حفل توزيع جوائز الألعاب.. صفقات تجارية أم تقييم نقدي؟

حفل توزيع جوائز الألعاب.. صفقات تجارية أم تقييم نقدي؟
استمع إلى المقال

بشكل سنوي، يقام حدث “The Games Award” في مطلع شهر كانون الأول/ديسمبر من كل عام، وفيه توزع الجوائز على أفضل الألعاب في عدة فئات مختلفة، ولكن أهمهم بدون شك هي فئة “لعبة العام” التي تحصد فيها لعبة واحدة فقط جائزة أفضل لعبة تصدر في العام الذي يقام فيه الحدث، ومع اقتراب موعد الحدث والإعلان عن المرشحين لهذه الجائزة، يزداد الجدل عبر الإنترنت. 

مع الإعلان كل عام عن الألعاب المرشحة وحتى بعد الانتهاء من الحفل وتوزيع الألعاب ترتفع الأصوات التي تتهم الحفل ولجنة التنظيم بالتحيز وبيع الجائزة للشركة التي تدفع أكثر، ورغم أن الحفل يضم العديد من الفئات والجوائز، إلا أن الجميع يهتم فقط بفئة واحدة، وهي لعبة العام “Game of The Year” لتكون هي محط الأنظار في كل عام منذ بداية الحدث، ولكن هل يمكن القول بأن حفل توزيع الجوائز هو حفل عادل تحصل فيه جميع الألعاب على فرصة متساوية، أم أنه مجرد واجهة لصفقات تجارية أكثر عمقا. 

ولادة حفل توزيع جوائز الألعاب 

لم يتجاوز عمر حفل توزيع جوائز الألعاب أكثر من 10 أعوام بعد، إذ خرج للمرة الأولى في عام 2014 على يد جيف كيلي وهو أحد أهم الإعلاميين العاملين في مجال الألعاب منذ سنوات عديدة، وكان في الماضي ينظم حدث يدعى “Spike Games Award”.

كيلي تخلى عن حدث “Spike Games Award” في عام 2013 بعد أن استمر لفترة تقترب من 10 أعوام، وبحسب تصريحات كيلي، فإن السبب الذي جعله يوقف ذاك الحدث هو أنه أصبح تجاريا أكثر من اللازم دون أن يوضح مقصده، إذ قد يشير كلامه إلى أن جوائز الحدث كانت تباع للشركات ولا تعتمد على النجاحات النقدية أو آراء النقاد والجماهير.

الممثل نيل باتريك هاريس من حفل Spike Games Award

هذا السبب دفع كيلي لابتكار آلية تقييم جديدة في حفل “The Games Award”، وهي آلية تمزج بين آراء النقاد والجماهير على حد سواء، إذ تعلن قوائم الألعاب المرشحة لفئات الجوائز المختلفة من قبل لجنة من الحكام تتكون من 100 منفذ إعلامي وناقد من مختلف بلاد العالم، ثم تبدأ مرحلة الترشيح الجماهيري، إذ تختار الجماهير لعبتهم المفضلة من بين قائمة الألعاب المرشحة. 

آلية الاختيار هذه صممت لإزالة أي شبهة متعلقة بنزاهة لجنة التحكيم والألعاب الفائزة بالجوائز، ورغم ذلك، فإن الإعلان في كل عام عن قائمة الألعاب يتسبب في الكثير من الضجة والانتقاد ويجمع اتهامات واسعة بكون الحفل واللجنة غير نزيهة. 

هذا العام، أعلنت اللجنة عن قائمة الألعاب المرشحة لجائزة لعبة العام، ولكن بشكل غريب، تجاهلت اللجنة لعبة “Starfield” التي قدمت عالم واسعا للاكتشاف وآلية انتقال فضائي مبتكرة، واختارت بدلا عنها ألعاب أخرى مثل “Zelda Tears of the kingdom” و”Spider-man 2″ و”Alan Wake 2″، ورغم أن هذه الألعاب جميعا هي ألعاب مميزة وناجحة، إلا أن “Starfield” كانت تستحق التواجد في هذه القائمة، ولأن اللجنة لا تعلن عن أسباب الاختيار يصبح من الصعب تحديد أحقية بعض الألعاب بالوجود في هذه القائمة أو عدمها. 

آلية اختيار مبهمة 

آلية الاختيار التي يتم عبرها تحديد الألعاب الفائزة في الأقسام المختلفة واضحة ومعلنة رسميًا، وهي مزيج بين أصوات لجنة التحكيم وأصوات اللاعبين، ورغم ذلك، فإن هذه الآلية ظالمة بشكل لا يمكن التغاضي عنه. 

لجنة الحكام المكونة من 100 منفذ إعلامي تحصل على 90 بالمئة من إجمالي الأصوات المؤثرة في اختيار الفائز، بينما يترك للاعبين الذي قد تصل أعدادهم إلى الملايين نسبة 10 بالمئة من إجمالي الأصوات المؤثرة، وهذا يعني أن الحفل يولي أهمية لأصوات الناقدين عن اللاعبين بشكل فج.

بالطبع، لا يمكن التغاضي عن آراء النقاد، ولكن من غير المقبول أن يتم تهميش أصوات اللاعبين بهذا الشكل، إذ في النهاية، فإن اللاعبين يختارون اللعبة التي استمتعوا بها أكثر حتى وإن كانت فاشلة نقديا، وهذا هو الهدف الرئيسي من الألعاب، إذ يجب أن تكون اللعبة مسلية وممتعة حتى وإن كانت نقديا فاشلة. 

جزء من لجنة التحكيم في المؤتمر

توجد عدة طرق أخرى يمكن للحفل أن يوزع الاهتمام بين أصوات اللاعبين وأصوات النقاد، كأن يوفر فئة خاصة بلعبة العام من اختيار اللاعبين وأخرى من اختيار النقاد، أو أن يقسم الأصوات بين الطرفين بالتساوي، ليكون لكل طرف القوة ذاتها في اختيار اللعبة الأنسب. 

هناك جانب آخر يهمله الكثيرون عند الحديث عن حفل توزيع جوائز الألعاب، وهو آلية اختيار القائمة القصيرة للمرشحين، وهي آلية تعتمد بشكل كامل على اختيارات النقاد دون النظر إلى اختيارات اللاعبين على الإطلاق، كما أن النقاد لا يعلنون عن آلية اختيارهم لترشيحات الألعاب والأسباب التي تدفعهم لتشريح لعبة دون غيرها، وهو الأمر الذي يثير الشكوك حول نزاهة هذه الترشيحات. 

هدف خفي 

من الصعب رشوة 100 منفذ إعلامي حول العالم من أجل ترشيح لعبة واحدة بعينها وجعلها تفوز، ولكن هذا لا يعني أن آلية الاختيار عادلة تمامًا أو تعطي فرصة متساوية لجميع الألعاب، إذ قد تدخل التفضيلات الشخصية في هذه الآلية لأنها تظل غير معلنة وغامضة. 

الغموض الذي يغطي آلية الاختيار يعطي إيحاءً بأن الهدف الرئيسي من هذا الحدث ليس توزيع الجوائز على الألعاب والاختيار بآلية نقدية بارزة مثلما يحدث في حفل الأوسكار كمثال، إذ يترك الأمر بأكمله للمنافذ الإعلامية المشاركة في الحفل. 

الاعلان عن الالعاب الجديدة الحصرية في المؤتمر

الهدف الرئيسي من مثل هذه الحفلات قد يكون بيع المساحات الإعلانية التي تتخلل الإعلانات والحدث، وهو أمر ملاحظ بشدة عند مشاهدة الحدث في أي وقت من الأوقات، إذ تظهر الكثير من الإعلانات التجارية عن العناوين القادمة وسط الحدث. 

بالطبع، بيع المساحات الإعلانية في حدث يشاهده مئات الملايين يجعل من عملية تنظيم الحفل وتوزيع الجوائز أمرا مربحا بشكل غير مسبوق، وهذا لأن جميع الشركات تتسابق على هذه المساحات الإعلانية كما أثبتت السنوات الماضية. 

لذلك يجب ألا يولي اللاعبين اهتماما حقيقيا بهذا الحدث وبالجوائز التي يتم توزيعها فيه، لأنها في النهاية قد تشير إلى تفضيلات شخصية للجنة المحكمين مع غياب دور اللجنة التنظيمية التي تسعى لتنظيم الحدث وضمان شفافية الاختيار. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات