استمع إلى المقال

لا شك في أن الخصوصية مهمة للمستخدمين، لكن كم تبلغ قيمة الخصوصية عبر “فيسبوك” في الوقت الحالي، وهل تحولت الخصوصية إلى ترف في عصر التواصل الاجتماعي.

ثمن الخصوصية

من أجل الحصول على بريد إلكتروني خالي من الإعلانات، فإن “ياهو” تقدم هذه الميزة مقابل 5 دولارات شهريا، في حين توفر “سبوتيفاي” موسيقى خالية من الإعلانات مقابل 10 دولارات شهريا، أما الفيديو الخالي من الإعلانات عبر “يوتيوب” يكلف 14 دولارا شهريا.

لكن “فيسبوك” تحدد هذا الشهر وللمرة الأولى سعرا شهريا للخصوصية. في الوقت الحالي، بالنسبة للأشخاص في أوروبا، يبلغ هذا السعر 10 يوروهات، أو 13 يورو إذا قاموا بالتسجيل باستخدام هواتفهم.

هذا التغيير يعد كبيرا لـ “فيسبوك”، وهي الشركة التي أشادت منذ فترة طويلة بفوائد الإنترنت المدعوم بالإعلانات، بحجة أن هذا يعني أن الجميع يحصلون على نفس الخدمة، مهما كان قدر المال الذي يملكونه.

لكن منظمي الخصوصية في أوروبا يدورون حول هذا الموضوع، وتؤدي سلسلة من الغرامات والقضايا القانونية إلى وضع الشركة في مأزق، حيث يقول المنظمون إنها بحاجة إلى تغيير الطريقة التي تجعل المستخدمين يوافقون على الإعلانات السلوكية، وكان رد “فيسبوك” الدفع مقابل إلغاء الإعلانات.

في تاريخ غير محدد في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، تطرح “فيسبوك” خيار الاشتراك الجديد الخالي من الإعلانات في الاتحاد الأوروبي والنرويج وأيسلندا وليختنشتاين وسويسرا.

“فيسبوك” تقاوم التغيير

لكن الخطة قوبلت بالفزع والتهديدات باتخاذ المزيد من الإجراءات القانونية في أوروبا، حيث يقول المنظمون ونشطاء الخصوصية إن هذه مجرد محاولة “فيسبوك” الحديثة لمقاومة التغيير الحقيقي الضروري لجعل منتجاتها متوافقة مع قانون الخصوصية الأوروبي.

بحسب هيئة مراقبة الخصوصية النرويجية، فإن الشركة تحاول بشدة إيجاد حلول لمواصلة الوضع الراهن.

لسنوات، جادلت المحاكم الأوروبية بأن “فيسبوك” لا يمكنها استخدام البيانات الشخصية للإعلان ما لم تحصل على موافقة مجانية وصريحة – بنعم أو لا – من الأشخاص الذين يستخدمون خدماتها.

في شهر تموز/يوليو، ذهبت النرويج، وهي ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي ولكنها عضو في المنطقة الاقتصادية الأوروبية، إلى أبعد من ذلك، ووصفت الطريقة التي تنفذ بها الشركة الإعلانات السلوكية بأنها غير قانونية وفرضت حظرا.

الدولة بدأت بفرض غرامة قدرها 100 ألف دولار على “فيسبوك” عن كل يوم لم تمتثل في الشركة. الحظر الذي فرضته النرويج يتكرر الآن في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، بعد موافقة المجلس الأوروبي لحماية البيانات.

إذا لم تمتثل الشركة مرة أخرى، فيمكن للاتحاد الأوروبي أن يفرض غرامات أعلى بكثير من النرويج. في شهر أيار/مايو، طلب من الشركة دفع مليار دولار مقابل نقل بيانات الأوروبيين بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة.

الدفع مقابل الخصوصية

لا يعتقد المراقبون أن نموذج الدفع مقابل الخصوصية هو بديل قانوني لنظام “فيسبوك” الحالي. هذا النموذج يرقى إلى مستوى الابتزاز، إما أن تدفع أو تتنازل عن جميع حقوقك.

إذا لم يعجب المستخدمون بالنماذج المدفوعة أو المجانية، فلا يمكنهم مغادرة “فيسبوك” واختيار منصة اجتماعية بديلة، مما يعني أنهم لا يمنحون موافقتهم بحرية.

في حال كنت تريد أن تكون على نفس المنصة حيث يوجد جميع أصدقائك وعائلتك، فمن المرجح أن تكون “فيسبوك”، وليست منصة ثانية.

الشركة لا توافق على هذا الطرح، وتشير إلى قرار محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي الصادر في شهر تموز/يوليو الذي نص على أن الشركة بحاجة إلى أن تقدم للمستخدمين بديلا للإعلانات، إذا لزم الأمر مقابل رسوم مناسبة، وأوضحت أنها تبني بما يتماشى مع هذا النهج.

نشطاء الخصوصية ليسوا سعداء كذلك، ويشيرون إلى أنه لا يمكنك بيع حقوقك الأساسية، والحق في حماية البيانات هو حق أساسي. بالنسبة للنشطاء، فإن الخصوصية ليست معروضة للبيع، تماما كما لا يمكنك قانونيا بيع كليتك أو حقك في التصويت.

كما من غير الواضح ما إذا كانت الشركة قد تستمر في استخدام البيانات التي تجمعها من المشتركين الذين يدفعون لأغراض أخرى، مثل تحسين المنتجات أو تدريب تقنية التعرف على الوجوه، ورفضت “فيسبوك” الحدث عن كونها قد تستخدم بيانات المشتركين في أي شيء آخر غير الإعلانات.

بشكل عام، إذا قبل الاتحاد الأوروبي نموذج “فيسبوك” الجديد، فإن ذلك يعني أن الخصوصية أصبحت حقا تجاريا لا يستطيع دفع ثمنه سوى مجموعة من الأشخاص، ويتعين على باقي المجتمع التنازل عن حقوقه وتسليم بياناته طوعا للشركة.

ختاما، تساهم أساليب الدفع مقابل الخصوصية في التحول المستمر للخصوصية إلى منتج، وقد لا يتمكن الأفراد المحرومون اقتصاديا من دفع رسوم إضافية شهريا لتجنب استخدام بياناتهم للخدمات الإعلانية أثناء استخدام “فيسبوك”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات