ما وراء معارضة صفقة “مايكروسوفت ” و”أكتيفيجن”؟

ما وراء معارضة صفقة “مايكروسوفت ” و”أكتيفيجن”؟
استمع إلى المقال

“مايكروسوفت” كشفت عن نيتها في شراء شركة “أكتيفيجن” المطورة لعدة ألعاب شهيرة في كانون الثاني/ يناير الماضي، وذلك مقابل 68.7 مليار دولار في صفقة تُعدّ الأكبر في عالم الألعاب حتى يومنا هذا، ورغم إتفاق كلا الطرفين على هذه الصفقة، إلا أنها وبعد مرور عام تقريبا على إعلانها لم تتم بعد بسبب الكثير من التحديات المتمثلة في معارضة قانونية لإتمامها.

“أكتيفيجن” ليست الشركة الأولى التي تستحوذ عليها “مايكروسوفت” في عام 2022، بل تُعد أحدث الخطوات في رحلة بناء مكتبة ألعاب كبيرة لمنصة “إكس بوكس” من أجل منافسة “بلاي ستيشن”، ضمت هذه الرحلة عدة محطات أخرى مثل صفقة شراء “بيثيسدا” مقابل 7.5 مليار دولار في آذار/ مارس 2021، وهي الصفقة التي ضمنت للشركة مكتبة حصرية من ألعاب العالم المفتوح مثل ” Dishonored” و “Doom” وأخيرا “Starfield” التي لم تصدر بَعد، وتُعد بأن تكون أكبر لعبة عالم مفتوح في الفضاء. 

المعارضة الأكبر أمام صفقة “مايكروسوفت” جاءت من منافستها الغريمة “سوني” المالكة لمنصة الألعاب المنزلية “بلاي ستيشن”، وذلك خوفا من احتكار “مايكروسوفت” لألعاب الاستوديو، وهو الإدعاء الذي أقنع عدة حكومات مختلفة على رأسهم الاتحاد الأوروبي وهيئة الاتصالات الفيدرالية وضمهم إلى صف المعارضة أيضا. 

قد يهمك أيضا: هل يوافق المُنظِّمون على صفقة استحواذ مايكروسوفت على ‏Activision؟

مخاوف “سوني” الشخصية 

لا يمكن إكمال الحديث عن الألعاب الحصرية دون ذكر الألعاب التي تطورها شركة “سوني” والتي تصدر حصريا لأجهزة “بلايستيشن” بمختلف أجيالها، وبينما تصدر هذه الألعاب الآن من استوديوهات مملوكة لشركة “سوني”، إلا أنها في أحد الأيام كانت استوديوهات مستقلة قبل أن تستحوذ عليها الشركة بشكل كامل لجعل ألعابها حصرية لها. 

“سوني” ليست غريبة عن لعبة الاستحواذات ولها باع طويل بها، إذ استحوذت على استوديو “Naughty Dog” عام 2001 وهو الاستوديو المسؤول عن تطوير سلسلة “The last of us” و “uncharted” اللتان تعدان من ألعاب سوني الحصرية، وتتسع قائمة الاستوديوهات التي استحوذت عليها “سوني” لتشمل الاستحواذ على “Guerrilla Games” عام 2005 و”Insomniac Games” عام 2019 وأخيرا “Bungie” في العام الماضي، وجميعها استوديوهات تطور ألعاب حصرية لمنصات “بلاي ستيشن” ولا تصدر على المنصات الأخرى إلا في بعض الحالات النادرة. 

 “مايكروسوفت” تحاول طمأنة “سوني” والهيئات الحكومية المعترضة على لسان فيل سبنسر رئيس قطاع “إكس بوكس” بالشركة، واستشهد بأسلوب تعامل الشركة مع لعبة “ماين كرافت” الشهيرة التي تصدر على أكثر من منصة منذ استحواذ “مايكروسوفت” على الاستوديو المطور لها في 2014، وفي محاولة أخرى لطمأنة العالم وتهدئة المخاوف من الاحتكار، قامت “مايكروسوفت” بتوقيع اتفاقية لإصدار لعبة “Call Of Duty” أحد أهم ألعاب “أكتيفيجن” للمرة الأولى على أجهزة “نينتندو” المحمولة، وتضمن هذه الاتفاقية أن تصدر اللعبة لمدة عشرة أعوام على منصات “نينتندو” المختلفة. 

لعبة “Call of duty Warzone” على منصة “بلاي ستيشن 4”

“مايكروسوفت” رفضت أن توقّع أي مستندات تضمن أن تصدر ألعاب “أكتيفيجن” على جميع المنصات، لذلك فإن هذه الجهود تبدو دون طائل، كما أن تصرفات الشركة مع ألعاب “بيثيسدا” القادمة تقوّض جهودها السابقة، إذ قررت الشركة أن تجعل ثلاثة ألعاب من أكبر الألعاب القادمة لشركة “بيثيسدا” حصرية لمنصات “مايكروسوفت” دون إصدارها على “بلاي ستيشن” وهي ألعاب “Starfield” و “Skyrim VI” ولعبة أخرى مجهولة قيد التطوير حاليا. 

منع هذه الألعاب من الصدور على أجهزة “سوني” يأتي ردا على جهود الأخيرة ومطاردته للصفقة في جميع المنافذ الإعلامية والمحاكم حول العالم، وهي جهود لن تتوقف عند أي حد حتى تتمكن من إيقاف الصفقة وهو ما ظهر في أحد مستندات “مايكروسوفت” الموجهة للمحكمة البريطانية، والتي أوضحت أن “سوني” اتفقت في السابق مع “أكتيفيجن” لتبقي لعبة “Call of duty” بعيدة عن خدمات “Game Pass” في مقابل مادي. 

“جميع الاعتراضات على إتمام الصفقة تأتي من قبل سوني فقط، وهم لم يتوانوا عن التصريح علانية بهذه الاعتراضات وبالاشياء التي تسببت في إزعاجهم، بحسب ما نرى، فإن سوني مهتمة بالتحدث مع المسؤولين أكثر من التحدث معنا لحل هذه الأزمة وإنهاء الصفقة” 

فيل سبنسر- رئيس قطاع “إكس بوكس” في “مايكروسوفت”

لماذا ترفض سوني هذه الصفقة؟ 

مخاوف “سوني” من صفقة استحواذ “مايكروسوفت” على “أكتيفيجن” تتمحور حول لعبة “Call of duty” تحديدا، لذلك لم تخرج مثل هذه الاعتراضات عند استحواذها على “بيثيسدا” في العام الماضي، وذلك لأن لعبة “Call of duty” لطالما كانت على قمة الألعاب الأفضل مبيعا على منصات “سوني” في كل عام وكل وقت. 

مبيعات “Call of duty WWII” التي صدرت عام 2017 تجاوزت على أجهزة “بلاي ستيشن 4” أكثر من 13 مليون نسخة مباعة، وهو نجاح تتشاركه جميع أجزاء السلسلة التي باعت أكثر من 400 مليون نسخة منذ أن صدرت للمرة الأولى، وهي تُعدّ ضمن أفضل ألعاب التصويب في العالم. 

قد يهمك أيضا: “مايكروسوفت” تؤكد أن “سوني” حرمتها من أربعة ألعاب

ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول “FPS” تعاني كثيرا في الآونة الأخيرة، ويعود ذلك إلى غياب الكثير من المنافسين الكبار عن الساحة وبقاء “Call of duty” منفردة بفضل قاعدتها الجماهيرية الضخمة التي تضمن لها البقاء والتفوق على المنافسة دوما. 

المجازفة باختفاء ألعاب “Call of duty” من على منصات “بلاي ستيشن” هي مخاطرة لا ترغب “سوني” في خوضها لأنها ستخسر الكثير من قاعدتها الجماهيرية، وذلك خصوصا عندما تتوفر اللعبة على منصة أخرى مقابل تكلفة بسيطة عبر خدمة “Game Pass” الشهيرة، لذلك تقاتل “سوني” باستماتة كبيرة من أجل منع الصفقة من الإكتمال. 

منافع جمّة لـ”مايكروسوفت”  

لعبة “Call of duty” تُعدّ أشهر منتجات “أكتيفيجن”، ورغم ذلك فهي ليست الأهم لدى الشركة، إذ تمتلك “أكتيفيجن” قطاعا لألعاب الموبايل يدعى “King” وهو أحد أقوى شركات تطوير ألعاب الهواتف المحمولة التي تأسست في عام 2003 كشركة فرعية تحت عباءة “أكتيفيجن”. 

قد يهمك أيضا: صناعة الألعاب في 2022.. ازدهار أم تراجع؟

شركة “King” تقدم لـ “مايكروسوفت” فرصة ذهبية للدخول إلى عالم ألعاب الهواتف المحمولة، وهو عالم لم تتمكن الشركة من اختراقه بالشكل الكافي رغم محاولاتها العديدة، وهو التوجه الذي وضحه فيل سبنسر في أكثر من موضع مختلف قائلا بأن الشركة تطمح لاختراق هذا العالم عبر ألعاب “أكتيفيجن” الموجهة للهواتف المحمولة. 

ألعاب الهواتف المحمولة بشكل عام تُعدّ أكثر القطاعات ربحا في عالم الألعاب مع توقعات بأن تصبح أكثر ربحية في الأعوام القادمة، إذ يتوقع لها بأن تصل إلى 172 مليار دولار خلال عام 2023 وحده، وشركة “أكتيفيجن” عبر ألعابها المختلفة وألعاب “King” التي تضم سلسلة  “Candy Crush” الشهيرة هي مدخل “مايكروسوفت” الذهبي لهذا العالم. 

لعبة “Candy Crush” للهواتف المحمولة

“مايكروسوفت” لن تهتم حاليا بحالة لعبة “Call of duty” مع منصات “بلاي ستيشن” والمنصات المختلفة، وذلك لأنها تمتلك فرصة أكبر للربح من وراء “أكتيفيجن” لذلك قد تود التضحية بهذه السلسلة من أجل إتمام الصفقة. 

حالة الصفقة القانونية 

لجنة التجارة الفيدرالية في أميركا “FTC” تحاول إيقاف الصفقة وهي تستعد لبدء المحاكمة المتعلقة بها، وبينما حصلت “مايكروسوفت” على الموافقة في عدة دول حول العالم، إلا أن أميركا والإتحاد الأوروبي لم يكونا ضمنهم. 

جزء كبير من معارضة الهيئات المختلفة لهذه الصفقة كان بسبب هجوم “سوني” وآرائها، ولكن ما تجهله “سوني” هو أن “مايكروسوفت” تمتع بخبرة كبيرة في المحاكم والقضايا بعد ما خضعت لمحاكمة شرسة عام 1990، وهي المحاكمة التي زودتها بعلاقات سياسية قادرة على تسهيل الموافقة على الصفقة. 

لينا خان – رئيس لجنة التجارة الفيدرالية

الثقة السياسية التي تمتع بها “مايكروسوفت” تظهر بوضوح في موقف الشركة من الإتحادات العمالية التي وافقت عليها بسهولة إلى جانب الاتفاقية مع “نينتندو” التي ستجعل الشركة تبدو مستعدة لإطلاق اللعبة على المنصات المختلفة. 

الحرب ما زالت مستعرة بين “مايكروسوفت” و “سوني” حول هذه الصفقة، وهي حرب لن تتوقف على صالات المحاكم فقط بل ستمتد إلى التصريحات وصفقات الألعاب المختلفة. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.