استمع إلى المقال

الذكاء الاصطناعي أثبت وجوده بجميع المجالات والتقنيات المختلفة، بداية من عمليات توليد النصوص والصور وصولا إلى الوظائف و خوارزميات الذكاء الاصطناعي المختلفة، ولكن قطاع السيارات لم يكن جزءا من هذا التوسع حتى الإعلان الأخير الذي كشفت عنه “مرسيدس-بنز”. 

لسنوات عدة، طارد صانعو السيارات حلم السيارات الذكية والسيارات ذاتية القيادة، كجزء من التطور التقني الكبير الذي شهده العالم خلال الأعوام الـ 10 الماضية، ولهذا وجدنا كل صانع سيارات يطور منظومة القيادة الذكية الخاصة بها ويطور منظومة ترفيهية داخل السيارة، ولكن جميع هذه المنظومات كانت قاصرة ولا يمكن وصفها بأنها ذكية بشكل كامل كونها تفتقر إلى التفاعلية والتكيف مع الظروف المختلفة، ومع تطور الذكاء الاصطناعي الآن، أصبح أمام صناع السيارات فرصة ذهبية ليتمكنوا من تقديم السيارات الذكية بحق، فهل يستطيعون القيام بذلك. 

خطوات أولى بسيطة 

“مرسيدس-بنز” أعلنت أنها تنوي دمج منظومة الذكاء الاصطناعي “ChatGPT” ضمن أنظمة سياراتها الذكية، مستبدلة بذلك النظام الترفيهي الذي طورته الشركة لسيارتها الخاصة رغم كل الاستثمارات التي ضُخت في تطوير المنظومة الذكية “Mbux” الخاصة بالشركة. 

“مرسيدس” ستدفع اشتراكا سنويا لشركة “Open-AI” و”مايكروسوفت” حتى تتمكن من استخدام الروبوت الذكي الخاص بها، ورغم أن الشركة لم تكشف عن كافة إمكانيات الروبوت بعد، إلا أنها قالت إنه سيعمل بشكل مشابه لذلك الخاص بالحواسيب، ولكن مع دعم الأوامر الصوتية حتى يتمكن المستخدم من توجيه السؤال مباشرةً إليه. 

هذا يعني أنك تستطيع سؤال الروبوت عن وصفات الطعام وربما التحدث معه في جوانب فلسفية ومعرفة أحدث وأهم الأخبار مباشرة من سيارتك أثناء القيادة، كأنك تتحدث إلى شخص يجلس بجانبك دون وجوده حقا، وهو يفتح المجال إلى الكثير من الاستخدامات الفريدة التي يمكن للشركة تطبيقها وتقديمها في السيارة. 

الطريق الأمثل لمنع الحوادث

واحدة من الاستخدامات التي يتم تطوير منظومة السيارات الذكية وذاتية القيادة من أجلها، هي تقليل حوادث السير والأزمات المرورية، ورغم أن السيارات ذاتية القيادة المتوفرة حاليا لا تمنع الحوادث بشكل كبير، إلا أن هذا يعود لضعف الإمكانيات المتاحة حاليا للشركات ولأنها لا تعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكله المعهود، بل تعتمد على المستشعرات والتفاعل مع القراءات من هذه المستشعرات. 

عند استخدام روبوتات الذكاء الاصطناعي في هذه السيارات، فإنها تصبح قادرة على قراءة الطريق أمامها بشكل أفضل ثم توجيه السيارة بالشكل الأنسب حتى تصبح قادرة على تجنب الحوادث، كما يمكن أن يتم استخدام هذه الأنظمة في تدريب السائقين الجدد ومراقبة سلوكهم في القيادة وتطبيق العقوبات اللازمة على المتهورين. 

الانتقال إلى السيارات ذاتية القيادة لا يجب أن يعني ترك الروبوت يقود السيارة بشكل كامل، ولكنه قد يساعد القائد في تقديم نصائح مختلفة لقيادة السيارة أو حتى فحصها والتعرف على الأعطال، فوجود روبوت قادر على تشخيص الأعطال الحادثة في السيارة يعني تجنب الكثير من الحوادث الناتجة عن أعطال في السيارات. 

أيضا، يستطيع الذكاء الاصطناعي تنظيم المرور بشكل متميز لا غبار عليه، لأنه يستطيع الاتصال بمنظومة شبكة واسعة ثم ترشيح الطرق الأنسب للمستخدم بالشكل الذي يمنع الازدحامات والاختناقات المرورية، وهو ما يمتلك أثرا إيجابيا واسعا على البيئة وتقليل الانبعاثات الكربونية حول العالم.

إمكانيات لا نهائية 

عالم السيارات مليء بالكثير من التفاصيل المختلفة التي يمكن تخصيصها بشكل واسع، ومع التنوع الكبير في الإمكانيات المتوفرة بهذا العالم، فإن الذكاء الاصطناعي يستطيع تعديل كافة تفاصيل السيارة وتخصيصها لتناسب القائد. 

التخصيص لا يتوقف فقط عند محاولة تعديل مواصفات السيارة قبل شرائها وصناعتها بل تمتد إلى تعديل أداء السيارة وتخصيصه بما يتناسب مع أسلوب القيادة الخاص بكل شخص، وهذا مثل أن يزود المحرك بقوة إضافية أو أن يجعل السيارة أكثر تسارعا وأكثر استجابة للتسارع. 

انظمة الترفيه أيضا يمكن أن تخضع للتخصيص الواسع، وهذا يتم عبر تنويع أنظمة السيارة وتخصيص درجات الصوت بداخلها والألوان والمقاعد ذات المساج والخصائص الكهربائية التي يمكن التحكم فيها كما ترغب. 

بالطبع، تمتد اختيارات التخصيص لأبعد من هذا في حالة السيارات الفارهة التي يتم صناعتها وفقا لمتطلبات كل مستخدم على حدة. 

مساعد ذكي شخصي حقيقي

الاعتماد على أنظمة الذكاء الاصطناعي لتكون مساعد حقيقي داخل السيارة يمكن أن يتفاعل مع القائد هو الاستخدام الأوضح والأسرع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو ما حدث بالفعل مع سيارات “مرسيدس”، إذا وفرت “ChatGPT” داخل السيارات. 

مع الوقت وتطور أنظمة الذكاء الاصطناعي، فإن هذه التقنيات تنتشر أكثر مما يتيح لها الكثير من الاستخدامات مثل أن تتصل بالإنترنت وتبدأ في تنسيق مواعيد الاجتماعات وترتيب خط سير السيارة دون تدخل من القائد، وذلك بحسب المتطلبات التي يدخلها كل سائق كما يرغب في المنظومة.

الخبراء يتوقعون أن قطاع السيارات الذكية والسيارات ذاتية القيادة سينمو أكثر في السنوات القادمة حتى 2030، لذلك يرون بأن هذا القطاع قد ينمو إلى 60 مليار دولار بحلول ذاك العام، وهذا انطلاقا من 5.6 مليار دولار في 2018. 

هذا النمو سيشجع على الاستثمار وابتكار تقنيات جديدة في قطاع السيارات الذكية حتى نصل في النهاية إلى عالم تملؤه السيارات الذكية بحق. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات