استمع إلى المقال

في السنوات الأخيرة، تزايدت المخاوف حول قدرة شركات التكنولوجيا الكبرى مثل “ألفابت” و”أمازون” وغيرها من الشركات على الاحتكار في سوق التكنولوجيا وتقييد المنافسة، مما دفع الدول إلى فرض قوانين لمنع هذا النوع من السلوك غير الصحي، ويأتي هذا الإجراء في إطار السعي لتحقيق المنافسة الصحية في السوق وحماية المستهلكين.

على سبيل المثال، قامت الولايات المتحدة بفرض عدة قوانين على شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل قانون “شيرمان” لعام 1890 الذي يمنع الاحتكار وتقييد المنافسة في السوق، وقانون “كلايتون” لعام 1914 الذي يمنع الاتفاقيات الحصرية والاندماجيات الكبيرة التي تؤدي إلى تقييد المنافسة.

في الآونة الأخيرة، فرض الاتحاد الأوروبي أيضا غرامات كبيرة على شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل “جوجل”، بسبب تقييدها للمنافسة.

مع زيادة قوة شركات التكنولوجيا الكبرى وتأثيرها الكبير على السوق، يعتبر فرض الدول لقوانين تحمي المنافسة الصحية، وتمنع الاحتكار أمرا بالغ الأهمية لضمان حماية المستهلكين وتحقيق المزيد من التنافس في السوق، وتشجيع المنافسة الصحية.

قد يهمك: الاستثمار في مستقبل التقنية.. جامعات عربية تدرس اختصاصات أمن المعلومات والحوسبة السحابية

“أبل” وألمانيا

شركة “أبل” تعد إحدى أكبر الشركات التي تعمل في مجال التكنولوجيا في العالم، وهي تشتهر بإنتاجها لأجهزة “الآيفون” و”الآيباد” و”الماك بوك” والعديد من المنتجات الأخرى.

بالأمس، أعلنت “هيئة مكافحة الاحتكار” الألمانية أن شركة “أبل” تخضع للمراقبة والسيطرة بسبب إساءة الاستخدام، وذلك بموجب قانون المنافسة الألماني، الذي يتيح للسلطات الألمانية الحق في التدخل لمنع الممارسات المنافية للمنافسة.

رئيس الهيئة، أندرياس موندت، أوضح أن وضع “أبل” الاقتصادي قوي جدا عبر الأسواق، مما يجعل السلطات الألمانية تمتلك الحق في الحد من تلك الممارسات، إذ تدير “أبل” منتجات كثيرة بدءا من أجهزة “آيفون” وانتهاء بنظامها التشغيلي الواسع النطاق، ويعد هذا الأمر ذا أهمية كبيرة للمنافسة ليس فقط في ألمانيا، ولكن في جميع أنحاء أوروبا والعالم. 

يمكن لهذا القرار أن يؤدي إلى اتخاذ إجراءات محددة ضد الممارسات المنافية للمنافسة وحظرها بشكل فعال.

مكافحة الاحتكار

بيان الهيئة

وفقا للبيان الصحفي الصادر عن هيئة مكافحة الاحتكار الألمانية، فإن عدد مستخدمي أجهزة “أبل” النشطين الذي يبلغ ملياري جهاز، يمنح الشركة “قوة عظيمة” لإنشاء قواعد لأطراف ثالثة، وهو ما يمكِّنها من السيطرة على العملاء والوصول إليهم.

إضافة إلى ذلك، فإن الموارد التي تتمتع بها “أبل” تجعلها في “موقع قوة”، مما يجعلها تخضع للسيطرة الخاصة على إساءة الاستخدام كما ذُكر في البيان الصحفي، وهو ما يسري لمدة 5 سنوات، وهذا ما يجعل المنظمين الألمان يتابعون بالفعل تقنية تتبع الإعلانات من “أبل”، بهدف تحديد ما إذا كانت تلك التقنيات مناهضة للمنافسة.

حاليا، لم تتخذ الهيئة قرارا بشأن مزيد من الإجراءات ضد “أبل”، على الرغم من أن شركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى، مثل “جوجل” و”ألفابت” و”ميتا” و”أمازون” سبق لها أن خضعت لهذه القواعد، ومنح تعديل قانون المنافسة الألماني لعام 2021 الهيئة سلطة التدخل المبكر والفعال لمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من الانخراط في ممارسات مناهضة للمنافسة.

قد يهمك: التمكين التكنولوجي للمرأة.. تحديات في ظل النمو الرقمي

قرار نهائي أم ماذا؟

بإيجاز، تشير التحقيقات الجارية لهيئة “مكافحة الاحتكار الألمانية” إلى أن شركة “أبل” قد تكون تسيطر على سوق التطبيقات بشكل غير مشروع، وتمارس ممارسات مناهضة للمنافسة من خلال قواعدها المفروضة على المطورين.

من المرجح أن يستغرق التحقيق بعض الوقت لتحديد مدى التأثير الفعلي لهذه القواعد على السوق والمستخدمين.

إذا تم إثبات تلك الممارسات المناهضة للمنافسة، فسيكون على الهيئة اتخاذ إجراءات تنظيمية وفقا للقانون الألماني للمنافسة لضمان تحقيق العدالة في السوق التنافسية، ويمكن أن تؤدي تلك الإجراءات إلى إجبار “أبل” على تغيير قواعدها وممارساتها أو تغريمها بمبالغ كبيرة.

لذلك، سيتعين على “أبل” الانتظار ومتابعة التحقيقات بعناية، فيما ستكون الهيئة الألمانية ملتزمة بالتحقق من أي تعد على حرية المنافسة في السوق التي تعتبرها شركة “أبل” جزءا منها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.