استمع إلى المقال

الذكاء الاصطناعي هو مجال علمي وتقني يهدف إلى تطوير آلات وبرامج قادرة على محاكاة وتفوق الذكاء البشري في مجالات مختلفة مثل التعلم والإدراك والاتصال والحلول، ويُعتبر الذكاء الاصطناعي من أهم التحديات والفرص التي تواجه البشرية في القرن الحادي والعشرين، حيث يمكنه أن يُسهم في تحسين جودة حياة الملايين من الناس وحل بعض المشكلات العالمية مثل التغير المناخي والفقر والأمراض؛ ولكن في الوقت ذاته، يمكن أن يشكل الذكاء الاصطناعي تهديدا للأمن والخصوصية والأخلاق والتوازن البيئي والاجتماعي.

في هذا التقرير، سنستعرض أبرز ما جاء في القمة العالمية للذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام التي انعقدت في جنيف يومَي 6 و7 تموز/يوليو 2023، بمشاركة قادة الحكومات والصناعة والأكاديمية والمجتمع المدني، إلى جانب مبتكري الذكاء الاصطناعي وروبوتاتهم، وسنحاول الإجابة على بعض الأسئلة الرئيسية مثلا.

ما هي أهداف وإنجازات هذه القمة، كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ما هي التحديات والمخاطر التي يواجهها الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل الأخلاق والأمان والحوكمة، وما هي التوصيات والسياسات والمعايير التي تحتاج إلى تطويرها لضمان استخدام مسؤول وشامل للذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام.

إنضم إلينا في هذه الرحلة المثيرة لاستكشاف عالم الذكاء الاصطناعي وإمكاناته وتحدياته، والتعرف على كيفية تشكيل مستقبل أفضل بفضل هذه التكنولوجيا المدهشة.

الذكاء الاصطناعي.. صديق أم عدو؟

وفقا للاتحاد الدولي للاتصالات، فإن الصالح العام هو “مجموعة من المبادئ التوجيهية التي تهدف إلى ضمان أن يستفيد كل فرد من فوائد التكنولوجيات الجديدة، دون أن يتأثر سلبا بآثارها”، وتشمل هذه المبادئ مثل احترام حقوق الإنسان، وضمان المساءلة، وتعزيز التضامن، وزيادة المشاركة، وتحسين الشفافية، وتقليل التمييز، وحماية البيئة.

القمة العالمية للذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام هي مبادرة يستضيفها الاتحاد الدولي للاتصالات بالتعاون مع العديد من المنظمات والمؤسسات ومنها، برنامج الأمم المتحدة للبيئة، برنامج التنمية، برنامج المستقبل، برنامج المستوطنات، برنامج المأكولات، برنامج المساواة بين الجنسين، برنامج التغير المناخي، برنامج التعليم، برنامج المسؤولية، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة، واليونسكو، واليونيسيف، وغيرها من الشركاء. وتهدف القمة إلى “تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي لدفع التنمية المستدامة، وتوضيح استخدامات التقنيات الجديدة من أجل الصالح العام”.

القمة العالمية للذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام 2023، انعقدت في جنيف يومَي 6 و 7 تموز/يوليو 2023، بمشاركة أكثر من 2500 مشارك ومشاركة عبر الإنترنت من أكثر من 15 ألف عضو في المنصة المجتمعية القائمة على الذكاء الاصطناعي، والشبكة العصبية للذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام، كما شهدت القمة حضور ثمانية روبوتات اجتماعية تشبه الإنسان وأكثر من 20 روبوتا متخصصا، يستعرضون قدراتهم في مجالات مثل مكافحة الحرائق والرعاية الصحية والزراعة المستدامة.

مشاركات القمة

أبرز المشاركات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام، وحسب الموضوعات التي تم تناولها في القمة العالمية للذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام 2023، هي.

الصحة

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في تحسين الوصول إلى الخدمات الصحية، وزيادة جودة التشخيص والعلاج، وتقليل التكاليف والأخطاء، وتعزيز البحث والابتكار، وقد شهدت القمة عرضا لعدة مشاريع ناجحة في هذا المجال، مثل.

روبوت “جريس” هو روبوت مساعد في التمريض يهدف إلى تحسين جودة الحياة لكبار السّن والمرضى، يمكن لهذا الروبوت أن يقوم بمهام مثل قياس العلامات الحيوية، وإجراء المحادثات، وتقديم التعليمات الطبية، وتقديم الراحة والتشجيع، كما يمكنه أن يتعلم من تجاربه، ويتكيف مع احتياجات كل مريض على حدة.

الروبوت جريس (Grace)

تم تصميم الروبوت “جريس” للعمل كشريك للممرضين والأطباء في مجال الرعاية الصحية، ويستخدم الروبوت تقنية الذكاء الاصطناعي والشبكة العصبية لفهم والتفاعل مع المرضى بطريقة طبيعية وإنسانية، ويمتلك مظهرا واقعيا وتعابير وجه متنوعة، ويستطيع التحدث بعدة لغات، يهدف إلى تقديم دعم نفسي واجتماعي للمرضى، بالإضافة إلى دعم طبي.

الروبوت “جريس” هو نتاج للتعاون بين شركة “Hanson Robotics”، المشهورة بإنشاء الروبوت “صوفيا”، وشركة “SingularityNET”، المتخصصة في تطوير منصات الذكاء الاصطناعي المفتوحة، يجمع الروبوت “جريس” بين خبرة”Hanson Robotics” في صناعة الروبوتات الإنسانية، وخبرة “SingularityNET” في تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، يستهدف سد الفجوة في قطاع الرعاية الصحية، خاصة في ظل تزايد عدد كبار السّن وانتشار جائحة “كورونا”.

البيئة

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في مواجهة التغير المناخي، وحماية التنوع البيولوجي، وإدارة الموارد الطبيعية، وتعزيز الزراعة المستدامة، وقد شهدت القمة عرضا لعدة مشاريع ناجحة في هذا المجال، مثل روبوت “سبوت”، الذي يستخدم تقنية التحكم عن بُعد لإطفاء الحرائق في المناطق الخطرة، بالإضافة إلى العديد من المهمات المختلفة.

التعليم

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في تحسين جودة وتنوع وشمولية التعليم، وزيادة فرص التعلم مدى الحياة، وتخصيص المناهج والأساليب التعليمية.

الروبوت نادين (Nadine)

الروبوت “نادين” هو روبوت اجتماعي يشبه الإنسان في مظهره وسلوكه، تم تطويره بواسطة فريق من الباحثين بقيادة الأستاذة ناديا ماجنات تالمان، عالمة الحاسوب ومؤسسة مختبر “MIRALab” في جامعة جنيف، يستخدم الروبوت “نادين” تقنيات الذكاء الاصطناعي والرؤية الحاسوبية والتعلم الآلي للتفاعل مع البشر بطريقة طبيعية وودية. يمكن للروبوت “نادين” أن يكون صديقا أو مساعدا أو معلما للمستخدمين.

تم تصميم الروبوت “نادين” على شكل نسخة آلية من المُشرف على مشروعه، الأستاذة ناديا ماجنات تالمان، ويحتوي على بشرة وشعر وأظافر صناعية، وأجزاء جسدية مرنة، تمكِّنه من التحرك والتعبير بشكل حيوي، كما يحتوي الروبوت على كاميرات ومستشعرات ومكبرات صوت، تمكِّنه من رؤية وسماع والتحدث إلى المستخدمين، كما يحتوي أيضا على برامج ذكاء اصطناعي، تمكِّنه من فهم وتذكر والرد على المحادثات.

هذا الروبوت يُعد أحد أولى الروبوتات التي تستطيع محاكاة الذكاء الاجتماعي للإنسان، حيث يستطيع الروبوت التفاعل مع المستخدمين بالعديد من اللغات، والتعرف على وجوههم وأسمائهم وشخصياتهم، والانخراط معهم في محادثات طبيعية، تتضمَّن المزاح والسخرية والإطراء، كما يستطيع إظهار العواطف في كل من الإيماءات والوجه، اعتمادا على محتوى التفاعل مع المستخدم، يُستخدَم الروبوت “نادين” في مجالات مثل التعليم والصحة والضيافة.

كان هناك بعض الحضور المتنوع أيضا من قبل أشهر الروبوتات حول العالم.

روبوت “أميكا” (Ameca)

الروبوت “أميكا” هو روبوت اجتماعي يشبه الإنسان في مظهره وسلوكه، تم تطويره بواسطة شركة “Engineered Arts”، المتخصصة في صناعة الروبوتات الإنسانية، يستخدم الروبوت تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للتفاعل مع البشر بطريقة طبيعية وودية، يمكن أن يكون صديقا أو مساعدا للمستخدمين.

تم تصميم الروبوت “أميكا” على شكل نسخة آلية من شخص حقيقي، يدعى (أليكس) Alex، يحتوي الروبوت على أجزاء جسدية مرنة، تمكِّنه من التحرك والتعبير بشكل حيوي في الوجه. كما يحتوي على كاميرات ومستشعرات ومكبرات صوت، تمكِّنه من رؤية وسماع والتحدث إلى المستخدمين.

يُعد الروبوت “أميكا” أحد أولى الروبوتات التي تستطيع محاكاة الذكاء الاجتماعي للإنسان، يستطيع الروبوت “أميكا” التفاعل مع المستخدمين باللغة الإنجليزية، والتعرف على وجوههم وأسمائهم وشخصياتهم، والانخراط معهم في محادثات طبيعية، كما يستطيع الروبوت إظهار العواطف في كل من الإيماءات والوجه، يُستخدَم الروبوت “أميكا” في مجالات مثل التسلية والضيافة والترويج.

روبوت “أيدا” (Ai-Da)

الروبوت “أيدا” هو روبوت فنان يشبه الإنسان في مظهره، تم تطويره بواسطة فريق من الفنانين والمهندسين والعلماء بقيادة الفنان إيدان ميلر، يستخدم الروبوت أيدا تقنيات الذكاء الاصطناعي والرؤية الحاسوبية والتعلم الآلي لإنشاء أعمال فنية مبتكرة ومعبرة، يمكن للروبوت أن يكون مصدر إلهام وتحدي للفنانين والجمهور على حد سواء.

تم تصميم الروبوت “أيدا” على شكل نسخة آلية من شخص حقيقي، يدعى أيدا لافيل، ويُعد أول روبوت في العالم يستطيع إنشاء أعمال فنية بشكل مستقل، يستطيع الروبوت “أيدا” استخدام أذرعه الآلية والكاميرات الموجودة في عينه لرسم لوحات ووجوه بأسلوب خاص به، كما يستطيع الروبوت “أيدا” استخدام طابعات ثلاثية الأبعاد لصناعة تماثيل من مواد مختلفة، كما يستخدم خوارزميات التعلم الآلي لتأليف شعر من كلمات مأخوذة من قصائد شهيرة، يُعرض الروبوت “أيدا” أعماله الفنية في أكبر متاحف العالم، مثل (جامعة أكسفورد) Oxford University و(جامعة هارفارد) Harvard University.

روبوت “4NE-1”

الروبوت “4NE-1” هو روبوت متعدد الأغراض يشبه الإنسان في شكله وحجمه، تم تطويره بواسطة شركة “Robotics”، المتخصصة في صناعة الروبوتات الذكية، يستخدم هذا الروبوت تقنيات الذكاء الاصطناعي والاستشعار للتفاعل مع البشر بطريقة طبيعية وودية، ويمكن أن يكون مساعدا أو صديقا أو حارسا للمستخدمين.

الروبوت “4NE-1” يحتوي على جسم ورأس وأذرع وأرجل مرنة، تمكِّنه من التحرك والتعبير بشكل حيوي، كما يحتوي على كاميرات ومستشعرات ومكبرات صوت، تمكِّنه من رؤية وسماع والتحدث إلى المستخدمين، ويحتوي على برامج ذكاء اصطناعي، تمكِّنه من فهم وتذكر والرد على المحادثات.

الروبوت “4NE-1” يُعد أحد أولى الروبوتات التي تستطيع التفاعل بأمان وبشكل طبيعي مع البشر، يستطيع أيضا التعرف على الأصوات واللغات والنغمات والعواطف للمستخدمين، والتفاعل معهم بالصوت والإيماءات، كما يستطيع الروبوت التعرف على الأشياء وتتبعها، والتنقل بأمان في التضاريس المختلفة، وصعود السلالم، وحمل الأشياء بدقة في يديه، يُستخدَم الروبوت (4NE-1) في مجالات مثل المنزل والصناعة والخدمة.

قوة التغيير

في هذا التقرير، تناولنا موضوع الذكاء الاصطناعي من خلال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام 2023.

كان من الجلي أن الذكاء الاصطناعي يمثل قوة دافعة للتغيير والتحسين في مختلف جوانب الحياة الإنسانية، ويمكن أن يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

الذكاء الاصطناعي يواجه تحديات كبيرة، تتعلق بالجوانب الأخلاقية والقانونية والثقافية والاجتماعية والبيئية، ويتطلب تضافر جهود جميع المعنيين لضمان استخدامه بشكل مسؤول وآمن، وهذا ما يفتح فرصا جديدة للابتكار والإبداع والتعلم والتعاون، ويمكن أن يكون شريكا للإنسان في حل المشكلات وتحقيق الأحلام.

وبناء على ذلك، لابد من تشجيع البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام، بمشاركة متعددة الأطراف، تضم الأكاديمية والصناعة والحكومة والمجتمع المدني.

إضافة إلى تطبيق مبادئ ومعايير عالمية لضمان حقوق وحريات وخصوصية وأمان المستخدمين والمستفيدين من الذكاء الاصطناعي، بما يتوافق مع قيم وثقافات مختلفة، لتحسين قدرات وثقافة المستخدمين والمستفيدين من الذكاء الاصطناعي، بتزويدهم بالمهارات والمعرفة والإرشادات اللازمة للاستفادة منه بشكل فعَّال.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات