استمع إلى المقال

“أبل” اعتادت أن تصمم بعض المكونات الأساسية فقط في أجهزة “آيفون”، وتشتري الباقي. فهي تصمم النظام الموجود على الشريحة (أو “SoC”)، وهو عبارة عن دائرة متكاملة تجمع بين العديد من عناصر نظام الكمبيوتر في شريحة واحدة، والتي تصنعها “TSMC” التايوانية، بينما تحصل على مستشعرات الصور من “سوني” اليابانية، ورغم أن قيمة منتجات “أبل” تمكن في التكامل بين العتاد ونظام تشغيل البرامج، إلا أنها تشتري البطاريات وتشتري أجهزة المودم من أطراف خارجية. لكن الآن، يبدو أنها تعمل على تصميم شاشاتها الخاصة بنفسها، وتقول التقارير إن هذا سيبدأ بالساعة الذكية، ويمتد إلى الهواتف.

تغيير مرئي ثوري

وفقا لسلسلة من التسريبات على مدار الأيام القليلة الماضية ورؤى من أشخاص على دراية بهذه الأمور، تخطط “أبل”لإصلاح تقنيات العرض الموجودة في منتجاتها الأكثر شيوعا، وقد تشهد سلسلة “ساعات أبل” وأجهزة “آيفون” و”آيباد” و”ماك بوك” تغييرات جذرية، وقد تحدث هذه التغييرات قريبا جدا.

“أبل” تخطط لاعتماد تقنية “microLED” في إصدار جديد من ساعة “أبل ووتش ألترا”، وهذه تقنية العرض الموجودة حاليا في أحدث الإصدارات من أرقى أجهزة التلفزيون في العالم، إذ توفر التقنية مستويات قصوى من ذروة السطوع، وتتوافق مع التباين المذهل لخاصية “OLED”، بحيث كل بكسل يوفر مصدر الضوء الخاص به.

هذا مهم بشكل خاص لمالكي “أبل ووتش”، لأن خاصية “microLED” ستقلل أيضا من استهلاك الطاقة، وبالتالي تحيي الآمال لجعل ساعات “أبل” الذكية تدوم لفترة أطول مما تفعله حاليا بعد فصلها عن الشحن، إذ يشتكي العديد من المستخدمين أن عمر بطارية “آبل واتش السلسة 8” الذي سرعان ما يصبح يوما ونيّف أمرا مزعجا بعض الشيء، لذا قد تُغير خاصية “microLED” قواعد اللعبة.

من المتوقع أن تظهر أجهزة “أبل” الأولى -وبالتحديد ساعة “ووتش ألترا”- التي تستخدم هذه التقنية بحلول نهاية عام 2024، وفقا لمارك غورمان من “بلومبيرغ”، لكن ومع ذلك، من المتوقع أيضا أن تتفرع هذه الفكرة إلى أجهزة “آيفون”، حيث أن طُرز “برو” هي المرشح الأكثر ترجيحا للحصول على شاشات بتقنية “microLED”.

قد يهمك: شرائح M1 Pro و M1 Max: آبل تأتي بقوة جبارة لم يرَ وادي السيليكون مثلها

هل ستبدأ الشركة صنع شاشاتها الخاصة؟

شاشة “Retina” – مصدر الصورة: “أبل”

في الوقت الحالي، لا تصنع “أبل” شاشاتها الخاصة. بل تقوم “BOE” الصينية، أو “سامسونج” أو “LG” الكوريتَين بإنشاء شاشات “OLED” لأجهزة “آيفون”. وفي الوقت نفسه، تصنع ذراع “LG Display” في شركة “LG” الكثير من الشاشات التي تدخل في أجهزة “ماك بوك”، كما أنها أنتجت شاشة “Studio Display” التي كشفت عنها “أبل” العام الماضي.

إن الانتقال إلى تقنية “microLED” في شاشات منتجات “أبل” لا يعني مجرد سطوعا أعلى مع إطالة عمر البطارية، بل كذلك تغييرا جذريا في عملية تصنيع تلك المنتجات، إذ سيتم تصنيع هذه الشاشات بواسطة “أبل” نفسها.

من خلال التحكم في هذه العملية من البداية إلى النهاية، تتمتع “أبل” بمزيد من التحكم في منتجاتها الخاصة. حيث يمكن مقارنة ذلك بالطريقة التي تستخدم بها هواتف “أبل” معالجات “A-series” الخاصة بها، والتي تطورت إلى معالجات الكمبيوتر المحمول ذات الأداء القياسي المزودة بشرائح “M1” و “M2” الموجودة في أجهزة “ماك بوك”. وعلى الرغم من أن تصنيع هذه الرقائق يتم فعليا بواسطة “TSMC” التايوانية، لكن يمكن لشركة “أبل” ربطها بشكل أكثر إحكاما ببرامجها الخاصة والأجهزة الأخرى.

لكن بالنظر إلى أن “أبل” تعمل حاليا على تسويق شاشة “Retina” كمفتاح للحصول على أفضل تجربة لجهاز “ماك”، فإن “microLED”، بما تحمله من أفضلية في التباين والسطوع وراحة العين وكفاءة الطاقة والعمر الأطول، ستؤدي بشكل شبه حتمي إلى ارتفاع الأسعار.

قد يهمك: مخاطر سماح “أبل” بتثبيت المتاجر الخارجية

استقلالية تصنيع تعني تصميمات ومبيعات أفضل

شريحة معالجة “M2” من “أبل” – مصدر الصورة: “أبل”

بعيدا عن الشاشات، طرحت “أبل” يوم الثلاثاء الماضي أحدث إصدارات أجهزة كمبيوتر “ماك بوك” و”ماك بوك برو” و”ماك ميني”. وبينما تبدو متشابهة مع سابقاتها من الخارج، فإن ما في الداخل هو ما يهم. إذ يأتي كل من “ماك بوك برو” و”ماك ميني” الجديدين مجهزين بأحدث إصدار من شريحة “أبل”، شريحة “M2 Pro”. كما يحصل “ماك برو” على إمكانية تركيب شريحة “M2 Max” عالي القدرة من “أبل”.

هذه الخطوة هي مجرد خطوة فعلية على أرض الواقع ضمن مساعي “أبل” لامتلاك وتطوير كل ما يدخل في منتجاتها. إذ يقال أيضا أنها تعمل على مودم خاص بها، وهي شريحة تجمع بين إمكانات مودم “Wi-Fi” و”بلوتوث”، وفقا لـ “بلومبيرغ”.

كل هذا جزءٌ من استراتيجية “أبل” الأكبر لجلب المزيد من تقنيتها تحت سقفها الخاص بدلا من الاعتماد على شركاء تعاقد مثل “إنتل” و”كوالكوم” و”سامسونج” وغيرهم، كما أنه من المؤكد أن التّخلي عن العقود الباهظة الثمن مع شركات التكنولوجيا الأخرى سيوفر لشركة “أبل” بعض النقود، لكن الجهد المبذول سيكون أعلى بكثير.

من خلال تصميم كل شيء بمفردها، يمكن لأغنى شركة في العالم التحكم في كل شيء من المظهر إلى وظائف الأجهزة التي تبيعها. قد يكون هذا أكثر أهمية من خفض نفقاتها. إذ قال المحلل التقني دان آيفز لموقع “ياهو فاينانس”: “هذه استراتيجية ذكية من قبل شركة أبل وتيم كوك. أبل تتفوق على شركة إنتل في لعبتها الخاصة في صناعة الرقائق، وهذا الابتكار لا يقدره الشارع كثيرا.”

إن أحدث أجهزة الكمبيوتر من “أبل” تعِد بأداء وعمر بطارية أفضل من سابقاتها التي تعمل إما بشرائح “إنتل” أو شرائح “M1” الخاصة بـ “أبل”. في الواقع، تدّعي الشركة أن جهاز “ماك بوك برو” المجهز بشريحة “M2 Pro” من “أبل” يمكن لبطاريته أن تصل إلى عمر 22 ساعة بشحنة واحدة. هذا ادعاء جامح تماما ولم يتم اختباره فعليا على نطاق واسع، لكن إذا كان صحيحا، سيجعل جهاز “ماك بوك برو” واحدا من أجهزة الكمبيوتر المحمولة الأطول عمرا.

إضافة إلى ذلك، لطالما اشتهرت أجهزة “ماك” القائمة على شرائح “إنتل” بأنها تعاني من بعض الضعف من ناحية تلقي الترقيات التي قد يفصل بين واحدها وآخر سنوات. ولكن مع شرائح “M-series”، بثت “أبل” حياة جديدة في أجهزة الكمبيوتر المحمولة والمكتبية الخاصة بها على أساس منتظم من خلال تحديثات دورية، ما يمنح المستهلكين سببا للانتقال إلى جهاز “ماك” جديد في كثير من الأحيان.

هذا بالضبط تحسين الأداء الذي يمكن أن يزيد من حصة “أبل” في السوق على المدى الطويل. ببساطة، مع إمكانات شاملة أفضل ومتكاملة مع بعضها البعض، ستكون أجهزة “أبل” أكثر جاذبية للمستهلكين من أجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المكتبية التي تعمل بنظام التشغيل “ويندوز”.

وفقا لشركة “غارتنر” لأبحاث السوق، شكّلت أجهزة الكمبيوتر المكتبية والمحمولة من “أبل” 10.7 بالمئة فقط من السوق العالمية. هذا أقل من نظيراتها “ديل” (16.7 بالمئة)، و”لينوفو” (24 بالمئة)، و”HP” (عند 20.2 بالمئة)، ورغم أن 10.7 بالمئة هي أعلى حصة في السوق احتفظت بها “أبل” في الربع الرابع من العام في السنوات الثلاث الأخيرة، لا تزال الشركة بعيدة عن الهيمنة عندما يتعلق الأمر بأجهزة الكمبيوتر.

من خلال تحسين رقائقها، وزيادة التمييز بين ما يمكن أن تفعله مقارنة بأجهزة الكمبيوتر الشخصية التي تعمل بنظام “ويندوز”، يمكن لشركة “أبل” كسب المزيد من سوق أجهزة الكمبيوتر الشخصية إلى صفها، حتى في الوقت الذي تنخفض فيه مبيعات أجهزة الكمبيوتر الشخصية عالميا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.