هل يعيد “Lensa” المخاوف من تطبيقات تعديل الصور بالذكاء الصنعي؟

هل يعيد “Lensa” المخاوف من تطبيقات تعديل الصور بالذكاء الصنعي؟
استمع إلى المقال

تطبيق “Lensa” أصبح أحدث صيحة في عالم منصات مشاركة الصور مثل “إنستجرام“، إذ بدأ مشاهير منصات التواصل الاجتماعي حول العالم في مشاركة الصور الناتجة عن التطبيق، ورغم أن تطبيقات تعديل الصور ليست جديدة على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، إلا أن تطبيق “Lensa”، أثار حفيظة الخبراء الأمنيين والفنانين معا، بسبب طريقة عمله المختلفة عن بقية تطبيقات تعديل الصور أو توليد الصور عبر الذكاء الصنعي.

تطبيقات توليد الصور عبر الذكاء الصنعي أثارت الجدل منذ ظهورها للمرة الأولى، إذ تخوف بعض الفنانين من تأثيرها على مستقبلهم العملي وذلك إلى جانب اعتمادها على الأعمال الفنية المتاحة عبر الإنترنت دون النظر لحقوق ملكية أي عمل، لذلك اعتبرها البعض الآخر بأنها تسرق أعمالهم الفنية وتحقق ربحا من بيع هذه الأعمال المسروقة، ولكن الجدل الذي أثاره “Lensa” والتخوفات النابعة منه تتخطى حقوق الملكية لتصل إلى مخاطر أمنية جسيمة.

قد يهمك أيضًا:صور الذكاء الصنعي تستخدم وجوه البشر

مذهب جديد في توليد الصور

“DALL-E2” أو “Midjourney” وغيرهما من تطبيقات توليد الصور عبر الذكاء الصنعي ليست صيحة جديدة كليا، ولكن هذه التطبيقات لم تجذب الاهتمام مثلما حدث مع “Lensa” ولم تصل إلى المستخدم المبتدأ البعيد عن مجال الفن أو الذكاء الصنعي، وذلك لأن عملية إنتاج الصور عبر هذه التطبيقات كانت تعتمد على إدخال مجموعة من الكلمات المفتاحية، حتى يقوم الذكاء الصنعي بتقديم صور تطابق هذه الكلمات، لذلك كان استخدامها مقتصرا على الفنانين أو مَن يعرفون الكلمات المناسبة لإنتاج الصور التي يرغبون بها، وهو ما كوّن حاجزا يمنع المستخدمين المعتادين من تجربتها.

إعادة تكوين لوحة كلاسيكية مع DALL-E 2

لكن تطبيق “Lensa” يختلف عنهم تماما في طريقة استخدامه، إذ ينتج التطبيق صورا مختلفة للشخص الذي يستخدم التطبيق وذلك عبر تغذيته بالصور الشخصية لمستخدم التطبيق، لذلك فإنك تقوم باختيار مجموعة من الصور تصل إلى عشرين صورة، وبعد ذلك يقوم الذكاء الصنعي بتوليد مجموعة من الأعمال الفنية لوجهك ولكن مع توجّهات فنية مختلفة تجعل الصورة تبدو في كل مرة وكأنها رُسمت يدويا من قِبل فنان رقمي.

ملكية تطبيق “Lensa” تعود إلى شركة “Prisma” لتعديل الصور، وهي شركة روسية مؤسسها أليكسي مويسينكوف، ولا يعد “Lensa” أول نموذج لتطبيق تعديل صور بسهولة تطلقه الشركة، إذ تمتلك تطبيقا يحمل اسمها يقوم بالوظيفة ذاتها ويسمح لك باختيار التعديل الفني الذي ترغب فيه بكل سهولة، وهو تطبيق لاقى نجاحا كبيرا في وقته.

“Prisma” طورت ذكاء صنعي منحته اسم “Prisma AI” وهو مستلهم من تطبيق “Stable Diffusion” المجاني لتوليد الصور عبر الذكاء الصنعي، وقد تدرب التطبيق على توليد الصور عبر فحص أكثر من 2.3 مليار صورة عبر الإنترنت من مختلف مواقع الصور مثل “Flickr” و “DevianART”، إلى جانب مواقع بيع الصور مثل “ShutterStock” و“Getty”، ورغم التشابه الكبير بين “DALL-E2” و “Stable Diffusion” إلا أن الأخير لا يمتلك قيود على الصور المولدة مثل “DALL-E2”، إذ يمكن لخوارزميات “Stable Diffusion” أن تنتج صور مسيئة وخليعة بالاعتماد على الوجوه العشوائية التي يحصل عليها من الإنترنت، ولأن “Prisma AI” يعتمد على الخوارزمية ذاتها المستخدمة في “Stable Diffusion”، فإنه من المتوقع أن ينتج “Lensa” صورا مسيئة للمستخدمين.

قد يهمك أيضًا: “شاترستوك” يدخل عالم الصور المولّدة عبر الذكاء الصنعي

مزارع ضخمة للبيانات

الطريقة التي يعتمد عليها “Lensa” لتوليد الصور تثير الجدل في حد ذاتها، إذ يجب أن يجمع عشرين صورة من كل مستخدم ليقوم بتحليلها ويعتمد عليها في توليد الصور لاحقا، وبينما يؤكد التطبيق أن الصور تحذف من خوادمه فور الانتهاء من تحليلها، إلا أن هذا ليس دليلا كافيا على حذف الصور، كما أنه قد لا يحتفظ بنسخة من الصور الشخصية المرفوعة إليه، ولكن يحتفظ بنسخة من البيانات المخزنة في الصورة، ورغم أن المستخدمين لا ينظرون عادة إلى البيانات المخزنة في الصور، إلا أن هذه البيانات توفر كمية ضخمة من المعلومات حول المستخدم مثل مكان التقاط الصورة ونوع الهاتف المستخدم في التقاطها إلى جانب البيانات العرقية التي تقرأ من خلال الصورة.

التطبيق يجمع عشرين صورة من كل مستخدم وعندما تضاعف عدد هذه الصور مع عدد المستخدمين الذين قاموا بتحميل التطبيق حتى اليوم ويقترب عددهم من 6 مليون مستخدم بحسب موقع “ستاتيستا” للإحصائيات، فإنك تكتشف أن التطبيق جمع أكثر من 120 مليون صورة شخصية لأوجه المستخدمين من مختلف الفئات والتوجهات إلى جانب البيانات المخزنة في صورهم على شكل “ميتاداتا“، وهي بيانات يمكن للشركات استخدامها في الكثير من الأمور مثل إنشاء “مزارع البيانات” أو على الأقل بيعها إلى الجهات المهتمة بها.

صور مولدة عبر Prisma AI

سياسة الخصوصية لخوارزمية “Prisma AI” التي يعتمد عليها تطبيق “Lensa” تنص أن الشركة تحتفظ بكافة الحقوق الفكرية والملكية والمادية لبيع وإعادة استخدام جميع الصور التي تنتجها الخوارزميات الخاصة بها، وذلك يعني أن التطبيق يحتفظ بنسخة من الصور المولدة عبر الذكاء الصنعي والتي تضم وجه المستخدم، كما أنها تستطيع بيع هذه الصور ونقل ملكيتها إلى أي شخص أو جهة ترغب في ذلك، وبينما يبدو هذا الشرط بريئا في البداية، إلا أنه يعد التهديد الأكبر من التطبيق، إذ قد تجد وجهك في أحد الأيام مستخدما في لوحة فنية مولدة بالذكاء الصنعي.

تطبيقات توليد الصور عبر الذكاء الصنعي تثير الجدل عندما يتعلق الأمر بحقوق الملكية والمنافع المادية، وذلك لأنه لا توجد طريقة واضحة لتحديد إن كان الذكاء الصنعي اعتمد على صورة بعينها لتوليد صورة جديدة أو استلهم منها مثلما يستلهم أي فنان بشري معتاد، ورغم ذلك ظهرت عدة محاولات لتقنين هذا الأمر وإعادة الحقوق للفنانين أصحابها، وربما تكون “Shutter Stock” إحدى أشهر المنصات التي قدمت حلًا لهذا الأمر، إذ وافقت على تقديم تعويض مالي للفنان الذي تستخدم أعماله من قبل الذكاء الصنعي خاصتها، ولكن “Stable Diffusion” لم يحاول تقديم حلول مثيلة، وذلك لأنه تطبيق مجاني في الأساس، ويثير ذلك الجدل أكثر حول “Lensa AI” الذي يطلب من المستخدمين دفع الأموال مقابل الاستفادة من مزايا “Stable Diffusion” التي يحصل عليها بشكل مجاني.

قد يهمك أيضًا: مصير طلبة التقنية بعد حملات الإقالة الموسعة في “وادي السيليكون”

مستقبل الذكاء الصنعي في الأعمال الإبداعية

عصر الذكاء الصنعي أصبح على الأبواب، إذ دخل إلى جميع المجالات الإبداعية، بداية مع توليد الصور ومرورا بتعديلها وانتهاء مع كتابة المقالات الإبداعية والإجابة على الأسئلة البرمجية المعقدة مثلما رأينا مع “ChatGPT” الذي أطلقته مؤسسة “OpenAI” مؤخرا، ولكن هل نقترب من اللحظة التي يُستبدل فيها الذكاء الصنعي الفنان البشري؟

الإجابة على هذا السؤال تحتاج للعودة خطوة إلى الوراء، إذ أن الذكاء الصنعي لن يجد ما يستند إليه للإجابة على الأسئلة أو توليد الصور، إذا لم يتم تغذيته بالمواد الإبداعية من الفنانين البشر، لذلك فإن الذكاء الصنعي لن يستطيع استبدالهم أبدا، ولكن قد نرى ظهور نوع جديد من الفن الإبداعي يعتمد على الذكاء الصنعي كأدوات تساعد الفنانين مثل “فوتوشوب” أو “كانفا“.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.