استمع إلى المقال

خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، كانت اليابان موطنا لبعض المصانع الأكثر تقدما في صناعة الرقائق، ولكن الشركات اليابانية التي كانت مألوفة في السابق خسرت بمرور الوقت السباق لأنها توقفت عن تحمل المخاطر التي تحتاجها للحفاظ على أحدث القدرات.

لوضع الأمور في نصابها الصحيح، تقلصت حصة اليابان من مبيعات أشباه الموصلات العالمية من 50 بالمئة في عام 1988 إلى نحو 9 بالمئة في عام 2022.

في محاولة لإعادة عقارب الساعة للوراء، فإن تيتسورو هيغاشي يتولى ما يبدو وكأنه مهمة مستحيلة تتمثل في إنشاء شركة تصنيع أشباه موصلات قادرة على المنافسة عالميا في غضون 4 سنوات، ولكن هل الشركة قادرة على استعادة المجد الياباني من جديد.

استعادة أيام مجد اليابان

في عام 2021، أشارت الحكومة اليابانية إلى أن أولويتها القصوى تتمثل في إعادة تفعيل صناعة أشباه الموصلات المحلية، التي كانت ذات يوم قوة مهيمنة في السوق العالمية.

بدعم من الحكومة اليابانية وصانعي المعدات المحليين، فإن الشركة اليابانية غير المعروفة المسماة “رابيدوس” تريد منافسة الشركات العالمية في هذا المجال.

“رابيدوس”، الموجودة في قلب استراتيجية اليابان لاستعادة أشباه الموصلات المتقدمة، تحاول فعل ما كان على الدولة أن تفعله منذ عقود عندما بدأت تفقد تفوقها في صناعة الرقائق.

من أجل ذلك، تنفق الشركة مليارات الدولارات على إنشاء مسابك متطورة للرقائق بحلول عام 2027، وهو أحد الأصول المحلية التي من شأنها تقوية وتعزيز الاقتصاد الياباني.

أقرأ/ي أيضا: هل يحصل قانون رقائق الاتحاد الأوروبي على الموافقة؟

اليابان لديها مجموعة فريدة من الموردين المتخصصين لجميع المواد والمكونات وآلات الإنتاج المهمة في صناعة الرقائق، ويحرص الكثير منهم على العمل مع صانع رقائق ياباني لأنهم يستطيعون التعاون بشكل وثيق دون مخاوف بشأن فقدان المزايا أو الأسرار التكنولوجية. 

نجاح “رابيدوس”، التي تأسست في شهر آب/أغسطس من عام 2022، يعني أن النظام البيئي المحلي يمكنه الحفاظ على أرباحه بمستوى عالٍ بما يكفي ليظل مناسبا وسط المنافسة العالمية المتزايدة.

أمام الشركة فرص هائلة إذا استطاعت أن تصبح الأولى في السوق، وإذا ركزت على صنع رقائق لمناطق معينة، مثل الذكاء الصنعي.

تمويل “رابيدوس” يأتي الآن من الحكومة وشركائها من الشركات، وليس لدى الشركة أي نية للاستفادة من القطاع الخاص حتى تبدأ بصنع الرقائق.

الشركة تدرس إجراءات مختلفة لجمع الأموال مثل الاكتتاب العام، لكن هدفها النهائي هو أن تصبح مستقلة ماليا وقادرة على صنع الرقائق المتطورة، لذلك من المهم بالنسبة لها ألا تتعارض أي عمليات ضخ نقدي مع ذلك.

الرهان الأكثر جرأة على الرقائق

حتى مع محاولة الحكومات من واشنطن إلى بكين وبروكسل بناء قدرات محلية لأشباه الموصلات، فقد يكون هذا هو الرهان الأكثر جرأة في صناعة الرقائق. 

بالرغم من استضافتها لمصانع الرقائق أكثر من أي دولة أخرى، فقد تخلفت اليابان عندما يتعلق الأمر بإنتاج الرقائق المتقدمة بكميات كبيرة.

“رابيدوس” تهدف إلى إنتاج شرائح بقياس 2 نانومتر بكميات كبيرة بحلول نهاية عام 2025 لمنافسة رواد الصناعة، وتعتقد أنها بحاجة إلى التركيز على أن تكون أول من يضع حجر الأساس لتقنية عملية جديدة.

بالنسبة للمشهد الحالي، فإن الريادة في صناعة الرقائق، أو القدرة على تصنيع أشباه الموصلات في أكثر الأشكال الهندسية تقدما، قد تركزت في أيدي 3 شركات فقط لسنوات، هي “إنتل” و”سامسونج” و”TSMC”.

كل منافس آخر انسحب لأنه فشل في مواكبة الأموال والخبرة التي ضخها الثلاثي في كل جيل من السيليكون.

أقرأ/ي أيضا: خفض “سامسونج” لإنتاج الرقائق.. هل يفيد الصناعة؟

ما تحاول “رابيدوس” فعله يمثل تحديا كبيرا، ولكنه ليس مستحيلا، لأنها تعمل جنبا إلى جنب مع شركاء عالميين، مع تدخل سلطات البلدان ذات الصلة عند الضرورة.

هيغاشي يجادل بأن مشروعه يحتوي على جميع المكونات التي يحتاجها للظهور كقوة في الصناعة، حيث خصصت الحكومة اليابانية 330 مليار ين ياباني (2.4 مليار دولار) للمشروع، مع استعداد وزارة التجارة اليابانية لتقديم ميزانية بهذا الحجم كل عام في المستقبل المنظور.

حتى الآن، عقدت “رابيدوس” تحالفات مع شركة “IBM” ومركز أبحاث الإلكترونيات الدقيقة “IMEC”، كما أنها تحظى بدعم من عمالقة محليين، بما في ذلك “توشيبا” و”سوني” و”سوفت بنك”.

بشكل عام، فإن شراكتها مع الشركة الأميركية يمثل خروجا مهما عن موقف اليابان السابق تجاه العمل مع المنظمات الدولية عندما يتعلق الأمر بالجهود الوطنية.

ختاما، يعد بناء شركة رائدة في مجال أشباه الموصلات من الصفر رهانا جريئا، ولكن بعد أن تباطأ قانون مور، فقد يكون من الأسهل اللحاق بصانعي الرقائق الحاليين، خاصة في ظل تخطيط “رابيدوس” بحلول عام 2027 لتشغيل منشأة تصنيع متطورة بالكامل تبلغ تكلفتها نحو 52 مليار دولار، ويأتي معظمها من خلال الإعانات الحكومية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات