ألعاب الفيديو: أداة القوة الناعمة الجديدة للقوى الإقليمية؟

<strong>ألعاب الفيديو: أداة القوة الناعمة الجديدة للقوى الإقليمية؟</strong>
استمع إلى المقال

مطلع العام الماضي، أسدل الصندوق السيادي السعودي الستار عن مجموعة “ساڤي” للألعاب الإلكترونية، والتي تهدف إلى جعل المملكة رائدة في قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية محليا ودوليا مع “براين وارد”، الذي كان يعمل سابقا بمنصب رئيس الاستديوهات في شركة صناعة ألعاب الفيديو “أكتيفيجن بليزارد”، والتي يستثمر فيها الصندوق، رئيسا تنفيذيا للمجموعة.

قطاع الترفيه يعد من القطاعات القليلة التي لم تتأثر كثيرا كغيرها بفعل التغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، فبحسب “برايس ووترهاوس كوبر” للأبحاث، قفزت صناعة الترفيه والإعلام العالمية بعد الانخفاض المرتبط بالوباء بنسبة 10.4 بالمئة في عام 2021، من 2.12 تريليون دولار أميركي إلى 2.34 تريليون دولار أميركي، وبلغ إجمالي عائدات ألعاب الفيديو والرياضات الإلكترونية العالمية وحدها 215.6 مليار دولار أميركي في عام 2021، ومن المتوقع أن تنمو إلى 323.5 مليار دولار أميركي 

منطقة آسيا والمحيط الهادئ كان لها نصيب الأسد من الإيرادات في عام 2021 بقيمة 109.4 مليار دولار أميركي، أي ضعف أميركا الشمالية تقريبا، ثاني أعلى منطقة توليدا للإيرادات، كما تعد ألعاب الفيديو الآن ثالث أكبر فئة من فئات محتوى الترفيه والإعلام استهلاكا للبيانات، بعد الفيديو والاتصالات. فمع كل ذلك في الحسبان، فإنها استثمار السعودية، التي تعد قوة إقليمية صاعدة تسعى لتوسيع نفوذها وتأثيرها في المنطقة، يبدو أن ضخ الاستثمارات في هذا القطاع يحمل طموحاتٍ أبعد من مليارات الدولارات التي يولّدها.

لم تعد ترفيهاً

في القرن الماضي، كان يُنظر إلى ألعاب الفيديو على أنها وسيلة تسلية جانبية يستخدمها مهووسو التكنولوجيا أو المراهقون، أو المكان الذي يلجأ إليه الأشخاص الانطوائيون لتجنب التفاعل مع الآخرين والتكيف في هذه العوالم الافتراضية. لكن هذا تغيّر في السنوات الماضية، إذ أصبحت ألعاب الفيديو جزءا من الهوايات الرئيسية وظاهرة ترفيهية أدت إلى قبول العوالم الافتراضية والخيالية ليس كخيار للهروب فقط، ولكن كوسيلة للتواصل مع الآخرين.

في عام 2019، كان هناك 2.6 مليار لاعب في جميع أنحاء العالم، وهذا يفوق عدد المسيحيين في العالم (2.3 مليار)، ما يعني أنها صناعة انتشرت بسرعة أكبر من أكبر ديانة على وجه الأرض، كما أنها أيضا صناعة يبلغ متوسط عمر المستخدم فيها في الولايات المتحدة 34 عاما، وأقل قليلا بشكل متوسط في جميع أنحاء العالم، مما يجعلها صناعة للبالغين وليس للأطفال، كما هو معتقد.

بالفعل، رأى العالم أن ألعابا مثل “Pokemon Go” أو “Fortnite”، أثّرت بشكل كبير على الثقافة السائدة، لقد رأينا أطفالا وممثلين ولاعبي كرة قدم يقومون بـ “رقصة Fortnite” وفي عام 2016، شهد ملايين الناس حول العالم الأثر الذي تركته لعبة “Pokemon Go”، التي أصبحت في بلدان مثل اليابان التطبيق الأكثر تنزيلا خلال تلك السنة، كما أثّرت الألعاب على أنواع أخرى من الوسائط، إذ أصبحت مسلسلات “The Witcher” و “The Last of Us” التلفزيونية من أنجح الأعمال وأكثرها مشاهدة في السنوات الأخيرة.

قد يهمك: كيف حفظت صفقة مايكروسوفت-أكتيفيجن ماء وجه الصندوق السيادي السعودي؟

القوة الناعمة المتحركة

في السياسة، تستخدم العديد من البلدان ما يسمى بـ “القوة الناعمة” كقدرة على التأثير في العالم. من الناحية النظرية، يعبر المصطلح عن قوة وتكنيكات تستخدمها المؤسسات أو الدول للتأثير على سلوك الآخرين من أجل الحصول على النتيجة التي يريدونها دون استخدام أي قوة عسكرية أو إعلان للحرب.

تقليديا، كان هذا ينطوي على القيم الثقافية والاقتصادية التي لديها القدرة على التأثير على الصعيد العالمي مثل النيوليبرالية والديمقراطية وحقوق الإنسان والسياحة والموسيقى والأفلام. ومع ذلك، يرتفع الحديث عن القوة المتزايدة التي تتمتع بها ألعاب الفيديو في كل ركن من أركان العالم تقريبا.

“القوة الناعمة” للثقافة الشعبية كانت واضحة منذ أن بدأت هوليوود، ففي عام 1950، قال المنتج الأميركي والتر وانجر إن كل فكرة فيلم تم تصديرها كانت “سفيرا أميركيا”، وأطلق عليها لقب “دبلوماسية دونالد داك”. اليوم، هناك قوة ناعمة جديدة آخذة في الارتفاع، “دبلوماسية سوبر ماريو”، ونظرا لأن الألعاب تستحوذ على نصيب أكبر من وقت الأشخاص، فإنها تصبح سلاحا في معركة الأفكار، وعلى عكس الأفلام، حيث تظل أميركا القوة العظمى الوحيدة في العالم حاليا، فإن المنافسة في الألعاب مفتوحة على مصراعيها.

في جنوب اليابان، يوجد واحد من أكثر الأضرحة قداسة في كيوتو، حيث يقف الحراس يراقبون ويتأكدون من عدم اقتراب الزوار أكثر من اللازم. الموقع محاط بجدار، ولكن يظهر فوقه مبنى رمادي اللون، تميزه ثمانية أحرف في الأعلى توضح اسمه، “نينتندو”. 

صناعة الألعاب في اليابان لها طقوس تكاد تكون دينية، حيث يتدفق الأجانب في طوكيو إلى أكيهابارا، “المدينة الكهربائية” التي تضم أروقة الألعاب، أو يتجولون على عربات صغيرة تكريما لـ “ماريو كارت”، كما يوجد في أوساكا مدينة ملاهي تدعى “سوبر نينتندو وورلد”، وعندما تقدم اليابان نفسها للعالم، فإنها تهتم بالألعاب بقدر ما تفعل مع الساموراي أو السوشي، فعند إيقاد الشعلة الأولمبية في ريو في عام 2016، ظهر رئيس وزرائها آنذاك، آبي شينزو -الذي اغتيل العام الماضي- في أنبوب تصريف أخضر، مرتديا زي “ماريو”.

بحسب صحيفة “الإيكونوميست”، بدأت سطوة اليابان على الصناعة في الثمانينيات عندما انهار “أتاري”، عملاقة الألعاب الأميركية، وشهدت “نينتندو” انطلاقتها، وتعزز ذلك بحلول التسعينيات، مع هيمنة “نينتيندو” و”سيجا” ولاحقا “سوني”، عندما تعرف المزيد من الأطفال الأميركيين على ماريو أكثر من ميكي ماوس. وعلى عكس النجاحات التي حققها المستهلك الإلكتروني الياباني، يلاحظ مات ألت، مؤلف كتاب “اختراع نقي”، وهو كتاب عن الثقافة اليابانية، أن الألعاب لا تمثل التصنيع الفعال فحسب، بل تمثل “انتصارا للأفكار”.

لكن قبضة اليابان أضعف الآن، إذ منحت أجهزة “Xbox” من “مايكروسوفت” أميركا حصة في سوق أجهزة الألعاب، ووجد المطورون الغربيون أنه من الأسهل تطوير الألعاب لنظام “Xbox” القائم على “ويندوز”. وعلى الرغم من أن الريادة لا تزال بأيدي “سوني” و”نينتندو” في وحدات التحكم، إلا أن الألعاب تحولت إلى الأجهزة المحمولة، وأصبح نظاما التشغيل الرئيسيان لها هما “أندرويد” من “جوجل” و”iOS” من “أبل” المملوكين لأميركا.

مع تراجع اليابان، أصبحت جارتها الآسيوية، كوريا الجنوبية، القوة الجديدة الناشئة، بتشجيع من الحكومة التي أعلنت أن الألعاب جزءٌ من “الهاليو”، أو الموجة الثقافية الكورية، والتي تتضمن موسيقى البوب الكوري وأفلام مثل “باراسايت” الذي هيمن على جوائز الأوسكار عام 2019. 

أما اللاعب الصاعد الأكبر في هذا السباق، فهو الصين التي أنتجت ستة من أنجح 20 لعبة للجوال من ناحية الإيرادات العام الماضي، لكن يتناقض نجاح الصين مع الجهود الفاشلة في وسائل الإعلام القديمة، فعلى الرغم من أن صانعي الأفلام الصينيين يمكنهم التركيز على السوق المحلية، حيث لم تلق الأفلام الصينية رواجاً في الأسواق العالمية حتى الآن، فإن مطوري الألعاب الصينيين لا يمكنهم ذلك. إذ أطلقت حكومة بكين على الألعاب اسم “الأفيون الروحي” وفرضت قيودا عليها، مما حد من وقت لعب الأطفال إلى ثلاث ساعات في الأسبوع وتقنين الإصدارات الجديدة. لذا كان على المطورين أن يتطلّعوا إلى الأسواق الدولية بدلا من ذلك. 

هذا النمو الصيني أثار مخاوف بشأن الأمن، فكما هو الحال مع “تيك توك”، يُنظر إلى الألعاب الصينية على أنها أدوات لجمع البيانات للحكومة الصينية. إذ غالبا ما تسعى الألعاب إلى الحصول على معلومات شخصية مثل الاسم وتاريخ الميلاد وتفاصيل الدفع، أو حتى تسجيل مقاطع صوتية. كما يؤدي الانتقال إلى اللعب عبر الإنترنت إلى تحسين أدوات التجسس، حيث إن “ملفات الأشخاص سيتم ربطها مباشرة بالصين”، كما يقول جيمس لويس من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث في واشنطن العاصمة لصحيفة “الإيكونوميست”. 

بالفعل، اتهم بعض اللاعبين لعبة “Genshin Impact” بتثبيت برنامج تجسس على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم بعد العثور على برنامج مكافحة القرصنة الخاص بهم قيد التشغيل حتى بعد إزالة تثبيت اللعبة، لكن شركة “MiHoyo” المطورة قالت إن هذا كان خطأ، وأصدرت إصلاحه في تحديث لاحق للعبة.

القلق الثاني يتعلق بالتأثير الصيني الأوسع. قد تغير الاستوديوهات الغربية الألعاب في الصين للتخفيف من حدة الجنس أو العنف ، أو استبدال الهياكل العظمية بالزومبي للالتفاف على القوانين ضد “الخرافات”. لكن نفوذ الرقابة الصينية يمتد إلى ما هو أبعد من الصين. على سبيل المثال، فإن وظيفة الدردشة في “Genshin Impact” تمسح بشكل تلقائي كلمات حساسة مثل “Taiwan” و “Falun Gong” إلى جانب “Hitler” و“Putin”.

بعض المطورين الغربيين يرضخون لطلبات الحكومة الصينية، ففي عام 2019، استغل “نيغ واي تشانغ”، لاعب الرياضات الإلكترونية المقيم في هونغ كونغ، مقابلة بعد المباراة ليقول، “حرروا هونغ كونغ ، ثورة عصرنا!” وعليه، ألغت شركة الألعاب الأميركية “أكتيفيجن بليزارد” التي أدارت الدوري حينها، والتي تعتبر “تينسنت” الصينية مستثمرا فيها، أموال جائزته البالغة 10 آلاف دولار وأوقفته عن المنافسة، لتتراجع عن قرارها لاحقا بعد موجة احتجاجات، كما أعلنت لاحقا شركة “Riot Games”، المملوكة بالكامل لشركة “تينسينت” أيضا، إنها ستحظر الخطاب السياسي من مسابقاتها في لعبة “League of Legends” الشهيرة.

قد يهمك: المخاوف تتسع من سيطرة بكين على عالم الألعاب

دول المنطقة تعي حجم المنافسة

بالعودة إلى دول المنطقة، وتحديدا دولتا الإمارات والسعودية اللتين تسعيان إلى تنويع مصادر اقتصادهما بعيدا عن النفط من جهة، وتعزيز أدوارها الجيوسياسية من جهة أخرى، فإنهما تشهدان منافسة غير معلنة في السيطرة على قطاع الألعاب.

منذ لحظة تأسيسها، لم تتوقف مجموعة “ساڤي” السعودية عن الاستثمارات في الشركات النشطة في القطاع في مختلف أنحاء العالم، فبحسب “فورتشن العربية”، اشترت حصصا تزيد عن 5 بالمئة في شركتي ألعاب مدرجتين في اليابان، هما، “كابكوم” المنتجة لسلسلة “ستريت فايتر” (The Street Fighter)، وشركة “نيكسون”، كما استحوذت على حصة 5.01 بالمئة في شركة ألعاب الفيديو اليابانية “نينتندو”، وعلى حصة في شركة الألعاب “إن سي سوفت” الكورية الجنوبية مقابل حوالي 234 مليون دولار.

ذلك بعد زيادة حصة الصندوق في شركة “تيك تو إنترأكتيف” الناشرة والمطورة والموزعة لألعاب الفيديو إلى نحو 11,414 سهماً، حسب إفصاح للصندوق في “هيئة الأوراق المالية” والبورصات الأميركية عن الربع الأول 2022 والاستحواذ على شركة “إي إس إل” (ESL) العالمية والرائدة بالمنافسات في مجال الرياضات الإلكترونية، وشركة “فايس آي تي” (FACE IT) منصة الرياضات الإلكترونية الرقمية، ودمج الشركتين باسم شركة (ESL FACE IT Group)، مع الإعلان عن المجموعة.

أخيرا وليس آخرا، اشترت المجموعة 100 مليون سهم مقابل 10.3 مليارات كرونة (1.05 مليار دولار) من مجموعة “إمبريسر” للألعاب السويدية، لتصبح ثاني أكبر مالك في الشركة بعد لارس وينغفورس الرئيس التنفيذي لـ “إمبريسر” والذي يمتلك 28 بالمئة منها.

وفقا للبنك السعودي للتنمية الاجتماعية، تبلغ قيمة سوق ألعاب الفيديو في المملكة مليار دولار وتتوقع أن تنمو إلى 2.5 مليار دولار بحلول عام 2030، بينما تتسم توقعات مجموعة “بوسطن الاستشارية” بدرجة أكبر من التفاؤل، وتتوقع أن تصل عائدات المملكة العربية السعودية من الألعاب إلى 6.7 مليار دولار بحلول عام 2030.

من المثير للاهتمام أن الكثير من هذا النمو تقوده شراكة بين القطاعين العام والخاص، وفقا لموقع “أراب نيوز”، ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2020، أعلنت مؤسسة “محمد بن سلمان” عن استثمار استراتيجي بحوالي 813 مليون ريال سعودي (217 مليون دولار) للاستحواذ على حصة 33.3 بالمئة في شركة الألعاب اليابانية “SNK Corporation”، وزادت المؤسسة حصتها إلى 96 بالمئة، حسبما أفاد موقع “ذا فيرج”.

في شباط/فبراير 2022، كشف صندوق الاستثمارات العامة عن حصص تزيد عن 5 بالمئة في شركتي ألعاب مدرجتين في اليابان، وهما شركة “Capcom” و”Nexon Co”، بحيازات مجتمعة تبلغ حوالي 1.2 مليار دولار، حسبما أفادت “بلومبرج” الأميركية. وأضافت “بلومبرج” أن الصندوق العام اشترى أيضا حصة 5.02 بالمئة من 883 مليون دولار في “Nexon”، الشركة التي تقف وراء ألعاب لعب الأدوار مثل “MapleStory” و”Dungeon & Fighter”.

وفقا لمجلس الأعمال الأميركي السعودي، فإن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تدفع بدورها نحو المزيد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص واستثمارات البنية التحتية، وقد شاركت الوزارة بعمق في تطوير البنية التحتية للاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة، بما في ذلك النطاق العريض والألياف الضوئية وشبكات الجيل الخامس.

أما في الإمارات، تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة بواحد من أعلى معدلات الإنفاق للفرد على الألعاب في العالم، بمعدل 115 دولار أميركي سنويا للاعب وسطيا، مقارنة بـ 68 دولار أميركي في المتوسط للاعب السعودي.

نظرا لأن عددا كبيرا من شركات إنتاج الرياضات الإلكترونية، بما في ذلك “اتحاد الإمارات للرياضات الإلكترونية”، و”Boss Bunny” و”Kashkool Games”، تنقل عملياتها إلى أبو ظبي، فإن السوق ينضج بسرعة، ويتم تصميم البيئة لتسريع النمو.

في عام 2021، تم تأسيس “AD Gaming”، وهي مبادرة حكومية أنشأتها المنطقة الإعلامية الحرة في أبوظبي “twofour54” كمبادرة حكومية تعاونية لتطوير نظام بيئي للألعاب والرياضات الإلكترونية في الإمارة، ومنذ إطلاق المبادرة، نقل فريق “Nigma Galaxy”، أحد أنجح فرق الرياضات الإلكترونية في العالم، مقره الرئيسي إلى جزيرة ياس في أبوظبي، ومن خلال شراكته مع “AD Gaming”، أصبح أول فريق رياضي إلكتروني يشترك مع شركة طيران كبرى، وهي الاتحاد للطيران.

كما دخلت “AD Gaming” أيضا في شراكة مع شركة “Unity Technologies” المتخصصة في تطوير الألعاب، ومقرها أبوظبي، لتوفير خبرة تطوير الألعاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. 

أبوظبي تعِد بأن تكون مرتعا للنشاط في صناعة الألعاب في السنوات القادمة. إذ يقول جيمس هارت، مدير الإستراتيجية وتطوير الأعمال في “AD Gaming” لموقع “إنفستمنت مونيتر”، “ستكون [الإمارة] مكانا نابضا بالحياة إذا كنت لاعبا أو تعمل في مجال تطوير الألعاب”.

ستكون المواهب المتخصصة عامل تسريع رئيسي لهذه الصناعة. ويضيف هارت، “لدينا مجموعة من مشاريع تنمية المواهب التي تم إطلاقها مع نظام الجامعة. نحن نربط نظام التعليم بالصناعة على أرض الواقع هنا في أبو ظبي، ونوفر وظائف تتطلب مهارات ونغذي المواهب على مستوى عالمي”.

كما يجري بالفعل تنفيذ مشاريع بنية تحتية مهمة. يقول هارت، “لدينا بالفعل 16 استديو لتطوير الألعاب تم إنشاؤها في أبو ظبي، وهذا العدد ينمو بسرعة. ستستضيف جزيرة ياس 10 آلاف محترف مبدع وأكثر من 600 شركة من صناعة الألعاب والإعلام الأوسع. ويضيف هارت “إن الطلب على الشركات للانضمام إلى المجتمع الإبداعي في ياس ضخم، فهم يرون ما تبنيه أبو ظبي ويريدون أن يكونوا جزءا منه”.

من الإضافات الأخرى ذات المستوى العالمي إلى الفضاء الترفيهي في أبوظبي، إطلاق “Pixoul”، وهي أكبر ساحة للرياضات الإلكترونية ومجمع ألعاب الواقع الإفتراضي في المنطقة.

قد يهمك: السياسة وألعاب الفيديو، علاقة قديمة تتجدد باستمرار

الإعلام الجديد؟

بحسب تقرير حديث لصحيفة “الإيكونوميست”، فإن نضوج الألعاب لا يجعلها تنافس الوسائط الأخرى وحسب، بل إنه يجعلها أشبه بـ “باك مان المفترس” الذي يلتهمها. وذلك على خلفية إطلاق “وورنر براذرس” لعبة “هاري بوتر” الجديدة الشهر الماضي والتي حصدت 850 مليون دولار في أسبوعين.

هذا النجاح ليس طفرة على التوجهات الحديثة، فالجمهور أصبح يستهلك الوسائط القديمة من خلال الألعاب بشكل متزايد. إذ اتخذ أحدث موسم من مسلسل “The Walking Dead” شكل لعبة تفاعلية على “فيسبوك”، كما يؤدي موسيقيون مثل أريانا غراندي حفلات موسيقية في “Fortnite”. وحتى شبكات التواصل الاجتماعي تهاجر جزئيا إلى ساحة الألعاب، إذ توفر المنصات مثل “روبولوكس” مكانا للعب الأطفال، ولكن أيضا للتنزه والدردشة والتسوق. 

كل هذا يحمل دروسا للصناعات الأخرى، فإذا كنت تعمل في مجال الإعلام، فأنت بحاجة إلى أن تكون ضليعا في مجال الألعاب، بحسب “الإيكونوميست”. وكما هو موضح، فإن الحكومات أيضا تولي اهتماما واسعا بالصناعة، فبعد أن كان شاغلها حتى الآن هو ما إذا كانت الألعاب تتلف عقول الشباب والمراهقين، أصبحت هناك أسئلة أكبر تلوح في الأفق.

مع توسع الألعاب وانتشارها إلى وسائط إعلامية وترفيهية أخرى، أصبح من الواضح أن مَن يسيطر على الألعاب سيكون له نفوذٌ ما في كل شكل من أشكال التواصل. وعليه، فإن مستقبل وسائل الإعلام ودورها كمحرك للرأي العام سيتعلق بلا شك بمستقبل الألعاب.

قد يهمك: هل ينجح مسلسل “The Last of Us” في كسر لعنة اقتباسات الألعاب؟ 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.