استمع إلى المقال

منذ العصور البدائية، حمل الإنسان رغبة لا تنضب في تحقيق مزيد من الابتكار والتطور التكنولوجي، وهذه الرغبة الملحّة لا تزال تحفزه على استكشاف آفاق جديدة تهدف إلى تحسين حياته وتسهيل مهامه، ومع دخولنا إلى عصر رقمي تسوده التقنية، انفتحت أمامنا أبواب واسعة نحو عالم الذكاء الاصطناعي والروبوتات البشرية.

مفهوم الروبوتات البشرية يمثل نقلة نوعية في مجال التكنولوجيا، حيث تسعى البشرية إلى خلق آليات تكنولوجية قادرة على محاكاة وتنفيذ الأنشطة البشرية بكفاءة ودقة متناهية، حيث تعتبر هذه الروبوتات البشرية تطورا ثوريا يشهده المجتمع الصناعي، إذ يتجاوز دورها المحدود في الصناعة التقليدية لتشمل قطاعات حيوية عدة.

الروبوتات البشرية تجاوزت الحدود المألوفة للأتمتة في الصناعة، فأصبحت تمتلك القدرة على تنفيذ مهام معقدة ومتنوعة في مختلف المجالات. إن تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق ساهم في تمكين هذه الروبوتات من اتخاذ قرارات ذكية، والتفاعل مع البيئة المحيطة بها بشكل يشبه تفاعل الإنسان، يمكن رؤية تأثير هذه الروبوتات في مجالات متنوعة مثل الطب والرعاية الصحية، حيث يمكنها تقديم خدمات دقيقة ومخصصة للمرضى، وتخفيف الضغط عن الكوادر الطبية؛ في مجال البناء والتشييد، يمكن أن تؤدي هذه الروبوتات المهام الخطرة والمتعبة بدلا من البشر، مما يزيد من الكفاءة ويقلل من المخاطر.

تعرفوا على “أبولو”

في ساحة التطور المتواصلة للروبوتات والأتمتة، ظهرت إضافة ملحوظة أخرى تتطلع للانضمام إلى القوى العاملة. دعونا نلتقي “أبولو”، أحدث إبداع من شركة “أبترونيك” والتي مقرها في ولاية تكساس الأميركية. على عكس الروبوتات الثقيلة التي قد تظهر في بعض الإعلانات، يتمتع “أبولو” بواقعية وإتقان، وتعود هذه الواقعية إلى تجربة واسعة لشركة “أبترونيك”، التي قامت بصنع أكثر من 10 روبوتات، بما في ذلك الروبوت البشري “فالكيري” الذي صُنع لصالح وكالة الفضاء الأميركية “ناسا”.

قدرات “أبولو” واضحة فعلا، حيث يستطيع العمل بكفاءة في المستودعات ومنشآت التصنيع، لذا تتخذ “أبترونيك” منحى طموحا، متطلعة إلى أن يشمل دور “أبولو” مجموعة أوسع من الصناعات، مثل البناء وصناعة النفط والغاز، وإنتاج الإلكترونيات، والتجزئة، وتوصيل الطلبات للمنازل، ورعاية الأفراد.

طول “أبولو” يبلغ 5 أقدام و8 بوصات، ويزن نحو 72 كيلو جرام، ويستطيع الروبوت التعامل مع حمولات تصل إلى 25 كيلو جرام، ويمكنه العمل لمدة 4 ساعات بشحنة واحدة، ويُسهم نظام تبديل البطارية السريعة في تقليل التوقف لشحنها.

من بين مزايا “أبولو”، تبرز تصاميمه التفاعلية، توجد شاشات رقمية على جسمه تمكن من التواصل مع المشرفين البشريين والزملاء القريبين؛ وبالطبع، يظل الأمان أولوية، حيث تم تجهيز “أبولو” بمجموعة من الحساسات لتجنب التصادم مع الأشخاص أو العوائق.

https://youtu.be/8gipPuB-D38?si=IXPGVdFImjCFVAlH

أيضا، قامت “أبترونيك” بتزويد “أبولو” بحزمة برمجيات شاملة، تتيح التحكم بالروبوت بسهولة عبر نقرات بسيطة، مع سلوكيات آلية قابلة للتخصيص لإتمام مهام متنوعة.

تجدر الإشارة، إلى وجود بعض الشبه بين “أبولو” وروبوت “تسلا” الذي يتم العمل حاليا على تطويره، وروبوت “سايبر وان” من “شاومي”، وأيضا التقدم الملحوظ الذي حققته “بوسطن دايناميكس” – الشركة المملوكة لـ “هيونداي” في تطوير روبوتات متعددة الاستخدامات وقابلة للتنقل لمختلف بيئات العمل.

بالرغم من الإمكانيات الهائلة للروبوتات البشرية، إلا أن تصميمها يجعلها لا تزال تعاني من بعض القيود، مما يعني أن الروبوتات الثابتة المُصممة لمهام محددة تبقى الخيار الأكثر انتشارا في الصناعات المختلفة.

جيف كارديناس، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة “أبترونيك”، يؤكد على ضرورة إعادة تصور طبيعة العمل، ويقول موضحا، إن “الروبوتات البشرية ليست مجرد إجابة على هذا التحدي، بل هي ضرورة”، وهو يشدد على الدور الهام الذي يمكن أن تلعبه في تخفيف الأعباء والمهام الشاقة والتحديات الصعبة التي يواجهها البشر.

على الرغم من عدم كشف النقاب عن التفاصيل المتعلقة بالأسعار حاليا، تدعو “أبترونيك” الراغبين إلى التواصل معها إذا كانوا مهتمين بدمج “أبولو” في بيئات عملهم، مما يمنحنا نظرة إلى المستقبل حيث تعمل الروبوتات البشرية جنبا إلى جنب مع زملائها البشر.

تسلا بوت

شركة “تسلا” نشرت فيديو في وقت سابق يُظهر أحدث إصدار لروبوت “تسلا بوت”، وهو الروبوت البشري الشكل الذي قد يتم نشره في يوم من الأيام بجانب عمال مصنعها أو ربما يحل محلهم تماما.

الرئيس التنفيذي لشركة “تسلا”، إيلون ماسك، أعلن في عام 2021 أن الشركة كانت تعمل على هذا الروبوت، مشيرا إلى أنه سيُستخدم لـ “القضاء على المهام الخطرة والمملة والمكررة”، وآخر مرة سمعنا فيها عنه كان في أيلول/سبتمبر من العام الماضي عندما قدمت “تسلا” نموذجا أوليا.

باستعراض الفيديو الذي نُشر، يبدو أن روبوت “تسلا بوت” في حالة جيدة، على الرغم من أنه لا يزال يسير بثقل.

الفيديو الذي يستغرق 65 ثانية يُظهر الروبوت في إعدادات مختلفة، بما في ذلك مكتب ومصنع حيث يمكن رؤية عامل بشري يعمل على تجميع شاحنة “تسلا” الكهربائية النموذجية”سايبرتراك”.

أيضا نرى عرضا للتحكم في عزم الدوران للروبوت، والذي يتضمن قدرته على عدم كسر بيضة عندما يبدو حقا أنه سيفعل ذلك، باستخدام الكاميرات المدمجة ومجموعة من الحساسات، يمكن للروبوت الثنائي الساقين استكشاف البيئة وحفظها، مما يجعله مستعدا للعمل في منطقة محددة.

بالطبع، لديه أيضا بعض الذكاء الاصطناعي المدمج، ويظهر الفيديو كيف يتم تدريبه في هذا المجال باستخدام إسهام بشري.

أكثر جزء مثيرا للإعجاب في الفيديو هو عندما يتعامل روبوت “تسلا بوت” مع أشياء مختلفة باستخدام يديه الروبوتية، وهذا هو نوع المهمة التي تعتبر صعبة للغاية بالنسبة للروبوتات لأدائها بنجاح، وهي مهارة حيوية إذا كان من المقرر أن يستخدم روبوت “تسلا بوت” بطريقة معنوية.

حاليا، يفتقد الروبوت إلى المرونة لأمور مثل القفزات الدوارة وهي مهارة تمتاز بها شركة “بوسطن دايناميكس” المتخصصة في الروبوتات المتقدمة.

على الرغم من أن روبوت “تسلا بوت” يحقق تقدما واضحا، إلا أنه لا يزال غير واضح متى قد تكون شركة صناعة السيارات الكهربائية قادرة على استخدام الروبوت لمساعدتها في جعل أعمالها أكثر كفاءة.

سايبر ون من شاومي

شركة “شاومي” أعلنت هذا الأسبوع عن إطلاقها لروبوت البشري “سايبر ون” (CyberOne)، وهو روبوت يبدو أنه سينافس روبوت “تسلا بوت” الذي قدمته “تسلا”.

وزن روبوت “سايبر ون” يصل إلى 52 كجم، ويبلغ طوله 1.77 متر، وظهر على المسرح إلى جانب الرئيس التنفيذي لشركة “شاومي” لي جون في حدث في بكين يوم الخميس 11 آب/أغسطس.

تقدم الروبوت متخبطا نحو جون قبل أن يمنحه الرئيس وردة حمراء، لم يكن السبب واضحا في القيام بذلك، على الرغم من أنه من المحتمل أن يكون الهدف هو عرض قدرة روبوت “سايبر ون”على الإمساك بمجموعة متنوعة من الأشياء باستخدام يديه المشابهة للقفازات.

ظهر مقطع فيديو يتضمن “سايبر ون” على قناة “شاومي” على يوتيوب، وفيه يقضي الروبوت معظم وقته يمشي متعثرا؛ لذا، لم يكن لديه بعد البراعة اللازمة مثل روبوت “Atlas” الذي يقلب نفسه بشكل ذكي من شركة “بوسطن دايناميكس”.

مع وحدة “Mi-Sense” للرؤية العمقية تعمل جنبا إلى جنب مع خوارزمية تفاعلية للذكاء الاصطناعي، ويمكن لـ “سايبر ون” تصوير الفضاء ثلاثي الأبعاد والتعرف على الأفراد والإيماءات والتعابير، مما يتيح ليس فقط القدرة على الرؤية، بل معالجة بيئته أيضا، ووفقا لبيان من “شاومي”.

الشركة أضافت حينها، أن ذكاء الروبوت يمكنه أيضا التعرف على 85 نوعا من الأصوات البيئية و45 تصنيفا للعواطف البشرية، ويمكن لـ “سايبر ون”اكتشاف السعادة أيضا و”مواساة المستخدمين في أوقات الحزن”، على الرغم من أن الشركة لم تحدد كيف يتم ذلك، ولكن يتم دمج كل هذه الميزات في وحدات معالجة “سايبر ون”التي تتزامن مع وحدة “OLED” منحنية لعرض معلومات تفاعلية في الوقت الفعلي، وفقا للشركة.

التكنولوجية المرتقبة

مع اقترابنا من أفق المستقبل، تبرز الروبوتات البشرية كأحد أهم الابتكارات التكنولوجية المرتقبة، ستكون هذه الروبوتات العامل الأساسي في تشكيل وجهة نظرنا تجاه التكنولوجيا، حيث تتعدد استخداماتها، وتتنوع قدراتها بشكل مذهل، وسيكون لها دور جوهري في تطور الصناعة وتحسين نوعية حياتنا.

من المتوقع أن تصبح الروبوتات البشرية جزءا لا يتجزأ من بيئتنا، وتعمل جنبا إلى جنب مع البشر في مجموعة متنوعة من المجالات، وستتعدى إمكانياتها حدود العمل الروتيني، إذ ستكون قادرة على التعلم والتكيف مع التغييرات بسرعة لتلبية احتياجاتنا المتغيرة، وستسهم هذه الروبوتات في تحسين إنتاجيتنا وتحرير وقتنا لأنشطة تفكيرية أكثر تعقيدا وإبداعا.

على الرغم من التطورات المذهلة التي نتوقعها، يجب أن نتعامل مع هذه التكنولوجيا بحذر ووعي، ينبغي أن تكون الأخلاقيات والمسؤولية الاجتماعية في قلب استخدام وتطوير هذه الروبوتات، حيث يتعين علينا أن نضمن أنها تعزز من حياة البشر وتخدم مصلحتهم، مع الحفاظ على التوازن بين التقدم التكنولوجي والقيم الإنسانية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات