استمع إلى المقال

التطورات المذهلة التي حدثت في قطاع الذكاء الصنعي في الآونة الأخيرة أتاحت له الدخول إلى جميع جوانب الحياة وترك بصمة فيها، وأصبح الجميع الآن يبحث عن طريقة يستفيد بها من قدرات الذكاء الصنعي. 

 قطاع الألعاب وتطويرها ليس بعيدا عن متناول الذكاء الصنعي وقدراته، بل كان من القطاعات التي تستخدمه حتى قبل شهرته الأخيرة، وعبر نماذج الذكاء الصنعي والمحركات القديمة استطاعت الشركات تقديم عوالم داخل ألعابها تبدو واقعية ونابضة بالحياة المتجددة، والآن بعد الثورة الأخيرة في الذكاء الصنعي وتطوير نماذج لغة واسعة قادرة على التجاوب مع المستخدمين، كيف سيؤثر هذا على عالم الألعاب. 

قد يهمك أيضا: صناديق “Loot boxes” في الألعاب.. عندما يصبح القمار مشروعاً

محرك التقدم الأول

الهدف الأسمى الذي تحاول أي شركة ألعاب الوصول إليه هو تقديم لعبة قادرة على محاكاة أسلوب الحياة الواقعي لتصبح أقرب إلى الواقع وليس الخيال، لذلك لجأ المطورون إلى استخدام الشخصيات غير القابلة للعب بالظهور، وهي شخصيات تتحدى بطل اللعبة وتحاول منعه من الوصول إلى هدفه في نهاية الطريق. 

الشخصيات غير القابلة للعب في الماضي كانت تتمتع بأسلوب حركة ولعب ثابت لا يتغير ولا يتفاعل مع اللاعب مهما قام بأشياء مختلفة، لذلك كنت ترى الشبح في لعبة “Pac-man” يسير في خط مستقيم خلفك ويمكنك بسهولة التغلب عليه إذا خرجت من هذا الخط، وكذلك الأعداء في “Wolfenstein” و “Doom” في الأجزاء القديمة تحديدا. 

التحديات التي قدمتها هذه الألعاب لم تستطع مقاومة عوامل الزمن المختلفة، ورغم أنها كانت ألعاب مميزة وفريدة من نوعها في وقتها، إلا أنها فقدت هذا البريق بفضل التكرار وعدم التجديد، ولذلك ظهرت الحاجة إلى تطوير شخصيات ألعاب قادرة على التفاعل وتحديد أفعالها بمفردها، والأهم الاستجابة للتغيرات التي قد يقدمها اللاعب في هذا العالم. 

الأسلوب الذي اتبعه المطورون سابقا من أجل تحقيق هذا التجديد كان كتابة أوامر برمجية مختلفة، ويعني هذا أن يطور المُبرمِج اللعبة بطريقة تستجيب للتصرفات المختلفة، فتجد الكود البرمجي مليء بالأوامر البرمجية التي تعتمد على “أو” و “إذا”، إذا قام اللاعب بالهجوم بهذه الطريقة فإنك ترد عليه بهذه الطريقة، وقد أثبتت هذه الطريقة نجاحها بشكل كبير حتى يومنا هذا، إذ تعتمد عليها الكثير من الألعاب المختلفة، ولكنها بالطبع تستغرق وقتا ومجهودا كبيرا للغاية. 

الذكاء الصنعي بدأ بالتدخل في تصرفات الشخصيات الثانوية في الألعاب بشكل بسيط منذ ظهور أكواد “أو” و”إذا”، إذ كانت تجعل الأعداء يتحركون بشكل مختلف ويبحثون عنك بطرق مختلفة تجعل اللعبة تقدم تحدي مختلف للغاية، وربما كانت سلسلة “Dishonored” أحد أوضح هذه الأمثلة، إذ كنت تستطيع خداع الأعداء في اللعبة بطرق مختلفة وجعلهم يبحثون عنك بأشكال غير متوقعة. 

لعبة Dishonored

بعض الألعاب قررت الاعتماد على الذكاء الصنعي من أجل تطوير عالمها، وبناء عالم لا نهائي يولد تلقائيا وباستمرار، وهذا ما ظهر في لعبة “No Man’s Sky” رغم الفشل الذريع الذي حازت عليه في بداية إطلاقها. 

  شخصيات أكثر قابلية للتصديق 

الاعتماد على الذكاء الصنعي في تطوير الشخصيات والأعداء في اللعبة هو أحد أهم الجوانب التي يمكن أن تترك أثرا وبصمة كبيرة في عالم الألعاب، وهي بصمة يمكن الشعور بها بشكل مباشر، لأنها ستبدو واضحة أمامك.

الذكاء الصنعي قادر على بناء شخصية مزارع يبلغ من العمر 90 عاما في عالم مليء بالتنانين السحرية بكل سهولة ودون عناء، كما أنه قادر على جعل هذه الشخصية تتصرف كما لو عاشت هذا الأمر حقا دون الحاجة إلى مئات المبرمجين وآلاف السطور البرمجية. 

قد يهمك أيضًا:هل تستمر سيطرة “نينتندو” على عالم الألعاب المحمولة؟

والأهم أن الذكاء الصنعي سيكون قادرا على جعل الشخصية تستجيب لك وتتفاعل معك بشكل غير معهود سابقا وجعل هذا التفاعل مختلف في كل مرة تقابل فيها هذه الشخصية، ليصبح الأمر أشبه بأن شخصا حقيقيا يقف خلف هذا المزارع ويحركه. 

أسلوب لعب قادر على التكيف 

أحد الجوانب التي يمكن استخدام الذكاء الصنعي في تطويرها داخل الألعاب هو أسلوب اللعب ذاته والطريقة التي يتم استخدام فيها الهجمات المختلفة ورد فعل الأعداء عليها، إذ تخيّل أن تتقن عدة أنواع من الهجمات التي يمكن لشخصيتك القيام بها، لتفاجأ بأن عدوك طوّر طريقة مختلف لإيقافها أثناء المعركة، مما سيجعل المعركة تبدو وكأنها حقيقية تدور في عالم واقعي.

التطور هذا قادرٌ على دفع الألعاب المختلفة إلى الأمام بشكل كبير، ويمكن استخدامه في جميع أنواع الألعاب سواء كانت قتالية أو استكشافية أو حتى ألعاب كرة القدم وألعاب المغامرات المختلفة. 

سهولة أكبر في كتابة الشخصيات

يوبي سوفت” كانت من أوائل الشركات التي قررت التعاون مع الذكاء الصنعي في صورته الحديثة، وبدأت في تطوير ذكاء صنعي خاص بها يعمل على توليد حوارات الشخصيات وكتابتها بكل سهولة. 

الذكاء الصنعي الجديد الذي طورته “يوبي سوفت” سيقوم بكتابة الشخصية وكتابة حواراتها المختلفة، ولكنه لن يكون موجودا داخل اللعبة، وهذا يعني أن ردود الشخصية لن تولد لحظيا من قبل الذكاء الصنعي. 

ai Ghostwriter – ubisoft

الردود المولدة لحظيا من الذكاء الصنعي هي أحد أهم الجوانب التي يمكن الاستفادة من تلك التقنية في عالم الألعاب، وهي تقنية تحتاجها شركات عدة مثل “يوبي سوفت” التي تعاني من أسلوب الكتابة السيء في الكثير من ألعابها المختلفة. 

بناء اللعبة بسهولة 

جانب آخر قد يتم استخدام الذكاء الصنعي فيه هو عملية تطوير اللعبة أو بنائها بسهولة وعبر توجيه عدة أوامر سريعة في نموذج يشبه “ChatGPT”، بالطبع يمكنك استخدام “ChatGPT” حاليا لبناء الألعاب ولكنه ليس مخصصا لهذا الأمر. 

قد يهمك أيضًا: هل ينجح مسلسل “The Last of Us” في كسر لعنة اقتباسات الألعاب؟

تطوير نموذج ذكاء صنعي قادر على صناعة الألعاب من مجرد الأوامر المعتادة ودون معرفة أو خبرة برمجية يسهل على الجميع تطوير الألعاب كما يرغبون، وبالتالي توسع رقعة عالم الألعاب لتضم ألعاب وأفكار جديدة لم نعهدها سابقا. 

إمكانيات لا نهائية 

التعاون بين الذكاء الصنعي وعالم الألعاب قادر على تطوير قطاع الألعاب بشكل كبير وسريع، وذلك لأن الألعاب تعتمد على محركات تطوير تعمل باستمرار أثناء تشغيل اللعبة، ويمكن بكل سهولة دمج الذكاء الصنعي مع هذه المحركات ليصبح جزءا من اللعبة يعمل باستمرار وطوال الوقت.

السؤال الحقيقي هنا، هل تستطيع شركات الألعاب استخدام هذه التقنية لصالحها ومن أجل تقديم ألعاب جيدة، أم ستكون مجرد تقنية لتوفير الوقت وتقليل النفقات. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.