قصة سقوط “HTC”.. كيف اختفت إحدى أقوى شركات الهواتف المحمولة؟

قصة سقوط “HTC”.. كيف اختفت إحدى أقوى شركات الهواتف المحمولة؟
استمع إلى المقال

شركة “HTC” هي واحدة من الشركات القليلة التي صنعت تاريخ هواتف “أندرويد” كما نعرفه اليوم، وكان لها دور واضح في توجه الكثير من شركات الهواتف المحمولة والشكل الحالي لها، وتمكنت في الفترة التي كانت نشطة فيها من أن تصنع مجموعة من الهواتف المبتكرة التي كانت تقدم تجربة مميزة ومختلفة عن أي هاتف نعرفه اليوم. 

نجاح “HTC” وتفوقها في قطاع الهواتف المحمولة وتطويرها لم يستمر لفترة طويلة، إذ بدأت أسهم الشركة ونسبة هواتفها المباعة تنخفض تدريجيا حتى وصلت إلى 0.05 بالمئة في عام 2019 لتكون تلك اللحظة النهاية الحقيقية لها، ولكن لماذا اختفت الشركة وفشلت في تحقيق النجاح المتوقع لها. 

وصول “HTC” للقمة 

النجاح الكبير الذي تمكنت “HTC” من تحقيقه في عالم الهواتف المحمولة جذب أنظار الجميع مما جعل “جوجل” المالكة للنظام تستثمر في الشركة وتتعاون معها من أجل بناء هواتف “نيكسس” الرائدة في الماضي، ورغم أن هذا النجاح لم يبدأ حتى عام 2008، إلا أن “HTC” كانت موجودة منذ فترة كبيرة، وتحديدا منذ عام 1997. 

قد يهمك أيضا:شركة HTC تُعلن عن سماعات لاسلكية بمواصفاتٍ رائدة وسعرٍ مميّز

ابتكارات “HTC” تعود إلى بداية تاريخها، إذ كانت واحدة من أوائل الشركات التي أطلقت هاتف مع شاشة لمس كاملة في عام 2000، وفي عام 2002 كانت أول شركة تعتمد على نظام “ويندوز” في هواتفها المحمولة عندما أطلقت هواتف “OZone”، كما كان لها الفضل في انتشار تقنية “3G” عبر تبنيها في جميع هواتفها منذ عام 2005. 

htc ozone

شركة “HTC” تأسست في تايوان على يد شير ونجر وبيتر شو، وقد جاء هذا الاسم اختصارا لجملة “High-Tech Computer Corporation”، ورغم أن الهدف الرئيسي وراء تأسيس الشركة كان صناعة الحواسيب المحمولة، إلا أنها لاحقا توسعت لتشمل الهواتف المحمولة التي أصبحت تركيزها الوحيد وعُرفت بها عالميا. 

رحلة مليئة بالنجاح 

اختفاء “HTC” مؤخرا لا يعني أبدا أنها كانت شركة فاشلة في وقتها، والحقيقة هي العكس تماما، إذ كانت واحدة من أكثر الشركات إيمانا بالمستقبل وتبنيّا لتقنياتها، لذلك يعود لها الفضل في انتشار الكثير من التقنيات المختلفة مثل تقنية “3G” و “4G” أيضا إلى جانب انتشار هواتف “أندرويد” بالشكل الذي نعرفه اليوم، لأنها كانت أول من أطلق هاتف “أندرويد” على الإطلاق. 

قد يهمك أيضالماذا تحولت الهواتف المحمولة من الرفاهية إلى الضرورة؟

تحت اسم “T-Mobile G1” في أميركا واسم “HTC Dream” في مختلف دول العالم انطلق أول هاتف “أندرويد” في 23 أيلول/سبتمبر عام 2008 ومعه انطلقت حقبة مذهلة من الهواتف المحمولة لازلنا نعيشها حتى اليوم. 

تي-موبل جي1 - ويكيبيديا

تصميم هاتف “Dream” كان مبتكرا للغاية في وقتها، إذ لم تكن شاشات اللمس انتشرت بَعد بالشكل الكافي وكانت “HTC” تحاول خفض سعره قدر الإمكان حتى يتمكن من الانتشار، لذلك اعتمدت على آليّة تحريك الشاشة تكشف أسفلها عن لوحة مفاتيح فيزيائية إلى جانب مجموعة من الأزرار أسفل الشاشة للتحكم فيها، وقد كان الهاتف في وقته ثوريّا بالمعنى الحرفي للكلمة، إذ لم يعد العالم كما كان بعد إطلاق هذا الهاتف. 

ابتكارات “HTC” لم تقتصر فقط على الهواتف المحمولة ومعداتها، بل تمكنت من تطوير أول واجهة رسومية ثلاثية الأبعاد قابلة للتعديل في هواتف “ويندوز”، وهي الأب الروحي لجميع الواجهات الموجودة حاليا في مختلف الهواتف الذكية، وهي واجهة “TouchFLO 3D” ثم نقلتها لاحقا لتصبح “HTC Sense” على هواتف “أندرويد”. 

HTC Sense 4 vs. HTC Sense 5 – Phandroid

تجربة الواجهة كانت ثوريّة في وقتها، إذ لم تكن مثل بقية الواجهات المملة التي لا تستطيع التعديل فيها أو استخدام مزايا الهاتف المتنوعة، بل قدمت طريقة سريعة وسهلة للوصول إلى مختلف مزايا الهاتف والتمتع بها، وبسبب هذا الابتكار وغيره، حصدت “HTC” لقب الشركة الأكثر إبداعا في عام 2010

نجاح “HTC” المذهل جذب أنظار “جوجل” التي كانت تفكر لفترة طويلة في إطلاق هواتف محمولة خاصة بها على غرار هواتف “أبل” المختلفة، ولم تجد “جوجل” شريكا في مسعاها أفضل من “HTC”، لذلك قررت التعاون معها من أجل إطلاق أول هاتف “نيكسس”، وهذه الهواتف هي الجيل الأول من هواتف “بيكسل” التي نعرفها اليوم، وفي وقتها كانت هواتف “نيكسس” تقدم تجربة فريدة ومختلفة لا تشبه أي هاتف آخر، إذ كانت “جوجل” تسعى دائما لتقديم الأفكار المجنونة في هواتفها. 

هاتف Nexus one

سقوط “HTC” المدوي 

رحلة سقوط “HTC” لم تكن سريعة ونتيجة هجمات خارجية أو حتى أسباب تقنية بحتة، بل كانت نتيجة مجموعة من القرارات الخاطئة على مستوى الشركة، وهي قرارات استثمارية تركت الشركة في ضائقة مالية كبيرة، وهو ما جعلها تسارع لإطلاق الهواتف الجديدة دون تقديم الابتكار الذي عهده المستخدمين منها. 

الأخطاء في إطلاق الهواتف الجديدة والاعتماد على تقنيات قديمة عادة لا يقتل الشركات، إذ تقوم به الكثير من الشركات الأخرى، ولكن السبب الرئيسي الذي جعل هذا الخطأ قاتلا كان منافسو الشركة، والذي تمثلوا وقتها في “Samsung” و “Motorola” و “Apple” بالطبع، ورغم أن “HTC” كانت تقدم هواتف مختلفة عنهم، إلا أنها لم تقدم مزايا أو سعر قادر على المنافسة حقا مما نتج عنه ضعف كبير في المبيعات وانخفاض غير مسبوق فيها قبل الاختفاء النهائي في عام 2019. 

أكبر خطأ قامت به “HTC” وهو الخطأ الذي كلف الشركة اسمها وثروتها كان الاستثمار في شركة شرائح تدعى”S3 Graphics”، وذلك من أجل منافسة الشرائح التي تصنعها “أبل” لهواتفها المحمولة، وذلك في صفقة تكلفتها 300 مليون دولار، وتلك كانت القشة التي قسمت ظهر البعير، وأدخلت الشركة في مجموعة من الإطلاقات الفاشلة والتي لم تستطيع جذب المستخدمين أو تحقيق أي مبيعات جيدة للشركة.  

مبيعات “HTC” استمرت في الانخفاض بشكل كبير ومطّرد حتى عام 2019، إذ بلغت مبيعاتها 330 مليون دولار وهو ما شكل انخفاض بمقدار 60 بالمئة عن عام 2018 و 84 بالمئة عن عام 2017، وذلك قبل أن تختفي تماما في العام ذاته وتترك صناعة الهواتف المحمولة. 

ماذا حدث لشركة “HTC”؟ 

المعاناة التي عاشتها “HTC” بعد عام 2019 لم تكن في حسبان الإدارة في الماضي، إذ لم تتمكن من منافسة “سامسونج” ومقارعتها في قطاع الهواتف المحمولة لأن الأخيرة كانت تمتلك ميزانية ضخمة ساعدتها على إطلاق آلاف الهواتف، ولكن مصائب قوم عند قوم منافع. 

“جوجل” رأت في إنهيار شريكتها القديمة فرصة ذهبية للاستحواذ على فريق الابتكار وشراء حصة كبيرة في شركة “HTC”، إذ استثمرت بمقدار 1.1 مليار دولار في “HTC”، وفي مقابل هذا الاستثمار حصلت “جوجل” على حقوق استخدام جميع الممتلكات الفكرية لشركة “HTC” والاستفادة من التقنيات التي طورتها، والأهم أنها حصلت على 2000 مهندس من فريق الشركة، وهم الفريق المسؤول عن تطوير الكثير من الابتكارات المتنوعة فيها. 

شركة “HTC” لم تعد كما كانت بعد هذه الصفقة، إذ قررت التركيز على تقنيات الواقع الافتراضي وبدأت في تطوير وصناعة نماذج مختلفة من خوذ الواقع الافتراضي الخاصة بها تحت اسم “Vive”، وبينما لا تزال الشركة تحتفظ بملكيّة هذا الابتكار ولم تختفي تماما من أسواق البورصة العالمية، إلا أنها لم تعد تطور هواتف محمولة، مما أفقد قطاع الهواتف المحمولة واحدة من أهم الشركات وأكثرها ابتكارا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
4.5 2 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات