت مجرد لعبة نصية، إلا أنها شكلت أساس هذا النوع من الألعاب. 

قد يهمك أيضا: المخاوف تتسع من سيطرة بكين على عالم الألعاب

الظهور الحقيقي للشكل الذي نعرفه اليوم لألعاب العالم المفتوح كان مع ” The Legend of Zelda” التي صدرت في 1986 وكانت ثوريّة بحق في وقتها، إذ ضمت تشكيلة واسعة من المهام التي يمكنك القيام بها في أي وقت إلى جانب مجموعة من الأسرار التي يمكن للاعبين اكتشافها بأي شكل يرغبون فيه. 

أول لعبة من سلسلة “The Legend of Zelda” – ويكي ميديا

الشهرة التي حققتها “The Legend of Zelda” في وقتها كانت سببا في ولادة ألعاب العالم المفتوح وتحول الكثير من الشركات إليها، كما أنها كانت إحدى أنجح ألعاب “نينتندو” في ذلك الوقت، حيث حققت شهرة واسعة لا تنافسها إلا سلسلة ألعاب “بوكيمون” التي صدرت عام 1996 للمرة الأولى. 

عدد ألعاب العالم المفتوح تزايد بشكل كثير بعد هذه اللحظة، وبدأت الشركات جميعا تنتبه إليها، وربما كانت ألعاب “GTA” التي بدأت في الصدور منذ 1997 ثم تلتها قائمة كبيرة من الألعاب تضم عناوين شهيرة مثل سلسلة “The Elder Scrolls” و “Far Cry” و “World of warcraft”. 

حرية كاذبة 

حرية الاختيار التي تحدد مجريات القصة وتجعل النهاية تختلف في كل مرة هي إحدى وعود الحرية التي تقدمها ألعاب العالم المفتوح، ولكن في الكثير من الأحيان تتحول هذه الحرية إلى حرية كاذبة، وذلك لأن الشركات تهتم فقط بتقديم أكبر كم من المحتوى في اللعبة الواحدة دون التفكير في جعله منطقيا وإدخاله في سردية القصة ليصبح جزءا أصيلا منها وليس دخيل عليها. 

بعض الشركات لم تنجح في تقديم هذه المعادلة بشكل صحيح، إذ قدّمت خليطا بين ألعاب العالم المفتوح الحقيقية والتي لا توجد نهاية واحدة لها مع الألعاب الخطية التي تسير في خط سير قصة واضحة وصريحة من نقطة البداية وحتى نقطة النهاية، وربما تُعد ألعاب “يوبي سوفت” أحد أشهر أنواع الألعاب التي تبنت هذه الفلسفة. 

ألعاب “يوبي سوفت” في الآونة الأخيرة جميعا تحولت إلى خرائط مفتوحة مليئة بالكثير من المهام الجانبية والتفاصيل المختلفة إلى جانب القطع التي يجب عليك جمعها، ولأن الشركة كانت تقدم الكثير من الألعاب سنويا لأكثر من سلسلة مختلفة، فقد اعتمدت بشكل رئيسي على الشكل ذاته في جميع هذه الألعاب، وهو ما أنتج “معادلة يوبي سوفت” لتطوير الألعاب. 

خريطة لعبة Assassin’s Creed III – Assassin’s ceed fandom

المعادلة التي تبنتها الشركة تنص على بناء خريطة واسعة مليئة بالمهام الجانبية والأشياء التي يمكن جمعها وفي منتصف هذه الخريطة توجد مجموعة من الأبراج التي يجب عليك تسلّقها لتُكشف الخريطة أمامك، وبينما ظهرت هذه المعادلة للمرة الأولى في لعبة “Assassin’s Creed II” التي كانت إحدى أنجح ألعاب السلسلة، إلا أن “يوبي سوفت” كررتها في جميع ألعابها من مختلف السلاسل حتى أصبحت مملة للاعبين. 

الاختيارات التي تتبعها في ألعاب العالم المفتوح الحديثة لا تؤثر في القصة مهما كانت، لذلك تجد أمامك النهاية نفسها مهما كان الاختلاف الذي قمت به، وذلك لأن الشركات تنظر إلى هذا النوع من الألعاب على أنه طريقة لكسب المزيد من الأموال بدلا من تقديم تجربة فريدة ومختلفة. 

قد يهمك أيضا: صناعة الألعاب في 2022.. ازدهار أم تراجع؟

نماذج مشرقة 

ليست كل ألعاب العالم المفتوح مشابهة لبعضها، إذ تصدر في كل فترة لعبة جديدة تقدم تجربة فريدة من نوعها، ورغم أننا لم نرى مثل هذه التجارب في الآونة الأخيرة كثيرا، إلا أنها مازالت موجودة وتظهر على فترات متباعدة. 

لعبة “Breath of the wild” ضمن سلسلة “The Legend of zelda” إحدى أوضح وأنجح هذه النماذج، إذ تمكنت اللعبة من تقديم عالم مفتوح بحق يمكنك الذهاب إلى أي مكان فيه والقيام بالمهام في أي ترتيب ترغب فيه وذلك دون أن تقدم نهايات متعددة أو تؤثر على حبكة القصة، إذ أن الحبكة كانت تقتضي بهزيمة الشرير الأعظم “Ganon” ولم تذكر لك الطريقة التي يجب عليك هزيمته بها، لذلك فإن بعض اللاعبين تمكنوا من هزيمة هذا الشرير منذ اللحظة الأولى في عالم اللعبة ودون حل جميع أسرارها أو الحصول على قوة البطل الكاملة. 

ألعاب “The Elder Scroll” في جميع أشكالها تمكنت من تكرار هذه المعادلة الناجحة أيضا دون تقديم الكثير من النهايات المفتوحة، حيث تعاملت السلسلة مع القصة النهائية كشيء ثانوي غير هام داخل عالمها وهو ما ظهر بوضوح في لعبة “Skyrim” التي كانت تطلب منك هزيمة التنين الشرير حتى تبدأ في اللعبة الحقيقية بعد ذلك. 

لعبة “Skyrim” هي اللعبة التي أفكر فيها شخصيا عندما أفكر في ألعاب العالم المفتوح الناجحة، إذ تمكنت اللعبة من تقديم عالم مليء بالقصص الجانبية التي لا تنتهي والتي يمكنك إتباعها بأي ترتيب ترغب فيه، وكل اختيار تختاره داخل اللعبة يؤثر على شخصيتك وعالم اللعبة، وهذا التنوع في القصص والقدرات هو ما جعلني شخصيا أمضي بداخلها أكثر من 6 أشهر دون ملل. 

أحد القصص المذهلة في اللعبة كانت تطلب منك اكتشاف طائفة سرية من “مصاصي الدماء”، وعندما تهزم هذه الطائفة يعرض عليك قائدها الإنضمام إليهم والتحول إلى “مصاص دماء”، وإذا وافقت على ذلك فإنك تكتسب قوة مذهلة، ولكن في المقابل لن تستطيع المشي في ضوء النهار بشكل صريح. 

قد يهمك أيضا: ألعاب “Split-Screen”.. نهاية عصر الألعاب الجماعية المحلية؟

لماذا تتجه الشركات إلى ألعاب العالم المفتوح؟ 

تطوير ألعاب العالم المفتوح أسهل من غيرها من الألعاب القصصية، كما أنها تضمن بقاء اللاعب داخلها لفترة أطول من الألعاب الخطية المعتادة، وهو ما يمثل فرصة للشركات لبيع المزيد من الخدمات الإضافية داخل اللعبة مثل القطع التجميلية والأسلحة الإضافية، وهو ما تقوم به “يوبي سوفت” مثلا في ألعاب “Assassin’s Creed” . 

“يوبي سوفت” ليست في حاجة إلى إمضاء الكثير من الوقت في تطوير قصة اللعبة وتطوير مهام مختلفة لها، إذ كل ما تحتاجه له هو نسخ ولصق المهام الجانبية ثم نشرها في الخريطة بشكل كبير مع وضع حد لمستوى الشخصية حتى تتمكن من القيام ببعض المهام، وفي النهاية تجد أمامك لعبة تحتاج إلى 50 ساعة لإتمامها، بينما القصة الرئيسية تنتهي في 10 ساعات كمثال. 

اللاعبون مخطئون أيضا في هذا التحول في الصناعة، إذ يفضّل هؤلاء اقتناء ألعاب العالم المفتوح التي تمتد حتى 70 ساعة بدلا من لعبة خطّية قد تنتهي في 15 ساعة، وبالتالي أصبحت مبيعات الألعاب الخطية أقل من ألعاب العالم المفتوح وهو ما جذب الشركات إليها بشكل أكثر، ولكن هل نحتاج حقا إلى كل هذه الألعاب التي تقدم المعادلة ذاتها؟ 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.