استمع إلى المقال

الهواتف القابلة للطي أصبحت الصيحة الأحدث في عالم التقنية منذ عدة سنوات، وهي صيحة تبعتها عدة شركات كبيرة مثل “سامسونج” و”مايكروسوفت” ومؤخرا “جوجل” في هاتفها الجديد القابل للطي، وقد تمكنت في هذا الوقت القصير من جذب مئات الآلاف من المستخدمين وتحقيق نجاح كبير. 

رغم هذا النجاح، نأت “أبل” بنفسها عن هذه التقنية، ولم تدخل في سباق بناء الهاتف القابل للطي حتى يومنا هذا، مع غياب كامل للتصريحات الرسمية حول هذه التقنية، والاكتفاء فقط بعدة تسريبات مبهمة لا توضح شيئا، فلماذا تأخرت “أبل” في طرح “آيفون القابل للطي”.

اختيارات كثيرة مع فوارق لا تذكر 

قطاع الهواتف القابلة للطي توسع كثيرا في الآونة الأخيرة، ومع كل شركة جديدة تحاول الدخول إلى هذا القطاع، تبدأ عملية تقديم المزايا الجديدة التي قد تكون وهمية في غالبية الأحيان، لذلك عندما تنظر إلى أنواع الهواتف القابلة للطي المتاحة في الأسواق تشعر أنها جميعا تشبه بعضها البعض.

الاختلافات دائما ما تنحصر بين نوعين، الأول وهو اختلافات المواصفات الداخلية التي تشبه اختلافات الهواتف المعتادة، والثاني وهو اختلافات في آلية الطي وجودتها، إذ تتباهى الشركات بأنها اختبرت هواتفها لعدد كبير من مرات الطي تصل إلى مئات الآلاف من المرات، والبعض يتباهى بأن آلية الطي الخاصة به مقاومة للأتربة والمياه والاستخدام الخاطئ. 

بعيدا عن هذه الاختلافات البسيطة، فإن الهواتف القابلة للطي جميعها تشبه بعضها البعض، ودائما ما تحاول الشركات وضع أكبر وأفضل المزايا فيها حتى تبرر سعرها، وفي الأغلب تتقاطع الأجهزة القابلة للطي مع أجهزة أخرى تقدمها هذه الشركات مثل حواسيب لوحية أو هواتف أخرى رائدة. 

تأخر “أبل” في طرح هواتفها القابلة للطي لا ينبع من غياب القدرة التقنية أو الفائدة المالية، ولكن يعود السبب في ذلك لأن الشركة دائما ما تفكر في سبب يجعلها تطور منتج جديد أو سبب يدفع المستخدم للانتقال إلى المنتج الجديد وترك القديم، وذلك إلى جانب مجموعة من الأسباب الأخرى. 

منتج يتعارض مع فلسفة “أبل” 

حتى نفهم سبب تأخر “أبل” في طرح هذا الابتكار إلى الآن، يجب أن ننظر بشكل موسع إلى جميع منتجات “أبل” التقنية، وهي النظرة التي توصلنا إلى فلسفة “أبل” في بناء منتجاتها، ويمكننا النظر إلى حواسيب “آيباد” حتى تتضح الصورة بشكل أفضل. 

حواسيب “آيباد” تأتي في تشكيلة واسعة من المواصفات والأحجام المختلفة التي تحاول الشركة توجيه المستخدمين ناحيتها، بداية من حواسيب “آيباد ميني” التي تأتي بحجم 8.3 بوصة تقريبا وحتى أجهزة “آيباد برو” التي تأتي بحجم 12.9 بوصة وتقترب من حجم حواسيب “ماك بوك”. 

في المنتصف، تجلس الكثير من الأجهزة المختلفة مع الكثير من المواصفات المختلفة، وجميعها تستهدف إرضاء حاجة ما لدى المستخدم، لذلك إن كنت تبحث عن جهاز صغير الحجم يغنيك عن الهاتف، فإنك تستطيع التوجه إلى “آيباد ميني” بسعر يقترب من الهواتف، وإذا كنت تبحث عن حاسوب “آيباد” أكبر قليلا دون النظر إلى الأداء، فإنك تستطيع التوجه إلى حواسيب “آيباد” المعتادة، وإذا كنت تبحث عن التصميم الجميل والأداء القوي، فإن “آيباد آير” صنع خصيصا لك، وفي حالة كنت محترفا يرغب في جهاز يغنيه عن حاسوبه المحمول، فإن أجهزة “آيباد برو” بأحجامها المختلفة قادرة على مساعدتك. 

هذا التنوع في الأجهزة جاء بسبب تنوع واختلاف حاجات المستخدمين لكل جهاز منها، وهي الحاجة التي تختفي في الهواتف القابلة للطي، إذ لا يوجد سيناريو واسع الاستخدام يجبر المستخدم على إقتناء هاتف قابل للطي. 

طرح هاتف “آيفون فولد” بحجم يقترب من 7 بوصة يعني قتل أجهزة “آيباد ميني” تماما، لأن المستخدمين يتركونها ويتجهون إلى الهاتف القابل للطي، لذلك يصبح طرح هاتف “آيفون فليب” بحجم صغير اقرب إلى المنطق والواقع. 

التحديات التقنية 

لا يمكن القول بأن “أبل” تعاني من التحديات التقنية التي تمنعها من صناعة هواتف قابلة للطي، وذلك لعدة أسباب، أولا أن التقنية موجودة وتعمل بها الكثير من الشركات الأصغر حجما من “أبل”، كما أن المكون الرئيسي في الهواتف القابلة للطي هو الشاشة، وهو ما يمكن أن تحصل عليه “أبل” من “سامسونج” مباشرة، لأنها تتعامل مع الأخيرة بالفعل في الشاشات المعتادة لهواتفها وحواسيبها. 

التحديات التقنية التي تقف أمام إطلاق “أبل” لمثل هذه الأجهزة هي برمجية أكثر من العتاد، وذلك لأن “أبل” لا تترك عملية تهيئة التطبيقات على عاتق المطورين فقط، بل تعمل على تخصيص كل جوانب التطبيق ليصبح مناسب لتجربة الهواتف القابلة للطي، ولن تكتفي بترك التجربة كما هي دون تخصيص واسع. 

هناك جانب آخر يجب النظر إليه، وهو الخطة العامة لمنتجات “أبل”، إذ لا ترغب الشركة في طرح جهازين مع تحديات تقنية واسعة مثل الشاشات القابلة للطي ونظارات الواقع الافتراضي، وهو ما يضع المطورين تحت ضغط واسع يجبرهم على محاولة تهيئة التطبيقات لتصبح مناسبة للجانبين معا. 

في الوقت الحالي، يمكن القول بأن “أبل” تهتم بتطوير خوذة الواقع الافتراضي وتحسينها وتحسين برمجياتها إلى نقطة تصبح فيها منتجا قائما بحد ذاته، وذلك أهم كثيرا للشركة من تطوير الهواتف القابلة للطي، وهذا رغم ظهور شائعات في 2021 عن تطوير “آيفون قابل للطي”، ولكن منذ تلك اللحظة لم تعاود الشائعات الظهور. 

ختاما، لا يمكن الجزم بأن “أبل” لن تطور هاتفا قابل للطي، ولكن في الوقت الحالي، تبدو مشاريع الشركة كافية لتطوير مستقبلها وتطوير التقنيات المستقبلية أكثر من الهواتف القابلة للطي. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات