استمع إلى المقال

قطاع السيارات الكهربائية في الصين يعيش في أزهى عصوره الآن مع ارتفاع معدلات المبيعات والإقبال الواسع من الجمهور عليه، وحتى تصدير الكثير من منتجاته إلى الدول الخارجية بشكل ينافس الكثير من العلامات المحليّة، وهذا الانتعاش أيضا كان من الأسباب التي تدفع إيلون ماسك لبناء مصانع تابعة لشركته “تسلا” هناك. 

رغم كل هذا الانتعاش والتدفق المالي، إلا أن شبحا مدمرا يطارد هذا القطاع، وهو الانفجارات المتتالية والمميتة في بعض الحالات التي تسبب فيها الدراجات الكهربائية الصينية تحديدا أو حتى المركبات الكهربائية التي تعتمد بشكل رئيسي على بطاريات الليثوم الصينية، ولكن لماذا تنفجر الدراجات الكهربائية الصينية دونا عن غيرها. 

حوادث متعددة 

في 20 آب/أغسطس الماضي، انفجرت حافلة ركاب كهربائية تعتمد على بطاريات الليثيوم في المنطقة الشرقية من مدينة نانجينغ الصينية مخلفا وراءه حالتين وفاة و5 إصابات تضمنت أطفال صغارا، وتكرر الأمر في 23 آب/أغسطس الماضي بمقاطعة قوانغدونغ حيث انفجرت بطارية دراجة كهربائية في منزل مالكها مخلفةً ورائها أضرار مالية جمة، كما حدث الأمر ذاته في 7 آب/أغسطس الماضي في مقاطعة انهوى ولكن هذه المرة في شاحنة نقل دراجات كهربائية متسببة في إنفجار الشاحنة والدراجات الموجودة بها. 

هيئة مقاومة الحرائق والإنقاذ في الصين أبلغت في تقريرها الأخير أن عام 2022 شهد أكثر من 8 آلاف حالة احتراق وانفجار للدراجات الكهربائية بمعدل ارتفاع يزيد عن 31.3 بالمئة من العام السابق، وهذا الأمر يبدو منطقيا مع تزايد الاقبال على الدراجات الكهربائية لسهولة استخدامها وكونها اقتصادية في التنقل والامتلاك. 

الدراجات الكهربائية ليست وحدها من يواجه مخاطر الانفجار والحرائق، إذ يحدث الأمر ذاته مع السيارات الكهربائية الصينية التي تعتمد على بطاريات الليثيوم مثل سيارة “AITO M5” التي تطورها شركة “هواوي ” الشهيرة وتعتمد على نظام تشغيل “هارموني” الخاص بها، وقد انفجرت السيارة متسببة في وفاة شخصين. 

لا يمكننا بالطبع أن ننسى انفجارات الهواتف المحمولة الصينية التي تحدث بشكل مستمر في مختلف الدول حول العالم وتسبب في إتلاف للممتلكات حالات وفاة في بعض الأوقات، ولكن لماذا يحدث هذا فقط مع الأجهزة التي تمتلك بطاريات صينية. 

إهمال بالرقابة والمعايير 

مطلع عام 2020، أطلق مجلس الطاقة الصيني مجموعة من المعايير التي يجب على الشركات اتباعها من أجل صناعة البطاريات الكهربائية وتحديدا بطاريات الليثيوم في السيارات الكهربائية وغيرها من المركبات الكهربائية، ولكنها بالطبع ظلّت معايير دون تنفيذ بسبب إهمال السلطات والشركات في تنفيذها كما يظهر معدل الانفجارات والحرائق. 

بطاريات الليثيوم تختلف كثيرا عن البطاريات المعتادة أو التقنيات القديمة في تخزين الطاقة، لأن درجة حرارتها ترتفع بشكل كبير وسريع للغاية، إذ قد تصل درجة حرارة البطارية إلى أكثر من 900 درجة مئوية في غضون دقائق، وكلما زادت سعة البطارية وزاد حجمها الفيزيائي أصبحت تحتاج إلى معامل تبريد أفضل حتى لا تنفجر لأن الحرارة ستزداد بشكل أسرع. 

شركات صناعة المركبات الكهربائية تركض بشراهة وراء الأرقام وتقديم أعلى مدى يمكن أن تقدمه دون النظر إلى قوة البطارية أو تحملها لمثل هذا المدى ومثل هذه الشحنة، وهو الأمر الذي يحدث في الهواتف المحمولة أيضا، إذ تجد هاتفًا بسعة 6000 مللي أمبير ويعتمد على منفذ طاقة تصل قوته إلى 100 واط تقريبا مما يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الهاتف والبطارية بشكل كبير وسريع للغاية مما قد يتسبب في انفجار الهاتف بشكل مفاجئ. 

الأمر يصبح أكثر تعقيداً في السيارات الكهربائية، وهذا لأن هذه السيارات تسير لمسافات طويلة وتتعرض لدرجات حرارة خارجية ناتجة عن احتكاك الإطارات بالأرض أسفلها ما يتسبب في ارتفاع درجات الحرارة أكثر من المعتاد ومن الاختبارات المعملية. 

الطريقة الأمثل لتفادي هذه الأزمات هو تقديم تقنيات تبريد مبتكرة لخفض حرارة البطارية، ولكن تقديم مثل هذه التقنيات يشغل جزءا من مساحة السيارة وقد يكلف الشركة مبالغ طائلة، لذلك تهملها أغلب الشركات وتكتفي بتقديم النصائح في بعض الحالات والكذب في الحالات الأخرى. 

خطر الاندثار 

لا أحد يرغب في الموت محترقا أو مختنقا بسبب سيارته الكهربائية، لذلك ومع الوقت، سيبتعد المستخدمون عن السيارات الكهربائية بشكل عام بسبب الشائعات والصيت  السيء الذي سيحيق بها، إذ ستكون سيارات للموت بدلا من الحفاظ على البيئة والتنقل بسهولة ويسر. 

ورغم أن مبيعات المركبات الكهربائية في الصين بمفردها وصلت إلى 35 بالمئة من إجمالي مبيعات المركبات، إلا أن هذا لن يكون كافيا حتى يقنع المستخدمين بالمخاطرة بحياتهم، مما سيؤدي في النهاية لانخفاض المبيعات واندثار هذه التقنية.

الأزمة أن الشركات الأوروبية التي تصنع السيارات الكهربائية ما زالت تبحث في حلول تقديم سيارات ذات مدى طويل، وإذا انخفضت مبيعات السيارات الكهربائية عالميا بسبب الشائعات، فإن هذه الأبحاث لن تكون ذات فائدة وستتوقف الشركات عنها في النهاية. 

الحل الأمثل أمام الشركات الصينية، هو الاهتمام بمعايير الأمان والبحث عن تقديم تقنيات قادرة على حماية المستخدمين بدلا من المخاطرة بهم والتحول إلى مصدر تهديد دائم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات