استمع إلى المقال

لا شك في أن “أمازون” وافقت على دخول حلبة تحدي الذكاء الاصطناعي التوليدي من خلال “بيدروك“، لكن هل تمثل هذه الخدمة حجر الزاوية في طموحات الشركة لإثبات وجودها في مضمار السباق.

“أمازون” تدخل السباق

هذه الخدمة توفر طريقة لبناء تطبيقات مدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي عبر نماذج مدربة مسبقا من الشركات الناشئة، بما في ذلك “AI21 Labs” و”Anthropic” و”Stability AI”، لكن بدلا من بناء نماذج الذكاء الاصطناعي بالكامل بمفردها، فإنها تستعين بالأطراف الخارجية لكي يستضيفوا النماذج عبر منصتها السحابية.

بعد توفرها على شكل معاينة محدود تتيح الوصول إلى النماذج التأسيسية المدربة داخليا “تيتان”، أصبحت خدمة “بيدروك” متوفرة بشكل عام.

من خلال هذه الخدمة، تعمد “أمازون” إلى تطبيق التعلم الآلي على العالم الحقيقي وحل مشكلات العمل الحقيقية على نطاق واسع، حيث تعتقد الشركة أن كل تطبيق موجود يمكن إعادة تصوره باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي.

الإعلان عن ظهور “بيدروك” للمرة الأولى جاء إلى حد ما من خلال شراكات “أمازون” الموقعة مؤخرا مع الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي في الأشهر القليلة الماضية، بالإضافة إلى استثماراتها المتزايدة في التكنولوجيا المطلوبة لبناء تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، اختارت شركة “Stability AI” “أمازون” لتكون المزود السحابي المفضل لديها، وخلال شهر آذار/مارس، تعاونت “Hugging Face” مع “أمازون” لجلب نماذج إنشاء النصوص إلى المنصة السحابية.

في الآونة الأخيرة، أطلقت “أمازون” مسرعا للذكاء الاصطناعي التوليدي للشركات الناشئة، كما تعمل مع “إنفيديا” لبناء الجيل القادم من البنية التحتية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.

حجر الأساس

خدمة “بيدروك” تعد أقوى أداة حتى الآن تجلبها “أمازون” إلى سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي قد تصل قيمته إلى ما يقرب من 110 مليار دولار بحلول عام 2030، وفقًا لتقديرات شركة الأبحاث “Grand View”.

باستخدام “بيدروك”، يمكن لعملاء المنصة السحابية من “أمازون” اختيار الاستفادة من نماذج الذكاء الاصطناعي من مجموعة متنوعة من مقدمي الخدمات المختلفين، بما في ذلك “أمازون” نفسها، عبر واجهة برمجة التطبيقات. 

وفقا للشركة، فإن الخدمة تستهدف كبار العملاء الذين يبنون تطبيقات الذكاء الاصطناعي على مستوى المؤسسة، مما يميزها عن بعض خدمات استضافة نماذج الذكاء الاصطناعي الموجودة، مثل “Replicate”، بالإضافة إلى المنافسين الحاليين “مايكروسوفت” و”جوجل”.

نماذج الأطراف الخارجية المستضافة عبر “بيدروك” تشمل سلسلة “Jurassic-2” من “AI21 Labs”، وهي متعددة اللغات ويمكنها إنشاء نص باللغات الإسبانية والفرنسية والألمانية والبرتغالية والإيطالية والهولندية.

بينما يستطيع نموذج “Claude” من شركة “Anthropic” المستضاف عبر “بيدروك” أداء مجموعة من مهام المحادثة ومعالجة النصوص.

في الوقت نفسه، يمكن لمجموعة “Stability AI” من نماذج تحويل النص إلى صورة المستضافة عبر “بيدروك”، بما في ذلك “Stable Diffusion”، إنشاء صور وفنون وشعارات وتصميمات رسومية.

أما بالنسبة لعروض “أمازون” المخصصة، فإن عائلة النماذج التأسيسية “تيتان” تتألف من نموذجين في الوقت الحاضر، ومن المفترض أن يأتي المزيد في المستقبل، وهما نموذج إنشاء النص ونموذج التضمين.

نموذج إنشاء النص، المشابه لنموذج “GPT-4” من “OpenAI”، قادر على أداء مهام، مثل كتابة منشورات المدونات ورسائل البريد الإلكتروني وتلخيص المستندات واستخراج المعلومات من قواعد البيانات.

في حين يترجم نموذج التضمين مدخلات النص، مثل الكلمات والعبارات، إلى تمثيلات رقمية، تعرف باسم “التضمينات”، التي تحتوي على المعنى الدلالي للنص، وهو مشابه لأحد النماذج التي تدعم عمليات البحث عبر موقع “Amazon.com”.

عملاء “أمازون” قادرين على تخصيص أي نموذج “بيدروك” من خلال توجيه الخدمة إلى عدد قليل من الأمثلة المصنفة في خطة التخزين السحابي “Amazon S3″، وذلك دون استخدام بيانات العملاء لتدريب النماذج التأسيسية.

خدمة “بيدورك” تتيح إنشاء تطبيقات فوق نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي وتخصيصها بالبيانات، ومن خلال الاستفادة من هذه النماذج، يمكن للعلامات التجارية والمطورين أيضا إنشاء وكلاء للذكاء الاصطناعي يقومون تلقائيا بتنفيذ مهام، مثل حجز السفر وإدارة المخزون ومعالجة مطالبات التأمين.

في الأسابيع المقبلة، يأتي “Llama 2″، وهو النموذج اللغوي الكبير المفتوح المصدر من “ميتا”، إلى “بيدورك”، لينضم إلى النماذج الخارجية الأخرى المستضافة. بحسب الشركة، فإن هذه الخدمة هي أول خدمة ذكاء اصطناعي توليدي مدارة بالكامل تقدم “Llama 2”.

من نواح عديدة، يمكن مقارنة “بيدروك” بخدمة “Vertex AI”، التي تقدم مكتبتها الخاصة من النماذج الداخلية والخارجية القابلة للضبط والتي يمكن للعملاء إنشاء تطبيقات ذكاء اصطناعي توليدي عليها، لكن خدمة “أمازون” تتمتع بميزة تكاملها الكبير مع الخدمات الحالية لمنصة “أمازون” السحابية، مثل “PrivateLink” لإنشاء اتصال آمن بين “بيدروك” والسحابة الافتراضية الخاصة للشركة.

“أمازون” تدرك المخاطر

هناك العديد من الدعاوى القضائية المعلقة بشأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي من شركات، بما في ذلك “OpenAI” و”Stability AI”، التي رفعها مدعون يزعمون أن البيانات المحمية بحقوق التأليف، ومعظمها فنية، تم استخدامها دون إذن لتدريب النماذج التوليدية.

عبر التدريب على عينات من الصور والنصوص المستخرجة عادة بشكل عشوائي من الويب، تتعلم نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إنشاء أعمال فنية وتعليمات برمجية وغير ذلك الكثير.

كما تسعى قضية أخرى تشق طريقها عبر المحاكم إلى تحديد ما إذا كان من الممكن التسويق التجاري لنماذج توليد التعليمات البرمجية التي لا توفر إسنادا، في حين هدد عمدة أسترالي برفع دعوى تشهير ضد شركة “OpenAI” بسبب عدم الدقة التي يبرزها نموذجها التوليدي “ChatGPT”.

في هذا الصدد، شددت “أمازون” على أنها صممت نماذجها التأسيسية “تيتان” لاكتشاف المحتوى الضار وإزالته من البيانات التي يوفرها العملاء للتخصيص، مع رفض المحتوى غير المناسب الذي يدخله المستخدمون وتصفية المخرجات التي تحتوي على خطاب الكراهية والألفاظ النابية والعنف.

بحسب الشركة، فإنها لعبت دورا رئيسيا في إضفاء الطابع الديمقراطي على التعلم الآلي وجعله في متناول أي شخص يريد استخدامه، حيث تمثل خدمة “بيدروك” الطريقة الأسهل لبناء وتوسيع نطاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي باستخدام النماذج التأسيسية.

نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي تميل إلى تضخيم التحيزات في بيانات التدريب، أو تختلق الأمور إذا نفدت بيانات التدريب ذات الصلة.

نتيجة لذلك، أكدت “أمازون” التزامها بالاستخدام المسؤول لهذه التقنيات، حيث تراقب المشهد التنظيمي ولديها الكثير من المحامين الذين يساعدونها في تحديد البيانات التي يمكننا استخدامها وتلك التي لا يمكننا استخدامها.

بشكل عام، أدى انتشار البيانات والوصول إلى الحوسبة القابلة للتطوير والتقدم في التعلم الآلي على مدى العام الماضي إلى زيادة الاهتمام بالذكاء الاصطناعي التوليدي، مما أثار أفكارا جديدة يمكن أن تحول صناعات بأكملها وتعيد تصور كيفية إنجاز العمل.

في الختام، تمثل خدمة “بيدروك” علامة فارقة رئيسية تضع الذكاء الاصطناعي التوليدي في متناول كل شركة، من الشركات الناشئة إلى المؤسسات، وكل موظف، من المطورين إلى محللي البيانات. ومع الطرح العام للخدمة واستثماراتها الأخيرة بمليارات الدولارات في شركة “Anthropic” الناشئة للذكاء الاصطناعي، فمن الواضح أن “أمازون” تتطلع إلى إحداث موجات في السوق المتنامية والمربحة للذكاء الاصطناعي التوليدي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات