هل ينجح مسلسل “The Last of Us” في كسر لعنة اقتباسات الألعاب؟

هل ينجح مسلسل “The Last of Us” في كسر لعنة اقتباسات الألعاب؟
استمع إلى المقال

الحلقة الأولى من مسلسل “The Last of Us” عرضت في الأيام الماضية عبر شبكة “HBO” للبث، ورغم أن إصدار حلقة جديدة من مسلسل يظهر للمرة الأولى هو أمر اعتيادي لشبكة ضخمة مثل “HBO”، إلا أن هذه الحلقة تمكنت من تخطي جميع أعمال الشبكة الأخرى لتحصل على ثالث أكبر افتتاحية في تاريخ الشبكة. 

أعداد من شاهدوا الحلقة الأولى من المسلسل تخطت 4.17 مليون مشاهد في اليوم الأول فقط، ويُعد ذلك رقما قياسيا للشبكة، إذ لم تتجاوز هذا الرقم إلا مع مسلسل “HoUse of the dragons” الذي عُرض عبرها في العام الماضي وحقق أكثر من 9 مليون مشاهدة بفضل تراث “Game Of thrones” وطائفة متابعيه مسجلا أعلى عدد مشاهدات لحلقة أولى في تاريخ السلسلة، ويليه مسلسل “Boardwalk Empire” الذي عُرض في 2010 وجذب أكثر من 4.8 مليون مشاهد في الحلقة الأولى. 

مسلسل “The Last of Us” ليس عملا أصليا بالكامل، بل يمثل المعالجة التلفزيونية لإحدى أنجح ألعاب منصة “بلاي ستيشن” في التاريخ، وهو نجاح استمر عبر ثلاثة أجيال مختلفة من منصات “بلاي ستيشن”، إذ بدأت رحلة اللعبة مع الجيل الثالث من المنصة واستمرت حتى يومنا هذا عَبر الجيل الخامس إلى جانب جزء جديد من السلسلة.

الأعمال الواقعية التي تقتبس الألعاب وتحاول تقديم معالجة درامية لقِصصها لا تنجح عادة، لذلك وصِم هذا المجال بلعنة تجعل هذه الأعمال تفشل لدرجة أن شركات الإنتاج أصبحت تبتعد عنها وأصبح من النادر أن نرى اقتباس ناجح لقصة لعبة، ولكن هل يتمكن مسلسل “The last of Us” من كسر هذه اللعنة. 

قاعدة جماهيرية ضخمة

ألعاب “The last of Us” تمتلك محبة خاصة لدى الجماهير وهو ما يظهر بوضوح في النجاحات المتعددة التي حققتها السلسلة منذ صدورها للمرة الأولى عام 2013، إذ تمكنت السلسلة في الأسبوع الأول من عمرها بيع أكثر من 1.3 مليون نسخة على منصة “بلاي ستيشن 3” وأكثر من 17 مليون نسخة بحلول عام 2018 لتصل لأكثر من 20 مليون نسخة على أجهزة “بلاي ستيشن 3″ و”بلاي ستيشن 4” معا بحلول عام 2020. 

قد يهمك: المخاوف تتسع من سيطرة بكين على عالم الألعاب

النجاح الذي حازت عليه “The Last of Us” لم يكن جماهيريا فقط، بل حازت على إعجاب النّقاد في مختلف المنصات حول العالم، إذ يضعها موقع “MetaCritic” المختص بجمع تقييمات الألعاب في المركز الخامس ضمن قائمة أفضل الألعاب تقييما عبر التاريخ وذلك عند درجة 95 بالمئة، كما جلب لها هذا النجاح مجموعة كبيرة من الجوائز لمختلف الأدوار في اللعبة بداية من الإخراج والموسيقى وحتى أدوار أبطال اللعبة والقصة في أكثر من محفل عالمي من ضمنهم جوائز “الأكاديمية البريطانية” “BAFTA”. 

القاعدة الجماهيرية الضخمة التي تقف وراء سلسلة “The last of Us” كانت كفيلة بجعل المسلسل ينجح بشكل غير مسبوق، ولكن لا يمكن إيعاز نجاح المسلسل إلى هذه القاعدة الجماهيرية فقط، إذ أن بعض الأعمال الواقعية الأخرى كانت تمتلك قاعدة جماهيرية مقاربة وربما أكبر من “The Last of US”، ولكن لم تتمكن من تحقيق هذه النجاحات. 

سلسلة “Resident Evil” تُعد المثال الأوضح على هذا، إذ أن جميع الأعمال التي حاولت اقتباس السلسلة سواء كانت أفلام أو مسلسلات لم تحظَ بمثل هذا النجاح، وذلك رغم كون السلسلة واحدة من أقدم الألعاب وأكثرها عددا، إذ تصدرت اللعبة منذ عام 1996 وتمتلك العديد من الإصدارات التي تتجاوز مبيعاتها مبيعات “The Last of Us” كثيرا، إذ تصل مبيعاتها لأكثر من 50 مليون لعبة مباعة منذ عام 1996. 

أفلام “Prince of persia” و “assassin’s creed” و “Hitman” و”Max Payne” تتبع النهج ذاته، سلسلة ألعاب شهيرة تمتلك أكثر من جزء جميعها ناجحة ولكنها لم تتمكن من النجاح في شباك التذاكر العالمي. 

ناجحون رغم التحديات 

مسلسل “The last of Us” ليس أول عمل ناجح مقتبس من لعبة، إذ تمكنت منصة “نيتفلكس” في الأعوام الماضية من إنتاج أكثر من عمل مختلف مقتبس من ألعاب والنجاح فيه بشكل كبير نسبيا، وربما يُعد مسلسل “The Witcher” أحد أوضح هذه النماذج، إذ تمكّن المسلسل من جذب أكثر من 70 مليون مشاهد عبر موسمين، وذلك دون أن تكشف المنصة عن أعداد المشاهدين للحلقة الأولى للمسلسل، ولكن يمكن أن يعود نجاح هذا العمل لوجود طاقم متميز من الممثلين إلى جانب أعداد المشتركين الأكبر في “نيتفلكس”. 

مسلسل “Arcane” المأخوذ من عالم لعبة “League of legends” الشهيرة هو أحد نجاحات “نيتفلكس” أيضا، ولكنه ليس مسلسلا واقعيا، بل يعتمد على أسلوب رسومات أقرب إلى عالم الألعاب لذلك كان محبوبا من الجميع، وكذلك الحال أيضا مع مسلسل “بوكيمون” الذي استمرت رحلته لأكثر من عشرين عاما وهو يُعد أحد أشهر الأعمال المقتبسة عن لعبة إلكترونية. 

قد يهمك: مسلسل Edgerunners يعيد الحياة إلى Cyberpunk 2077

لماذا نجح مسلسل “The Last Of US”؟ 

نجاح المسلسل كما ذكرنا ليس حالة فريدة من نوعها، ولكنه النجاح الأكبر بين جميع الأمثلة السابقة، وذلك لأسباب متنوعة لا تتعلق باللعبة أو عالمها، وذلك لأن صُنّاع المسلسل تعاملوا معه كأنه عمل مستقل لا يوجد مصدر آخر له. 

نيل دروكمان كاتب اللعبة الأصلية ومخرجها كان أحد أفراد طاقم العمل الذي عمل على المسلسل، وأشرف على جميع تفاصيله وساهم أيضا في إخراجه، وذلك إلى جانب مخرج مسلسل “Chernobyl” الذي حقق نجاحا جماهيريا ونقديا واسعا. 

وجود دروكمان وسط طاقم عمل المسلسل ساهم في جعل المسلسل يخرج بالشكل الأفضل وأتاح لهم تغير بعض الأشياء وتغيير ترتيب الأحداث بشكل كبير في المسلسل حتى يتمكنوا من الوصول إلى النتيجة الأفضل، كما أن اختيار الممثلين تم بعناية كبيرة إذ فضلوا الاعتماد على بعض النجوم الذين يمتلكون شعبية واسعة بين المتابعين مثل بيدرو باسكال الذي قدم أدوارا مذهلة في الكثير من الأعمال مثل “The Mandalorian” و “Game Of Thrones” و “Narcos”، وذلك إلى جانب بيلا رامزي التي قدّمت أداءً لا يُنسى في “Game of thrones”. 

لا يمكن إهمال دور اللعبة في نجاح المسلسل رغم أنه ليس العامل الرئيسي، وذلك لأن لعبة “The last of Us” تنتمي إلى الألعاب القَصصية التي تركز على عرض القصة بطريقة شبه سينمائية مع إعطاء بعض الحرية للاعبين لخوض التجارب والمعارك بداخلها إذ وصفها الكثير من النّقاد بأنها “فيلم على شكل لعبة”، وهذا النوع من الألعاب هو الأسهل في الاقتباس والتحويل إلى أعمال سينمائية.

قد يهمك: مسلسل Moon Knight من مارفل.. القصة وأبطالها وموعد العرض

النجاح الذي تمكن المسلسل من تحقيقه لا يعود فقط لكونه مقتبسا من لعبة محبوبة، بل لأنه عمل ناجح صُنع بشكل جيد واهتمت شركة الإنتاج به ليخرج بأفضل شكل ممكن، لذلك حتى وإن كان المسلسل أصليا لا يستند لأي قصة أصلية، ولكن هل سيتمكن نجاح المسلسل من جذب الأنظار لعالم الألعاب التي تستحق التحول لأعمال واقعية؟ 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.