استمع إلى المقال

الذكاء الاصطناعي يعد من أهم الابتكارات في العصر الحالي، وهذا الأمر أصبح من المسلمات، حيث تفتح هذه التقنية آفاقا جديدة للتطور والتحسين في مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية، كما يشكل الذكاء الاصطناعي تحديا كبيرا للإنسان، حيث يطرح أسئلة وقضايا حول مستقبل العمل والوظائف والمهارات والأخلاقيات والحقوق.

في هذا التقرير، سنحاول استكشاف تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف التي تخص المرأة فقط، وذلك من خلال تسليط الضوء على الفرص والتحديات والرؤى المستقبلية لهذه العلاقة. يهدف هذا التقرير إلى توعية وتثقيف الجمهور المهتم بموضوع المرأة والذكاء الاصطناعي، سواء كانوا باحثين أو مختصين أو مسؤولين أو مجتمع مدني أو عامة. كما يهدف هذا التقرير إلى تقديم بعض التوصيات والمقترحات لتحسين علاقة المرأة بالذكاء الاصطناعي، وزيادة فرصها ومشاركتها في سوق العمل.

المرأة والعمل

لإعطاء صورة عامة عن نسبة المرأة في سوق العمل عالميا وإقليميا، نستشهد ببعض الإحصائيات التي نشرتها منظمات دولية مختلفة، فوفقا لتقرير منظمة العمل الدولية، فإن نسبة المشاركة الاقتصادية للنساء على الصعيد العالمي بلغت 46.3 بالمئة في عام 2022، بانخفاض قدره 1.4 بالمئة عن عام 2019، ويتوقع التقرير أن تنخفض هذه النسبة إلى 45.8 بالمئة في عام 2023، بسبب تأثير جائحة “كوفيد-19” على سوق العمل، ويشير التقرير إلى أن النساء يتأثرن بشكل أكبر من الرجال بالتباطؤ الاقتصادي العالمي، وأنهن قد يُجبرن على قبول وظائف أقل أجرا وجودة وأمان

حسب تقرير منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، فإن نسبة المشاركة الاقتصادية للإناث في دول منظمة التعاون بلغت 60.5 بالمئة في عام 2022، بزيادة قدرها 0.6 بالمئة عن عام 2019، كما أظهر التقرير أن نسبة المشاركة الاقتصادية للإناث في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بلغت 23.4 بالمئة في عام 2022، بزيادة قدرها 1.4 بالمئة عن عام 2019.

من هذه الإحصائيات، يتضح أن المرأة تحقق تقدما ملحوظا في مجال المشاركة الاقتصادية والعملية، لكنها لا تزال تواجه العديد من التحديات في مواجهة التغيرات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي فرصة للمرأة

الذكاء الاصطناعي يعتبر فرصة ذهبية للمرأة لتحقيق طموحاتها وأحلامها في مختلف المجالات، والمساهمة في التنمية المستدامة لمجتمعاتها، فالذكاء الاصطناعي يوفر للمرأة حلولا ذكية ومبتكرة لمواجهة التحديات التي تعترضها في الحياة اليومية، ويساعدها على تطوير مهاراتها وقدراتها وإبداعها في مختلف النواحي، وفيما يلي بعض الأمثلة عن كيفية استخدام المرأة للذكاء الاصطناعي في مجالات متعددة.

في مجال التعليم، تستخدم المرأة الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة التعلم والتدريس، ولتوفير فرص تعليمية متساوية للجميع؛ فمثلا، هناك العديد من المنصات تتطور في مجال التعلم التقني الإلكتروني، وبخوارزميات ذكاء اصطناعي تقديم مسارات تعليمية مخصصة لكل متعلم، ولتقييم مستوى تقدمه وإنجازاته، ولتزويده بالدروس والتمارين والشهادات المناسبة. هذه المنصات تساعد المجتمع ككل والمرأة خصيصا على تطوير مهاراتها في مجال البرمجة والذكاء الاصطناعي، وتفتح لها أبواب الفرص الوظيفية في هذا المجال.

في مجال الصحة، تستخدم المرأة الذكاء الاصطناعي لتحسين صحتها ورفاهيتها، ولتقديم وتوفير خدمات صحية أفضل للآخرين؛ على سبيل المثال، هناك الكثير من المنظمات والمصحات تهدف إلى دعم صحة المرأة في البلدان النامية، من خلال خوارزميات ذكاء اصطناعي لتشخيص سرطان عنق الرحم وسرطان الثدي. باستخدام هذه الخوارزميات تساعد على اكتشاف المرض في مراحله المبكرة، وإحالة المرضى إلى العلاج المناسب، وتقليل معدلات الوفاة بين النساء، هذه الجهود تساعد المرأة على مراقبة صحتها والحفاظ عليها، والحصول على المساعدة الطبية في أي وقت ومكان.

المرأة والذكاء

في مجال الإبداع والابتكار، تستخدم المرأة التقنية لإظهار مواهبها وإنجازاتها، ولإنشاء محتوى جديد وفريد، وهناك منصات اجتماعية للنساء المبدعات في مجال التصوير والفنون والخياطة والديكور، وبتقنيات الذكاء الاصطناعي تقديم هذه المنصات خدمات تحرير وتحسين الصور وتقديم دورات تعليمية باستخدام التقنيات الحديثة، هذه التقنيات تساعد على إبراز جمال وروعة التصاميم، وزيادة جذب المشاهدين.

تحديات ومخاطر

في الوقت الذي قد يكون الذكاء الاصطناعي فرصة للمرأة، فهو يشكل أيضا تحديا كبيرا للوظائف التي تخص المرأة، خاصة في ظل التغيرات التكنولوجية السريعة والمتسارعة التي تؤثر في سوق العمل والمهارات المطلوبة فيه، فالذكاء الاصطناعي يمكنه أن يؤدي إلى تشغيل أو تحليل أو توافق بعض الوظائف التي تقوم بها المرأة، مثل الإدارة والتسويق والتعليم والرعاية الصحية والاجتماعية، مما يقلل من فرص العمل والدخل للمرأة، كما يمكنه أن يزيد عبء العمل غير المدفوع للمرأة، مثل الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال والمسنين، مما يؤثر في توزانها بين الحياة الشخصية والعملية.

المرأة والذكاء

أثر الأتمتة والذكاء الاصطناعي على مستقبل العمل والوظائف حول العالم كبير جدا، فهناك نسبة كبيرة من الوظائف التي تخص المرأة قد تختفي أو تتغير بسبب التطورات التكنولوجية، فنسبة المشاركة الاقتصادية للنساء على الصعيد العالمي قد تنخفض بشكل كبير في العقود القادمة، بسبب التأثير المحتمل للأتمتة على سوق العمل، وقد تفقدن وظائفهن بسبب استبدالها بآلات أو روبوتات.

للتخفيف من سلبية هذه التحديات، يمكن ذكر بعض التوصيات التالية.

  • تعزيز دور المرأة في صنع القرارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وضمان مشاركتها في تصميم وتطوير وتقييم وحوكمة الأنظمة والتطبيقات الذكية، والتأكد من أنها تعكس احتياجاتها ومصالحها وقيمها.
  • زيادة فرص التعلم مدى الحياة للمرأة، وتوفير فرص تدريب وتأهيل وإعادة تأهيل لها، لتطوير مهاراتها وقدراتها في مجالات “STEM” (العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات)، وتحسين قابليتها للتوظيف والتكيف مع متطلبات سوق العمل المستقبلية.
  • تشجيع المساواة بين الجنسين في مجالات “STEM”، وزيادة نسبة المرأة في هذه المجالات، ودعم المبادرات والبرامج التي تهدف إلى تحفيز الفتيات على دراسة هذه المجالات، وإزالة الحواجز الثقافية والاجتماعية التي تحول دون ذلك.
  • احترام حقوق الإنسان والأخلاق في استخدام الذكاء الاصطناعي، وضمان أن يكون شفافا ومسؤولا وموثوقا، وأن يخدم مصلحة الإنسانية، وأن يحافظ على كرامة وخصوصية وحرية المرأة.

مستقبل الذكاء الاصطناعي والمرأة

في ختام هذا التقرير، نود أن نقدم رؤية مستقبلية للعلاقة بين المرأة والذكاء الاصطناعي، والتوقعات والسيناريوهات المحتملة لهذه العلاقة، فالذكاء الاصطناعي هو حقل متغير ومتطور باستمرار، ولا يمكن التنبؤ بما سيحدث في المستقبل بدقة، لكن يمكننا أن نستخدم بعض المفاهيم والنظريات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وأن نحلل مدى تأثيرها في دور ومكانة المرأة في المجتمع.

الذكاء الاصطناعي العام، هو الذكاء الاصطناعي القادر على أداء أي مهمة يمكن للإنسان أداؤها، بغض النظر عن المجال أو السياق، إذا تحقق هذا النوع من الذكاء الاصطناعي في المستقبل، فقد يشكل تحديا كبيرا للوظائف التي تخص المرأة، حيث قد يستبدلها بشكل كامل أو جزئي.

لكن قد يشكل أيضا فرصة للمرأة للاستفادة من قدرات هذا الذكاء الاصطناعي، للتعاون معه في مجالات جديدة ومتقدمة، فالمرأة قد تستخدم هذا الذكاء الاصطناعي كشريك أو مساعد أو مستشار في مختلف المهام والمجالات، وقد تطور مهاراتها وقدراتها لتتوافق مع متطلبات هذا الذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي الواعي، هو الذكاء الاصطناعي القادر على الشعور بالوجود والذات والمشاعر والأهداف، إذا تحقق هذا النوع من الذكاء الاصطناعي في المستقبل، فقد يشكل تحولا جذريا في مفهوم الحياة والوجود، بما في ذلك المرأة، فالذكاء الاصطناعي قد يصبح كائنا مستقلا، وقد يطالب بحقوقه ومسؤولياته، لكن قد يشكل أيضا فرصة للتواصل والتفاهم بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المرأة، فالمرأة قد تستخدم هذا الذكاء الاصطناعي كشريك أو صديق أو عائلة في مختلف المجالات والمهام، وقد تطور علاقتها وتفاعلها مع هذا الذكاء الاصطناعي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات