استمع إلى المقال

التقنيات المستخدمة في الهواتف المحمولة تطورت كثيرا في السنوات الأخيرة، إذ شهدت عدة قفزات تقنية جعلتها قادرة على منافسة الحواسيب المحمولة والكاميرات الاحترافية، ورغم كل هذه القفزات، إلا أن التقنية المستخدمة في صناعة بطاريات الهواتف المحمولة مازالت كما هي. 

البطاريات أصبحت أشبه بعنق الزجاجة التي تحول دون تقديم المزيد من التقنيات الرائدة في الهواتف المحمولة، لأن استخدام عدد كبير من التقنيات الرائدة في هاتف واحد سيؤدي إلى نفاذ بطاريته بشكل سريع للغاية، وهو الأمر الذي نعيشه مع جزء كبير من الهواتف الرائدة حاليا، ولكن هل اقترب التخلص من عنق الزجاجة التي تسببت فيه البطاريات. 

الوضع الحالي للبطاريات 

البطاريات المستخدمة حاليا في جميع الأجهزة الكهربائية مثل السيارات الكهربائية أو الهواتف المحمولة أو الحواسيب المحمولة تعتمد على مزيج كيميائي من أيونات الليثيوم، وعندما تنتقل جزيئات الليثيوم بين طرفيّ البطارية تنتج الطاقة، وعند شحن البطارية، فإن جزيئات الليثيوم تنتقل في عكس الاتجاه الأول لتخزين الطاقة في البطارية.  

مايكل ستانلي ويتينغهام- مصدر الصورة : مجموعة فولكسفاجن

آليّة عمل البطاريات في شكلها الحالي اكتشفت لأول مرة من قبل العالم مايكل ستانلي ويتينغهام في عام 1976 وقد حصل على براءة اختراع لهذه التقنية، ورغم أن أول منتج قدمه ويتينغهام ضم بعض المشاكل البسيطة التي كانت تؤدي إلى انفجار البطارية، إلا أنه شكّل نقلة نوعية في عالم تخزين الطاقة وتشغيل البطاريات لأن البطارية كانت بحجم ووزن أصغر من البطاريات المعتادة وكانت قادرة على تخزين الطاقة بشكل أكبر من أي بطارية في وقتها. 

جون جودانف – مصدر الصورة : جامعة تيكساس

الشكل الحالي للبطاريات وصل إليه عالم آخر وهو جون جودانف الذي تمكن تطوير نموذج البطاريات الذي قدمه ويتينغهام وحل جميع المشاكل الموجودة فيه في الفترة بين 1976 و1986 لتبدأ الأجهزة الإلكترونية المختلفة في استخدام التصميم المحسّن للبطارية الصغيرة القادرة على الاحتفاظ بشحن أكبر. 

قد يهمك أيضا: التحديات أمام البنيّة التحتية للإنترنت في المنطقة

التقنية المستخدمة في تصميم البطاريات لم تتغير كثيرا منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا، إذ إن الاختلاف الوحيد أصبح في سرعة شحن البطارية وحجم الشحنة التي تحتفظ بها البطارية ذاتها، ولهذا أصبحنا اليوم نرى بطاريات بحجم 5 آلاف و 6 آلاف مللي أمبير وسرعات شحن تصل إلى 150 واط في بعض الهواتف، ولكن ما زالت هذه التقنيات تدور حول البطاريات المصنوعة من الليثيوم المعتاد كما كانت منذ أكثر من 30 عاما.

مجال واسع للتطور

غياب التطور على مستوى بطاريات الهواتف ترك المجال واسعا لأي ابتكار جديد مهما كان، إذ تركز الشركات على تقنيات الشحن وجعل الهواتف تحصل على الطاقة من أي مصدر محيط بها حتى لو كان لاسلكيًا أو زيادة حجم البطارية مع إهمال كبير في المواد التي صنعت منها البطاريات ذاتها أو حتى طريقة صناعتها. 

التطور الذي قد يحدث في عالم الهواتف المحمولة إذا ما تطورت طريقة صناعة البطاريات واعتمدت على تقنيات جديدة سيكون الأكبر بعد تطور المعالجات الذكية في الهواتف، إذ إن بناء بطارية هاتف قادرة على الاحتفاظ بالشحنة لفترة أطول أو تمتلك سعة طاقة أكبر في حجم صغير سيتيح للمطورين بناء هواتف مجنونة وذات إمكانات مجنونة دون الخوف من حدود البطارية في الاستخدام. 

قد يهمك أيضا: كيف تسير خطة “أبل” بشأن الحياد الكربوني؟

السعي وراء تطوير تقنيات الشحن فقط لن يكون كافيا لمجاراة المتطلبات المرتفعة لهواتف وأجهزة المستقبل، وهو ما رأيناه بأعيننا منذ بدأت الهواتف في التحول إلى النموذج الأكثر ذكاء الموجود حاليا، وبعد أن كانت بطارية الهاتف قد تستمر لأيام طويلة أو أسابيع في الماضي، أصبحت الآن قد لا تكمل اليوم الواحد. 

تطوير التقنية القديمة 

تقنية بطاريات الحالة الصلّبة تشكل المستقبل في عالم الهواتف المحمولة والبطاريات بشكل عام، وذلك لأنها قادرة على الاحتفاظ بشحنة أكبر لفترة أكبر كثيرا، ورغم أنها لا تعتمد على تقنية جديدة بالكامل، إلا أنها تعد تحسينا كبيرا على تقنية بطاريات الليثيوم المستخدمة حاليا. 

تصميم بطاريات الحالة الصلبة يختلف عن البطاريات المعتادة في أنه يتخلى عن الحالة السائلة لليثيوم المخزّن في البطارية، ويضع بدلا منها ليثيوم في حالة صلبة، مما يقلل الفراغات بين جزيئات الليثيوم ويجعل البطارية تضم كبيرة أكبر من الليثيوم مما ينتج عنه عمر افتراضي أطول قليلا. 

رسم تخيلي يشرح الفرق بين بطاريات الحالة الصلبة والبطاريات المعتادة – المصدر شركة Idemitsu صانعة البطاريات اليابانية

الاختبارات التي أجريت على بطاريات الحالة الصلبة تُثبت أنها قادرة على الاحتفاظ بالشحنة لفترة أكبر كثيرا، إذ أن بطارية الحالة الصلبة بسعة 3 آلاف مللي أمبير قادرة على الاحتفاظ بالشحنة لمدة تزيد عن بطاريات الليثيوم المعتادة بحجم 5 آلاف مللي أمبير. 

مزايا بطاريات الحالة الصلبة لا تتوقف عند احتفاظها بالطاقة لفترة أطول، بل تمتد إلى أمان البطارية واستخدامها اليومي لأنها ليست عرضة للحرارة مثل البطاريات المعتادة، وهو ما يتيح للشركات تطوير تقنيات شحنة سريعة للغاية دون الخوف على حالة البطارية، كما أن تصميمها لا يقتصر على الشكل المعتاد للبطاريات، لذلك تستطيع الشركات جعلها نحيفة أو وضعها في أي مكان في الهاتف ترغب فيه. 

قد يهمك أيضا: قصة سقوط “HTC”.. كيف اختفت إحدى أقوى شركات الهواتف المحمولة؟

سامسونج” حاليا تقود السباق في تطوير بطاريات الحالة الصلبة، ورغم أنها مازالت تقنية اختبارية، إلا أنها تشكل النقلة الثورية التي يحتاجها عالم الهواتف المحمولة أكثر من تطوير شاشات أو كاميرات جديدة، ولكن ما زال أمامها الكثير حتى تصبح تقنية رائجة يمكن استخدامها في كافة الهواتف، وذلك بسبب تكلفة صناعة هذه البطاريات. 

صناعة بطاريات الحالة الصلبة يكلف الشركات كثيرا، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الهواتف المحمولة تباعا، وهو ما يشكل العقبة الأكبر أمام هذه التقنية وانتشارها بالشكل المعتاد. 

بعض الشركات تحاول الانتقال إلى مواد جديدة لصناعة البطاريات بدلا من تحسين التقنية المستخدمة حاليا مثلما يحدث مع بطاريات الحالة الصلبة، هذه الشركات تحاول استخدام “السيليكون” ليكون بديلا لبطاريات الليثيوم المعتادة، ولكن ما زالت هذه الأبحاث أيضا في بدايتها حتى الآن. 

تطوير تقنية بطاريات جديدة هو مستقبل الهواتف المحمولة، إذ تتيح البطاريات الأكبر للشركات أن تضيف المزايا التي ترغب فيها وأن تجعل شكل الهاتف كما ترغب، وهي فرصة أمام الشركات لكسر التقليدية وتطوير هواتف مبتكرة حقا. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
5 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات