“سامسونج” تتجه نحو اليابان.. ذوبان الجليد بين طوكيو وسيؤول؟

“سامسونج” تتجه نحو اليابان.. ذوبان الجليد بين طوكيو وسيؤول؟
استمع إلى المقال

بعد التقارب الجديد بين سيؤول وطوكيو تحت قيادة رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك يول، ورئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، تفكر “سامسونج”، أكبر صانع للرقائق في العالم من حيث الإيرادات، ببناء منشأة بحث وتطوير في اليابان مع تعيين بدء العمليات اعتبارا من عام 2025، فهل هذا يعني ذوبان الجليد في العلاقات بين البلدين.

اليابان تمثل شريكا مهما في أعمال الرقائق للشركة الكورية الجنوبية، وفي الوقت نفسه يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها خطوة لتعزيز الشراكة الضعيفة بين البلدين، بالتالي تذويب الجليد، عقب الخلافات التي تعود إلى الحكم الاستعماري الياباني لشبه الجزيرة الكورية، وما أسفر عنها من توتر في العلاقات الاقتصادية الثنائية خلال السنوات القليلة الماضية.

“سامسونج” تعود إلى اليابان

الشركات تتسابق لتطوير تقنيات تعبئة متقدمة، التي تتضمن وضع شرائح ذات وظائف مختلفة في حزمة واحدة، لتعزيز القدرات العامة والحد من التكلفة المضافة للرقائق الأكثر تقدما. هذه التعبئة الثلاثية الأبعاد تساعد الشركات المصنعة أيضا في تحسين أداء الرقاقة حتى أثناء دفع الحدود المادية من أجل الحصول على ميزات الرقاقة الصغيرة.

لتعزيز أعمالها في مجال التعبئة المتقدمة وإقامة علاقات أوثق مع صانعي معدات ومواد أشباه الموصلات اليابانية، تخطط الشركة الكورية الجنوبية لإنشاء خط اختبار تعبئة الرقائق في اليابان. هذا الخط يمثل الأول من نوعه في اليابان لشركة “سامسونج”، ويشمل ما يسمى بالعملية النهاية الخلفية لصناعة الرقائق، التي تشير إلى عملية يتم فيها قطع أشباه الموصلات وتجميعها في منتجات.

في يوكوهاما، حيث يوجد لديها معهد للبحث والتطوير في اليابان، فإن الشركة الكورية الجنوبية تخطط لبناء المنشأة، التي تقدر تكلفتها بنحو 40 مليار ين (286 مليون دولار)، ويتم دعم ثلثها تقريبا من قبل الحكومة اليابانية وتتضمن خط اختبار لتعبئة الرقائق.

مؤخرا، أعادت “سامسونج” تنظيم مرافقها للبحث والتطوير في اليابان، حيث جمعت جميع مختبرات أشباه الموصلات الـ 5 ومعهد واحد لأبحاث الشاشات لتأسيس معهد “سامسونج” للبحث والتطوير في اليابان.

المحادثات مع الحكومة اليابانية بشأن هذه المنشأة ما تزال مستمرة، ويؤدي تأسيس هذه المنشأة إلى تعزيز التعاون بين صناعات أشباه الموصلات اليابانية والكورية.

إذا قررت “سامسونج” بناء المنشأة في يوكوهاما، فمن المحتمل أن تتلقى دعما من الحكومة اليابانية تصل قيمته إلى 15 مليار ين (110 مليون دولار).

من جانبها، تتطلع “سامسونج” إلى تعميق التعاون مع الشركات اليابانية، حيث أن اليابان جذابة بسبب تكاليف العمالة المنخفضة نسبيا ووجود شركات تصنيع رقائق ومعدات رائدة، مما يسمح لشركة “سامسونج” بالوصول إلى نظام بيئي محلي.

اليابان تعزز صناعتها

اليابان التي كانت ذات يوم رائدة عالميا في إنتاج شرائح الذاكرة، تحاول إعادة بناء قاعدتها الإنتاجية من خلال جذب الاستثمار الأجنبي.

نتيجة لذلك، أعلنت الحكومة اليابانية عن برنامج دعم لتعزيز صناعة الرقائق المحلية، وعرضت تقديم 3.6 مليار دولار لمشروع مشترك بين شركات “سوني” و”دينسو” و”TSMC” لإنشاء مصنع شرائح في كوماموتو اليابانية. هذه الشركات أسست شركة “صناعة أشباه الموصلات المتقدمة في اليابان” في عام 2021.

كما هو الحال في البلدان الأخرى القوية من حيث صناعة الرقائق، فإن اليابان تتمتع بنقاط قوة في المواد وعمليات ما بعد التصنيع مثل تعبئة الرقائق، ومن المفيد أن تمتلك “سامسونج” منشأة بحثية في البلاد. 

رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، التقى بمديرين تنفيذيين من شركات الرقائق الرائدة، بما في ذلك “سامسونج”، لتعزيز التعاون المتعدد الأطراف.

في الشهر الماضي، أشارت اليابان إلى أنها تمنح 260 مليار ين (1.857 مليار دولار) كدعم لشركة “رابيدوس” المحلية لصناعة الرقائق، التي تبني مصنعا في جزيرة هوكايدو الشمالية، بالإضافة إلى 70 مليار ين (500 مليون دولار) من التمويل الحكومي الذي تم تأمينه في وقت سابق.

في عام 2021، استثمرت “TSMC”، أكبر منافس لـ “سامسونج”، باستثمار كبير في اليابان، في خطوة تهدف إلى تنويع قاعدة إنتاج الشركة وسط مخاوف بشأن التركيز المفرط لإنتاج الرقائق في تايوان. 

إلى جانب ذلك، افتتحت “TSMC” في العام الماضي مركزا للأبحاث في مدينة تسوكوبا، شمال شرق طوكيو، بتكلفة تقدر بنحو 37 مليار ين (264 مليون دولار)، بما في ذلك 19 مليار ين (136 مليون دولار) من الإعانات الحكومية اليابانية. مرفق “TSMC” يتضمن خط إنتاج للبحث.

تخفيف التوترات

الخطوة التي اتخذتها الشركة الأكثر قيمة في كوريا الجنوبية قد تؤدي إلى مزيد من التعاون بين صناعات الرقائق في البلدين، وتعزز الخبرة المتبادلة بين اليابان وكوريا الجنوبية، حيث تُعد “سامسونج” أكبر شركة لتصنيع شرائح الذاكرة في العالم، بينما تُعتبر اليابان أكبر منتج للمواد الأساسية لإنتاج الرقائق ومعدات صناعة الرقائق.

استثمار “سامسونج” يأتي في وقت يجري فيه تخفيف التوترات بين اليابان وكوريا الجنوبية، حيث تحث الولايات المتحدة حلفاءها على العمل معا لمواجهة قوة الصين الصاعدة في الرقائق والتقنيات الأخرى.

التنفيذيون من الحليفين للولايات المتحدة تعهدوا بالعمل عن كثب على الرقائق والتكنولوجيا، حيث عملت واشنطن على تحسين الدبلوماسية التجارية مع كلا البلدين، مع التركيز بشكل خاص على الرقائق، في محاولة لمواجهة الصين.

اليابان أوضحت أنها تقيد صادرات 23 نوعا من أدوات صنع الرقائق، لتوائم ضوابطها التجارية التكنولوجية مع دفع الولايات المتحدة للحد من قدرة الصين على تصنيع رقائق متقدمة.

في الشهر الماضي، التقى كيشيدا مع رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك يول، في سيؤول في أول زيارة من نوعها منذ 12 عاما، حيث تعهد الزعيمان بتعزيز التعاون. بينما أجرى الرئيس الكوري الجنوبي أول زيارة يقوم بها زعيم كوري جنوبي لليابان منذ 12 عاما، حيث التقى بقادة أعمال من كلا البلدين.

ختاما، فإن خطة “سامسونج” لبناء منشأة للبحث والتطوير في اليابان تتماشى مع قرار الشركة بزيادة الإنفاق على البحث والتطوير، الذي تعتبره وسيلة للتغلب على الانكماش الحاد في صناعة الرقائق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات