مصر وشرائح “eSIM” الإلكترونية.. بين الوعود والواقع

مصر وشرائح “eSIM” الإلكترونية.. بين الوعود والواقع
استمع إلى المقال

الشرائح الإلكترونية أو “eSim” هي الطراز الأحدث من شرائح الهواتف المحمولة، وهي تقدم العديد من المزايا التي تتفوق على الشرائح الفيزيائية الصغيرة المعروفة باسم “Micro-sim”، ورغم أن هذه الشرائح أُطلقت رسميا منذ عدة سنوات في مختلف الدول حول العالم، إلا أنها لم تصل مصر بَعد بشكل رسمي. 

رسميا، مصر أعلنت في عدة مناسبات سابقة أنها تخطط لإطلاق شرائح “eSIM” بالتعاون مع شركات الاتصالات العاملة في الدولة، وهي “فودافون” و”أورانج”و “إتصالات مصر” و”We”، ورغم أن هذا الإعلان كان منذ أكثر من عام تقريبا، إلا أنه وحتى اليوم لم تظهر أي تفاصيل جديدة عن هذه الخطة. 

هل شرائح “eSIM” هامة؟ 

الحديث عن نوع جديد من شرائح الهاتف الإلكترونية قد لا يهم الكثير من المستخدمين وسكان المنطقة خصوصا مع تصاعد الأزمات الاقتصادية التي تؤثر بشكل كبير على حياة المواطنين في مصر، ولكنه حديث يجب الخوض فيه كون هذه الشرائح تسهّل الكثير من التجارب على المستخدمين سواء من المواطنين أو القادمين إليها كسيّاح.

الشرائح الإلكترونية أو “eSIM” تستبدل الشرائح الاعتيادية تماما، وذلك عبر رمز “QR” قادر على إدخال الهاتف في شبكة الاتصالات وتعيين رقم خاص به، لتصبح بذلك طريقة سهلة لاستخدام شرائح الاتصالات دون وجود شريحة فعلية، ويمكن شراء هذه الشرائح عبر التطبيقات المختلفة بما فيها تطبيقات شبكات الهواتف المحمولة.

لذلك عندما يحتاج أحدهم إلى شراء شريحة هاتف محمول، فإن كل ما يجب القيام به هو تحميل التطبيق ثم اختيار الشريحة والحزمة وبعد ذلك الدفع، لتصله رسالة تفعيل الخط الجديد ويصبح جاهزا لاستخدامه من هاتفه دون التوجه لاستلام أي شريحة. 

مثل هذا الشرائح تقلل كثيرا من النفايات الإلكترونية والبلاستيكية التي تُنتج عن صناعة الشرائح المعتادة، ولهذا توجهت لها الكثير من الدول حول العالم، وهو التوجه الذي يتفق مع الرغبة في التحول الأخضر داخل مصر، كما أن سهولة التعامل وامتلاك هذه الشرائح تساعد السياح والكثير من المواطنين لامتلاك شرائحهم الخاصة. 

عند استخدام الشرائح الإلكترونية، فإن المستخدم يستطيع امتلاك أكثر من شريحة معا ووضعها في هاتفه واستخدامها معا في وقت واحد دون الحاجة لإزالة الشرائح من هيكل الهاتف أو امتلاك هاتف جديد ذو مساحتين للشرائح المعتادة. 

لماذا التأخر؟ 

الأخبار حول نيّة جهاز تنظيم الاتصالات المصري تقديم الشرائح الإلكترونية ظهرت للمرة الأولى منذ أيلول/سبتمبر الماضي، وقد أعلنت شركة “المصرية للاتصالات” أو “We” كما تُعرف اصطلاحا في مصر عن نجاحها في اختبار الشرائح الإلكترونية منذ الوقت ذاته، وتبعها بعد ذلك بقية الشركات. 

رغم غياب التصريحات حول هذا الأمر، إلا أن المرة الأخيرة التي ذكر فيها، كان جهاز “تنظيم الاتصالات” ينتظر وضع الحلول النهائية والآلية النهائية لتنظيم هذه الشرائح وتشغيلها، وحتى الآن لم تظهر أي تفاصيل جديدة بشكل رسمي، رغم أن بعض ممثلي الشركات صرّحوا سابقا أن هذه الشرائح تصبح جاهزة للعمل في نهاية هذا الشهر حزيران/ يوليو 2023. 

هناك عدة أسباب قد تكون لها المساهمة في تأخير إطلاق الشرائح الإلكترونية “eSIM”، ربما في مقدمتها هو إيجاد طريقة لمواجهة مافيا شرائح الهواتف المحمولة داخل الدولة، إذ يقوم البعض بشراء شرائح الهواتف المحمولة وتسجيلها بأي اسم ثم يعيدون بيع هذه الشرائح بشكل غير رسمي.

أزمة مافيا شرائح الهاتف المحمول دفعت الحكومة بالتعاون مع الشركات إلى فرض قيود أكثر صرامة على محاولة شراء الشرائح الإلكترونية، بداية من تسجيل الشريحة باسم المستخدم الحقيقي وإلا رفض التعامل عليها رسميا واعتبارها ملكية مسروقة وصولا إلى فرض غرامات وطلب مستندات إثبات شخصية للمالك ووضع قيود على عدد الشرائح التي يمكن لشخص واحد امتلاكها، وهي جهود بدأت منذ عدة أعوام وليست وليدة اليوم. 

حلول مبتكرة 

التحديات التي قد تواجه “جهاز تنظيم الاتصالات” المصري في محاولة لتفعيل هذه الخاصية قد تكون متعددة ومختلفة، ولكنها في النهاية تحديات يمكن إيجاد حلول لها ولا تختلف كثيرا عن الشرائح المعتادة، بل يمكن القول أن المزايا التي تقدمها الشرائح الإلكترونية “eSIM” تتفوق على تلك التحديات والعيوب. 

بالطبع يمكن للحكومة تطبيق القيود التي ترغب بها على عملية شراء الشرائح الإلكترونية ورفض تفعيل الشريحة حال وجود مشكلة ما في المستندات أو القيام بممارسات غير شرعية، وهو الأمر ذاته الذي يحدث في الشرائح المعتادة، لذلك تأخر الحكومة في تفعيل هذه الخاصية حتى الآن أمرٌ يثير الاستغراب، خاصة وأنها لا تشكل أي تهديد على الأمن الوطني أكثر من شرائح المحمول المعتادة. 

هل تعمل شرائح “eSIM” في مصر؟ 

الإجابة على هذا السؤال هي نعم، تعمل شرائح “eSIM” في مصر بشكل رسمي، ويمكنك استخدامها والاستفادة منها، ولكن ذلك بعيدا عن شركات الهواتف المحمولة المصرية، ويعني هذا أن المستخدمين الذين يأتون مع شرائح إلكترونية أو يقتنون شرائح إلكترونية من خارج مصر قادرين على الاستفادة من هذه الخاصية داخل الدولة دون أي تحديات. 

كما يمكن شراء شريحة إلكترونية في مصر من بعض المواقع والشركات الخارجية مثل “Nomad” التي تبيع الشريحة الإلكترونية بأسعار تبدأ من 5 دولارات، وهذا لأن غالبية مستخدمي هذه الشرائح هم من السّياح أو القاطنين خارج الدولة. 

ختاما، لا يسعنا إلا التعجب من سبب التأخر الذي لم تعلن عنه الحكومة حتى الآن وصممت أن تضعه طيّ الكتمان، وعلى الأغلب، فإن المسؤولين في الجهات الحكومية لا يرون أهمية لمثل هذه الشرائح، وبالتالي لا يحاولون إيجاد حلول حقيقية حتى تعمل، وهو الحال مع الكثير من الخدمات المبتكرة والحديثة حول العالم التي لا يستطيع موظفو الحكومة المصرية والمسؤولين فيها استيعابها من أجل وضع قوانين جديدة تناسبها وتلائمها. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
3.8 4 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات