استمع إلى المقال

المسؤولون في أوروبا يجاهدون من أجل حماية الكتلة من المخاطر المختلفة عبر استراتيجية الأمن الاقتصادي الأوروبي، لكن هل تتوحد الدول الأعضاء بشأن كيفية التعامل مع الصين، وهل تطفو الانقسامات إلى السطح.

في الوقت الذي لا تزال فيه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي منقسمة حول كيفية التعامل مع العلاقات مع بكين، حددت المفوضية الأوروبية الخطوط العريضة لاستراتيجية عدم المخاطرة المصممة لتطوير اقتصاد مرن أقل اعتمادا على الصين في التقنيات الحيوية.

أوروبا تريد حماية نفسها

الاقتراح المقدم من المفوضية الأوروبية يهدف إلى زيادة التدقيق في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفرض ضوابط على الصادرات ومعالجة المخاطر في الصناعات التي لها تطبيقات عسكرية، مثل الحوسبة الكمومية وأشباه الموصلات المتقدمة و الذكاء الاصطناعي. 

في حين أن الاستراتيجية لا تذكر الصين بالاسم، فإن لغتها تعكس الانتقادات التي وجهتها أوروبا إلى بكين بشكل متكرر.

استراتيجية المفوضية الأوروبية تدعو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى النظر في ضوابط تصدير جديدة للمعدات التي يمكن أن يكون لها استخدامات مدنية وعسكرية وتشديد التدقيق في الاستثمارات.

من المفترض أن يناقش رؤساء دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 27 دولة استراتيجية المفوضية الأوروبية في الفترة من 29 إلى 30 حزيران/يونيو الحالي، مع إجراء تحليل مخاطر للتحديات الرئيسية التي تواجه الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك مرونة سلاسل التوريد، والبنية التحتية الحيوية، ونقل التكنولوجيا التي لها تطبيقات عسكرية أو استخباراتية، واستغلال الدول غير التابعة للاتحاد الأوروبي التبعيات الاقتصادية.

التخلص من المخاطر هو المفهوم الرئيسي للنهج الجديد للمفوضية الأوروبية تجاه الصين كما حددته رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين.

لكن هناك دلائل على أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ليست موحدة في وجهات نظرها تجاه الصين.

محاولات أوروبية للتوحد

برلين تستضيف حاليا رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ، الذي أجرى محادثات مع المستشار الألماني، أولاف شولتز، حيث تمثل بكين الشريك التجاري الأكبر لبرلين، التي كان لديها عجز تجاري بلغ 80 مليار يورو (87 مليار دولار) مع الصين في العام الماضي، وهو أكبر رقم منذ عام 1990. كما وقعت الدولتان أكثر من 10 اتفاقيات خلال زيارة لي، في مجالات مثل التصنيع المتقدم وحماية البيئة.

إلى جانب ذلك، يحضر لي قمة تمويل المناخ في باريس، حيث من المتوقع أن يجتمع مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي أشار إلى أنه يريد من فرنسا وأوروبا تعميق العلاقات مع الصين.

بعد زيارة للصين استمرت 3 أيام في شهر نيسان /أبريل الفائت، قال ماكرون، “فرنسا يجب ألا تحذو حذو الولايات المتحدة في الاستجابة لسياسات بكين في مضيق تايوان، وليس من مصلحة أوروبا أن تنغمس في أزمات ليست أزماتها”.

مع ذلك، تتخذ إيطاليا نهجا أكثر حذرا، حيث منعت الحكومة الإيطالية شركة “سينوكيم الصينية”، المساهم الأكبر في شركة الإطارات “بيريللي”، من تعيين الرئيس التنفيذي للشركة أو وضع استراتيجية الشركة، بسبب مخاوف بشأن النفوذ الصيني.

الرد الصيني

الرد الصيني لم يتأخر، إذ حذر رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ، من الخطة الأوروبية للتخلص من المخاطر في سلاسل التوريد، مما يزيد الضغط الدبلوماسي قبل قمة زعماء الاتحاد الأوروبي لمناقشة العلاقات مع بكين.

خلال مأدبة عشاء مع رجال أعمال فرنسيين وصينيين في باريس، قال تشيانغ، “بعض الأشخاص في أوروبا طرحوا سؤال عما إذا كان ينبغي للتنمية الاقتصادية أن تقلل التبعية والتخلص من المخاطر. في العولمة الاقتصادية اليوم، نعتقد أن التبعية أمر لا بد منه ومتبادل. أنت تعتمد علي، وأنا أعتمد عليك”.

تشيانغ أوضح، أن مفهوم عدم المخاطرة في ظاهره يبدو جيدا، لكن لا يجب تطبيقه بطريقة عامة، حيث أشار إلى أن هذا المفهوم يجب أن يحتوي على تعريف واضح وحدود.

نقلا عن تقرير للمفوضية الأوروبية حول التبعيات الاستراتيجية، قال تشيانغ، “أوروبا لا تعتمد بشكل خاص على الصين، حيث أن اعتمادنا على التكنولوجيا المتطورة للاتحاد الأوروبي أعمق”، مشيرا إلى أنظمة التحكم في الهواء وتقنيات إشارات القطارات.

في الختام، من خلال استراتيجية الأمن الاقتصادي الأوروبي، تريد بروكسل التدخل بشكل أكبر في كيفية قيام الشركات الأوروبية بالاستثمار والتجارة في البدان حول العالم، مع خطط لمنع تلك الشركات من صنع التقنيات الحساسة، مثل الحواسيب العملاقة والذكاء الاصطناعي والرقائق الدقيقة المتقدمة، في دول مثل الصين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات