استمع إلى المقال

تطور العلم والتكنولوجيا يعد دوما بوابة لمستقبل مبهر يحمل في طياته اكتشافات وابتكارات لا حصر لها، ومن بين هذه الابتكارات الثورية التي أحدثت ثورة في عالم الصناعة والتصميم، يبرز بريق تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد. هي تقنية فريدة وإبداعية تمكّننا من تحويل أفكارنا إلى واقع ملموس تحت أنامل الآلات والبرمجيات الذكية، فتجاوزت حدود الخيال ودخلت حيز الواقع، معززة قطاعات عديدة ومتنوعة بدءا من الطب وصولًا إلى الفن والهندسة وآخرها وسائل النقل.

عند الحديث عن الطباعة ثلاثية الأبعاد، يستحيل ألا نشيد بمرحلة انطلاقها، فقد كانت هذه التكنولوجيا حكرا على القلة النخبوية في بداياتها، لكن سرعان ما انفتحت الأبواب، وانتشرت بين المبدعين ورواد الصناعة، لتحط الرحال في مجموعة من القطاعات التي كانت تعاني من ضيق الحدود وارتفاع التكاليف.

من بين هذه القطاعات التي استحوذت الطباعة ثلاثية الأبعاد على حصتها، قطاع النقل الذي يمثل عمودا فقريا لتنمية المجتمعات واقتصادها، إذ اجتاحت التكنولوجيا الثلاثية الأبعاد عالم تصنيع المركبات، وجعلت من السيارات والقطارات والطائرات عبارة عن معجزات هندسية يمكن تحقيقها في مزيج من المعادن والبلاستيك والمواد القابلة للذوبان.

دراجة “ثوك” الكهربائية

شركة “ثوك” (THOK) الإيطالية كشفت عن دراجتها الكهربائية “Project 4” الجديدة كنموذج أولي، والتي تعتمد على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في الصنع.

وفقا للشركة، فإن الدراجة الكهربائية الجديدة تم تجهيزها بإطار مصنوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد من سبائك الألومنيوم “AlSi10Mg” بالتعاون مع شركة “Materialise” المتخصصة في هذا المجال، وتسمح هذه التقنية بتصميم أشكال معقدة وخفيفة الوزن للإطار والمكونات الأخرى، وكذلك تقليل الهدر المادي.

الشركة المنتجة تعتزم الاعتماد على ألياف الكربون في إنتاج النسخة النهائية من الدراجة الكهربائية، والتي من المتوقع أن تطلق في عام 2024، وستحمل هذه الدراجة محرك “Bosch Performance Line SX” الخفيف والقوي، والذي يوفر 55 نيوتن متر من عزم الدوران وإحساس طبيعي بالدوران.

الدراجة ستتميز أيضا بنظام بطارية متعدد الخيارات، حيث يمكن للمستخدم اختيار بطارية بسعة 400 أو 500 أو 626 أو 750 كيلوواط ساعة، مع إمكانية إضافة بطارية إضافية بسعة 260 كيلوواط ساعة لزيادة المدى، وكما ستحصل هذه الدراجة على نظام تعليق كامل بـ 29 بوصة من العجلات.

فيديو يظهر متانة الدراجة

سيارة “XEV”

في شباط/فبراير عام 2018، قدمت شركة “XEV” الإيطالية سيارة كهربائية مصنوعة بالكامل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وهي أول سيارة من نوعها في العالم. تسمى هذه السيارة “ستارتي”، وهي سيارة صغيرة وخفيفة تستهدف السوق الأوروبية والآسيوية، وتتميز بأنه يمكن صنعها خلال ثلاثة أيام فقط، وقيادتها بسرعة تصل إلى 70 كيلومترا في الساعة، وشحنها بكابل عادي في غضون ساعتين.

شركة “XEV” تستخدم تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لإنتاج جميع أجزاء السيارة باستثناء المحرك والشاسيه والزجاج، وهذا يقلل من عدد الأجزاء المستخدمة من 2000 إلى 57 فقط، مما يوفر المواد والتكلفة والوقت، كما يسمح بتخصيص شكل ولون ومواصفات السيارة حسب رغبة الزبون، وتبلغ تكلفة السيارة 7500 دولار، وتخطط الشركة لإنتاج 500 نسخة منها في عام 2023.

وفقا للشركة المصنعة، يبلغ ارتفاع السيارة 1.5 متر وطولها 2.5 متر وعرضها 1.3 متر، أي أنها بحجم سيارة ذكية صغيرة، وهي تتسع لراكبين فقط. أما الوزن الكلي فيصل إلى 450 كجم، فيما يمكنها السير بسرعة قصوى تبلغ 70 كلم/ساعة، وقطع 150 كلم قبل الحاجة لإعادة الشحن.

هذه السيارة تمثل ثورة في صناعة السيارات، حيث تظهر إمكانات تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في إنشاء سيارات صديقة للبيئة ومناسبة للاحتياجات المحلية. كما تفتح هذه التقنية أبوابا جديدة للابتكار والإبداع في تصميم وإنتاج وسائل النقل المستقبلية.

فوائد الطابعات ثلاثية الأبعاد في قطاع النقل

دخول الطباعة ثلاثية الأبعاد إلى قطاع النقل أحدث تغييرات جذرية ومفيدة، حيث أتاحت فرصا واعدة لتحسين العمليات وتحقيق التقدم التكنولوجي والاقتصادي، وفي السطور التالية سنذكر بعض الفوائد الهامة لدخول الطباعة الثلاثية الأبعاد في قطاع النقل.

تحسين التصميم والإنتاج

يسمح استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بتصميم وتصنيع قطع مركبات أكثر دقة وتعقيدا، وهذا الأمر يسمح للمصممين والمهندسين بابتكار تصاميم جديدة متطورة وتحسين أداء المركبات بشكل عام.

تقليل التكاليف والوقت

تحويل أفكار التصميم إلى واقع ملموس يتم بشكل أسرع وأكثر كفاءة مع الطباعة الثلاثية الأبعاد، وتقليل الحاجة إلى أدوات القوالب التقليدية وعمليات التصنيع الطويلة يقلل من تكاليف الإنتاج، ويوفر الوقت اللازم للتوصل إلى منتج نهائي.

إمكانية التخصيص

تمكن التكنولوجيا من إنتاج قطع مخصصة بالكامل لاحتياجات العملاء والمستخدمين، ويمكن للشركات تصميم وتصنيع قطع تتوافق مع طلبات العملاء الخاصة والمواصفات المحددة لتحقيق تجربة فريدة ومميزة.

خفض وزن المركبات

يمكن استخدام مواد خفيفة الوزن ومتقدمة في عمليات الطباعة ثلاثية الأبعاد، مما يساعد على تقليل وزن المركبات؛ وبالتالي تحسين كفاءة استهلاك الوقود وتقليل الانبعاثات الضارة.

توفير قطع الغيار والصيانة

يمكن طباعة قطع الغيار عند الحاجة بدلا من الاعتماد على المخزون الضخم من القطع، وهذا يوفر تكاليف الصيانة، ويساعد على تجنب التوقفات غير المخطط لها للمركبات.

بالمجمل، يمثل دخول الطباعة الثلاثية الأبعاد إلى قطاع النقل فرصة هائلة للتحسين والتطوير، مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة والجودة والاستدامة وتقديم تجربة متميزة للمستخدمين. باختصار هي خطوة نحو مستقبل واعد وابتكارات لا حصر لها في عالم النقل والتنقل.

آفاق التقنية

من المتوقع أن الطباعة الثلاثية الأبعاد ستحقق في قطاع النقل طفرة هائلة وتغييرا جذريا بكيفية تصميم وتصنيع المركبات، فهذه التكنولوجيا المتقدمة ستُعزز القطاع بطرق لم نكن نتخيلها من قبل، مما سيؤدي إلى تحسين الأداء والكفاءة وتوفير حل مبتكر للتحديات التي يواجهها قطاع النقل.

أخيرا، هذه التكنولوجيا المتقدمة ستتيح للشركات إنتاج مركبات مخصصة وفريدة تماما لاحتياجات العملاء، وبفضل التصميمات المتميزة، ستتمكن الشركات من تحقيق مستوى غير مسبوق من التفرد والتميز في سوق النقل، بالإضافة إلى تحسين أمان المركبات من خلال استخدام المواد المتطورة ثلاثية الأبعاد لتصميم وتصنيع أجزاء المركبات ذات المتانة العالية والأمان المحسن، وهذا ما سيقلل من حوادث السيارات، وسيعزز سلامة الركاب والمشاة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات