استمع إلى المقال

في عصرنا الحديث، أصبح الذكاء الاصطناعي عاملا محوريا في تحويل العالم وتطوير العديد من المجالات والقطاعات، ويعد الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا مبتكرة تهدف إلى تعزيز القدرات البشرية وتحسين الأداء في مختلف المجالات، ولم يكن هناك مكان أكثر تأثيرا وتنافسية على الإطلاق من منصات التواصل الاجتماعي، حيث تتسابق هذه المنصات بشراسة لجذب أكبر عدد ممكن من المستخدمين وتقديم تجربة فريدة ومثيرة.

في ظل هذا السباق الحامي، أدركت هذه المنصات أهمية الذكاء الاصطناعي في تعزيز خدماتها وتحسين تجربة المستخدم؛ وبالتالي، لجأت إلى استخدامه وتضمينه في استراتيجياتها، فالذكاء الاصطناعي يمنح هذه المنصات القدرة على تحليل ضخم من البيانات وفهم سلوك المستخدمين، لتقديم تجارب مخصصة ومحتوى متنوع وفقا لاحتياجاتهم واهتماماتهم.

استخدام الذكاء الاصطناعي في منصات التواصل الاجتماعي ليس مقتصرا فقط على تحسين تجربة المستخدم، بل يمتد لتحليل البيانات واكتشاف الاتجاهات والتوجهات العامة، وذلك لاستهداف الجمهور المناسب وتوفير الحلول والخدمات المناسبة، بالإضافة إلى توفير خدمات دردشة آلية في بعض المنصات، فبفضل هذه التقنية، يمكن لهذه المنصات توفير محتوى شخصي مبتكر وتنبؤي، وتعزيز التفاعل بين المستخدمين وتسهيل التواصل والتفاعل الاجتماعي.

إذا، يمكن أن نقول إِن الذكاء الاصطناعي هو محرك رئيسي وحجر أساس لتطوير الكثير من هذه المنصات، وأن كل شركة أو منصة تهمل هذا الجانب ستتأثر بشكل سلبي مع مرور الأيام. وقد أوضحنا كيف تستخدم منصات التواصل الاجتماعي الذكاء الاصطناعي في خدمة مستخدميها وزيادة شعبيتها.

اختلاف أسلحة المنصات

تختلف استخدامات المنصات فيما بينها للذكاء الاصطناعي، فمنا من يستعين بها لقراءة البيانات وتحليلها، ومنها من يقدم منتجات قائمة على الذكاء الاصطناعي بالكامل، بالإضافة إلى توفير الفلاتر والميزات الجديدة لمستخدميها، لذا دعونا نستكشف بعض الاستخدامات لبعض أعم المنصات في العالم.

الذكاء الاصطناعي

منصة “تويتر”

منصة “تويتر” هي واحدة من أشهر وسائل التواصل الاجتماعي في العالم، والتي تمكّن المستخدمين من نشر تغريدات قصيرة للتعبير عن آرائهم أو مشاركة أخبارهم أو متابعة ما يهمهم، تستخدم منصة “تويتر” الذكاء الاصطناعي في عدة جوانب، مثل تحسين تجربة المستخدمين وزيادة عددهم وولائهم، ومراقبة وحماية المحتوى من الانتهاكات والتضليل، وتطوير خدمات جديدة، وفيما يلي بعض الاستخدامات.

 تنظيف المحتوى

“تويتر” استخدمت الذكاء الاصطناعي لتحديد وإزالة المحتوى الضار من منصتها، مثل خطاب الكراهية والمعلومات الخاطئة، وعلى وجه الخصوص، استخدمت الشركة خوارزميات التعلم الآلي لتحديد التغريدات المحتملة للمشكلة ثم مراجعتها للتأكد من عدم انتهاكها لسياساتها، وقد ساعد هذا النهج الشركة على توسيع جهود تنظيف المحتوى الخاص بها وتقليل كمية المحتوى الضار على منصتها.

الاقتراحات المخصصة

تويتر تستخدم أيضا الذكاء الاصطناعي لتحسين خوارزميات الاقتراحات الخاصة بها، التي تقترح المحتوى على المستخدمين بناء على اهتماماتهم وسلوكهم السابق، وقد استخدمت الشركة نماذج التعلم الآلي لتحليل بيانات المستخدمين وتحديد الأنماط التي يمكن أن تؤثر في اقتراحاتها، وقد ساعد هذا النهج “تويتر” على زيادة مشاركة المستخدمين والحفاظ عليهم على المنصة لفترات أطول.

استهداف الإعلانات

تويتر لجأت إلى الذكاء الاصطناعي لتحسين قدرات استهداف الإعلانات الخاصة بها، وقد استخدمت الشركة خوارزميات التعلم الآلي لتحليل بيانات المستخدمين وتحديد الأفراد الذين يرجح أن يكونوا مهتمين بمنتج أو خدمة معينة. وساعد هذا النهج المعلنون على الوصول إلى جمهورهم المستهدف بشكل أكثر فعالية وتحسين كفاءة حملاتهم الإعلانية بشكل عام.

المساحات

هي خدمة لإجراء محادثات صوتية جماعية على غرار “كلوب هاوس”، والتي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الصوت والحد من الضوضاء.

منصة “تيك توك”

منصة “تيك توك” أحد أشهر التطبيقات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في منصتها في عدة جوانب، مثل.

التوصية الشخصية

“تيك توك” يستخدم خوارزمية ذكية تقوم بتحليل سلوك واهتمامات المستخدمين وتقديم مقاطع فيديو مخصصة لهم على صفحة “لك” (For You)، هذه الخوارزمية تستند إلى عوامل مثل الوقت المستغرق في مشاهدة الفيديو، والتفاعل معه، والتعليقات، والإعجابات، والمشاركات، والبحث، والمحتوى المفضل.

التأثيرات والفلاتر

“تيك توك” يستخدم الذكاء الاصطناعي في إنشاء تأثيرات وفلاتر مبتكرة ومسلية للمستخدمين؛ على سبيل المثال، يمكن للمستخدمين استخدام تأثير “الشاشة الخضراء للذكاء الاصطناعي” لكتابة نص معين وتحويله إلى صورة يمكن استخدامها كخلفية للفيديو، وكما يمكن للمستخدمين استخدام فلاتر لتغيير شكل وجههم أو جسدهم أو صوتهم.

الروبوتات والشخصيات الافتراضية

منصة “تيك توك” تستخدم الذكاء الاصطناعي في إنشاء روبوتات وشخصيات افتراضية تستطيع التفاعل مع المستخدمين بطرق مختلفة، مثل، “تيك توك” أطلق روبوتا اسمه “Taco”، وهو رفيق ذكي يساعد المستخدمين في إنشاء محتوى جذاب وإضافة عناصر مرئية وصوتية إلى فيديوهاتهم، وكما أطلق تيك توك شخصية افتراضية اسمها “Bella Poarch”، وهي نجمة شهيرة على منصة التطبيق.

منصة “سناب شات”

ففي عام 2023، أطلقت “سناب شات” خدمة جديدة تسمى “الذكاء الاصطناعي خاصتي” (My AI)، وهو برنامج دردشة، ويستطيع التفاعل مع المستخدمين بشكل طبيعي وذكي. يمكن لـ “My AI” الإجابة على الأسئلة الشائعة وتقديم المعلومات العامة والترفيه والمشورة وغيرها من المهام.، كما يتعلم من تفاعلات المستخدمين، ويصبح أكثر صلة وفهما لهم.

“My AI” مدعوم بنفس التقنية المستخدمة في “ChatGPT”، وهي التقنية نفسها التي تستخدم في محرك بحث “Bing” هو نظام ذكاء اصطناعي توليدي يستخدم تقنية التحويلات لإنشاء نصوص جديدة بناء على نصوص سابقة.

“My AI” متاح حاليا للمستخدمين جميعهم الذين يشتركون في خدمة “سناب شات بلس” المدفوعة، وسيتم توفيره قريبا لكافة المستخدمين خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

تطبيق “تيليجرام”

البوتات

هي برامج مصممة لتقليد الكلام البشري والتواصل مع المستخدمين، يمكن لهذه البوتات على “تيليجرام” أن تقدم خدمات متنوعة، مثل الإجابة على الأسئلة، أو تقديم المعلومات، أو الترفيه، أو التعليم، أو التسوق، أو غيرها.

الذكاء الاصطناعي

الاستطلاعات

هي ميزة أطلقها “تيليجرام” في عام 2020، وتسمح للمستخدمين بإنشاء ومشاركة استطلاعات رأي مختلفة، مثل الأصوات المرئية، أو إجابات متعددة، أو وضع الاختبار، وتستخدم هذه الميزة تقنية التحويلات (Transformers)، لإنشاء نصوص جديدة بناء على نصوص سابقة.

Quiz Bot

هو بوت ذكاء اصطناعي يسمح للمستخدمين بإنشاء اختبارات أسئلة متعددة مع إمكانات نصية ووسائط إضافية ومشاركتها مع الآخرين، يتيح ذلك للمستخدمين إنشاء مطالبات على غرار الامتحانات مع الرسوم البيانية والجداول، والإجابة على المجموعات أو القنوات أو شخصيا أيضا.

شركة “ميتا” ومنتجاتها

خطط شركة “ميتا” في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدية بدأت في التبلور أخيرا، وعلى الرغم من أن الشركة لم تعتمد الكثير من الميزات المتعلقة بالذكاء التوليدي بعد، إلا أن مارك زوكربيرج أكد أنه يرغب في أن ينظر إلى الشركة كواحدة من الشركات الرائدة في هذا المجال.

وفقا لتقرير نشره موقع الأخبار “Axios” الأميركي، أوضح زوكربيرج في اجتماع شامل لجميع الموظفين هذا الأسبوع بعض خطط “شركة ميتا” بمزيد من التفصيل، وقد أطلع الرئيس التنفيذي الموظفين على بعض الطرق التي تخطط الشركة لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليد في كل منتج لدينا.

تشمل الميزات المخطط لها وجود “وكلاء” ذكاء اصطناعي لتطبيقات “واتساب” و”ماسنجر”، وهو ما تحدث عنه زوكربيرج في الماضي، وبينما يفيد تقرير “Axios” بأن تطبيق “واتساب” و”ماسنجر” قد يكونان أول التطبيقات التي ستحصل على هذه الميزة، فقد تم رصد نسخة مبكرة من تطبيق ذكاء اصطناعي محادثات في تطبيق “إنستغرام” هذا الأسبوع من قبل الباحث في التطبيقات Alessandro Paluzzi، تشير اللقطات المشاركة منه إلى أن التطبيق يمكن أن يحتوي على ما يصل إلى 30 “شخصية” مختلفة للاختيار من بينها.

وفقا لتقرير “Axios”، تعمل “ميتا” أيضا على تطوير ميزة تحرير الصور بواسطة الذكاء الاصطناعي التوليدية في “إنستغرام” يبدو أن هذه الميزة ستتيح للمستخدمين تحرير صورهم عن طريق تعليمات النص ثم مشاركة الصور مجددا في قصتهم.

زوكربيرج ناقش مؤخرا خلال مكالمة الأرباح الأخيرة للشركة أدوات إنشاء المنشورات لـ “فيسبوك”، بالإضافة إلى أدوات مساعدة للمعلنين على المنصة.

ما زال من غير الواضح متى سيتم إطلاق هذه الميزات، ولكن يبدو أن زوكربيرج يأمل في رؤيتها في وقت قريب، وتأمل الشركة أيضا أن يقدم الموظفون بعض الأفكار لميزات جديدة تتعلق بالذكاء الاصطناعي التوليدية، ويعتقد أنها تنظم مسابقة داخلية لتحفيز الأفكار الجديدة المحتملة.

نهاية القصة؟

في هذه الفقرات، رأينا كيف تستخدم منصات التواصل الاجتماعي مثل “سناب شات” و”تيليجرام” و”تويتر” الذكاء الاصطناعي في تقديم خدمات جديدة ومبتكرة للمستخدمين.

كما رأينا كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح صديقا أو سكرتيرا أو معلما أو مستشارا للمستخدمين، وكيف يتعلم من تفاعلاتهم، ويصبح أكثر فهما وتخصيصا لهم، رأينا أيضا كيف يستخدم الذكاء الاصطناعي تقنية التحويلات (Transformers) لإنشاء نصوص جديدة بناء على نصوص سابقة، وكيف يستطيع إنشاء محادثات طبيعية ومقنعة مع البشر.

لكن هذه ليست نهاية القصة، بل البداية فقط، فالذكاء الاصطناعي مجال متطور ومتغير باستمرار، ولا يزال هناك الكثير من الإمكانات والتحديات التي تنتظره، فهل يمكن أن نتوقع المزيد من التطورات المحتملة في هذا المجال.

  • ربما نرى المزيد من التطبيقات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في إنشاء محتوى جديد وإبداعي، مثل القصص أو الأغاني أو الرسومات أو الأفلام.
  • ربما نرى المزيد من التطبيقات التي تستخدم هذه التقنيات في تحسين جودة المحتوى والتحقق من صحته وأمانه، مثل التعرف على الأخبار المزورة أو المحتوى المسيء أو المخالف.
  • ربما نرى المزيد من التطبيقات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في تسهيل التواصل بين الثقافات واللغات المختلفة، مثل الترجمة الفورية أو التعرف على الأصوات والوجوه.
  • ربما نرى المزيد من التطبيقات التي تستخدم هذا النوع من التقنيات في تعزيز التفاعل والانخراط بين المستخدمين، مثل إضافة المزيد من المؤثرات والفلاتر والألعاب والجوائز.

هذه بعض الأفكار المحتملة، ولكن تبقى مجرد تكهنات، فالذكاء الاصطناعي له إمكانات كبيرة، لكنه يحتاج إلى استخدام حكيم وأخلاقي، فيجب ألا نسمح لهذه التقنيات أن يحل محل العلاقات البشرية، أو ينتهك خصوصيتنا، أو يؤثر في قيمنا ومبادئنا، فالذكاء الاصطناعي هو أداة تساعدنا على تحقيق أهدافنا وتلبية احتياجاتنا، لكنه ليس بديلا عن إرادتنا ومسؤوليتنا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات