استمع إلى المقال

متجر تطبيقات “أبل” ظل الطريقة الوحيدة الرسمية لتثبيت التطبيقات داخل أجهزة “أبل” المختلفة سواء كانت “آيفون” أو “آيباد”، وإذا كنت ترغب في تثبيت تطبيقات ليست موجودة به، فإنك تحتاج إلى كسر حماية هاتفك وتثبيت “Jailbreak” حتى تتمكن من استخدام متاجر التطبيقات الخارجية أو كما تعرف بإسم “Sideloading”، ولكن بحسب أحدث التقارير، فإن هذا العصر على مشارف الإنتهاء والسماح باستخدام متاجر التطبيقات الخارجية. 

التقرير الأخير الذي نشرته ” Bloomberg” يشير إلى قوانين “الاتحاد الأوروبي” الهادفة لجعل المنافسة في مجال التطبيقات والاشتراكات الرقمية متساوية بين “أبل” ومنافسيها، ورغم أن القانون الأوروبي الجديد الذي يدعى” Digital Markets Act” سيدخل حيز التنفيذ خلال الشهور القادمة، إلا أن الشركات ليست ملزمة به حتى 2024.

قانون “Digital Markets Act” يُطبق على الشركات التي تتخطى قيمتها السوقية 80 مليار دولار وتمتلك على الأقل 45 مليون مستخدم شهريا في “الاتحاد الأوروبي”، وهو يجبر هذه الشركات على إتاحة تثبيت التطبيقات الخارجية وترك حرية تغيير التطبيقات الافتراضية للمستخدمين، كما ينص على إتاحة خدمات المراسلة المختلفة تساويا بين الشركات، ويعني ذلك إتاحة خدمة “iMessage” على أجهزة “أندرويد” بعد أن كانت حكرا على أجهزة “أبل” لفترة طويلة. 

قد يهمك أيضا: لماذا لا تتيح شركة آبل تحميل وتثبيت التطبيقات من خارج آب ستور كما في أندرويد؟

البنود التي ينص عليها القانون الجديد تبدو وكأنها موجهة خصيصا لمواجهة “أبل” ومحاولة فتح أنظمتها للعالم الخارجي بعد أن حاوطتها الشركة بسور منيع يصعب اختراقه رسميا دون كسر حماية الهاتف والمخاطرة بخروجه من الضمان. 

محاولات مستميتة لحماية متجر التطبيقات 

“أبل” أطلقت متجر التطبيقات الخاص بها للمرة الأولى في 10 تمّوز/ يوليو عام 2008، أي بعد صدور هواتف “آيفون” للمرة الأولى بعام كامل، ويرى الكثير من المحللين أن هذه الخطوة كانت الأهم في تاريخ “أبل” الحديث، إذ أتاح للمستخدمين اختيار التطبيقات التي يفضلونها بدلا من الاعتماد على اختيارات “أبل” فقط. 

 متجر تطبيقات “أبل” لم يكن مفيدا للمستخدمين وحدهم، بل قدّم للشركة مصدر دخل ذهبي درّ عليهم مليارات الدولارات منذ إطلاقه للمرة الأولى، وذلك بفضل النسبة التي تقتطعها الشركة من مبيعات التطبيقات أو ثمن الاشتراك فيه. 

“أبل” دفعت أكثر من 260 مليار دولار للمطوّرين منذ أن أطلقت متجر التطبيقات للمرة الأولى في 2008، ويمثل هذا، أرباح التطبيقات بعد اقتطاع نسبة “أبل” منها وهي نسبة غير ثابتة تُقطع من أرباح التطبيق سواء كانت عملية بيع للتطبيق أو حتى اشتراكات مدفوعة تُدفع كل شهر، إذ تقطع “أبل” نسبة 15 بالمئة من المطوّرين الذين لم يحققوا مليون دولار في السنة، بينما تقطع 30 بالمئة من المطوّرين الذين تجاوزوا هذه الأرباح. 

قد يهمك أيضا:“فوكسكون” تجبر عامليها المصابين بـ “كورونا” على إنتاج “آيفون 14 برو”.. ما المتوقع؟

أرباح الاشتراكات المدفوعة التي تبيعها “أبل” لخدماتها المختلفة إلى جانب التطبيقات عبر متجرها وصلت إلى 745 مليون لعام 2021، وذلك يجعل متجر تطبيقات “أبل” منجما للذهب تحصد منه “أبل” الأرباح بكل سهولة ودون عناء. 

الشركة تدعي أن حمايتها المستميتة لمتجر التطبيقات هي خوفا على خصوصية المستخدمين ومنعا للتطبيقات من تتبعهم واستخدام بياناتهم في الحملات الإعلانية، وقد وصف تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة “أبل” مساعي الشركة لحماية الخصوصية بأنها المعركة الأهم لها على الإطلاق، وذلك خلال حديثه في مؤتمر “IAPP” عام 2022، كما عبّر عن مخاوفه من القوانين التي تقلل من أهمية حماية الخصوصية وبيانات المستخدمين في إشارة واضحة لقانون “الاتحاد الأوروبي” الجديد. 

تيم كوك في قمة IAPP

“الشركات المتعطشة لجمع البيانات ستتمكن من تجاوز قوانين حماية الخصوصية التي وضعت في متجرنا وتتبع المستخدمين رغما عنهم ناهيك عن مطوريّ التطبيقات الخبيثة الذين سيتمكنون من تخطي أسوار حمايتنا والوصول إلى المستخدمين مباشرة، وقد رأينا المشاكل التي يتسببون بها مع الشركات الأخرى”. 

تيم كوك- المدير التنفيذي لشركة “أبل”

حماية “أبل” لمتجر التطبيقات وقوانينها الصارمة تتجاوز قوانين الاشتراكات أو حتى فحص التطبيقات قبل إضافتها للمتجر، إذ تُجبر المطوّرين على استخدام أوامر بعينها في الواجهة والمحافظة على تجربة مستخدم نظيفة وسهلة، كما أنها تجبر المطوّرين على تعديل تطبيقاتهم لحماية بيانات المستخدمين وعدم إجبار المستخدم على تفعيل التتبع أو الأدوات الأخرى داخل التطبيق. 

القوانين الصارمة التي تطبقها “أبل” في متجر التطبيقات جعلت نسبة الإصابة بالتطبيقات الخبيثة أقل كثيرا من هواتف “أندرويد”، ويظهر ذلك بوضوح في التقرير الأمني الذي نشره موقع “Bleeping Computer” المختص بالأبحاث الأمنية، إذ وجد الموقع أن هواتف “أندرويد” عانت من 574 ثغرة شملت على 23 بالمئة بدرجة خطورة 7.2 على مقياس CVSS و 18 ثغرة حرجة، وذلك مقارنة مع 357 ثغرة في نظام “iOS” كان منها 17 بالمئة بدرجة خطورة 7.2. 

لماذا الخوف من متاجر التطبيقات الخارجية؟ 

متاجر التطبيقات الخارجية هي المتاجر التي تتيح تثبيت التطبيقات داخل الهواتف دون الاعتماد على متجر تطبيقات “أبل” أو “جوجل”، ويعني ذلك أن تقوم الشركة X بتطوير متجر تطبيقات يضم مجموعة من التطبيقات المختلفة التي لم تقم بتطويرها من أجل إتاحتها على الهواتف المختلفة، وبينما يبدو هذا الأمر جيدا ويشجع على المنافسة إلا أنه يجر الكثير من المخاطر والصعاب. 

اقرأ أيضا: آبل بقرار جديد قد يبعد العاملين في التسويق الرقمي عن أجهزتها؟

قوانين متاجر التطبيقات قد لا تكون بالصرامة التي تمتلكها “أبل” أو “جوجل”، بل إن كل متجر تطبيقات سيضع قوانينه الخاصة والتي قد تتيح تثبيت التطبيقات الخبيثة أو لا تفحص التطبيقات بالشكل الكافي للتأكد من خلوها من أي عوامل خبيثة، كما لن تلزم هذه المتاجر المطورين بقواعد “أبل” في تصميم الواجهة واستخدام العوامل الفعالة، لذلك قد نشهد زيادة في عدد التطبيقات السيئة ذات الواجهة الضعيفة. 

الخطر الأكبر من هذه المتاجر هو على نموذج الأعمال الذي تتبناه “أبل” حاليا والذي يركز على بيع الخدمات أكثر من بيع الأجهزة، إذ قد لا تقتطع هذه التطبيقات النسبة التي تقتطعها “أبل” من المطورين، وهو ما سيؤثر سلبا على أرباح الشركة. 

تنوع متاجر التطبيقات وتنوع القوانين قد يقودنا إلى حالة تشبه متاجر الألعاب المختلفة في الحاسب الشخصي، حيث قامت كل شركة تمتلك أكثر من لعبة بتطوير متجر ألعاب خاص بها، ولن تجد ألعاب هذه الشركة إلا في متجرها حصرا، مما يجبر المستخدم على تثبيت الكثير من المتاجر ناهيك عن الألعاب ذاتها، كما أن الكثير من المتاجر المملوكة لشركات تطوير الألعاب تعاني من مشاكل تقنية مختلفة تجعل استخدامها أمرا مزعجا. 

اختفاء بعض التطبيقات من متجر تطبيقات “أبل” سيكون الأثر الأكبر بعد إتاحة متاجر التطبيقات الخارجية، وسيجعل هواتف “آيفون” تخسر ميزتها التنافسية الأكبر، وهي حماية جميع أوجه النظام والتواصل بين التطبيقات في مختلف الأجهزة. 

الوجه الآخر لهذه الخطوة هي إتاحة الفرصة للمطوّرين المستقلين والمطوّرين الصغار من أجل تقديم تطبيقاتهم وإتاحتها على هواتف “آيفون”، ولذلك قد نرى مجموعة متنوعة من المزايا والتطبيقات مفتوحة المصدر التى تقدم مزايا لم تقدمها “أبل” سابقا. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.