استمع إلى المقال

في شهر آذار/مارس من عام 2023، أعلنت شركة “OpenAI” عن “ChatGPT-4″، الإصدار الأحدث من سلسلة GPT المدرب بواسطة كمية هائلة من البيانات النصية، بما في ذلك مقتطفات التعليمات البرمجية ولغات البرمجة والمفاهيم البرمجية وأفضل ممارسات هندسة البرمجيات. 

واحدة من أكثر إمكانيات “ChatGPT-4” المميزة هي قدرته على كتابة التعليمات البرمجية، حيث يمكنه المساعدة في لغات البرمجة المختلفة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، “بايثون وجافا وجافا سكريبت وسي شارب وبي أتش بي وروبي وسويفت وإس كيو إل وإتش تي إم إل وسي إس إس”.

إلى جانب ذلك، يمكنه تقديم الإرشادات حول مفاهيم البرمجة العامة والخوارزميات وهياكل البيانات وأفضل ممارسات هندسة البرمجيات.

في حال كان السؤال المطروح هل يمكن لـ “ChatGPT-4” كتابة التعليمات البرمجية، فإن الإجابة المختصرة هي نعم، من خلال تتبع الخطوات التي اتخذها البشر وكتابة تعليمات برمجية فعلية، ولكن عليك التأكد من أن التعليمات البرمجية لا تحتوي على أي أخطاء.

هذا هو أحد الأسباب التي جعلت موقع الأسئلة والأجوبة المخصص للمبرمجين “StackOverflow” يحظر مشاركة الردود المتضمنة تعليمات برمجية كتبها “ChatGPT-4” لأنه يجعل من السهل على المستخدمين كتابة التعليمات البرمجية التي تبدو صحيحة للوهلة الأولى، ولكن في الغالب تكون خطأ عند الفحص الدقيق.

لكن هناك الكثير من الأمثلة التي تظهر أن “ChatGPT-4” يمكنه النجاح. على سبيل المثال، غرد إريك شلونتز، كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة “Cobalt Robotics”، أن “ChatGPT-4” زوده بنصائح مفيدة كافية لدرجة أنه لم يكن مضطر لفتح “StackOverflow” لمدة ثلاثة أيام.

من الأمثلة البسيطة الأخرى هي قدرة “ChatGPT-4” على تحويل صفحات موقع الويب إلى ملفات “PDF”. هذه القدرة تطلبت من المبرمجين في السابق كتابة مئات الأسطر من التعليمات البرمجية لتنفيذها.

قد يهمك: هل سرقَت “جوجل” بيانات روبوت “ChatGPT”؟

القدرة على كتابة التعليمات البرمجية

شركة “OpenAI” توظف مبرمجي الحاسب لبناء بيانات تدريب للذكاء الصنعي الذين يستخدمون كذلك اللغة الطبيعية لشرح التعليمات البرمجية الضرورية لمحرك الذكاء الصنعي لفهم وبناء التطبيقات.

“ChatGPT-4” مبني بالاعتماد على “ChatGPT-3” القادر على كتابة التعليمات البرمجية. ومع ذلك، فإن روبوت الدردشة الأحدث يأخذ هذه القدرة إلى مستوى جديد بسبب تدريبه على كمية هائلة من التعليمات البرمجية، مما يسمح له بفهم بناء الجملة وهيكل التعليمات البرمجية في لغات البرمجة المختلفة.

بالنسبة للمستخدمين، فإن قدرة “ChatGPT-4” على كتابة التعليمات البرمجية مهمة، إذ يمكنه كتابة تعليمات برمجية عالية الجودة تلبي معايير الصناعة.

كما إن قدرته على كتابة تعليمات برمجية خاصة باحتياجات المستخدم تعد إحدى مزاياه الرئيسية. هذه القدرة ممكنة بسبب إمكاناته المتقدمة في البرمجة اللغوية العصبية.

روبوت الدردشة يفهم بناء الجملة وهيكل التعليمات البرمجية، مما يتيح له كتابة تعليمات برمجية مشابه لما قد يكتبه مطور بشري.

هذا يمثل تطور مهم في مجال هندسة البرمجيات، حيث يمكن أن يساعد المطورين في كتابة التعليمات البرمجية في جزء صغير من الوقت الذي يستغرقه كتابتها بشكل يدوي.

على سبيل المثال، إذا زود أحد المطورين “ChatGPT-4” ببيان مشكلة وبعض القيود، فيمكنه كتابة تعليمات برمجية تحل المشكلة مع الالتزام بالقيود، الأمر الذي يوفر للمطورين قدر كبير من الوقت والجهد في كتابة التعليمات البرمجية.

ميزة أخرى لـ “ChatGPT-4” هي قدرته على اقتراح طرق بديلة أو تحسينات عبر تحديد التعليمات البرمجية القابلة لإعادة الكتابة من أجل تحسين الأداء أو اقتراح بنية بيانات مختلفة قد تكون أكثر ملاءمة للمهمة قيد البحث.

تحليل التعليمات البرمجية هي ميزة أخرى مهمة يتمتع بها روبوت الدردشة، إذ يمكنه تحديد المشكلات أو نقاط الضعف المحتملة في التعليمات البرمجية وتقديم اقتراحات حول كيفية إصلاحها.

هذا الأمر مفيد في مراجعات التعليمات البرمجية، حيث يمكن للمطورين استخدام “ChatGPT-4” لتحديد المشكلات قبل أن تصبح مشكلات أكبر.

كذلك يحدد “ChatGPT-4” الثغرات الأمنية المحتملة، مثل أخطاء تجاوز سعة المخزن المؤقت أو هجمات حقن “SQL”.

كما يمكنه تحديد التعليمات البرمجية التي قد تكون عرضة للأخطاء وتقديم اقتراحات حول كيفية إصلاحها، حيث يساعد ذلك في ضمان أن تكون التعليمات البرمجية آمنة وتفي بالمعايير.

العديد من مستخدمي منصة “تويتر” أثبتوا قدرات “ChatGPT-4” على كتابة التعليمات البرمجية من خلال مطالبته بإنشاء ألعاب فيديو كلاسيكية.

روبوت الدردشة استطاع إنشاء ألعاب كاملة داخل المتصفح في دقائق دون أن يمتلك المستخدم معرفة بلغة البرمجية جافا سكريبت.

بينما استطاع بعض المستخدمين إبراز قدرته على إنشاء ملحقات لمتصفح “جوجل كروم” من أجل أداء مجموعة من المهام.

بالنظر إلى قدرته على تحليل التعليمات البرمجية المعقدة وإنشاء حلول بسيطة، فلا عجب في أن يصبح “ChatGPT-4” أداة لا تقدر بثمن للمطورين، إذ إنها توفير يد مساعدة إضافية قادرة على فهم التعليمات البرمجية وإنتاجها بما يخدم تطوير البرامج.

قد يهمك: هل يستغل الذكاء الصنعي حقوق الملكية الفكرية؟

قيود “ChatGPT-4”

في حين أن “ChatGPT-4” قادر على كتابة التعليمات البرمجية، إلا أنه ليس مثالي. هناك بعض القيود بشأن قدرته على كتابة التعليمات البرمجية، التي من المهم وضعها في الاعتبار عند النظر في استخدامه المحتمل في تطوير البرمجيات.

“ChatGPT-4” قادر على كتابة تعليمات برمجية بالاعتماد على المدخلات التي يتلقاها. مع ذلك، فإن هذه العملية تعتمد على المعلومات المدرب عليها. هذا يعني أنه قد لا يكون لديه فهم كامل لسياق المشكلة التي تحتاج إلى حل بشكل دائم.

على سبيل المثال، إذا طلب أحد المطورين من “ChatGPT-4” كتابة تعليمات برمجية لمشكلة معينة، فقد لا يتمكن من الوصول إلى جميع المعلومات اللازمة لحل المشكلة بشكل مفيد. هذا لأنه يعتمد على المعلومات المدرب عليها، التي قد لا تكون كافية لحل جميع المشاكل المحتملة.

إلى جانب ذلك، يعاني روبوت الدردشة من محدودية فهم نية المستخدم، حيث قد لا يفهم القصد من وراء طلب المطور للتعليمات البرمجية بشكل دائم لأنه يعتمد على الأنماط الإحصائية في البيانات المدرب عليها.

روبوت الدردشة يمكنه كتابة تعليمات برمجية تطابق الإدخال المحدد، لكن قد لا يكتب تعليمات برمجية تلبي نية المستخدم بشكل دائم.

على سبيل المثال، إذا طلب أحد المطورين من “ChatGPT-4” كتابة تعليمات برمجية لمهمة معينة، فقد لا تكون تلك التعليمات البرمجية هي الحل الأفضل لهذه المهمة بشكل دائم. وذلك لأنه قد لا يفهم بشكل شامل نية المطور وراء الطلب.

هناك كذلك قيد آخر يتمثل في القدرة المحدودة على التعامل مع المشاكل المعقدة.

في حين أن “ChatGPT-4” قادر على كتابة تعليمات برمجية للعديد من لغات البرمجة، فقد لا يكون قادر على التعامل مع المشكلات المعقدة بفعالية بشكل دائم لأنها تتطلب في الغالب فهم عميق للخوارزميات وهياكل البيانات الأساسية.

قد لا يكون لدى “ChatGPT-4” هذا الفهم العميق بشكل دائم، مما قد يحد من قدرته على توفير الحلول المثلى للمشكلات المعقدة، نتيجة لذلك يحتاج المطورون إلى الاعتماد على خبراتهم الخاصة لتحديد المشكلات المعقدة وحلها.

القدرة المحدودة على كتابة التعليمات البرمجية الجاهزة للإنتاج هي مشكلة أخرى. في حين أن “ChatGPT-4” قادر على كتابة تعليمات برمجية صحيحة من الناحية التركيبية وتلبي معايير البرمجة الأساسية، فقد لا يكون قادر على كتابة تعليمات برمجية جاهزة للإنتاج بشكل دائم.

هذا لأن التعليمات البرمجية الجاهزة للإنتاج تتطلب في الغالب اعتبارات إضافية، مثل تحسين الأداء والاختبار ومعالجة الأخطاء. قد لا يكون لدى “ChatGPT-4” القدرة على دمج هذه الاعتبارات في التعليمات البرمجية التي يكتبها بشكل دائم، مما قد يحد من فائدته في تطوير البرامج.

قد يهمك: هل يمكن أن يكذب روبوت “ChatGPT”؟

“ChatGPT-4” ليس البديل المنشود

قدرة “ChatGPT-4” على كتابة تعليمات برمجية تعد بمثابة تطور كبير في مجال هندسة البرمجيات، إذ تسمح إمكانياته المتقدمة في البرمجة اللغوية العصبية بكتابة تعليمات برمجية عالية الجودة تلبي المعايير، مما يوفر للمطورين قدر كبير من الوقت والجهد.

ومع ذلك، فمن المهم أن نضع في اعتبارنا القيود والحدود عند النظر في استخدامه المحتمل في تطوير البرمجيات.

على الرغم من أن “ChatGPT-4” قادر على كتابة التعليمات البرمجية، إلا أنه قد لا يكون قادر على التعامل مع المشكلات المعقدة أو كتابة تعليمات برمجية جاهز للإنتاج أو فهم كامل للسياق والغرض من طلب المطور بشكل دائم.

باختصار، يعد “ChatGPT-4” أداة قوية تساعد المطورين في كتابة التعليمات البرمجية بكفاءة أكبر والمساعدة في عملية التطوير، ولكن لا يمكنه أن يحل محل إبداع وخبرة المطورين البشريين، بحيث يجب استخدامه إلى جانب الخبرة البشرية لضمان أن التعليمات البرمجية المكتوبة ذات جودة عالية وتلبي احتياجات المشروع.

ومن المهم كذلك استخدامه كأداة للمساعدة في عملية التنمية وليس كبديل للخبرة البشرية، حيث يمكن للمطورين استخدام “ChatGPT-4” جنبًا إلى جنب مع معرفتهم وخبراتهم الخاصة للتأكد من أن الشفرة التي يكتبونها احترافية.

في الختام، مع استمرار التطوير والتحسين، فإن “ChatGPT-4” قد يصبح لديه القدرة على إحداث ثورة في طريقة تطوير البرامج وتحسين كفاءة وجودة التعليمات البرمجية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.