استمع إلى المقال

استحواذ إيلون ماسك على منصة “تويتر” اكتمل في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ومنذ ذلك الوقت، لم يضيع إيلون ماسك أي وقت في إجراء تغييرات متنوعة ومتعددة على المنصة شملت الهيكل الإداري الخاص بها إلى جانب المزايا التي تقدمها مما أثار الجدل في أكثر من مناسبة كان أحدثها منذ أيام. 

الحملة التي قادها إيلون ماسك عبر منصات التواصل الاجتماعي من أجل تبرير استحواذه على “تويتر” ادّعت أن الاستحواذ كان لتحرير الطائر الأزرق وجعل “تويتر” منبرا للحرية، ولكن بعد مضي 6 أشهر تقريبا على سيطرة ماسك، هل أصبحت “تويتر” أكثر حرية. 

قد يهمك أيضا:إيلون ماسك يعتقد أن موظفي “تويتر” يقيدون تغريداته

إسقاط الرؤوس الكبيرة 

أول ما قام به إيلون ماسك عندما دخل إلى مكاتب “تويتر” كان تغيير النظام الإداري للمنصة، وتحديدا التخلص من مجلس الإدارة ليصبح هو الآمر الناهي، إذ عيّن نفسه الرئيس التنفيذي للشركة والمسؤول الأول عنها منذ إتمام الصفقة. 

سيطرة إيلون ماسك على منصب الرئيس التنفيذي لمنصة ” تويتر” وإقالة أعضاء مجلس الإدارة أثار سخط الكثيرين حول العالم لأن مثل هذه التصرفات لا تبشر بمستقبل حر للمنصة، لذلك وعد ماسك أن يبحث عن مدير تنفيذي جديد للمنصة إذا وجد شخصا مجنونا بما فيه الكفاية ليقبل بهذه الوظيفة، وبالطبع لم يجد هذا الشخص حتى الآن. 

حملة إقالة الموظفين في “تويتر” لم تقتصر على الأسماء الكبيرة أو أعضاء مجلس الإدارة فقط، بل طالت جميع الأقسام في المنصة التي شهدت انخفاضا في العمالة يصل إلى 50 بالمئة من إجمالي قوة العمل في المنصة، كان أحدثها منذ أيام عندما أقال إيلون ماسك أحد المهندسين الذين انتقدوه علنا

Embed from Getty Images

إقالات ماسك لموظفي “تويتر” لم تعرف حدّا، وشملت الكثيرين من ضمنهم استير كروفورد صاحبة الصورة الشهيرة التي كانت تنام فيها بمكتب “تويتر” حتى تتمكن من تلبية طلبات ماسك المجنونة وغير المنطقية إلى جانب هارالدور ثورليفسون الذي كان يمتلك شركة تصميم استحوذ عليها “تويتر” سابقا. 

ثورليفسون لم يستطع الوصول إلى حساب العمل الخاص به في أحد الأيام، ولم يتمكن من الحصول على رد واضح من قسم الموارد البشرية، وهو الأمر الذي دفعه للتوجه إلى إيلون ماسك عبر “تويتر” مستعلما عن موقفه الوظيفي، ودارت المحادثة بين الطرفين لبعض الوقت تساءل فيها إيلون ماسك عن دور ثورليفسون في الشركة، قبل أن يؤكد إقالته عبر “تويتر” ويسخر من إصابة جسدية يعاني منها ثورليفسون

الحديث عن حالات الإقالة في “تويتر” قد يطول، ولكن هناك حالة واحدة يجب أن نذكرها، وهي لكبير مهندسي “تويتر” الذي أُقيل في اجتماع لأن تغريدات إيلون ماسك لم تكن تتمتع بالوصول الكافي لمتابعيه، وعندما برر المهندس هذا الأمر وربط بينه وبين بيانات “جوجل” لمعدل البحث عن إيلون ماسك، فما كان من ماسك إلا أن فصله مباشرة وسط الاجتماع، وذلك رغم أن هذا المهندس كان أحد الباقيين من فريق “تويتر” الأصلي. 

عثرات تقنية غير معهودة

“تويتر” استمرت بالعمل طوال عام 2022 بشكل جيد رغم المشاكل المالية التي كانت تعانيها المنصة، ورغم أن استحواذ إيلون ماسك كان لحل هذه المشاكل، إلا أن معدل توقف “تويتر” وانقطاعها عن العمل ارتفع بمعدل غير مسبوق في عام 2023 تحديدا. 

في شباط/فبراير الماضي، توقفت منصة “تويتر” عن العمل 4 مرات متتالية، وفي آذار/مارس الجاري توقفت مرتين، ليرتفع معدل توقفها في الربع الأول من هذا العام فقط إلى 6 مرات مقارنة مع 9 مرات في عام 2022 بأكمله، وذلك دون ذكر المشاكل التقنية التي واجهها بعض المستخدمون أثناء تصفح المنصة من اختفاء للصور أو لمعدل الإعجاب والتفاعل مع التغريدات المختلفة لهم. 

الخبراء يتنبأون بزيادة المشاكل التقنية في المنصة إذا استمر إيلون ماسك في أسلوب الإدارة هذا والذي يعتمد بشكل رئيسي على إقالة كل المعارضين له أو ذوي الخبرة الحقيقية لإدارة المنصة، كما أن نقص عدد الموظفين يؤكد هذه التنبؤات، لأن “تويتر” في الماضي كانت تعمل مع أكثر من 7 آلاف موظف، ولكن العدد الآن يقترب من 3 آلاف موظف فقط. 

قد يهمك أيضا: لماذا يميل العراقيون إلى “فيسبوك” أكثر من “تويتر”؟

تغير في المنقحات وسياسة الكلام العنيف 

“تويتر” أعلنت عن سياسة جديدة لتنقيح التغريدات من أجل تقليل العنف والكراهية في التغريدات، وذلك دون الكثير من الضجيج أو الإعلانات للمرة الأولى منذ استحواذ ماسك على المنصة. 

السياسة الجديدة في “تويتر” أكثر صرامة من سابقتها، إذ إنها تعتبر مجرد التمني أو الدعاء السلبي على أحدهم بالضرر كلام يحث على العنف ويجلب الحظر لصاحبه، ورغم أن مثل هذه التغريدات ليست جيدة ولا يحق لأي شخص أن يتمنى ضرر لشخص آخر، إلا أنها ليست حديثا يشجع على العنف أو الكراهية بشكل مباشر، وقد يكون مجرد طريقة للتنفيس عن الذات دون إيذاء أي شخص، لذلك فإن حظر مثل هذه الأحاديث يقوض من الحرية التي يدعي إيلون ماسك أنه يحارب لأجلها.

على صعيد آخر، أعاد إيلون ماسك الحسابات التي كانت محظورة من المنصة سابقا بسبب اختراقها معايير المجتمع مثل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والمغني كانييه ويست، المعروف بدعمه لحقوق امتلاك الأسلحة والتشجيع عليها، وقد تكون السياسة الجديدة وضِعت من أجل هؤلاء المستخدمين تحديدا. 

سياسة إعلانية جديدة 

إيلون ماسك يرى مستقبلا إعلانيا باهرا أمام المنصة، لذلك يحاول دعم سياسة الإعلانات المختلفة للمنصة في محاولة منه لجذب الشركات الإعلانية، ورغم ذلك فإن هناك عدة حالات ظهرت لحظر حسابات إعلانية مختلفة في منصة “تويتر” والسماح لأخرى غريبة بإجراء الإعلانات. 

الحظر المؤقت الذي تعرض له الحساب الإعلاني الخاص بشركة “GM” للسيارات كان أحد أغرب حالات الحظر في “تويتر”، خاصة أن “GM” تُعد منافسا مباشرا لشركة “تيسلا” التي يمتلكها إيلون ماسك، والتي تعمل في مجال السيارات الكهربائية أيضا. 

هل أصبحت “تويتر” أفضل؟ 

منذ تولى إيلون ماسك منصبه في “تويتر” تخبطت المنصة بشكل غير مسبوق في تاريخها، بداية من حالات التوقف الكامل عن الحل وحتى حالات انتحال الشخصية التي تبعت إتاحة علامة التوثيق الزرقاء في المنصة مقابل قيمة مالية تُدفع كل شهر، وحتى السياسات الجديدة التي تحاول المنصة تطبيقها. 

قد يهمك أيضا: لماذا لن يحل “ماستودون” محل “تويتر”؟

حالة التخبط هذه لا تشير إلى مستقبل باهر للمنصة خاصة وأن إيلون ماسك يحتاج إلى زيادة أرباحها حتى يتمكن من سداد القرض الذي حصل عليه ليكمل الصفقة دون بيع الأصول التي يمتلكها، ومع زيادة الضغط على إيلون ماسك قد نشهد المزيد من القرارات المفاجئة وغير المنطقية، ورغم أن المنصة حاليا تعيش حالة من الحرية، إلا أنها حرية ناتجة عن غياب الرقابة والسلطة وليست حرية ممنوحة وسط وجود الرقابة، وهو ما يجعل “تويتر” أقرب إلى الغرب القديم الذي يمكن لأي شخص أن يفعل فيه ما يشاء دون رقيب. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.