استمع إلى المقال

في هذا العالم الذي نعيشه الآن، والذي أصبحنا نشهد من خلاله تسارع غير مسبوق نحو مستقبل مستدام، تثار العديد من التساؤلات حول التقنيات الحديثة وآثارها المحتملة، من بين هذه التقنيات المبتكرة تبرز السيارات الكهربائية كمحور رئيسي في مسار التحول من الوقود التقليدي إلى مستقبل أكثر نظافة، ومع تسارع تبني هذه السيارات، يبرز تساؤلات حول سلامتها، وتحديدا حول حوادث الحرائق التي قد تنجم عنها.

هل تظهر الأدلة العلمية أن سيارات الكهرباء تشكل خطرا أكبر من السيارات التقليدية من حيث حدوث حرائق، يتساءل الكثيرون حول هذا الجانب المهم، الذي يمكن أن يلقي بظلال على مستقبل هذه التكنولوجيا المبهرة، وهل تؤدي حوادث الحرائق في السيارات الكهربائية إلى تأثيرات أكبر على البيئة أو الأشخاص المحيطين، هذا التساؤل يتسلل إلى قلوب الذين يبحثون عن تحقيق التوازن بين التقنية المبتكرة والحفاظ على سلامة البيئة والمجتمع.

في هذا التقرير، سنتناول بشكل مستفيض تلك التساؤلات، ونحاول الوقوف عند حقائقها والكشف عن الجوانب الرمادية في هذا السياق، الهدف هو فهم أفضل للتحديات والميزات المتعلقة بسلامة سيارات الكهرباء، وكيف يمكن أن تسهم في بناء مستقبل يعتمد بشكل أكبر على مصادر الطاقة المستدامة.

خطر الحرائق في سيارات الكهرباء مقارنة بالسيارات التقليدية

هل تظهر الأدلة العلمية أن سيارات الكهرباء تشكل خطرا أكبر من السيارات التقليدية من حيث حدوث حرائق؟ يشير كولين ووكر، رئيس قسم النقل في وحدة الطاقة والمناخ والاستخبارات في الممكلة المتحدة، إلى أن جميع البيانات تشير إلى أن سيارات الكهرباء أقل عرضة لحوادث الحرائق مقارنة بنظائرها التقليدية التي تعمل بالبنزين أو الديزل، في النرويج، التي لديها أعلى نسبة في العالم من مبيعات السيارات الكهربائية، هناك ما بين أربعة إلى خمسة أضعاف الحرائق في سيارات البنزين والديزل، وفقا لمديرية الضمان الاجتماعي والاستعداد للطوارئ، وجدت أن هناك 3,8 حريقا لكل 100 ألف سيارة كهربائية أو هجينة في 2022، مقارنة بحرائق 68 لكل 100 ألف سيارة تقليدية مع أخذ جميع أنواع الوقود في الاعتبار؛ ومع ذلك، فإن الأرقام الأخيرة تشمل الحرق المتعمد، مما يجعل المقارنات صعبة بعض الشيء.

تأثيرات حوادث الحرائق على البيئة والأشخاص

هل يمكن أن تؤدي حوادث الحرائق في السيارات الكهربائية إلى تأثيرات أكبر على البيئة أو الأشخاص المحيطين، على الرغم من أن فيديوهات لحوادث الحرائق في السيارات الكهربائية تظهرها كأنها حرائق هائلة، يُشير البروفيسور بول كريستيانسن، أستاذ الكيمياء الكهربائية في جامعة نيوكاسل، إلى أن سمعة السيارات الكهربائية قد تأثرت بسبب أنماط حرائق البطاريات الليثيوم؛ ومع ذلك، يُظهر تقرير من شركة EV FireSafe وهي شركة خاصة للبحث عن حرائق بطاريات الجهد العالي للسيارات الكهربائية والاستجابة للطوارئ، إن احتواء حرائق البطاريات يتطلب كميات أكبر من الماء، ويمكن أن تحترق بشكل أكثر حرارة، وتكون أكثر احتمالا لإعادة الاشتعال.

رغم تأثير حرائق السيارات الكهربائية على السلامة والبيئة، يتضح من البيانات الحالية أن فرصة حدوث حرائق في هذه السيارات تظل أقل بكثير مقارنة بالسيارات ذات المحركات التقليدية؛ ومع ذلك، يجدر بنا أن نأخذ في اعتبارنا التحديات الفريدة التي يمكن أن تطرأ أثناء التعامل مع حرائق البطاريات، ونتخذ التدابير اللازمة للتعامل مع هذه الجوانب.

 تأثير زيادة حوادث الحرائق على تصميم مواقف السيارات

هل يمكن أن يؤدي ارتفاع نسبة حوادث الحرائق في السيارات الكهربائية إلى تغييرات في تصميم مواقف السيارات لمنع انتشار الحرائق، يثير هذا السيناريو تحديات جديدة في مجال تخطيط المواقف، حيث قد تتطلب زيادة استخدام السيارات الكهربائية إجراءات إضافية للحفاظ على سلامة المركبات والمستخدمين، قد يكون من الممكن تصميم مواقف أوسع أو معدات إطفاء إضافية لتقليل انتقال الحرائق بين السيارات.

هل يجب على أصحاب السيارات الكهربائية دفع رسوم تأمين أعلى، كما اقترح النائب جريج سميث، لتغطية تكاليف إطفاء الحرائق، قد تؤدي زيادة حوادث الحرائق إلى مطالبات تأمين متزايدة، مما قد يشير إلى ضرورة فرض رسوم إضافية على أصحاب السيارات الكهربائية لتعويض تكاليف الخدمات الإطفائية. هذا الرأي يثير مسألة العدالة في التأمين ومدى تحميل أصحاب السيارات الكهربائية تكاليف إطفاء الحرائق بمفردهم.

زيادة حوادث الحرائق في السيارات الكهربائية قد تستدعي تغييرات في تصميم المواقف وتأثيرا على رسوم التأمين، يجب دراسة بعناية تلك الآثار المحتملة لضمان استمرار تطوير البنية التحتية والسياسات بطريقة تعكس التقدم في تكنولوجيا السيارات الكهربائية.

مقارنة بين سيارات الكهرباء والسيارات التقليدية

البيانات الحالية تظهر فعلا أن سيارات الكهرباء أقل عرضة لحوادث الحرائق مقارنة بالسيارات ذات المحركات التقليدية، من خلال تحليل البيانات المتاحة من مصادر مختلفة، يُظهر تقرير EV FireSafe أن هناك احتمالا أقل بكثير (0.0012 بالمئة) لاشتعال بطارية سيارة كهربائية مقارنة بالسيارات التي تعمل بالاحتراق الداخلي (0.1 بالمئة). يُبرز هذا التحليل الفارق في معدلات حوادث الحرائق بين النوعين.

تقرير آخر من شركة تيسلا، يُظهر أن عدد حوادث الحرائق التي شملت سياراتهم الكهربائية كانت 11 مرة أقل من معدل الحوادث للسيارات جميعها على الطرق الأميركية في الفترة من 2012 إلى 2021، هذا يشير إلى أن تكنولوجيا البطاريات الحديثة قد تجعل سيارات الكهرباء أكثر أمانا.

مع مراعاة البيانات الحالية، يتضح أن سيارات الكهرباء تظهر أقل عرضة لحوادث الحرائق مقارنة بالسيارات التقليدية، على الرغم من أن هناك استمرارا في جمع البيانات والبحث، يشير التحليل الحالي إلى أن التطورات في تقنيات السلامة للسيارات الكهربائية قد جعلتها خيارا أكثر أمانا بشكل عام.

العوامل التي قد تؤثر بمدى خطورة حوادث الحرائق

زيادة عمر بطاريات السيارات الكهربائية يزيد احتمالية حوادث الحرائق، كما، حيث يعتبر تقدم البطاريات بمرور الوقت مجالا يحتاج إلى دراسة دقيقة، تزايد عمر البطاريات قد يزيد احتمالية حدوث ما يدعى “thermal runaway”، وهي حالة يمكن أن تتسبب في ارتفاع درجات الحرارة بشكل سريع وإطلاق غازات سامة.

كما ذكرنا أعلاه، أن حرائق البطاريات تتطلب كميات كبيرة من الماء للإطفاء، وقد تحترق بشكل أكثر حرارة، وتكون أكثر احتمالا لإعادة الاشتعال، وهذا ما يتسبب في تحديات إضافية لفرق الإطفاء، وبعض الإدارات اعتمدت استراتيجيات مثل غمر السيارات الكهربائية بالماء لإخماد الحرائق.

على الرغم من أن زيادة عمر بطاريات السيارات الكهربائية قد تشكل تحديات إضافية، إلا أن البيانات الحالية تظهر أن سيارات الكهرباء لا تزال أقل عرضة لحوادث الحرائق بشكل عام، تظهر الاعتبارات الأمنية أهمية تطوير إجراءات وتكنولوجيا جديدة للتعامل مع حرائق البطاريات بفعالية.

الخيار الآمن

باختصار، يظهر تحليل مخاطر حوادث الحرائق في السيارات الكهربائية مقارنة بالسيارات التقليدية تفوقا واضحا لصالح الأولى، الأدلة العلمية والبيانات الحالية تشير إلى أن سيارات الكهرباء تظهر أقل عرضة لحوادث الحرائق، سواء من حيث تكرار حدوثها أو تداولها بين المركبات.

على الرغم من الحالات النادرة التي قد تشهد اندلاع حرائق في سيارات الكهرباء، يظهر أن الابتكار في تقنيات السلامة والتصميم قد جعل من هذه السيارات خيارا آمنا، فالتكنولوجيا المتقدمة للبطاريات، والتحكم الدقيق في عمليات الشحن والتفريغ، وتطور معايير السلامة تلك، جميعها عوامل تساهم في تقليل مخاطر حوادث الحرائق.

ومع زيادة انتشار سيارات الكهرباء وتحسن تقنيات الإنتاج والسلامة، يمكن توقع المزيد من التطور والتحسين في هذا السياق؛ ومع ذلك، يجب أن يظل التركيز على تعزيز التدابير الأمنية، والتعليم المستمر لأصحاب السيارات وفرق الإطفاء، لضمان تعامل آمن وفعال مع تلك التكنولوجيا المتقدمة.

في النهاية، تبدو سيارات الكهرباء ليست فقط مستقبلا للنقل، بل أيضا خيارا آمنا، حيث يمكن أن تلعب دورا كبيرا في تحقيق الاستدامة وتقليل التأثير البيئي، مع مراعاة الجوانب الأمنية بشكل شامل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات